الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى المحرقة !

حاتم بن رجيبة

2019 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


في ذكرى المحرقة النازية!

تبقى محرقة اليهود من طرف النازيين الألمان محطة مروعة من تاريخ الإنسانية الحافل، للأسف، بالمآسي والكوارث.رغم حجم هذه الكارثة والتي هي في جوانب معينة تبدو للوهلة الأولى منفردة وخاصة جدا فهل يحق لنا أن نتساءل : هل توجد مفجعة أخرى تتعداها وتضاهيها؟ هل توجد كارثة أخرى أقوى رمزية وأحق منها بالتشهير والإحتفال؟ 6 ملايين يهودي لقوا حتفهم من خلالها من الرضيع إلى الشيخ المتداعي! خلفت الحرب العالمية الأولى 10 ملايين قتيل و20 مليون جريح ،الحرب العالمية الثانية 65 مليون قتيل ،الحروب الصليبية ،ضحايا ستالين والشيوعية 20 مليون قتيل ،ضحايا ماوتسي تونغ والخمير الحمر أو الهنود الأمريكيين: شعوب وحضارات محقت واندثرت!!!

كما نرى المحرقة اليهودية واحدة من الكوارث. يمكن أن تصنف حسب عدد الضحايا بالحجم الصغير أو المتوسط! بينما لو أمعنا في التاريخ بعين محايدة ولو صنفنا الكوارث من زاوية رمزية التصفية والتطهير لكانت الكارثة الستالينية أكبر مفجعة وأعظم كارثة إنسانية على الإطلاق ولكان أحق بالإنسانية أن تحيي ذكراها بدل المحرقة اليهودية!

فبينما حاول ستالين تطهير الإمبراطورية الروسية من كل ماهو بليس عامل: الفلاحين والحرفيين والتجار والمصنعين والمثقفين ليصبح المجتمع كخلية نحل: عمال : شعب متجانس كليا. حاول هتلر تطهير أوروبا من اليهود والمرضى نفسيا والغجر والصعاليك و المعارضين وكل من لاينتج !ليصبح مجتمع محاربين ومنتجين.

الصفة المشتركة لكلا النظامين المجرمين هو الرغبة الحانقة في التطهير! الرغبة في إنشاء مجتمع متجانس ليصبح كثكنة لا تحوي إلا أفراد متشابهين في البدلة والوظيفة والعقلية والولاء ...

إذا رمزية المحرقة العميقة هي ليست في عدد الضحايا ولا في ماكينة الفتك بل في الرغبة المرضية في التطهير والتجانس ومحو كل اختلاف وتضارب!!

لكن ما ي أسباب هذه الرغبة وهذا الدافع نحو التطهير؟ ومتى نشأت هذه النزعة؟

وهل هي خاصة بالإنسان أم تشمل عالم الحيوان أيضا؟ وهل هي بالضرورة نزعة مرضية أم لها فوائد؟

لو تمعنا لوجدنا الرغبة في إنشاء مجموعة متجانسة ومنغلقة صفة مشتركة بين الإنسان وكل الحيوانات الإجتماعية التي تعيش في شكل قطيع. من خلال التركيز على الصفات المشتركة ينمو مقدار اللحمة بين الأفراد ومقدار التآزر ومنه ينمو حظ المجموعة في البقاء ومحاربة الأعداء والخصوم!

لكن كلما زاد الشيء على حده انقلب إلى ضده! فيكفي أن تكون اللحمة على أساس واحد وشامل مثل الإنتماء إلى قبيلة أو وطن أو ثقافة كلما قلت العدائية و سفك الدماء و الحروب . و كلما زادت مواصفات التجانس وضيق الخناق كلما زادت العدائية وكثر التقاتل و قلت فرص البقاء. فلاحظ كيف أن الحروب قلت مع نشأة الإتحاد الأوروبي والدول العلمانية والمدنية وكيف تكاثرت الحروب مع ظهور الدولة القومية وفكر العرق وألدين والأوديولوجيات المغلقة مثل الشيوعية بينما قل العداء بظهور الأفكار المفتوحة مثل الديمقراطية الليبرالية والمجتمع المفتوح والتعددية الحزبية والتداول السلمي على السلطة!

ففكرة الوطن أشمل بكثير من العرق وألدين واللغة والثقافة ولون البشرة والاديولوجيا فالوطن أوروبا أو أمريكا مثلا يلم شمل الكثير من الأعراق والأديان واللغات والثقافات بينما الوطن العربي يقصي غير العرب وهم كثيرون أو الوطن الإشتراكي يقصي كل الأفكار الأخرى والوطن الإسلامي أو الدولة اليهودية مثلا دول تعادي غير المسلمين و اليهود. على العموم حديثا أصبحت الدول العلمابية والمدنية أحسن الأنظمة تأهلا للوقاية من المحارق والنزعات التطهيرية المشؤومة، وهي باكورة ثمار الثورة الفرنسية المجيدة!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا