الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السؤال المسكوت عنه: من سيحكم مصر بعد نجاح الثورة ؟ّ!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2019 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


السؤال المسكوت عنه:
من سيحكم مصر بعد نجاح الثورة ؟ّ!



سعيد علام
القاهرة، الثنين 28/1/2019م

الانتفاضة هى بمعنى ما، ثورة بدون قيادة منظمة، والثورة هى انتفاضة ذات قيادة منظمة. وكلً منهما، الانتفاضة والثورة، لهما نصيب من القيادة المنظمة، - نسبياً -، فى الاولى، فى درجتها الدنيا، وفى الثانية، فى درجتها القصوى. والقيادة المنظمة لا تعنى بالاساس تنظيم الصفوف، وانما تعنى تنظيم الوعى النظرى والعملى النضالى بالاهداف والاستراتيجيات والتكتيك الملائمة للمرحلة المعينة والواقع المعين، ولطبيعة القوى الاجتماعية الصاعدة، صاحبة المصلحة الحقيقية فى الثورة، والتى نمت وتطورت فى الزمن السابق على الثورة، بحيث اصبح النظام السياسى القائم لم يعد يعبر عنها ولا عن مصالحها، فأصبحت القوى الاجتماعية الرئيسية للثورة.


بهذا المفهوم يمكننا، بدون تشنج، ان نصف 25 يناير 2011، بأنها انتفاضة وليست ثورة، ذلك بالرغم من درجات التنظيم الجنينية الى سبقتها وتلتها، انتفاضة شعب ضد القهر والاستغلال، اى هى بمعنى ما "ثورة شعب" خذلته القيادة. ألم تكن الاشادة بان "الميزة الاساسية لـ"ثورة" 25 يناير، انها "ثورة" بدون قيادة!، سوى تأكيداً على انها انتفاضة وليست ثورة.


ان غياب القيادة المنظمة هو بالضبط ما سمح للقوى المضادة للثورة بـ"الانتصار" الساحق، - حتى الان -، كما ان الاجماع شبه التام على ان ترك الميدان بعد الـ18 يوم الاولى هو "الخطأ الاساسى للـ"ثورة"، وهو الذى اهدر الثورة!، ما هو سوى اعتراف آخر بغياب القيادة المنظمة، ذلك الغياب الذى لا يمكن اعتباره بأى حال، انه مجرد "اجراء شكلى"، مجرد "خطوة اجرائية"، بمعنى ان "الثورة" كانت قائمة ومكتملة بالفعل وان غياب القيادة المنظمة كان ممكن تداركه باختيار قيادة من الميدان اثناء "الثورة"!. ان الامر ليس كذلك، ان القيادة المنظمة للثورة تتشكل عبر صراعات طويلة ومضنية، فكرية وسياسية وتنظيمية، بين قوى معسكر الثورة ذاتها، وبينها وبين قوى المعسكر المعادى للثورة، فى آن معاً، كل ذلك قبل واثناء وبعد الثورة. ليس هناك ثورة بالصدفة، الم تكن الدعوة لـ25 يناير هى فقط فى مواجهة الشرطة، ليس هناك ثورة بالتمنى، كما انه ليس هناك ثورة بدوة للـ"تمرد" فى حفل "سواريه" من 9 لـ12، كما فى 30 يونيو 2013.


من المفهوم تماماً ان تصر جماعة الاخوان المسلمين على ان 25 يناير هى ثورة، ولكن من غير المفهوم تماماً، ان تصر ايضاً قوى اليسار على نفس الشئ، ان اصرار الاخوان له ما يبرره، وهو حصولهم من خلال هذه الـ"ثورة" على اغلبية المجالس النيابية، و"فوقوها كمان" رئاسة مصر، - بوصفهم القوى الاكثر تنظيماً، وليس الاكثر عدداً -، بعد ثمان عقود من السعى المكلف والاثمان الباهظة، ولكن اذا كان هذا مبرر اصرار الاخوان على اعتبارها ثورة، فما هو مبرر القوى اليسارية؟!.


ان غياب الرؤية النقدية الصائبة لما حدث فى الماضى، من شأنه ان يشى بنتائج خائبة فى المستقبل. ان غياب الادراك عما هو مفقود فيما حدث، يجعلنا كما المجنون، يقوم بنفس الشئ اكثر من مرة منتظراً نتائج مختلفة!. ان الجماهير والقيادات الشابة والكبيرة التى تقدمت الصفوف وقدمت التضحيات فى يناير 2011 وما قبلها وما بعدها، تستحق افضل من ذلك. يقال ان الثورة لا تحدث عندما يقع الظلم على الشعب، وانما عندما يشعر الشعب بهذا الظلم، ويمكننا ان نضيف بكل تأكيد، وعندما تكون هناك قيادة منظمة وواعية لهذا الشعب. ان الطريق الى جهنم ملئ بالنوايا الحسنة.




السؤال المسكوت عنه: من سيحكم مصر بعد نجاح الثورة ؟ّ!

من سيحكم مصر بعد نجاح الثورة؟!، انه السؤال المسكوت عنه فى مصر، بسذاجة او بخباثة، فى مصر اقوى تنظيم منافس لنظام يوليو، هو تنظيم الاخوان المسلمين، رغم كل الضربات الشديدة خاصة بعد يوليو 2013، واى قوى سياسية اخرى على الساحة السياسية المصرية تأتى بعده بمسافات شاسعة. اذاً الامر محسوم واقعياً، حال نجاح الثورة سيفوز الاخوان المسلمين فى اى انتخابات تالية،(1) مع الوضع فى الاعتبار ان النخبة السياسية المصرية دينية او مدنية مفترض انها قد استوعبت درس ما بعد 25 يناير 2011،(2) ولم يعد لدى النظام فرصة لتكرار نفس التكتيك الذى استخدمه سابقاً، او تكتيك مشابه له، ولكن بالتأكيد تكتيك مختلف تماماً.


اذا ما كانت اجابة السؤال محسومة مسبقاً، يصبح السؤال ليس من سيحكم مصر بعد نجاح الثورة، بل يصبح السؤال، هل ستلتزم جماعة الاخوان بمبدأ التبادل السلمى للسلطة بعد الوصول اليها؟، كل الخبرة المتوفرة البعيدة والقريبة تقول ان الاخوان لن يلتزموا بهذا المبدأ حتى ولو اعلنوا الالتزام به مئات المرات قبل نجاح الثورة.


اذا ما المطلوب حتى لا تكون الانتخابات بعد نجاح الثورة "شخص واحد، صوت واحد، مرة واحدة"!، ما هى الضمانة لاجبار الفائز بحكم مصر، "الاخوان"، بعد نجاح الثورة بقبول مبدأ التبادل السلمى للسلطة؟. السلطة التى ليست هدية يقدمها طرف الى طرف اخر، السلطة شهوة ومصالح تنتزع بالقوة، قوة العدد او القوة الخشنة. يصبح السؤال الان: ما هو وضع ميزان القوى الان للقوى الفاعلة فى الواقع المصرى؟.




المجتمع المدنى الحر يقود المواجهة!

بخلاف القوتين الرئيسيتين المنظمتين، نظام يوليو وجماعة الاخوان، تأتى على مسافات متباعدة القوى القومية، اليسارية، الليبرالية، وامام الضعف الشديد لهذه القوى التى عملت سلطة يوليو على اضعافها وتكبيلها، لا مخرج سوى الصعود من الاسفل، الصعود من طريق المجتمع المدنى الحر، "الغير منظم"، لتقوده قيادة منظمة واعية تحمل برنامجاً تقدمياً، مرتبطة عضوياً به وغير مكتفية بالنضال من "الداون تاون".(3)


استطاعت دول عالم اليوم، المتقدم والمتخلف، تدجين كل اشكال التمثيل النيابى، وكذا توظيف كل سلطات الدولة، للخدمة المباشرة الفجة لاثرياء الليبرالية الاقتصادية الجديدة، المحليين والدوليين، وليس هناك ابسط من القاء نظرة سريعة على احصائيات خط الفقر فى اى دولة لتتعرف بوضوح ساطع على النتيجة الحقيقية الوحيدة لتطبيق الليبرالية الاقتصادية الجديدة، "العولمة"، فى اى بلد، الا وهو مزيد من الافقار الى اسفل، ومزيد من الاثراء الى اعلى.


لقد استطاعت الدولة المعاصرة تعطيل اى دور حقيقى لواحد من اهم ادوات المجتمع الديمقراطى الحديث، الاحزاب، فقد شلت الاحزاب ونفت عنها كونها اداة الجماهير الاساسية فى الدفاع عن مصالحها، فاذا ما استبعدنا احزاب السلطة، فهى اما احزاب يسارية "مع وقف التنفيذ"، واما احزاب يمينية "دينية او مدنية" شعبوية صاعدة، تعمل فى المحصلة النهائية لصالح نفس طبقة الاثرياء مخصوماً من الحقوق الاساسية للجماهير التى تدعى الدفاع عنهم. ان خروج الجماهير الغير منظمة فى الدول المتقدمة كما المتخلفة، هو صرخة استدعاء للقيادات التقدمية لقيادتها نحو مستقبل اكثر عدلاً وحرية.



سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam


المصادر:
(1) مع استمرار تغيب وضعف القوى المدنية، الثورة القادمة فى مصر بقيادة اسلامية، سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=518469
(2) خبرة يناير: بين براءة الثوار، ودهاء النظام العتيق، سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=501507
(3) مرض نخبة الت"داون تاون" المزمن، ستون عاماً من العزلة، سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=587767








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عذراً .. القراء مشغولون بمقالات الخبل العقائدي
عبد الله النديم ( 2019 / 1 / 29 - 14:21 )
منهمكون في الجدل الشعبوي البيزنطي حول الايمان والالحاد ووجود إله أو عدم وجوده.. ويتصاخبون ويتصايحون مثل معمعة الجدل الفارغ بين الأهلاوية والزملكاوية
والمصيبة ان أغلبهم - أو يقودهم - مثقفون ,, ولم يَصِلوا بعد لشيء ولن يَصِلوا .. ولكنهم يتسلون , ومستمتعون

اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر