الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألم أقل لكم أن جبهة البوليساريو اصبحت مثل الناقة العمياء تخبط خبط عشواء .

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2019 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


بعد الاكتئاب الذي أصاب قيادة الجبهة الفاشلة ، من جراء مصادقة البرلمان الأوربي على اتفاقية الفلاحة مع المغرب ، وهي المصادقة التي ستشمل الصيد البحري والتجارة ، وسيجد الاتحاد الأوربي نفسه ملزما بما قرره الجسم التشريعي الأوربي الناطق باسم الشعوب الاوربية ، ها هي الجبهة تسرع بإظهار فرحة هيستيرية صبيانية ، لتغليف وتعويض صفعة المصادقة الاوربية ، عن طريق التباهي بحضور لقاء وزراء الخارجية للاتحاد الافريقي والاتحاد الأوربي ببروكسيل ، وكأنها بهذا الحضور ، تكون قد حققت نصرا ما بعده نصر ، وتكون بذلك قد تجاوزت صدمة البرلمان الأوربي ، الذي فاجئها بقراره التاريخي بعدم استثناء الأقاليم الجنوبية المغربية من الاتفاقيات الموقعة مع المغرب .
اللقاء الذي تتباهى به اليوم الجبهة للتغطية عن الفشل ، هو لقاء بين الاتحاد الافرو – اوربي ، وليس لقاء بين الاتحاد الأوربي وبين الجمهورية الصحراوية . فإذا كانت القيادة الفاشلة للجبهة ، تعتقد ان في هذا اللقاء ، اعتراف اوربي بالجمهورية الصحراوية ، فهي وكما عودتنا ستكون واهمة ، وستكون بمن يعتمد على الصورة ويوظفها ، لتغليط الرأي العام الصحراوي ، وستكون بمن يُحرّف الحقيقة التي ابان عنها قرار البرلمان الأوربي .
فهل حصل اللقاء بين الاتحاد الأوربي ، وبين الجمهورية الصحراوية ، حتى نقول ان اللقاء هو اعتراف بالجمهورية ؟ فلو حصل اللقاء بينهما ، فانه سيكون اعترافا حقيقيا بها . لكن ان يحصل اللقاء بين اتحادين ، وليس بين الاتحاد وجمهورية ، فهذا يعني ان الاتحاد الأوربي لا يعترف بالجمهورية الصحراوية ، وهو عدم الاعتراف الذي جسده قرار البرلمان الأوربي عندما جدد الاتفاقية الفلاحية مع المغرب .
بل ان تصديق برلمان الشعوب الأوربية بأغلبية كاسحة 444 صوت ، هو اعتراف بمغربية الصحراء . وهنا وحتى نذهب بعيدا في التفسير ، انّ هناك نوعان من القرارات تتخذها الدول والمنظمات الدولية ، وذلك لتليين مواقفها من نزاع ، او من قضية ، او مشكلة .
هناك القرارات الصريحة التي يتخذها الاتحاد الأوربي ، والبرلمان الأوربي ، بخصوص قضية ، مثل الاعتراف الصريح بدولة . وهناك القرارات غير الصريحة بالاعتراف ، وهذه تتجسد من خلال التطبيق والممارسة العملية ، كالموافقة مثلا على الاتفاقيات الموقعة مع دولة من الدول . فلو لم يكن الاتحاد الأوربي ، والبرلمان الأوربي يعترفان بسيادة المغرب مثلا على الصحراء ، هل كان للاتفاق ان يشمل الأقاليم الجنوبية المغربية ، بدعوى ان جبهة البوليساريو تنازعه السيادة .
ان هذه الهستيرية التي اصابت القيادة الفاشلة ، تذكرنا بلقاء ابيدجان بين الاتحادين الافرو – اوربي ، حتى لعبت الجبهة والجمهورية الصحراوية على الصور التي كانت تنشرها تباعا لإبراهيم غالي ، وهو يقف في الصف ، او يقترب من رئيس ، او ملك ، او يتبادل كلمات مع رئيس جنوب افريقيا ، او تمرير صورة اويحاي الجزائري وهو يركز نظرات نحو محمد السادس ، او اظهار امانويل ماكرون يصافح إبراهيم غالي ...لخ ، معتبرة هذا اللقاء بانه اعتراف صريح بالجمهورية الصحراوية من قبل الاوربيين ، في حين ان اللقاء كان بين الاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، ولم يكن بين الاتحاد الأوربي ، والجمهورية الصحراوية .
فماذا تحقق للجمهورية الصحراوية من لقاء ابيدجان ، حتى يتحقق لها من لقاء بروكسيل ، غير الفشل تلو الفشل ، واكبر فشل هو حين انطلى عليها مقلب الحسن الثاني بتوقيع وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، على أساس ان ينظم الاستفتاء في سنة 1992 ، او في سنة 1993 على ابعد تقدير ، وهو الاستفتاء الذي لا تزال الجبهة تنتظره خلال ثمانية وعشرين سنة مضت .
ولي ان اسأل قيادة الجبهة : لقد انتظرتم بعد سنة 1991 خمس سنوات أولى ، ولم ينظم استفتاء ، وانتظرتم خمس سنوات ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، وخامسة ، وسادسة في الطريق ، والمينورسو فشلت عن القيام بمهامها التي حددها لها اتفاق 1991 . فماذا تنتظرون من واقع صادم ، الغلبة فيه للقوي وليس للضعيف ؟
العالم يتلاعب بكم ، حيث يبسط لكم سجاداً مبني على السراب والاوهام ، واغرقكم في ذل السؤال ، والاختباء وراء عسكر الجزائر الذي يتنازع اليوم السلطة ، والذي لن يكون على رأسها غير عبدالعزيز بوتفليقة المريض ، لكي تستمر نفس المافيا التي تسولت بكم ، تتسول بكم الى ان يرث الأرض الله وما عليها .
فهل انتم تريدون السلام والسلم ، فهبوا عائدين الى المغرب ، وبدون شروط ، لأنكم خسرتم المعركة في 1991 ، وان كنتم تريدون الحرب فاعلنوها صراحة ، لا فرجة ، وبالونات مفرقعة . فماذا تريدون بالضبط ؟
الجواب انكم مغلوبون على امركم ، لان قراركم ليس بقرار ، بل قراركم مسلوب من طرف القرار الجزائري الذي يتلاعب بكم ، لخدمة مخططات ، وبرامج لا علاقة لها بمصالحكم ، وبمصالح المنطقة .
لقد دخلتم العراك الدبلوماسي منذ 1991 ، وفي كل معركة كانت تختلف عن سابقاتها ، فمرة قد تعتقدون ان القرارات في صالحكم ، ومرة تفاجئون بقرارات قد تعتبرونها تطعن فيكم ، ومرة يلوح لكم بصيص أمل في انتصار الجمهورية ، ومرة تصابون بالخيبة والكئبة ، مثلما ما حصل لكم بتصويت البرلمان الأوربي ، ومرة ، ومرة ..... لخ ، وحتى متى ستظلون تعلقون آمالكم على السراب ؟
ان مشكلتكم ، انكم فوضتم تدبير نزاعكم ، الى عناصر تختلس اموالكم ، وتتاجر بمآسيكم ، وتتربع على صدركم منذ ثلاثة وأربعين سنة مضت ، وما حققت غير الفشل .
فكيف انتم تتناقضون مع دواتكم ، وتخبطون خبط عشواء مثل الناقة التي لا تبصر ليلا ، وقد فقدتم بوصلة اتجاهكم الصحيح ، وأصبحتم في ورطة امام الخيبات المتراكمة .
فهل أنتم لكم جمهورية اعترف بها النظام المغربي في سنة 2016 عندما دخل الاتحاد الافريقي ، ام انكم تشكون في جمهوريتكم ، وربما لا تعترفون بها ، والاّ كيف تفسرون للرأي العام الصحراوي تناقضكم الهجين ، بين ان ترددوا شعار الجمهورية الصحراوية ، وفي نفس الوقت تدعون الى الاستفتاء وتقرير المصير . فهل ستنشئون جمهورية جديدة ، وانتم تتباهون بجمهورية تندوف التي خلقها الهواري بومدين ومعمر القدافي . ام ماذا انتم فاعلون ؟
ان مكن الهيستيريا التي اصابت قيادة الجبهة من لقاء بروكسيل ، انها ارادت ان تبين للصحراويين ، انه إذا كان البرلمان الأوربي قد خدل الجمهورية الصحراوية ، بتصويته على اتفاق الفلاحة مع المغرب ، فان الاتحاد الأوربي ، ومن خلال لقاء بروكسيل لوزراء الخارجية ، هو تصحيح لقرار البرلمان الأوربي ، واعتراف صريح بالجمهورية الصحراوية .
لكن قيادة الجبهة الفاشلة نسيت او تناستْ ، ان من يرسم خطة طريق عمل الاتحاد الأوربي ، هو البرلمان التشريعي الذي يمثل الشعوب ، لا الحكومات المنبثقة عن البرلمانات ، ومن ثم فان لقاء بروكسيل ، ومثل لقاء ابيدجان ، يبقى لقاء بين الاتحادين ، الاتحاد الأوربي والاتحاد الافريقي ، وليس لقاء بين الاتحاد الأوربي ، وبين الجمهورية الصحراوية .
فإلى متى ستستمر القيادة الفاشلة للجبهة ، توظف الصور في تضبيب رؤية الصحراويين ، والى متى ستبقى مزهوة بالمظاهر والفلكلور ، لإعطاء الوضع تعريفا غير تعريفه الصحيح .
ان اية منظمة مسلحة ، إنْ انت اردت ان تجردها من زخمها الثوري المسلح ، فما عليك الاّ ان تجرها الى حلبة المفاوضات ، التي قد تستغرق الزمن كله ، الى ان تموت القضية بطول الزمن ، والعياء والملل ، وحتى النسيان .
فعندما يقع استبدال اللباس العسكري ، باللباس الأوربي وربطة العنق ، وعندما تهجر القيادة الإقامة مع المقاتلين والمناضلين ، لتسكن الفيلات والدور الفاخرة ، وعندما تستبدل العربات العسكرية ، بالليموزين والسيارات الفاخرة ، وعندما تغرق القيادة في اوساخ الدولار واليورو ....لخ ، تكون النهاية حتمية الفشل .
ان ما أصاب جبهة البوليساريو منذ 1991 ، هو ما أصاب ( منظمة التحرير الفلسطينية ) ، منذ مؤتمر مدريد ، الى مؤتمر أسلو ، اكثر من ربع قرن ضاعت فيه القضية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط