الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[90]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 29
الادب والفن


صبري يوسف

90. المبدعون والنّرجسيّة أيّة علاقة بينهما، وإلى أيّ مدى ترى أسماء غريب أنّ المبدع يمكنه أن يشفى يوما من نرجسيّته؟!

د. أسماء غريب

لا بدّ للمبدع من نرجسيته، لكنّ النّرجسيّة فيها ما فيها، فهناك النّرجسيّة المحمودة وهي الَّتي تدفع بصاحبها إلى التَّطوُّر نحو الأفضل دائماً، ومن خلالها يقدّمُ فكرَه المتميّز البنّاء إلى جمهوره من القرّاء أو المتتبِّعين بشكلٍ عام لأعماله سواء تعلَّق الأمر بمجال الأدب، أو بالموسيقى والفنّ التَّشكيلي وما إليه من فنون أخرى، وهناك النّرجسيّة المقيتة والَّتي يمكن تصنيفها إكلينيكيّاً كنوع من الأمراض النَّفسيّة الَّتي نادراً ما يشفى منها المبدعون الفاشلون! وأن نتحدّثَ عن مبدع نرجسيّ من عيار الصُّوفيّ ابن عربي مثلاً والّذي كان يجاهر بفتوحاته ورؤاه وكشوفاته ومناماته العرفانيّة ويكتبُ عنها بغزارة قلّ نظيرها في مجال الإبداع الصُّوفيّ، أو عن أديب من الوزن الثَّقيل كمارسيل بروست أو فنّان تشكيلي نرجسيّ آخر كبابلو بيكاسو ليس تماماً كأن نتحدّث عن "مبدعين" آخرين أصبح لا يصلنا من إبداعهم إلّا ما تنتجه آلة التَّصوير أو الهواتف الذَّكيّة على مواقع التَّواصل الاجتماعي، أو عن "أدباء" آخرين إذا صح أن نسمِّيهم هكذا، وصل بهم الأمر إلى كتابة مقالات نقديّة عن أعمالهم الشَّخصيّة بأسماء وهميّة ودفعِها لتنشُرهَا المواقعُ الثّقافيّة أو الصّحف الّتي تهتمُّ بالنِّتاج الأدبيّ، كما حدث مع الرِّوائي الأمريكي جيمس إلروي (والَّذي سبق أن أشرتُ إلى اسمه في سياق الجواب 66 من هذا الحوار)، وهو روائي مختصّ في أدب الجريمة، ونال من الشّهرة على مستوى المبيعات ما لم ينله أحد غيره في مجال إبداعه الرِّوائي، لكنَّ نرجسيته المَرضيّة دفعته إلى أن يقوم بما لم يستطع استيعابه أحد من متتبِّعيه: كان يكتب بنفسه وبأسماء وهميّة على المواقع الإعلانيّة التِّجاريّة الثّقافيّة مقالات نقديّة يمدح فيها رواياته وطريقة السّرد فيها والحبكة وتفاعل الشّخصيّات وما إلى ذلك ليرفع في كلِّ يوم من عدد القرَّاء والمقتنين لأعماله! وهذا الأمر يدفعني للقول إنّه تحت نرجسيّة المبدع المَرَضيَة يوجد دائماً كمّ هائل من الهشاشة، ومن الضّعف والبؤس الَّذي مهما حاول "الكاتبُ" أن يغطّيه برداء الثّقة بالنّفس الزّائدة فإنّه لا بدَّ سيأتي ذاك اليوم الّذي يطفو فيه كلّ شيء على السَّطح، وتسقط الأقنعة ليظهر صاحبُها مجرّد كائن مريض تفصله عن الإبداع الحقّ ملايين من السّنوات الضَّوئيّة. ومن مظاهر النّرجسيّة وجنون العظمة في مجال الكتابة والإبداع اليوم، ظهور نقّاد يقتاتون على نرجسيّة الكتّاب، ويكتبون مقالاتهم النّقديّة عن ديوان أو رواية ما مقابل أجور مادّية دسمة، وكلَّما ارتفع السّعر زاد سيل الكلام المعسول الّذي يلعب على أوتار النّفخ والتّلميع المبالغ فيه للكاتب المعني بالأمر، وهذا كلّه يؤدِّي طبعاً إلى انتشار الأدب الحامض والفاسد الّذي يسمّم ذائقة القارئ، ويزيد من انحطاط مستوى الوعي والثّقافة في البلدان العربيّة. ومرآة النّرجسيّة قد تكون بحراً من الماء الصّافي الَّذي يرى فوقه المبدع نفسه ويتعرّف عليها فيُخْرِجُ أبهى ما فيها من لؤلؤ ومرجان، وقد تكون مستنقعاً من الماء العكر الَّذي يرى فوقهُ الكاتبُ نفسَهُ، فيخرجُ أسوأ ما فيه ليشتريَ بعد ذلكَ من يُلمِّعُه له من براغيث الوقت، وهذا هو ما يحدث اليوم ومع كامل الأسف في شتّى مناطق العالم وتزيد من تفشّيه وسائل الإعلام والصَّحافة ومواقع التَّواصل الاجتماعي الّتي دمّرت كلّ شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في


.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/




.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي