الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسئلة الراهن وتحديات المستقبل

احمد شحيمط
كاتب في مجالات عدة كالفلسفة والاداب وعلم الاجتماع

(Ahmed Chhimat)

2019 / 1 / 27
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم




يشهد العالم اليوم تحولات جذرية في السياسة والاقتصاد ويتجه لإعادة تشكيل خريطة سياسية جديدة وفق موازين القوى تهيمن عليها بالذات فلسفة الإصلاح وتعميم النموذج الديمقراطي في السياسة والتدبير. ويشهد العالم تراجع مستمر للأنظمة المغلقة والأحزاب الشمولية الكليانية في القيادة والرئاسة . من أوروبا الشرقية ونهاية حلف وارسو وسقوط جدار برلين . ومن آسيا في اختيار الدول فلسفة الإصلاح واعتماد الليبرالية واقتصاد السوق . وبداية المفاوضات الشاقة في تعميم خيار السلام بين الكوريتين وتكريس ثقافة الانفتاح ونبذ النزوع نحو التسلح والانغلاق . وفي المنطقة العربية جاء "الربيع العربي" بالآمال في تثبيت سلطة مشتركة . تصاعد الاحتجاجات والمطالب الشعبية نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية وتجاوز الأنظمة العسكرية والمطالبة بالعدالة الاجتماعية وما شابه ذلك من مطالب مشروعة . وفي إفريقيا تكابد القارة أزمات كثيرة في ترسيخ التنمية والاستثمار في الإنسان. وبناء ثقافة تنبذ التعصب العرقي والديني والاستفراد بالسلطة . فالعودة من جديد لأوروبا القديمة وتصاعد المطالب في فرنسا من المطالبة بإلغاء الزيادات في الضرائب والطاقة إلى تحسين ظروف العيش للفئات الشعبية. قلق متزايد من وضعية فرنسا الاعتبارية بين الأمم في خطابها السياسي المفعم بالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة . وخطابها الموجه للداخل في سياسة عمومية أصابت الفئات العريضة من الشعب بالضرر . ونداء السترات الصفراء في دعوة الرئيس ايمانويل ماكرون للاستقالة بدعوى الميل إلى خدمة الأغنياء وتهميش الفقراء . شعار الجمهوريات المتعاقبة على الحكم في سيادة الشعب وانبثاق القرارات من المؤسسات والعودة بالسياسة والاختيارات السياسية نحو الإجماع .وقرار المجموع الكلي في البرلمان والهيئات الفاعلة . اللافت للنظر أن الأزمة الراهنة من قلب أوروبا ليس مالية واقتصادية فقط بل أزمة في تدبير الشأن العام من الحكومات المتعاقبة في الاستناد على ديمقراطية القادة بدل الاستناد على منطق الشعوب في توليد القرارات من داخل المؤسسات. وهذا البعد الجديد في ممارسة السلطة وتقريب الطبقة البورجوازية والامتيازات الممنوحة لها يشكك الجماهير الواسعة في متانة الفعل السياسي اليوم . أسئلة الراهن يولدها واقع الحال في السياسة العالمية المعممة بنمط الإنتاج الرأسمالي وسياسة العولمة .إلى أين يسير العالم ؟ سؤال الفيلسوف الفرنسي اغار موران عن مستقبل الإنسان والإنسانية في سياق هيمنة الفكر الواحد وفي ظل تضارب المصالح وهيمنة البعد التقني وعالم الصورة في الحياة الاجتماعية . إذا كان العالم يسير إلى الهاوية فان النهاية الحتمية ستكون بيد الإنسان في غياب ذوي الرؤية المستنيرة والفكر الحكيم في قيادة الإنسانية نحو الأمان . وفي ظل الشروط الحالية من الاستقطاب والتحالفات يتحول المستقبل إلى صراعات مزمنة تنتهي بأفول الحضارة والعمران . أسئلة الراهن وليدة الأزمة وتفاقم المشاكل الاجتماعية .وهذا التطور اللامتكافئ بين الشمال والجنوب . ومن حيثيات المرحلة الفرار والعبور والهجرة من بؤر التوتر والفقر نحو الشمال .وتلك المتاريس والجدران العالية كحدود لعدم الاختراق . البحر الذي تتدفق منه الخيرات والثروة البحرية أصبح يلفظ أنفاسه بفعل الجثث. وحراس الموانئ في ترقب مستمر لأي تسلل أو عبور . في اسبانيا وايطاليا واستراليا . فمن الواضح أن العالم يعيش اختلالا يستدعي أن تكون العولمة إنسانية وأخلاقية . تقسيم العمل في العالم من الأسباب في تكريس هذا الشرخ بين الدول الغنية والفقيرة . إنتاج المواد الأولية وإبرام العقود لسنوات معينة .وتغلغل الرأسمال الأجنبي في دواليب الاقتصاد المحلي .
الصناعة والعقل الصناعي الغربي يحول ويعيد تصنيع المواد من جديد وتوزيعها بأثمان تفضيلية في الأسواق العالمية . أمام كل المعطيات الحالية في عالم اليوم . ما هو الحل ؟ تقدم الحلول عادة في إعادة الاعتبار للذات في بعدها الفكري والسياسي والاجتماعي . الدواء في الديمقراطية وتشجيع الطاقات الإبداعية وتعزيز الرقابة على المال العام ونهج إصلاحات جوهرية . بوادر للعمل يرغم الآخر أن يبادلك الاحترام والاعتراف. سياسة عقلانية حكيمة تنأى عن الحروب وإشعال الأزمات. تعميم التعليم ودمقرطة المجتمع في الممارسة والحكم وتثقيف الناس بالحقوق والواجبات . فالليبرالية كفلسفة في الحياة تعني بالدرجة الأولى تحفيز الإنسان على الإنتاج .وتعلي من الحرية الفردية والجماعية وتتبنى خيار المبادرات الفردية . وليس من السهل أن يتحول المجتمع في مدة وجيزة من الأنماط التقليدية لاختيار الليبرالية إلا بشروط محددة في الفكر والممارسة والسلوك . تحديات المستقبل في العالم العربي جمة . جملة من العوائق موجودة في الفرد والمجتمع . من طبيعة نفسية واجتماعية واقتصادية . تشخيصها في الذاتي والموضوعي . وحلها في تكتل الشعوب العربية في تحقيق وحدة اقتصادية بالتدريج وفتح الجغرافيا للعبور والانتقال والاستثمار في قطاعات حيوية . شعوب تمتلك موارد هائلة من خيرات الأرض وطاقات بشرية . وخبراء في القانون والاقتصاد ونخب متمرس في المختبرات العلمية الغربية. وجغرافية ممتدة وغنية ومتنوعة . ولغة واحدة وعواطف مشتركة ومتقاربة . وان كانت الاختلافات في العادات والتقاليد والرؤى فالأمر يدعو للبحث عن المصلحة وجلب المنافع . أوروبا الموحدة الآن بعد صراعات مريرة في الحربين العالميتين الأولى والثانية . تتكتل بفضل دول محددة سرعان ما شملت الوحدة دول كثيرة من الشرق والغرب. وأصبح الاتحاد الأوربي قوة اقتصادية عالمية يفرض شروطه في التفاوض والسلام . كتلة واحدة متراصة في الحوار واللجوء للمؤسسات في حل المشاكل العالقة داخل الاتحاد وخارجه . فتحديات المستقبل واقعية في العالم في نزوع الدول للدفاع عنى مصالحها والاحتراز في سياستها وحماية منتجاتها . الأكيد أن التدافع وتضارب المصالح لا يبدد المخاوف من المستقبل في ترسيخ علاقات دولية متينة يسودها الاعتراف والمصلحة المتبادلة . أسئلة مشروعة من قبل الفاعل السياسي وذوي الخبرة في الشأن الدولي أن العالم منقسم على ذاته في سياسات غير متوازنة . ولا حل إلا في نظام عالمي أكثر إنصافا للشعوب الضعيفة . وأكثر عدلا وبديلا عن الخطاب السياسي العالمي في تناقضات مراميه بين الكلمة الموجهة للاستهلاك المحلي وشعارات الحملات الانتخابية وأقوال في المحافل الدولية نحو عالم أكثر رخاء . عالم اليوم كما قال جون بودريار يسير نحو تفشي العنف رغم الزيادة في ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية والتقارب الدولي. وما يبرر هذا العنف الذي أصبح يستشري في الفرد والجماعة هو انهيار ثنائية الخير والشر. والكيل بمكيالين في السياسة الدولية اثر خطاب يصنف العالم إلى محاور للخير وأخرى للشر. بالطبع العلاقات الإنسانية تنزاح نحو الخير وتعميم المنفعة وفي اختلال التوازن ينهار العالم وتنهار القيم النبيلة التي أرست دعائمها ضمائر حية ودافعت عنها الشعوب في ثورات سياسية واجتماعية . عندما نفكر بهذا المنطق ندرك أن العولمة نظام أحادي مفروض من فوق . عولمة لا أخلاقية ولا إنسانية . وأسئلة الراهن وليدة معطيات آنية في عالم اليوم الذي يشهد توترات ونزوع نحو المطالب المشروعة والمعقولة في تحقيق عدالة اجتماعية لتقاسم الخيرات والثروات ومحاربة الأنظمة المغلقة والحزب الواحد . أسئلة الراهن وليدة الماضي والحاضر لاستشراف المستقبل والإنسان صانعه . ألم يقل الفيلسوف سارتر الإنسان مشروع مستقبلي لا يوجد في سماء المعقولات مشروع قبله . قدرته في صناعة الأشياء وإرادته في التغيير لنمط وجوده والعالم ما يجعله أسمى الموجودات بالحرية والإرادة . هذا الفعل يستجيب للمعطيات التي ينتجها ويغيرها في نفس الوقت . فالتاريخ يتغير وفق معطيات مشروعية وشروط مادية . وتحديات المستقبل حقيقية في القضاء على الفقر والهجرة والعنف والتخلف والقهر والاستبداد والجمود وتحقيق تنمية مستديمة وتجاوز ثنائية المركز والهامش في السياسة الدولية والسياسات المحلية . لازال الفكر الفلسفي يصيغ أسئلة في صميم الأحداث التي تنذر بالسقوط والتداعي للقيم الإنسانية والحضارة . فقد سبق تحليل سيغموند فرويد لنوازع الإنسان في غريزتين. غريزة الموت والتدمير وغريزة الحياة والبقاء . وفي فكرة واضحة أن الميولات اللاشعورية أقوى من الدوافع العقلية الواعية وبالتالي وجب الإعلاء من الغريزة وصيانة الحياة في الجنوح نحو السلم والعيش المشترك . نعوم شومسكي عالم اللسانيات الأمريكي يعري بالتحليل واقع السياسة العالمية اليوم ويكشف عن جموح الولايات المتحدة في الهيمنة على العالم ومحاربة كل سياسة مارقة للدول الأخرى . فالعالم يتجه نحو خيارات غير محمودة بالزوال والتلاشي لكل ما هو حضاري وإنساني . وهكذا لن يكون العالم العربي في مأمن من الأحداث الجارية . مطالب أن يؤدي نداء الواجب للبحث عن فرص السلام أكثر واجتراح الحلول المناسبة .
الكاتب :
احمد شحيمط من المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في