الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق خامنئي في سوريا!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2019 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


خلال لقائه بجمع من العمال الإيرانيين عشية الأول من أيار/ مايوالماضي، وبمناسبة عيد العمال العالمي ، قال مرشد الجمهورية الاسلامية في إيران آية الله سيد علي خامنئي :" إن حضور أمريكا في المنطقة يثير الحروب ويزعزع الأمن، وعليه يجب أن تخرج من غرب آسيا، فقد ولت مرحلة "اضرب واهرب".
كان خامنئي يشير بشكل واضح الى الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على أهدف إيرانية وأخرى لحزب الله في سوريا حليف ايران المميز حيث تتواجد ايران وحزب الله بشكل واضح ومكشوف هناك منذ معركة القصير 2013.
بعد هذا التصريح ساد إعتقاد قوي أن إيران سترد بعد كل غارة تنفذها اسرائيل التي يرى الايرانيين أنها تتم بحماية أمريكا ودعمهما، ولكن هذا لم يحصل على الرغم من مواصلة اسرائيل شن غارات على سوريا وهي تعترف صراحة أنها تستهدف مواقع ايرانية وأخرى تابعة لحزب الله وأيضا للدولة السورية التي تعهدت طهران بحمايتها والدفاع عنها وفق اتفاقية للتعاون العسكري والدفاعي جددت مرتين.
وكان لافتاً أن جمهور إيران في الخارج ومايسمى "جمهور المقاومة" هو (مع بعض قادة الحرس الثوري ونافذين من التيار المتشدد) هم من روج لفكرة أن الرد الايراني على أي اعتداء اسرائيلي سيكون عاجلاً وصاعقاً وقدموا بذلك مادة إعلامية لجمهور (الآخر) ليسخر ليس فقط من حزب الله وإيران ويظهرهما عاجزَين عن الرد (مع الحليف السوري) على "العنجهية الاسرائيلية، بل وقد وضعوا دون أن يقصدوا طبعاً، المرشد الايراني في مأزق وظهر خامنئي وكأنه يُطلق التهديدات والتحذيرات (العجولة) بينما رجاله في الميدان غير جاهزين لتنفيذها وترجمتها عملياً على الأرض.
ميكونوس ..ثانية!
وليس هذا وحسب بل وساهمت التصريحات العنيفة التي أطلقها بعض قادة الحرس الثوري وأصوليون بارزون في خلق جو من الشك والريبة خيم على علاقات إيران مع الاتحاد الاوروبي وعرقل الى حد كبير تنفيذ الوعود الاوروبية لإيجاد آلية تحمي وفقها أوروبا الاتفاق النووي من الانهيار، إذ أظهرت تلك التصريحات ايران دولةً تزعزع الاستقرار في أوروبا بل ويدعم تيار قوي فيها الاٍرهاب ،خصوصاً بعد استغلال واشنطن وأطرف أخرى، إجراء طهران اختبارات صاروخية شملت إطلاق قمر صناعي بواسطة صاروخ "سيمرغ" بعيد المدى لتعتبره عملاً استفزازياً وانتهاكاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، وأنها ترغب في التصعيد ولاتحترم التزاماتها في وقت كان بعض الأطراف في الداخل يعمل وكأنه طابور خامس يعضد الأطراف الخارجية مثل (اسرائيل والولايات المتحدة والسعودية ومنظمة مجاهدي خلق)، في الطريق نحو إيجاد توتر كبير في العلاقات الايرانية الأوروبية والعودة بايران الى مرحلة ماقبل عام 1992 وإطلِاق النار على 4 منشقين من الإيرانيين الأكراد في مطعم يوناني يُدعى «ميكونوس» بالعاصمة الألمانية برلين.والمثير أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، كان أشار في أول خطاب رئيسي له، الإثنين 21 مايو/أيار 2018 بسطر واحد، الى تلك الواقعة عندما شدد على أنَّ الحرس الثوري الإيراني ينفذ عمليات اغتيال في قلب أوروبا، وكأن بومبيو يطلق بذلك صافرة البداية في معركة توتير علاقات ايران الاوروبية حتى قبل اتهام مسوولين في وزارة الاستخبارات الإيرانية بالتخطيط لتفجير مؤتمر لمنظمة مجاهدين خلق في باريس، واتهام الدنمارك إيران بالتخطيط لاغتيال منشق على أراضيها.
وفوجيء الدبلوماسيون الأميركيون المختصون بالشأن الإيراني حينها بادعاءات بومبيو وقد أجابت هيذر نويرت، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، قائلةً يومذاك دون أن تتمكن من إخفاء دهشتها: «(بومبيو) لديه معلومات ومطلع على معلومات أنا لست مطلعةً عليها. لا يمكنني التعليق على ذلك تحديداً، ولكن يمكنني أن أبلغكم أنَّ الوزارة أكدت لي أنَّ هناك أساساً لهذه النقطة في خطابه، وأنَّه متأكد من صحة معلوماته».
وأثارت تلك التصريحات حيرة الخبراء الأمنيين والمنشقين الإيرانيين على السواء، الذين قالوا إنَّهم ليسوا على علم بأي أدلة تدعم هذه المزاعم، بحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية التي نقلت أنه لم تُنسَب أي عمليات مؤخراً في أوروبا إلى الدولة الإيرانية مايفسر الى حد كبير "الصمت" الايراني على الرد في سوريا بانتظار ماستفعل أوروبا حيال الاتفاق النووي.
وبدا واضحاً أيضاً في الفترة الماضية عندما تجنبت طهران الرد على التصعيد الاسرائيلي، أن خطابها الذي وحده انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي، يتعرض للاهتزاز بسبب خلافات الأجنحة وصراعاتها ومحاولات أطراف متشددة الإطاحة بحكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني مستفيدة من أخطائه وعدم وفائه بوعوده الانتخابية خصوصاً في مسألة رفع الإقامة الجبرية عن الزعيمين الاصلاحيين المعترضين مير حسين موسوي (وزوجته الاستاذة الجامعية زهراء رهنورد) ومهدي كروبي، وتجاهله (روحاني) دعوات المرشد الأعلى المكررة للاهتمام بأوضاع السنّة في سيستان بلوشستان، والعرب(الأهواز وباقي مدن خوزستان) حتى تردد أن خامنئي سيعمد بنفسه الى التدخل واتخاذ خطوات مباشرة تساهم في تخفيف الأعباء عن المواطنين السنّة والعرب تحديداً ، ليسحب بذلك البساط من القوى في الخارج التي تراهن على الداخل الايراني في مسألة تغيير نظام الجمهورية الإسلامية باستثمار ماتقوم به ايران في سوريا على سبيل المثال، وإبرازه وكأنه واحد من أسباب الأزمة الاقتصادية في الداخل.
مأزق نتنياهو
وفي هذا الواقع تدرك طهران جيداً أن التصعيد الاسرائيلي ضد تواجد مستشاريها العسكريين في سوريا هو لإيجاد المزيد من الانقسام في الداخل، وأن هذه الغارات التي تصاعدت منذ اندلاع الأزمة السورية في العام 2011 لم تغير شيئاً في المعادلة العسكرية مع إسرائيل القائمة على الردع والردع المتبادل، وهي تتفهم أيضاً أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الْيوم في مأزق كبير قد يفقده منصبه في انتخابات الربيع المقبل ، وربما يرسله الى السجن، يريد الخروج منه بأي ثمن ولو بجر المنطقة الى حرب قد لاتبقى "محدودة" إذا جاء الرد الايراني كما يشتهي رئيس الحكومة الاسرائيلي.
وتحاول طهران وفق معلومات أكيدة، تفادي الوقوع في فخ نتنياهو الراغب بقوة في دفعها أو دفع حليفها حزب الله الى الرد- على الأقل في لبنان- لتحقيق جملة أهداف منها معرفة مايملك الحزب من صواريخ مضادة للطائرات، ولهذا تكون طهران حددت هي أن خيارات الرد لن تكون كما يريد نتنياهو الهارب من أزماته الى أمام، وسيكون بالطريقة الايرانية على قاعدة (جوب خدا صدا ندارد) وأن تكون الضربة الايرانية قوية ليس لها صوت أو ضجيج.
قواعد
بعد كل هذا، يبقى السؤال الذي يطرحه الكثير من المراقبين هو :
هل سيؤدي هذا التصعيد الى حرب شاملة إذا تغيرت قواعد الاشتباك؟!
جاءت الإجابة، وهذه المرة أيضاً على لسان المرشد خامنئي الذي طمأن الايرانيين بأن الحرب لن تقع ولكنها إن وقعت فستشمل كل الدول التي حرضت عليها ومهدت لها ووفرت للعدو قواعد ومنصات انطلاق و "عليّ وعلى أعدائي".
ويمكن الإشارة في هذا السياق الى أن الحرس الثوري كان حدد قبل فترة ليست بالقصيرة، أهدافاً محتملة قال إن الصواريخ الايرانية ستطالها في حال تطور التصعيد في سوريا الى حرب، وسارعت طهران قبل أيام الى إرسال رئيس أركان القوات المسلحة اللواء محمد باقري الى باكو على رأس وفد عسكري كبير للتوقيع على اتفاقيات للتعاون العسكري والدفاعي وهذه هي الزيارة الأولى التي تتم علي هذا المستوي لجمهورية أذربيجان التي تملك علاقات مميزة مع إسرائيل ، في وقت تحضر طهران للدخول في مفاوضات جدية مع بغداد للتوصل الى معاهدة سلام وأخرى عدم اعتداء وحل المسائل العالقة المتبقية من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 الذي أوقف الحرب العراقية الايرانية فقط ، بينما حلفاؤها في العراق يضغطون سياسياً عبر البرلمان لإخراج القوات الأمريكية وهم ملتزمون بالعملية السياسية وقواعدها و (ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم)،و لكل مقام مقال !
"القدس العربي"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي