الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرأت لي ولكم كتابا 2

الحايل عبد الفتاح

2019 / 1 / 30
الادب والفن


قرأت لي ولكم كتابا 2
كتاب "نقد الشعر في المغرب الحديث" ( بين 1930 وسنة 1956)
مؤلف هذا الكتاب هو عبد الجليل ناظم...والكتاب هو رسالة جامعية سبق أن أداعها المؤلف سنة 1988. وأعاد كتابة الرسالة الجامعية بشكلها الذي بين يدي القارئ حاليا. فنشر الكتاب سنة 1992 بمبادرة فردية من الأستاذ نفسه لدى دار تبقال للنشر. والمؤلف لم يرى فائدة في أن يقدم كتابه شخص آخر أو أحد زملائه...وهذا نوع من التحدي والثقة في نفسية المؤلف...
والمؤلف هو بعد هذه الرسالة حاصل على دكتورة في الأدب...وهو من مؤسسي دار النشر "تبقال" برفقة محمد الديوري ومحمد بنيس وذلك سنة 1985.
في الشكل :

عنوان الكتاب غير متوافق لمضمون الكتاب برمته :
ـ العنوان ليس دقيقا بالمعنى الأكديمي التخصصي. لماذا وكيف ؟
فحين يقرأه المتخصص أو من يفهم في تجعدات وتعرجات اللغة العربية ومفاهيمها وعباراتها ومعانيها الظاهرة والمضمرة، فهو سيفهم حين قراءة العنوان أن الكتاب قد يحتوي على نقد الشعر المنطوق والمكتوي باللغة العربية والأمزيغية والفرنسية والإنجليزية وغيرمن اللغات ( أو حتى ربما غيرها من لهجة ـ إن قبلنا بما لا نفهم من مصطلح اللهجةـ الريفية ووالحسانية ) بالمغرب الحديث.
فعنوان الكتاب يعني أنه يحتمل ( برفع الياء) قول شخص أجنبي أو لهجي وطني لشعر خلال مرحلة المغرب الحديث. فالعنوان المقترح يفيد أن كل من قال الشعر بلغة ما أو لهجة ما سيكون محل دراسة النقد الشعري خلال الفترة التي حددها المؤلف. وهذا ما لا نجده بعد قراءة مضمون الكتاب برمته. فالقارئ بعد قراءة مضمون الكتاب سيهم أن كتاب المؤلف هذا سيتناول كموضوع نقد الشعر العربي المكتوب ( لا المنقول شفاهيا) لا الشعر الأجنبي المكتوب بالمغرب الحديث.
فلو عنون المؤلف كتابه ب " نقد الشعر العربي في المغرب الحديث " لتوافق العنوان مع مضمون الكتاب.
يبقى السؤال لشرح المزيد مما عللنا به ضبابية العنوان هو : هل وجد نقد شعري أوروبي أو حساني أو ريفي أو أمزيغي عامة في المغرب الحديث ؟
أجيب بالسؤال التالي : ألم يوجد نقد شعري أوروبي ( من بين ما قيل بلغة أو لهجة حسانية أو ريفية أو أمزيغية عامة في المغرب الحديث ( المغرب كموقع جغرافي حدده المؤلف)؟. ألم توجد صحف ومجلات صادرة باللغة الفرنسية تعنى بنقد الشعر المغربي أو حتى الأجنبي ( المنطوق والمكتوب بالمغرب).
ألم يوجد من بين الأوروبيين في المغرب الحديث ولو ناقاد أوأديب أومفكر كتب شعرا أو نقدا ؟
ألم يوجد من بين الريفيين والحسانيين والسوسيين في المغرب الحديث ولو ناقد أوأديب أومفكر واحد كتب شعرا أو نقدا ؟
أعتقد أنه فعلا وجد من بين الأوروبيين والريفيين والحسانيين والسوسيين والأمزيغ عامة، في المغرب الحديث، أدباء ونقاد وشعراء كتبوا في مجلات أو صحف أو مخطوطات مجهولة ؟
مثلا، كان هناك أدب وشعر مجهول إضافة إلى ما كتبه أحمد الصفريوي وإدريس الشرايبي في الأدب باللغة الفرنسية....رغم ان هذين الكاتبين عروفا بالنثر لا الشعر...
إضافة لذلك فالقارئ قد يفهم من كلمة " المغرب" ما لا يفهمه المؤلف نفسه...

في تحديد تاريخ سماه المؤلف "بالمغرب الحديث" :
الكتاب يتناول بالدرس معالم وميزة النقد الشعري بالمغرب بين 1930 و1956، هذا في وقت قد يتساءل القارئ لماذا سمى المؤلف كتابه "... في المغرب الحديث" لماذا لم يعلل اختياره لهذه الفترة الممتدة بين ما قبل الحرب العالمية الثانية وخلال الحماية الفرنسية وبين سنة 1956. ولا ندري أيضا لماذا سماه بالمغرب الحديث ؟ هل هناك علل ودواعي لتلقيبه بالحداثة في المغرب ؟؟؟؟ القارئ قد يتساءل: ما هي الحداثة ومتى تبدأ وإلى أين تنتهي ؟

ـ في مضمون الكتاب بلسان وفكر المؤلف :
في مستهل الكتاب الذي قرأته لي ولكم، عرف الكاتب مصطلح " الخطاب" ثم " الخطال النقدي".
وعرج بالتذكير بالمدارس النقدية المعروفة وهي نظرية الخطاب التاريخي، ونظرية الخطاب السجالي ونظرية الخطاب التأويلي.
وهنا يتجلى اطلاع المؤلف على نظرية الخطاب عند ميشال فوكو المفكر الفرنسي ذو الأسلوب المعقد...والصعب القراءة...
ثم يعدد الإتجاهات السائدة في النقد خلال الفترة ما بين 1930 و1956؛ وهي :
ـ الإتجاه نحو التأصيل
ـ الإتجاه نحو التوفيق
ـ والإتجاه نحو الواقع.
هذا وتطرق الكاتب للظروف السياسية والإديلوجية والإنجدبات الفكرية الشرقية والغربية التي أثرت في هذا الفوج الأول من النقاد.
فذكر نوع النقد ومفهوم النقد في الثقافة العربية القديمة، ثم انتقل للتمييز بين النقد التقريظ والتحلية. ولاحظ المؤلف أن هذف النقاد المحدثين كان هو إصلاح المجتمع. فساق مثالا للنقد المغربي آنئذ وذلك بالحيز الذي خصصه لنقد بلعباس القباج ( الرائد الأول للنقاد بالمغرب) ونقد سعيد حجي لشيوخ الشعر التقليدي مع اعتزازهما بالنقد الذي ظهر بالمشرق عند المصريين مثلا. واعتبر أن نقدهما يهذف بالأساس إلى الإصلاح الإجتماعي ورفع ذوق الشعراء. وساق المؤلف عبد الجليل ناظم مثالا عن نوع النقد المتداول آنئذ لدى بلعباس القباج والمتمثل في النقد اللاذع أو الحكم القاسي. فذكر مثالا عن نقده القاسي حين قراءته بيتين من ديوان " أحلام الفجر" لعبد القادر حسن.
وهذا النوع من النقد أثار حفيظة الشعراء وبعض النقاد متهمين الكتابات النقدية (ومن ضمنهم القباج). فاعتبروا نقدهم مستغلا لمبدأ الحرية لتهميش المؤهلات والشروط الضرورية لثقافة الناقد كما جاء على لسان محمد الخضر الريسوني سنة 1952.
وحين تناول المؤلف العلاقة بين النقد والحكم فقد اعتبرهما مرتبطان.
فالأول يميز بين رديء الشعر وجيده، والثاني يستخلص منه النقد. فالغاية منه كما يقول أحمد زياد في أحد سجالاته هو التقويم. ويعتبر بلعباس الناقد " كالصائغ يميز اللؤلؤ من الحجر والألماس من الزجاج والذهب من النحاس"، ويحكم بين الناس بالقسطاط. فالناقد قارئ خاص يحتل موقع وسيط بين النص والشاعر، والقارئ.
وعبر المؤلف عبد الجليل ناظم عن موقفه من الناقد بلعباس القباج، وقال عنه أنه أول من تناول بالدرس النصوص الشعرية المغربية، وأن نقده نقد " حكمي"، وأنه جريء، وأنه فتح الباب على مصراعيه للثقافة الحديثة الآتية من الشرق، وأنه يعتني في نقده بالمضمون الشعري.
ـ يعتبر المؤلف أن الناقد أحمد زياد امتداد للحركة النقدية التي بدأها بلعباس القباج، واعتبره الوحيد من بين المتفقين الذي اهتم "بمتابعة الشعر المغربي في فترة الأربعينيات والخمسينيات، بينما اهتم باقي المثفقين بمتابعة الحركة الأدبية في المشرق من أمثال : باحنيني وعبد الكبير الفاسي وعبد الله كنون وعبد الرحمن الفاسي، وعبد الله إبراهيم (هذا الأخير في السياسة)
ويرى المؤلف عبد الجليل ناظم أن الناقد زياد ركز انتقاده لشعراء الشباب المتفاعلين مع الثقافة العربية والغربية آنئذ مثل محمد الحلوي وعبد السلام العلوي وعبد الكريم بنثابت، ومحمد لحبابي وإدريس الجــاي. و وأن زياد كان يركز في كل نقد على وحدة النص الأدبي، ويرى أن طبيعة نقد احمد زياد يمتاز "باللهجة الخطابية المفرطة، والمبالغة في توجيه الأوامر والنواهي..."، ويربط بين الحكم النقدي بالقصد السياسي، مع مبالغته في الأحكام الذوقية وذلك بالمفاضلة بين الشعراء بطريقة انطباعية تذكر القارئ بالنقد العربي القديم. وان زياد يؤاخذ على الشعراء الشباب عدم تصوير الواقع كما هو ويريد شعرا له دور في النهضة الاجتماعية والوطنية.
والمؤلف عبد الجليل ناظم وهو يتنبع نوع وقيمة النقد لدى القباج وزياد لا ينقل عملهما بل يدلي برأيه الخاص في عملهما النقي بمقاييسه.
وانتقل المؤلف للمقارنة بين النقد والقراءة أخذ فيه نموذج الناقد الوزاني. هذا الخير في اعتقاد عبد الجليل أنه كان متابعا للحركة النقدية في الشرق العربي، تأكيد (الوزاني) على الوضع الخاص للمبدع مع اعتباره كائنا استثنائيا والنعبر عن الطموح الاجتماعي الإنساني، وانه ميز بين الخطاب الأدبي عن غيره في الخطابات.
ويرى المؤلف أن الوزاني نظر إلى العواطف الأدبية من خلال تحققها داخل النص"، وأنه أعطى للنقد تعريفا يربط فيه بين المستهلك والمنتج ويرى بأن النقد لدى الوزاني يتطلب 3 مراحل:
- امتلاء الناقد بما يقرأ من تجربة الشاعر (قراءة فنية أو نقدية)
- وزن وتقييم عمل الشاعر بميزان ثقافي...
- مقارنة الناقد بين القراءة والكتابة...
ويرى المؤلف عبد الجليل ناظم أن الوزاني يقر بدور الذوق والإحساس تجربة الشاعر أو في تجربة الناقد. معتبرا أن الوزاني قارء جيد للحركة الأدبية في الشرق العربي وأن موقفه في حركة التغيير الثقافي الأدبي كان محدودا "الأسباب عددها، أهمها انه لم يتناول أي نص شعري مغربي بالنقد ولا لأي قصيدة حديثة عن الشرق العربي مع رفضه دراسة الصنعة ومدرسة الطبع ومفضلا نموذج الفطرة.
ومن لم يرى عبد الجليل أن الوزاني لا يخرج من الإطار التقليدي القديم في مجال النقد الأدبي.
- وحين يتناول عبد الجليل موضوع حدود التجديد في المتن النقدي فهو يرى أن نقاد هذه الفترة واجهوا التقليد الأدبي وخاصة المدح المناسباتي المفعم بالتصنع ورغبته والارتزاق والبناء على المؤسسة الرسمية. وهذا فعلا ما لاحظه عبد الجليل ناظم في انتقادات القباج وسعيد حجي...
ويرى عبد الجليل أن كل النقاد حاولوا أن يجدوا صيغة للتخلص من الشعر التقليدي فلم يستطيعوا فكانوا يرون ضرورة المزج بين الشكل القديم بالموضوع الجديد...
في ختام مبحث هذا اعتبر المؤلف أن الفكر النقدي في الأدب وخاصة الشعر انتقل من نقد التقليد إلى محاولة بناء نموذج، ونتيجة ذلك "أن خطاب النقد في مرحلة النهضة لم يكن مجرد صدى لما يروج في الشرق العربي...
وحين تناول المؤلف بالدرس ما أسماه هو كعنوان: "معايير الحكم الأدبي"، وهنا يثور التساؤل حول هذه الجملة. فقارئ عبد الجليل قد يتساءل: هل "تحديد معايير الحكم الأدبي" هو عمل من صنيع النقاد المحدثين أو هو خلاصة استنتجها هو نفسه بعد قراءة كل أنواع النقد المتواجدة حينئذ؟
والمؤلف عبد الجليل ناظم جرد 4 معايير لدى الناقد المغربي للشعر المغربي العربي، وهذه المعايير هي: الطبع ثم الصدق ثم البناء ثم الاحتفال الخطابي.
ففي الطبع كمعيار يقول فيه عبد الجليل أن النقاد المغاربة استندوا على مفهومه لتمييز النص الجيد عن النص الرديء، أي إلحاح النقاد على ضرورة جريان الشاعر مع "السجية التي قيل عليها الإنسان"، وذلك كما جاء في نقد محمد بلعباس القباج الذي قال: "أصبح الناس اليوم ليسوا بأبناء الطبيعة بل أبناء العادة".
فالطبع في نظر المؤلف لنقد النقاد هو روح الشعر، وأن الطبع مستولين: "مستوى الخصائص الفردية ومستوى الصنيع. فالأول يعنى بمصدر القول الشعري أي المبدأ الذاتية والاستعداد الفطري لقول الشعب، والثاني يتعلق بالتحقيق الخارجيبنص الشعري" أي علاقة الشاعر بالطبيعة الملهمة...
- وفي صدق الناقد يقول عبد الجليل أن نقاد هذه الحقبة يرون "تطابق مضمون النص الشعري مع الوقائع العامة" عوض ؟؟؟ والتهريج...
- أما معيار البناء عند نقاد هذه الفترة لتقييم النص الشعري فيقوم على نقد اللفظ في سياقه داخل البيت الشعري.
وذلك انطلاقا من خطأ نحوي أو عروضي أومعجمي كما عند القباج والناقد زياد.
- أما معيار الانتقال الخطابي فهو الجانب البلاغي وحسن اللفظ والمعنى مع الوضوح.
إذن فالمعايير الأربعة السابقة الذكر (حسب المؤلف عبد الجليل ناظم) هي مبادئ عامة استند إليها النقاد للحكم على النصوص الشعرية.
هذا والمؤلف عبد الجليل ناظم علق على هذه المعايير المستعملة من طرف النقاد واعتبرها معايير تعكس صورة تقليدية إحيائية لطبيعة الشعر ودوره التسجيلي في تابعة الأحداث والتعبير عنها تعبيرا آليا"... وهي نظرة تعكس نقدهم للشعراء بنظرة خارجية "ترد المعاني إلى عبقرية اللغة في أزليتها وثبوتها..."،
هذا ويلاحظ المؤلف أخيرا على ان النقاد يؤكدون على المضمون...
- وفي الفصل الثالث من الكتاب تطرف المؤلف عيد الجليل ناظم إلى ما أساه: "مأزق الإبداع"، فشخص المأزق في محاولة النقاد احتواء وامتلاك سلطة الحكم وسلطة الأخلاق وسلطة الدين. والنقاد في نظر عبد الجليل سقطوا في اعتبار أنفسهم حكاما على الشاعر، وسلاطين ومراتبه الأخلاق، وحماة الدين الذين من كل زيغ. وأن فن النقد اختلط على النقاد إلى درجة أنهم أصبحوا هم حكاما وسلاطين ومراقبون لكل عمل يمس قيمة الشعر وقيمة الأخلاق والدين.
فالتحكم بهذه الطريقة النقدية هي التي جعلت (في نظر المؤلف عبد الجليل) عن النقاد يقعون في المأزق.
- بعد "المأزق" الذي سقط فيه نقاد هذه الحقبة في تاريخ النقد الشعري (في المغرب الحديث)، ينتقل بنا المؤلف عبد الجليل إلى موضوع كيفية وماهية الانتقال عن الاحتذاء بالشرق إلى الاحتداء بالغرب.
ويتجلى ذلك في دعوة البعض في هذه الفترة إلى الاقتداء بالأدب الغربي باعتباره نموذجا للإبداع والنهضة.
وفي هذه الفترة من تاريخ الأدب المغربي أصبحت المجلات والصحف تنشر ترجمات للشعراء الفرنسيين والإنجليز من أمثال لا مرتين وكوني وهيكو وبودلير... وأصبح الاستدلال بالشعر الغربي نموذجا للإبداع...
وأصبح الشعراء ينادون باتخاذ الإنتاج الغربي كنموذج للنهضة. ومن تم دعوة النقاد إلى استبدال النمودج الشرقي بالنموذج الغربي...
- هذا هو موقف عبد السلام العلوي وعبد الله إبراهيم وعبد الكريم بنثابت وإدريس الجاي.
وتبعا لذلك أصبح النقاد الشعراء ينظرون للأدب العربي من خلال مقارنته بالأدب الغربي. وأن نموذج الغرب عندهم هو للخلاص من تدني الذوق...
وفي هذه النظرة يمكن ملاحظة أن الشعر العربي كان يرى له كصنعة والشعر الغربي كفن...
ويرى المؤلف عبد الجليل ناظم أن مثاله عبد السلام العلوي "الذي يرى في مسرحية كورني "السيد "Le cide" المعنى الأخلاقي الذي ينتصر للواجب؛ وهذا يناقض التصور الرومانسي الذي يثمن العاطفة وينتصر لها. فمدرسة كورني في نظر عبد السلام العلوي مدرسة لعظائم النفس وثبات الأخلاق.
والمؤلف عبد الجليل يرى أن عبد السلام العلوي قدم للقارئ المغربي كوري "لا لخصائصه الفنية بل كخصائصه الأخلاقية المطابقة لحاجات المجتمع من جهة والمطابقة للأخلاق العربية الإسلامية من جهة أخرى".
وهذا أصبح النقاد الشعراء يحاولون التمرد على مقومات القصيدة التقليدية.
وحين ينتقل عبد الجليل ناظم لمناقشة "مقومات الإبداع الشعري" يرى بأن النقاد يميلون للنزعة الفردية" ذات أهمية في تصور الشعراء لعملية الإبداع.
كما أن الحرية هي الأخرى اعتبرت من طرف النقاد خاصية للإبداع والتجديد.
ومن جهة أخرى فان النقاد في هذه الفترة كانوا ينقدون الشعراء من منطلق الغاية الجمالية "باعتبارها مقوما مميزا للنص الشعري".
يقول المؤلف عبد الجليل أن نقاد الشعر "ربطوا بين الشعر وباقي الفنون كالموسيقى والرسم والمعمار بواسطة هذه الغاية المشتركة، ويذكرنا هذا الربط بفلسفة الجمال عند كانط..." ويسوق المؤلف ملاحظة إدريس الجاي الذي يرى أن نزاعة بودلير في ديوانه "أنهار الشر" لا تكمن في موضوع النثر، بل تكمن في أنه خلق من القبح جمالا وإبداعا بفصل تورة الخيال وبفصل روحه الشاعرة"، وأن نفس الغاية الجمالية للنص الشعري سطر عليها عبد الكريم بنثابت حين كتب عن بودلير.
ويرى المؤلف أن "السعي إلى الجمال سعي غريزي في طبيعة الإنسان الذي يسعى في حياته إلى الكمال والسعادة في كل شيء..."
وان "السعي إلى الجمال يتناقض مع الغاية النفعية". من جهة أخرى يرى عبد الكريم ناظم أن المتن النقدي للشعراء في هذا الحقبة رفع من شأن الخيال واعتبره مقوما حاسما للغاية الجمالية في الشعر..."
ومن مقومات الإبداع الشعري يذكر المؤلف عبد الجليل خاصية تطرق لها النقاد ألا وهي "الوحدة الجوهرية للشعر"، أي وحدة النص.

خاتمة المؤلف عبد الجليل ناظم :
فعلا، خاتمة المؤلف لكتاب " نقد الشعر في المغرب الحديث" لم تتعدى صفحة واحدة ذكر فيها الحضور الفعلي الثقافي المتنوع للخطاب النقدي المغربي الذي خلق الوعي بالظاهرة الأدبية والنقدية المتأثرة بالشرق العربي وبالغرب الأوروبي. لكن هذا الحضور انقطع وتعثر ثم توقف ونسي لأسباب وبأشكال فردية ومختلفة و متعددة. فرواد النقد الشعري شعروا وأحسوا " بالمآزق التي تواجه الوضع الثقافي المغربي وبالتالي محاولتهم إيجاد حل للضغط التاريخي والواقعي. وأن نفس الإشكالات النظرية والمعرفية والبنيوية التي تحكم الوضع الثقافي ما تزال قائمة، وبالتالي وجب استعادتها.
وبعد الخاتمة اختار لنا المؤلف عبد الجليل مجموعم من نمادج النصوص النقدية المطروحة آنئذ في المتن النقدي بالمغرب الحديث.

في قراءتنا لفائدة ومزايا ومحاسن هذا الكتاب حالا ومستقبلا :
ـ الكتاب الذي قرأته لي ولكم يعد مرجعا في فهم ودراسة نشوء أدب النقد الشعري بالمغرب بين 1930 و 1956.
ـ هو مثال البحوث الجادة والمفيدة للدفع بقيمة الشعر والنقد والبحث في النقد المغربي.
ـ فأي طالب أو متتبع للأدب والثقافة المغربين، خاصة من لديهم ملكة ونفحة الشعر، لابد أن يقرأ هذا الكتيب رغم أنه مختزل في شرحه وتفصيله بما لا يزيد عن 122 صفحة.
إذن هو كتاب يستحق القراءة المتمعنة. فهو ممتع وغداء للراغب في معرفة تاريخ ومحتوى أسس الأدب والثقافة االمغربية. كما أنه يرسم الإرهاصات الأولية للنقد الشعري المغربي.
أستسمح بالقرب من عبد الجليل ناظم إن لم أفهم كل ما نثره وكل ما حلله وكل ما ضمنه في كتابه الممتع...
وأستسمح للقراء لعدم نقل كل ما قرأت لأن وقتي ضيق وإمكانياتي الفردية محدودة...
وأطلب أيضا سماحة لي ورأفة بي لعدم ذكر كل مؤسسي ورواد النقد الشعري بالمغرب الواردة أسماؤهم بالكتاب الذي قرأته لا كدارس أو منتقد بل كقارئ مستمتع بعطاء الآخرين بمقابل بسيط.
إذن كل التنويه والإحترام للمؤلف والباحث والمجتهد عبد الجليل ناظم. وأتمنى أن يقرأ كتابه هذا بجدية المتخصص في النقد والأدب والمثقف عامة. وهو عمل يرفع من مستوى الثقافة والأدب العربي والمغربي والعالمي الإنساني، خاصة أن العلوم الإنسانية ظلت إلى وقت قريب ( بالدول العربية) مهملة مجهولة الهذف والنفع.
تحية لكم من القارء الحايل عبد الفتاح الحايل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما