الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرات من ذاكرة التجربة الأولى في الكتابة

محمد بلمزيان

2019 / 1 / 29
الصحافة والاعلام


هي شذرات من ذاكرة، لكنها تشكل بالنسبة لي محطة أولى في تجربة الكتابة، ما زلت أستعيد بعض اللحظات التي تعود الى سنوات الثمانينات وبالضبط الى سنة 1989، حينما نشرت لي مجلة ( اليوم السابع ) الفلسطينية التي كانت تصدر بباريس، تحت إدراة الفلسطيني بلال الحسن، وهي مجلة أسبوعية، شاملة تكاد تجمع من كل لون طرف، يختلط ما هو سياسي بما هو فكري ثقافي وفني وغيرها من المواضيع، التي كنت شخصيا أنتظر بكل شوق صدورها كل صبيحة يوم الإثنين من كل أسبوع،وانتظار مشوب بالحذر، وكنت أنشر في هذه المجلة تحت اسم آخر غير اسمي الحقيقي هو( محمد بوهلال) ، وتوزعت محاولاتي الأولى بين مقالات تأملية، وخواطر شعرية، وانطباعات شخصية حول ما كان يمور في الواقع العربي حينذاك، وبخاصة القضية الفلسطينية التي كانت تشكل محورا بارزا في أي صحيفة كيفما كان شكلها أو طريقة صدورها.
على بعد ثلاثة عقود ، هو الفارق الزمني بين اليوم والأمس، حينما أحاول عقد مقارنة بين ظروف الكتابة والطقوس المرتبطة بها خلال المرحلتين، ألفي أن الظروف المتحكمة في عملية الكتابة في الماضي ، كانت محفزة أكثر من اليوم،بالراغم من ما كانت تتطلبه عملية الكتابة من وسائل للتنفيذ، كالقلم والورقة كوسائل قبلية على توفر الفكرة والموضوع ، وما يصاحب هذا الأمر من هدر زمني على مستوى التصحيح وإعادة الكتابة، الأمر الذي يجعل المرء أحيانا يعيد الكتابة ويرمي بالورقة تلو الأخرى الى غاية الإمعان جيدا في كل ما كتب، حتى تصير مقبولة دون تشطيب وبخط واضح ومستقيم ، (بخلاف هذه العملية التي يوفرها الجهاز حاليا بكل يسر ومرونة) ،كل ذلك كان حفز على استغلال فسحة التأمل، أثناء امتداد زمن الكتابة، رغم أن نفس الخطوات تنسحب حاليا أثناء تحرير الموضوع على شاشة جهاز الكمبيوتر، مع فارق السرعة في تجاوز العديد من المراحل المتعلقة بزمن الكتابة ومرور بالمراجعة الى غاية أن يصير المنتوج في متناول الجهة الناشرة.
في ظرف سنة أو سنتين تقريبا، نشرت لي مجلة( اليوم السابع ) سبع أو ثمان محاولات متفرقة على تيمات مختلفة أو أقل أو أكثر إن لم تخنني الذاكرة ، قبل أن تتوقف عن الصدور خلال بداية التسعينات بسبب موقف إدارة المجلة المناهض للحرب المشتعلة في العراق،وهو موقف سديد في وقته بعدما أصبح الشعب العراقي مفروضا عليه أن يعيش تحت وطأة ظروف الحرب المستعرة، وقد شكل هذا الحدث بالنسبة لي توقفا مؤقتا على الكتابة، جعلني أجري حوارا على شكل مونولوغ،راودتني فكرة النشر في بعض المجلات الشرق أوسطية، لكنني تراجعت، فآثرت الكتابة في بعض الجرائد اليومية الصادرة بالبلاد، على سبيل المثاللا الحصر جريدة أنوال اليومية في هامشها صفحاتها المخصص للثقافة، بنفس الإسم الذي ساهمت فيه بمجلة اليوم السابع، وقد حفزتني هذه التجربة الثانية على عقد مقارنة تقنية بين النشر في اليوم السابع كمجلة أسبوعية، وبين النشر في جريدة يومية، حيث أن الأولى كانت في كل مرة تخصص في ركن إحدى الصفحات التي ترسل اليها المواضيع ، بما يشبه تعقيبا أو ملاحظات حول سبب عدم النشر،وهو القسم الثقافي الذي كان يشرف عليه صحافي ( ابراهيم العريس ) وغالبا ما كانت تركز على بعض الشروط الشكلية للكتابة، الأمر الذي كان يفرض على صاحب المحاولة والحالة هذه أن يبذل مجهودا إضافيا لتجاوز تلك المعيقات التقنية التي تقف حجرة عثرة أمام النشر، دون أن نغفل دور تلك الملاحظات في الإنكباب ليس فقط بتنقيح الأفكار، بل وأيضا وهذا هو العامل الأساسي، هو ممارسة القراءة بالموازاة مع ممارسة الكتابة، وهي بمثابة أحد المجاديف التي بدونها لا يمكن لقارب الكتابة أن يتقدم أو يبحر الى الأمام، وأثناء الإبحار هذه تتراكم تجربة خلف أخرى تستقيم بها عملية الكتابة، وتصبح بمثابة الإدمان الذي يصاب به البحار في علاقته بالصنارة والبحر كطقس يومي وكلازمة لابد منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة