الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


((وُلدتُ محمّلة بالهَمِّ النّسَويّ))...مقابلة صحفيّة

ريتا عودة

2019 / 1 / 22
الادب والفن


***مقابلة صحفيّة***
((في انطلاقتي الأولى نحو الحرف النّور أعلنتُ ثورتي على الصّمت، وعلى التعامل الدوني مع الأنثى.))

اجرى اللقاء ـ وحيد تاجا:

* هل يمكن إعطائنا لمحة عن البدايات .. وبمن تأثرت من الشعراء ..؟
أعتقدُ أنني أنا واللغة العربيّة وُلدنا من ذاتِ الرّحم, ممّا يفسر شغفي بها:(عاشقةٌ أنا / لا لرَجُلٍ ما / إنّما / لكلّ مَفاتِنِ اللغةِ)
منذ نعومة حبري, قرأتُ غسان كنفاني وغادة السّمان , نزار قباني وتوفيق زيّاد, محمود درويش وسميح القاسم. شدّتني كتاباتهم ودوّختني . تأثرتُ بهم غير أَنّي سرعان ماخرجتُ من عباءتهم لأصنع صوتي أنا, نسيجي أنا , كي أَتفرّد فمن لاصوت خاص به لا بقاء لأدبه.
إن لم نترك بصمة مميزة في الساحة الأدبيّة فلمَ نكتب؟ الانترنيت فتح المجال للانتشار الأدبيّ غير أن القارئ عافَ النّصوص التي تُشبه بعضها مضمونا وأسلوبا. بدلَ أن نقطف الثمار عن أشجار الآخرين, لنزرع أشجارنا نحن كي تأتي بثمار تُرهقُ القارئ جمالا.

* ماهي قصائد الهايكو والهيجا التي فزت بجائزتها الأولى على مستوى العالم .. ولماذا هذا الاهتمام المتزايد من قبل الشعراء العرب بكتابة قصائد الهايكو ..؟
الاهتمام بقصيدة الهايكو ليس من قِبل الشعراء العرب وحدهم إنّما مِن قِبَل شعراء الغرب أيضا. بدأ الاهتمام بها كـ جانر( نوع) أدبي مختلف. حيث تتميز قصيدة الهايكو، والتي مصدرها من اليابان، بكونها تلتقط لحظة ذات مغزى مِن الطبيعة فتأتي بلحظة إنارة لمَن يقرأها. فزت بالمرتبة الأولى على مستوى العالم في كتابة قصيدة الهايكو عدّة مرات عبر السنوات وذلك لكوني أساسا مولعة بكتابة قصيدة الومضة ولأن قصيدة الهايكو مكثفّة تتكون فقط من القليل من الكلمات يتمّ ترتيبها على ثلاث سطور, فقد شدّتني إليها. فعلى اللغة المكثفة أن تحكي الكثير عبر القليل من المفردات ومن هنا خطورتها. قصيدة الهايكو تطرح حجرًا في بئر وتترك المتلقي يستوعب الدوائر من خلال تأمل اللحظة. ولأنني عاشقة للطبيعة فقد عشقت قصيدة الهايكو التي تستمد صُوَرَها من الطبيعة ،
أما الهيجا فهي قصيدة هايكو ترافق صورة ذات مغزى من الطبيعة وتكون موازية لها في المعنى وقد فزت بها بالمرتبة الأولى عدّة مرات أيضا.

* يلاحظ اعتمادك في جميع دواوينك على تقنية التشكيل البصري في لغة القصيدة، بمعنى تقطيع الحروف وكتابتها أفقيا ورأسيا.. وكأنك ” ترسمين” الكلمة بشكل ينسجم مع الحالة الوجدانية. مثل قولك: ( / إِلَى حِضْنِ أَمْوَاجِك/ إِلَى أَنْ / تَ هْـ دَ أَ / عَ. وَ. ا. طِ. فُ. كَ( . لماذا هذا الأسلوب..؟
أجمل ما في كتابة القصيدة هو إمكانية التجديد اللغويّ المستمر كاختراع عبارات جديدة مثلا: (أحبّك بالثلاثة) والتي صارت متداولة بين الشعراء, وتجديد الشكل البصري للقصيدة بحيث يعبّر الشكل عن المضمون ويضيف لجمالية القصيدة. بالإضافة للمثل الذي ذَكَرْتَهُ أنت عن الحروف السّائبة والتي تشي بالبعثرة. واذكر ماكتبه الأديب المقدسي إبراهيم جوهر: “اعتمدت الأديبة ريتا عودة على الأحرف المجزأة لتشكلّ صورتها في عدد من المواقف لتعبّر عن الحالة الموصوفة فصار تشكيل الجملة زاوية حادة, وفَرَاشَة وشجرة وبُحيرة ماء , وصار التشكيل اتجاهات مرور وإشارات اختلاف” في إحدى قصائدي التي أتحدث فيها عن سهم ينطلق قمت بترتيب الحروف على شكل سهم, وفي قصيدة أخرى: (كانت زاوية الحُبِّ حادة بما يكفي لحالة اختناق) رتّبتُ الحروف على شكل زاوية حادّة, وهكذا.

* لا تكاد قصيدة من قصائدك تخلو من صورة للبحر والسمك..فما الذي يمثله البحر بالنسبة إليك؟
(سمكة أنا / والكتابة بحري/ إن لفظتني أنتهي) ..بالإضافة لعشقي لكلِّ ما في الطبيعة من تفاصيل , وكَوْن البحر رمز للكتابة في اتساعه ومفاجآته, فهو أيضا ونيسي في وقت الضيق. عندما تضربني نوبة حزن, أهرع للبحر. أعشق صوتَ تلاطم الموج. أحسّ أنّ البحرَ رحمُ الطبيعة وأنني سأولد من جديد كلّما لجأت إليه. هذا العشق جعلني أنتقل من الناصرة للسكن في حيفا ,عروس البحر, كي يتسنّى لي رؤيته حتّى من شرفةِ بيتي ونوافذه.

* إعتبرَ النقاد أنَّ ديوانك “مرايا الوهم” ، الصادر عام 1998، يمثّل مرحلة انتقال في تجربتك الشعريّة لأنه بمثابة رحم لغوية يتخلّق فيها منزعان شعريان: منزع العفويّة.. ومنزع البحث. ماقولك..؟
كتابي:”مرايا الوهم” هو الثاني بعد “ثورة على الصّمت” . في تلك الفترة كنا كأدباء فلسطينيين (عرب 48) نحيا داخل دائرة مغلقة بالكاد نعثر على كتب الأدباء العرب لنقرأها. ثم, جاء عصر الشبكة العنكبوتية وفتح أمامنا الطريق للتواصل مع الأدباء عبر العالم وتطوير أدوات كتابتنا. لذلك, وأنا أشقّ طريقي الأدبي, كتبت بعض النصوص النثرية وأطلقتُ على كتاب مرايا الوهم التعريف: (بطاقات أدبيّة) كي أخرج من عباءة القصيدة فقد طغت الفكرة على الرّوح الشاعريّة في ذلك الوقت كما جاء في نصّ (إلى جانب كلّ رجلٍ عظيمٍ امرأة) أو نصّ (ما وراء القضبان) مع الوقت بدأتُ أجتهدُ لتطوير أدواتي الأدبيّة فلا أحد يبدأ من القمّة إنّما عليه أن يسير نحوها رويدا رويدا سيرًا آمنًا.

* تبوح قصائدك بذلك القلق الوجودي الذي ينتاب الإنسان في حياته. والهم الفكري والفلسفي . (الحب كالموت، كالمطر كالفكرة، يكفر بالمواعيد المسبقة والآهات المؤجَّلة) ؟
على الشاعر أن يطرق شتّى الأبواب لكي يقطف دهشة المتلقي. لا أستطيع أن أكرر نفسي في كتابة المواضيع العاطفيّة, لذا أظلّ في بحث دؤوب عن أبواب أخرى لأطرقها كالفلسفيّة والسياسيّة أو الروحيّة ..الخ.وهذه الأبواب تتطلب الحكمة والمعرفة لذلك تأتي هذه الكتابات مع تقدّم الشاعر في العمر حيث تزداد خبراته الحياتيّة فيغرف شيئا فشيئا من كلّ حقل معرفة القليل الذي يكفي لنسج صورة شعريّة مضيئة.

*وصف احد النقاد قصائدك في غالبيتها بأنها ” قصائد غزل راقصة ” مع أنك تكتبين القصيدة النثرية، فكيف تتعاملين مع اللغة؟
أنا شاعرة تتنفسُ اللغةَ عشقًا. أعشق حروفَ الأبجديّة كما أعشق الحركات ونقاط التَّشكيل ،أكتب في الحُبّ لكنّه ليس موضوعي الوحيد فقد تطرّقتُ لمواضيع أخرى أيضا كالموت, الوطن, الهمّ الأنثوي والعدالة الإجتماعيّة.

* هل ترين أن قصيدة النثر أجابت على سؤال الحداثة في الشعر .. ؟
كلّ الأشياء من حولنا تظل في تغيير دائم وكذلك الأدب وهذا سرّ جاذبيته. لكلّ عصر نوعه الأدبيّ فبعدما اشتهرت قصيدة النثر أتى دور الرواية لتتألق. أنا نحلة لا تهدأ. أظل في بحث دائم عن أنماط أخرى للكتابة فقد كتبت قصيدة النثر وسعيت لتأسيس قصيدة الومضة وكتبت القصة القصيرة والقصيرة جدا ثمّ كتبت الرواية القصيرة والرواية وبعد ذلك عثرت على قصيدة الهايكو فكتبتها وأجدتها. أثق أنني كلّما حاولت اللغة أكثر ستظل تفاجئني باحتمالاتها.

* يتفق النقاد على ان أهم ما يميز الشاعرة ريتا عودة هو الاغْـتِراف من الذاتِ الأنثويَّةِ، ومُعايشة اليومي ومشكلاته في حياتهن، دون إغفالٍ لواقعٍ فاقد لتوازناتِه الثقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة. وكأن قضية المرأة هي قضيتها الأولى ..؟
في انطلاقتي الأولى نحو الحرف النّور أعلنتُ ثورتي على الصّمت, على المعتقدات البالية وعلى التعامل الدوني مع الأنثى. لذلك أسميت الديوان: (ثورة على الصمت). ألقيتُ الضوء على الأنماط الشّاذة في مجتمعنا من أشباه رجال يتعاملون مع المرأة كأنّها دمية يحركون خيوطها حسب توقيت مزاجهم.
ولدتُ مثقلة بالهمّ النسويّ . فالمرأة تعاني ما تعاني من كبت وإجحاف في حقّها وأنا أرى أن دَوْرَ الأديبِ يتلخص في إلقاء الضوء على بُقع العتمة لفضحها وحثّ الرجل على التعامل السَّويّ مع المرأة وحثّ المرأة على النهوض من حزنها وتعزيز شخصيتها. أشجّع المرأة أن تتمتع بالثقة بنفسها. ألاّ تكون ظلا للآخر. تقتلُ الذئب كي تحيا. وأشجّع الرجل أن يكون ذلك الإنسان الذي بإمكاني أن أتمتّع معه بحصانة برلمانيّة ضد القهر, احلم برجل لايكونُ جملة اعتراضيّة في حياة المَرْأة إنّما العُنوان .. برَجُـل لا يسجن المَرْأة داخل قوقعة مزاجه.

* ـ في ذات السياق ..في معظم قصائدك هناك مناجاة طلب الرجل الأسطوري بشكل حثيث..فما الذي يمثله هذا الرجل الأسطوري بالنسبة للشاعرة ريتا.؟
كما أشرت ..الرجل الأسطوريّ بالنسبة لي هو رجل الحلم . في كتاباتي, لاتفارقني الصورة الخياليّة لرجل الحُلم الذي يتعامل مع المرأة ككيان: (كيفَ لا أُحِبُّ رَجُلاً / عَلَّمَنِي لُغَةَ الطُّيُورِ/ وَأَطلَعَنِي/ على أَسرَارِ البُحُورِ/ والزُهُورِ.. قَرَأَ لي نِزارَ .. درويشَ.. وَغادة.. / رَتَّلَ لي مَزاميرَ/ الشَّوقِ تَرتيلاً/ أَنقَذَ حُروفِي مِنَ الفُتورِ/ تَجَلَّى في حَياتي/ نُورًا على نُور)أحلمُ برَجُلٍ يعقد قران حروفه على هذياني. رجلٌ من نسل جنوني يدخل مِرآتي يأخذني إلى لغتي.. يحفّزني أن أتجاوزَ ظلّي لأمضي إلى الحَرْفِ النّور فتتوهج القصيدة. أحلمُ برجلٍ أتمتّع معه بحصانة برلمانيّة ضد القهر.. برَجُلٍ لايقبل قلبه القسمة على عشره.

* استوقفني عنوان ديوانك “سأحاولكَ مرة أخرى” ان المخاطب كان أنثى. ولكنك في القصيدة التي تحمل ذات الاسم كان المخاطب ذكرا .. فهل جاء هذا مقصودا ..؟
أحلم أن أترك ولو خيطا يخصُّني في النسيج الأدبيّ و أكون شاعرة دائمة الخُضرة صانعة للدهشة لذلك أسعى دوما أن أُباغتَ المتلقي بأفكار جديدة تثير دهشته ومنها اختيار عنوان الكتاب: سأحاولكِ مرّة أخرى ( بكسر الكاف) والمقصود بها محاولة اللغة، فجاء في الاهداء: الى اللغة/ التي/ كلّما حاولتها/ باغتتني باحتمالاتها).
كما حملتْ إحدى القصائد عنوان: سأحاولكَ مرّة أخرى( بفتح الكاف) والمقصود به الرَجُل:
(قد آن الأوانُ/ أن أحاولكَ مرّةً أخرى/ لأُحاورَ فيك شهرياريَ/ وقيسي وابن كنعانِ/ من الليلة الألف للحكاية / حتّى مطلعِ الآااااهِ/ في أتونِ حرمانكَ / وحرماني).
هكذا اتّسقت القصائد على هذين المحورين من حيث التجديد اللغوي والسعي لتجديد العلاقة مع الرجل بحيث تكون علاقة احترام متبادل بيننا.

* يسجل لك تميز كتاباتك بجرأة ملفتة في التعبير العاطفي، وطرح المواضيع، التي لا تجرؤ معظم الكاتبات البوح بها…؟
جرأتي في الكتابة تنبع من تكوين شخصيتي فأنا أمتاز بعدم الخوف من ضغوط المجتمع طالما أنا مقتنعة بما أكتب بشرط ألا أخدش حياء المتلقي. مثلا قمت بتوظيف الحقل المعرفي الأنثوي في ومضة جاءت في كتاب (مرايا الوهم) فقمتُ بإسقاطه على الحقل الشّعريّ مع هذا فاللغة الحسيّة نادرة جدا في كتاباتي.

*هناك إغراق للقصيدة في استدعاء الرموز التاريخية والأسطورية، وكذلك التناص مع الكتب السماوية، إنجيلا وقرآنا… ألا ترين ان هذا يرهق القصيدة من جهة والمتلقي من جهة أخرى.. ؟
إن لم تتكئ القصيدة على هذه الأدوات الأدبيّة فلغتها تكون تقريريّة وبالتالي مستحيل إدراجها تحت مسمّى قصيدة. لا أعتقد أن قصيدتي مغرقة بهذه الأمور وذلك بشهادة النقاد التي تُثبت أن لي مشروعي الشّعري وأنّ قصيدتي كالأغنية متناسقة متناغمة.

* يرى الناقد المغربي رشيد يحياوي أن ميل ريتا عودة لاستعارة الواقعي للذاتي، هو ما يميز تجربتها الشعرية. أي أنها تلبس الذاتي معطيات ومرجعيات الواقعي.. ما رأيك ؟
أتفق مع الناقد المغربي رشيد يحياوي فيما كتبه عن تجربتي الشعريّة في ديوان: مرايا الوهم. أنا أغرفُ صوري الشعريّة من واقعي, من كل التفاصيل والأشياء الموجودة من حولي كاللفتات والإشارات الضوئيّة, الأعشاش,الطيور , الزهور، البحر, الغُيوم, النجوم .. الخ. ثمَّ, أقوم باسقاط الواقعي على الشعري. هذا أحد أساليب الكتابة وخدعها.

* تتعرضين في نصوصك النثرية إلى العلاقة بالآخر، أي اليهودي الذي يشاركك المدينة والحيّ. كيف تصفين هذه العلاقة..؟
لم أكتب عنهم في أشعاري إنّما في مجموعتي القصصيّة: “أنا جنونك” فالقصة تحتمل مناقشة قضايا وجوديّة كالقضية الفلسطينيّة. كتبتُ عن علاقتنا الإنسانيّة بهم فنحن نحبّ اليهودي كإنسان ولكن نكره سياسات التمييز العنصري من قِبَل السلطة ضدنا , نكره اعتبارنا مواطنين من الدرجة الثانية أو قنابل متحرّكة ومصادرة أحلامنا. هكذا, كرّستُ قصصي القصيرة في مجموعة (أنا جنونك) وروايتي (إلى أن يُزهر الصّبار) لإلقاء الضوء على الوجع الفلسطيني ومعاناة شعب كلّ ذنبه أنّه مضطّر أن يتعامل مع الآخر من منطلق مَن هو الأقوى حضاريّا, لكنني أثق أنّ مركز القوّة لا بدّ يوما أن يتغيّر كما ولا بُدّ للصّبار أن يُزهر.

* إذا انتقلنا إلى الشعر الفلسطيني ـ هل مازال الشعر الفلسطيني شعرا مقاوما فعلا..؟
ما دام هنالك احتلال فهنالك شعر مقاوم. القصيدة تنقل مشاعر البشر, رؤاهم وأمانيهم. إن مات محمود درويش, توفيق زياد, وسميح القاسم فسيولد غيرهم وغيرهم كالشعراء تركي عامر, تميم البرغوتي ومروان مخول وآخرين.

* وكيف ترين المشهد الشعري الفلسطيني في الداخل وفي الشتات.. ؟
المشهد الفلسطيني في الداخل مبعثر بسبب عدم وجود إطار يلمّ شملنا. غير أنّ هنالك بعض المحاولات لتحريك المشهد الأدبي كندوات أسبوعيّة مثابرة يقوم بها المحاميان فؤاد نقارة وحسن عبادي في حيفا تستقطب غالبية أدباء وشعراء الداخل وتلقي الضوء على تجاربهم الأدبية من خلال استضافة نقاد محليين وإعطاء الشعراء فرصة قراءة قصائدهم وترويج كتبهم.
أمّا في الضفة والقطاع فهنالك ندوة أسبوعيّة في القدس( ندوة اليوم السابع ) يرأسها الأديبان: إبراهيم جوهر وجميل السلحوت, كان لي الشرف في أن أحلّ عليهم ضيفة فقرأوني وكتبوا عنّي وكانت هذه فاتحة خير إذ ألقوا الضوء على تجربتي ونشروا كتاباتهم في الصحف ثمّ صدرت في كتاب: (أقلام ترسم الطريق, 2016). بالنسبة لأدباء الشتات فهم يتمتعون بفرصة إنتشار خصبة, كلّ في الوطن العربي أو الأجنبي الذي يتواجدُ فيه.

* وكيف تنظرين إلى النقد في فلسطين ..لاسيما وان البعض يرى انك لم تأخذي حقك في الانتشار كما يجب.. ؟
لم آخذ حقّي في النّقد لأنني(أكتب لا لأصل بل لأُوْصِلَ) فالألقاب والجوائز لا تعنيني إطلاقا . أظل كما النّحلة أبحث عن بساتين أخرى غير التي اعتدتها كي أرتشف رحيق زهورها فأصنع شهدي وأسعى أن يكون متفرّدا، لم آخذ حقّي في الانتشار لذا كتبتُ: (إلى ناقد: لا تقرأ ملامح وجهي/ إقرأ ملامحَ القصيدة). الحركة النقديّة هزيلة في الوطن العربي ككلّ, وبعض ما يُكتب يكون نتاج علاقات شخصيّة ومصالح. هذه الأنيميا في النقد دفعت العديد من الأدباء والشعراء إلى كتابة قراءات انطباعيّة عن تجارب زملائهم وأنا منهم.

* علمت انك تعملين على رواية بعنوان ” القصيدة المتوحشة” ..هل يمكن إعطاء فكرة عنها..؟
الحياة قصيدة، لكنّها قد تكون أحيانا متوحشة.. هذه هي فكرة الرواية .. فقد صوّرت ملامح رجل الحلم مقابل ملامح أحد أشباه الرجال. كنت حذرة جدا الا اجعل ريتا تعبّر عن أي كراهية لزوج اختاره لها والدها وحاولت أن تقيم علاقة سويّة معه لكنها فشلت. بدل أن تبادله التعنيف اليومي بالكراهية، كانت تشفق عليه من نفسه، وترى أنه ضحيّة تنشئة خاطئة تجعل الرجل يصدّق أنّه الرجل وان ما المرأة إلا.. بقرة .. هذي الرواية هي حلمي. منذ نعومة حبري وأنا أحلم بكتابتها أنا التي ولدت لأكتب.. ولدت محمّلة بالهمّ النسوي. انا التي أشعر أن وجع أي انثى في أي بقعة من هذا الكون هو وجعي وأنني كـ رسولة محبة وخير ونور، يجب أن أفضح العتمة. يجب أن ألقي الضوء على بقع الفساد في مجتمعنا.. سواء كان في التعامل غير الراقي مع المرأة.. أو في سلوكياتنا التي فقدت ملامح الإنسانيّة كمجتمع فصرنا نحسد الحيوانات على إنسانيتهم ويحسدوننا على شراستنا عجبي! أمّا النهاية.. فستكون مفاجأة غير متوقّعة ، حيث اعتمدت في روايتي على أسلوب بناء آفاق من التوقعات لدى المتلقي ،ثمّ …أقوم بكسر هذه التوقعات وذلك لإضفاء عنصر الدّهشة على الرواية وجذب المتلقي لمتابعة القراءة. هذا بالإضافة للنسيج الشاعريّ الذي قمت بحياكة فصول الرواية منه.

* على الصعيد الإبداعي، هل تعتبرين وجودك في أراضي الـ48 ميزة .. أم انه حرمك من ميزة ما ؟
وجودي في أراضي الـ 48(عرب الداخل) ميزة كوني أكتب من داخل أتون الوجع الفلسطينيّ: (استوقفني جنديّ / عابر/ على بوّابةِ أحلامِكَ,/ وصرخَ: “هُويّة!”/ وحين أدركَ أنني عربيّة/ صادرَ كلّ أحلامي). مع هذا فقد حُرمت كغيري من أدباء الداخل من التواصل الفعلي مع زملائنا في الوطن العربي فبطاقة الهويّة الزرقاء التي نحملها تمنعنا من السفر إلى أغلب الدول العربيّة أو حتّى إرسال كتبنا لهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا