الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
لماذا يقتل -المؤمن-؟
محمود الصباغ
كاتب ومترجم
(Mahmoud Al Sabbagh)
2019 / 1 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
1-لا يُصنع التاريخ بقرار أو فرمان أو مكرمة ..جوهر التاريخ ينبني على عمق العلاقات الإنسانية وتناقضاتها عبر الزمان و المكان والاختلاف و الخلاف يكون في التأويل و التفسير
فكرة القتل كقصاص. إذا كنا معها فعلينا ان نقبل بالعنف ولاينبغي لنا الاعتراض على من يمارس القتل كعقاب، وإن كنا نقف ضدها فعلينا اجتراح الحل المناسب.فلابد من وجود "سببية" وراء العنف أو القتل ،حتى لو حشرنا هذه السببية في زاوية نفسية ضيقة واعتبرنا القتل مجرد دافع ناتج عن سلوك غريزي بحكم أن الإنسان شرير بطبعه كما يقال. وفي الحقيقة التعرف على أسباب ودوافع القتل عملية صعبة.هل القتل بدافع إيديولوجي يختلف عن القتل بدافع ديني أو سياسي أو وجودي أو مصلحي أو غائي....إلخ..طيب وماذا عن الجندي الذي يقتل و يُقتل في المعركة؟ماذا عن "الانتحاري"الذي يفجر نفسه في روضة أطفال لأبناء جنود أعداء له؟.ماهو الحقيقي وما هو المزيف هنا؟ من المسؤول عن خطاب القتل؟من هو الذي يحاول أن يعطي للقتل مجازا"جمالياً"؟.لماذا عليّ أن أموت أو أقتل من أجل المقدس؟أليس لهذا المقدس حصانة سماوية؟إن لم يكن له فكيف هو مقدس إذن؟
2-يروي لنا الاخباريون العرب قصة بني قريظة كما وردت في سورة الأحزاب ،"غدر بني قريظة بالمسلمين في معركة الخندق"..بعد انتهاء المعركة التفت المسلمون إلى يهود بني قريظة فحاصروهم بطلب من النبي محمد وتم فرض شروط استسلامهم بمعرفة سعد بن معاذ كما تقول الرواية فحكم عليهم " بقتل كل الرجال وسبي الأطفال والنساء وتقسيم أموالهم وأرضهم بين المسلمين".
فمن منا مع حكم سعد؟أي "قتل الرجال وسبي الذراري"؟ وهل هذا حكم عادل و منصف ام جائر و تعسفي وسلطوي ،وهل كل المعاقبين يشتركون بالجريمة؟ بمعنى هل استوفوا شروط الجريمة حتى يحل عليهم العقاب أو القصاص؟.ثم هناك سؤال خطير ،كيف قبل المسلمون، بعضهم أو معظمهم، هذا الحكم؟ألم يتساءلوا أن ثمة ظلم للبعض هنا؟
ثمة في النص القرآني آيات من بداية الدعوة كان لها دور وظيفي "ظرفي" وهي الآيات المعروفة تقليدياً باسم"آيات السيف" تحض المسلمون على قتال "الكفار" وقتل كل من يقف في وجه انتشار الإسلام و توسعه ،مثل الآية 5 من سورة التوبة" فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " و الآية 14" قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ" والآية 29من ذات السورة "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ". أو الآية191 من سورة البقرة "وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ".
2- لماذا استسلم بنو قريظة للحكم و الذبح و السبي و السلب هكذا ببساطة؟ هل سأل أحدنا نفسه ولو على انفراد ،لماذا لاتوجد هذه القصة في الموروث الديني و الثقافي اليهودي؟رغم ولعهم بتدوين كل ما هو هام وتافه ومفيد و سقيم.
ألا تمثل هذه الرواية لو دوّنها اليهود معنىً تضامنياً لهم؟ طبعا على افتراض صحة الحادثة . يعتقد بعض أهل الاختصاص أن مواقع سكن بني قريظة مازالت آثارها باقية حتى الآن للتدليل على صحة سردية الإخباريين العرب، علماً أن أقرب زمن لتدوين هذا الحدث يعود لنحو قرن ونصف من زمنه .
دوّن اليهود نصاً آخر عن قصة وقعت بين بني إسرائيل و الميديانيين ،في سفر العدد 31: 6- 10" فَأَرْسَلَهُمْ مُوسَى أَلْفًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ إِلَى الْحَرْبِ، هُمْ وَفِينْحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ إِلَى الْحَرْبِ، وَأَمْتِعَةُ الْقُدْسِ وَأَبْوَاقُ الْهُتَافِ فِي يَدِهِ فَتَجَنَّدُوا عَلَى مِدْيَانَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ.... وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ، وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُلَّ أَمْلاَكِهِمْ....... وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ.".....بماذا تختلف هذه القصة عن قصة بني قريظة؟.في كلتا الحالتين قامت السلطة الدينية بصياغة سرديتها بما يؤمن شرعيتها و شرعية لجوئها للعنف و الغزو و الاحتلال و القتل و النفي.....إلخ. إذ ليس دقيقاً القول أن الإسلام لا يحتوي على سلطة كهنوتية، حيث لا يشترط في السلطة الكهنوتية أن تكون مقتصرة على فئة محددة "تخدم الرب"..(طالما نحن نقول أن المساجد هي بيوت الله فهذا يستدعي وجود سلطة) ..الكهنوت ليس سلطة مقتصرة على دين محدد أو هي من صلب عقيدته ،،بل الكهنوت سلطة وظيفية تتشارك مع الطبقة الحاكمة في فرض هيمنتها و كلياتها المعرفية على المجتمع "الرعية"
هل نظلم الدين، أقصد النص الديني، عند الحديث عن القتل و ماهيته..على اعتبار أن فعل القتل ؟
عموماً الدين مقيد بالنص و بالحتميات ..وهنا تكمن معضلة مقاربة أي نص ديني مع متطلبات عصرنا. لنتفق أن الدين هو من أعظم إنجازات العقل البشري عبر تاريخ وجوده على الأرض ،ومع ذلك كان الدين و مازال إشكالياً لجهة تطبيق ماجاء به في عصور لاحقة ..فالمجتمعات تتغير وتتبدل بينما النص جامد ...إن "نصوصاً"مضى عليها مئات السنين وكتبت في ظروف بيئية وثقافية لا تتناسب مع واقع متغير وبيئة مختلفة وحضارة متجددة. لن تستطيع أن تقدم الكثير لهذه المجتمعات
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. عالم الجن والسحر بين الحقيقة والكذب وعالم أزهري يوضح اذا ك
.. واحدة من أبرز العادات الدينية لديهم... لماذا يزور المسيحيون
.. مشاهد لاقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات ال
.. تجنيد اليهود المتشددين قضية -شائكة- تهدد حكومة نتانياهو
.. غانتس يجدد رفضه الإبقاء على التشريع الذي يعفي اليهود -الحريد