الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بُنٌ بِرائحة امرأة.

زيدان الدين محمد

2019 / 1 / 25
الادب والفن


مَا بين شجرةِ بُنٍ و أُنثى ،يُرى الله فِي فنجان قهوتك.

إن الله يحتبينا،بِتقفّي بديع صُنعه فِي الأُنثى ،و قد تَجِد الأُنثى فِي فُنجان قهوتكَ فَترى بديع الله يتجلَّى لك، و كَما أن لِكُل شيءٍ مرآة، فالقهوة مرآة لِلأُنثى ما يُدّلل أن هُنالك علاقةً بين الأُنثى و القهوة..
وَ قبل أن تغذّ الخُطى لِلبحث عَن الأُنثى في فنجانك، عليكَ أن تتعلم حُبّ البُّن و صُنع القهوة بِحُب كي تتعلم فِهم الأُنثى و حُبها ، و علَّ أجلَّ ما حظيتُ بِه في هذه الواحة، هو ذلك التعليم الذي حفّتني به الآنسة الأريبة "ندئ عادل" فعلمتني كَيف أصنع قهوةً و أُحبها، و إليك ما تقوله الآنسة دليلًا لصُنع القهوة و حُبها مُشيرةً لتمركز خصائص الأُنثى في القهوة:

"أولًا:
حاول أن تحصل على بُن جيّد، قيِّم ، ذو نكهةٍ مُختلفة من وطنٍ آخر لا يشبهك ، إن وقعت في حُبه سَيكون الأمر مُمتع ،و يشتد مُتعه حين تحاول الحصُول عليه فِي كُل مرَّة شَعرت بأنكَ على وشك فقد، (فَلذَّة الأمور بِقدر الشَّقاء فيها).

ثانيًا:
لا تَصنع فنجان قَهوتك بِماءٍ حار ، إتخذ الماء البارد كَوسيلةٍ لإقامة ثورة على نارٍ هادئة ، دعها تفور وَ تهدأ بِتروِّي عَلى هيئة مرآةٍ تعكس ملامحك.
و إياكَ أن تخلطها بالماء بِشراسة.

ثالثًا: وصايا :
-تذكَّر أن القهوة تُحب صانعها إن أتقن إظهار إيجابياتها بِلباقة ،تأتيك إن اشتقت إليها و عِندما ترتشفها لا تنشغل عنها و إياك أن تُحاول إرتشافها على عجل ،اجعلها مُطمئنة ،لا تَثور عليكَ فَتُصبح سقيم.
-تذكَّر أنها لا تُحب الهواء البَارد ،يضعفها ، و إيَّاك أن تُقلّبها فِي الفُنجان ،إجعلها فَقط سَاكنة ،تَرتعش حِين تُلامس شفتاك.
-تناولها مرة أو مرتين، فُكلما إقتربت منها أعتدتها ، لا تُكثر مِنها إن لَم ترغب أن تكثر بك.
-إختلي بها وحدك، حدِّثها عمّا تُحِب ، قُص عليها أحلامك ،فكم هي حَنونة لو تعلم.
-لِلقهوة توقيت مُمتع، لَن تَستلّذ بها إن تجاوزته كُل ليلة.
-القهوة كِتابٌ يُشرب ،كُلما رشفت مِنه رشفة ستتعالى روحك ،ستخضر يدك،سَينبت قلمك.
-اجعلها رَفيقتك، فَهي تنقل ما تشعر به نحوك .

رابعًا و أخيرًا:
اجعلها أُنثاك؛ لِتنعم بها.".

و الآن بَعد أن تعلَّمت كَيف تتعلَّم حُبّ صنع القهوة ،تعلّم أن تَقتفي الأُنثى في فنجانك، فَتِلك رواسب القهوة على أطراف فنجانك ماهي إلا لغز الأُنثى التي يصعب فكّ أسرارها بسهولة،و تلك الرشفة التي ترتشفها على مهل ماهي إلَّا انعكاسًا لِجماليات الأُنثى فتستشعر في رشفتك نشوة الخمرِ و رجفة الطربِ و نفثة السحرِ ،وَ ما بين عقل الأنثى الرشيق و قلبك العشيق تَعكس القهوة فيك الفكر الطليق لتنعكس فيها الأنثى مرةً أخرى في كونها محطة إلهامًا لِشعرك و فنَّك و تسفر فيكَ الوحي الذي تفصّدت بِه لتُنتج منهجًا بديعًا في أحد جوانب الحياة.
و ما بين درجات تذوقك للقهوة،إن كُنت فيها متعجًلا فإنك مستهلكًا لها دون لذةٍ فتلسعك و هي مازالت حارة ،و إن كُنت فيها مُتأنيًا لأحاطتك تلك اللذة التي ترديك مُتأنيًا على الدوام، و هذا انعكاس آخر لِلأُنثى، فالأُنثى إن استهلكتها سريعًا و تغاضيت عن تذوق تفاصيلها و سكناتها ،تعصيك فتلسعك حنقًا على تجاوزك هذا، و إن تأنيت فيها، فلكأنها تزداد جمالًا و تمتلئ حُللًا بهيةً ازدادت مع تمعنك و تأنيك في سير تفاصيلها.
استمع جيدًا دائمًا لغليان القهوة ، فذلك الصوت النَّدي ماهو إلا الجرس الموسيقي لِلأُنثى حين تندفع للحياة.
ضع فنجانك أمامك، فإن راقبت بخار القهوة المتصاعد،ظلّ يغريك بتشكّله و أحاطك معطفًا دافئًا،و إن اغضضت طرفك عن فنجانك، ذهب البخار و بردت قهوتك، و هي كذلك الأُنثى ،فَإن ابقيت نفسك عليها، ظلّت تحتويك و تدفئك،و إن باشرت عيناكَ طريقًا غيرها، حتى بردت فذاب معناها..فاحذر التجاهل!.
عَليك أن تفهم القهوة، كي ترى الأُنثى ، فكما هو معروف في غرامِ القهوة تَصارع الفقهاء على مرّ قرون مُذ القرن السادس عشر ميلادي.
فَتجد أبو الفتح المكي في ذلك العصر من أشد المغاليين في نُصرة القهوة و حلّها و قد دخل في صراعٍ مع الملقب بشيخ الإسلام يونس العيثاوي المناوئ للقهوة و المفتي بحرمتها أشد التحريم، حتَّى طال أمد الشقاق بينهما و تأجج الحسد في قلبيهما.
و كذا باقي السنون مابين الأُدباء و الفقهاء صراعًا في غرامِ القهوة، و كانت حجّة من يُدلي بحلّها أنها سندًا للعبادة ليلًا ،و لطلب العلم و إفاقة العقل بها دليلًا ،و كانت حُجة من يُدلي بتحريمها أنَّها تُسكر شاربها و تقهيه عن الطعام و مجالس العبادة..و أخيرًا و بعد قرون من ذلك الصِّراع الجمالي حول القهوة انتصر عُشّاق القهوة و تبخترت القهوة في المدائن و المجالس تُفتن شاربها و صانعها.
كَذلك هكذا جدل الأُنثى، فمنهم من يراها نجسًا تقطع الصلاة ،و شيطانًا يُبعد عن طاعة الرب ، و منهم من يراها نورًا و دليلًا لعبادة الله و خلق الجمال في الحياة و مِن حُسن سيرة الحال.

و فِي أُغنية "مسا النور و الهنا" و التي كتبها الموسيقار محمد عبد الوهاب للفنانة وردة ،انهمرت كلماتٍ في هذه الأُغنية تُشير لصورة القهوة السادة كدليلًا للحزن:
"و اللي يشربها سادة مالوش مكان هنا".
و كأن عبد الوهاب يُشير مجددًا لإكلينيكية الأُنثى الصارمة هدوءًا و عقلًا ،أنها دلالة حُزن، فترى أن القهوة السوداء دلالة حُزن منعكسًا لسيكولوجية الأُنثى بشكلٍ عام.
و لا تنسى أن الأُنثى ماهي إلا ذلك الصَّفاء في القهوة، و ما بين الأُنثى و القهوة علاقة صفاء و دواء ، فاجتنب و اعدل عن تدنيس أحدهم بما حملت مِن داء.

تعلَّم أن تُحب القهوة،و تتبع خطاها و سكناتها فَما تلك إلا مرآةٍ لِجلّ ما أبدعه الله "الأُنثى"..و في تفاصيل الأُنثى يُرى الله.

و أخيرًا؛ فنجانها الممتزج بِحيرة عينيها ، مُجمل سرّ كينونتها.

-شُكرًا لِمن علّمتني أن اقتفي آثارها في قهوتي لألتقي بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81