الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أتباع محمد عليه الصلاة والسلام بين الزهد والإسراف ...
مروان صباح
2019 / 1 / 29مواضيع وابحاث سياسية
مروان صباح / في سِيرَّ الأنبياء وأتباعهم من الأصحاء عقلاً سجل التاريخ فراق بينهم وبين الطعام والنوم وطالما جاء في القران لا تسرفوا أنه لا يحب المسرفين تحول المنّزل إلى نهج معتمد لديهم ، وحسب السيرة النبوية للنبي محمد عليه الصلاة والسلام ، كان لا يشعل النار إلا كل ثلاثة أي أنه كان يأكل اللحم كل ثلاثة شهور ، وهذه الحقيقة قد نراها عند أغلب فلاسفة العصور وايضاً رموز العسكر الذين أحدثوا متغيرات كونية على الصعيد الفكري و الجغرافي بالطبع عكس ما هو قائم اليوم من تخمة تجتاح العلماء والعسكر ، بل هي علامة خاصة بالإثنين لهذا لا يوجد تغير يذكر في عهودهم ، لكن عبر العصور ظهرت تساؤلات كان قد طرحها العلماء كالتي أشتهرت بين ابن رشد والغزالي من حوارات عميقة تمثلت بأعمال لا يندم العاقل عليها ، وايضاً اخرى مثل رسائل المؤيد الدين للمعري كانت أقل صدى من الأولى ، لكن السجال الثاني أظهر نهجين مختلفين قد أختار المعري حسب ما كشفت الحوارات ، فردية التكوين المعيش والتفكير بل الرجل لم يبدي أي اهتمام لجذب الناس لفكره أو لم يسعى أبداً لتحويل ما يطرحه من أفكار إلى مادة تجتمع حولها الجموع بل أنطلق المعري من زاوية فكرية ، بأن النبي محمد قد أرسى المنظومة السماوية التى تأطرت بمنظومات فكرية جمعية لهذا ابتعد بزهده عن محورية الذات تماماً كنقيض كلي لما ذهب إليه المؤيد الدين من معارك أرادا من خلالها الإقتراب من الناس وتفاعل بشكل كبير لكي يجد موطأ فكر بين عقولهم ومن هذه الزاوية التى توضح حجم الاختلاف بين النهجين يدفع التباين المرء إلى قراءة الرسائل المتبادلة بين الطرفين والتى بدأ بها المؤيد الدين بإرسالها للمعري .
مبادرة الشيرازي بدأت اولاً في حدود الفكر ومن ثم انتقلت إلى البلاغة وقد جنبها المعري أن تنزلق إلى الثرثرة وعندما شعر بانحرافها إلى الإلهاء ، توفاه الله فكان باعتقادي الموت اعتذار عن الإستمرار بخوضها لأن المعري كان قد رسم لحياته نهج خالي مِنْ التبرير كما لا يوجد فيه مساحة لاقناع الأخر بما يفعل أو يفكر بقدر كرث وقته وجهده لكي يدافع عن أفكار فردية تتوارثها الأجيال فيما بعد ، تختلف حولها وتتفق عليها كما كان حال الجموع اثناء حياته وبالرغم من مكانة الشيرازي العالية في الدولة الفاطمية ، الشعرية والأدبية والسياسية والإدارية ، عُرف ايضاً ببلاغته الخطابية وقوته في طرح الحجج أمام مناظريه ولديه ديوان شعري يشير من خلاله عن مدى الحجج التى قدمها كمدافع عن الولاية الأمامية ، كان بالفعل البادئ في الرسالة الأولى بعد ما آثار فضوله معرفة السبب الذي جعل ابوعلاء يمتنع عن أكل اللحوم وما ينتج الحيوان من بيض وحليب ولأن الشيرازي كان متيقن بأن مثّل المعري لا تفوته مسألة كهذه ، فَمَا أحلّهُ رب العزة لا يجوز أن يحرمه المسلم ، لكن أنطلق الرجل من حكمة كان قد قالها ذات يوم ، أن العقل والعقل وحده وهو الذي ينبغي أن يسترشد به الإنسان في بحثه عن الحقيقة ، وهذا بالفعل الذي دفعه إرسال رسالته بعد تيقنه بأن هناك أسباب قوية خلف استنكاف المعري عن أكل اللحوم ومشتقاتها، فيبدو للفيلسوف وجهة نظر أو أنه توصل إلى ما لم يتوصل اليه الآخرين .
المراقب يجد بجواب المعري عن تساؤل المؤيد فيه شيء من الجمال الجاذب وهو منطق منطوق من رجل كهلاً بالمعرفة ، بل بيّن عن القاسم المشترك بين الزهد والشريعة ، فأعتبر المدة الزمنية التى حُرم بها الصيد والأماكن التى حرم فيها الصيد تعتبر طويلة في العام الواحد وهذه إشارة ربانية بضرورة الابتعاد عنها حتى لو كانت حلال ، بل ايضاً أعتبر مرحلة الزهد لا تعكس فقط على المأكل بقدر أنها حالة شاملة تشمل ايضاً الثياب وهذا يفسر امتناع المعري من ارتداء أي ملابس من الإنتاج الحيواني بل قد علل ذلك كله في عبارة أنهى تساؤلات الشيرازي ، عندما قال ( لله أسرار لا يعلمها أو يدركها سوى الأولياء ونحن على ذلك ندور) .
قد يصح النظر إلى خلاصات الأنبياء والتابعين وعلى الأخص من كانوا صحابة رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام وايضا جميع الفلاسفة التى تخلدت أسماءهم في التاريخ من سقراط إلى تولستوي ، فجميع صورهم تشير بوضوح لا لَبْس فيها عن الزهد الذي عاشه ، وهذا يفتح باب واسع حول مفهوم الناس بصفة عامة للفكرة الإلهية وقد تكون معاتبة العامة أمر غير مجدي بقدر من الضرورة التوقف عند جملة حقائق لا يمكن المرور عنها طالما صانعيها من الخاصة بل يتوجب الإشارة إليها ، لأنهم تحولوا إلى عناوين جديدة للإصلاح الفكري وألاجتماعي ، وبالفعل لم يكن الرئيس اوردغان بالرجل العادي وبالتالي لم يصل إلى الحكم عبر الجيش أو الإقتصاد بقدر أنه صعد إلى الحكم من خلال طرحه لتجديد الفكر الإسلامي وهذا ايضاً ينطبق على أمير قطر الشيخ تميم ، فالرجل يُعتبر واجهة الإخوان المسلمون الإصلاحية ، لكن عندما يتابع المراقب حياة الرجلين وحجم الإنفاقات التي ينفقونها ، يشعر بوجود فجوة عميقة بين الأفكار التى يحملونها وبين أفعالهم ، على سبيل المثال الرئيس اوردغان وللأسف يسكن في قصر بلغ تكاليف بنائه ما يقارب 600 مليون دولار أو اكثر بقليل ويتنقل بطائرة مهداة من الشيخ تميم ، قُدرة ثمنها بنصف مليار ، وفي ذات الوقت يقفان الرجلان داخل المسجد النبوي أمام قبر وحجرة الرسول ويذرفان الدموع اشتياقاً بملاقاته وسعياً بإتباعه وهذا يكشف الخلل البنيوي في إدراك الفكرة التى تركها أو حاول صاحب القبر ترسيخها كنهج اتباعي وليس تظاهري ، فالنبي رحل وورائه حجرة لا تتجاوز الأمتار المحدودة وبردة تنتشر الرقع فيها ولم يُورث درهم لمن خلفه ، أما في المقابل ، عندما تأتي مسألة كمسألة فلسطين على سبيل المثال تتحول التبرعات تقطيرية ويصبح التململ سيد الموقف رغم الجميع يعلم بأن المعركة الكبرى التى تخوضها إسرائيل ضد الفلسطينيين هي في المقام الأعلى والأول الإحلال البنائي فأبناء فلسطين والشتات وعلى الأخص أهل الشتات لا يتلقون سوى النزر اليسير من مزايا كبرى يمتلكها الآخرين بل يذهب الدعم التقطيري في الأغلب إلى مسارات فاسدة وتُعطى الأغلبية فتات منها كالتي وزعت في الآونة الأخيرة على عائلات غزة ، وأخيراً مثل هذه الرسائل مهمتها كشف النقاب عن ما هو مكتوم وسري لكنها تبقى استنباطية وتلويحية وتلميحية ، تتساءل ببرائة كيف سيفسرون غداً لرب العزة من تزعموا بتجديد الاسلام عن حياة حافلة بالإسراف والتبذير الشيطاني ، لأن في النهاية هذا السلوك هو سلوك نعيمي صرف يُعتبر نوع من أنواع حياة الخلود ، أي الجنة وهذا ليس له أن يحصل إلا اذا كانت البشرية جميعها تنعم بالحياة الخالدة ، فكيف إذا كانت الأغلبية التى تسكن ولا تسكن على هذه الأرض جياع وبلا مأوى ومشردين وربهم بصير بحالهم وبحال المسرفين معاً لكن يؤخرهم إلى يوم الفصل . والسلام
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - ابو ازهار الشامي
نصير الاديب العلي
(
2019 / 1 / 29 - 11:32
)
وينك وين صرت ما تجاوب
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة