الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة فصائلية متطلب حالة أم هروب

سامي الاخرس

2019 / 1 / 30
القضية الفلسطينية


حكومة الفصائل متطلب حالة أم هروب
حالتنا الفلسطينية تمر بحالة من التخبط والعشوائية في ظل غياب البرنامج الموحد، والسياسات الوطنية الاستراتيجية مع سيطرة سلطة الحزب الواحد على مقدرات النظام السياسي الفلسطيني عامة، والحالة الانشطارية التي تعيشها الجغرافيا السياسية المتآكلة أصلًا بفعل الاحتلال من ناحية، وبفعل سيطرة السيادة الحزبية من ناحية أخرى، وهي حالة قديمة حديثة لكنها لم تصل لمرحلة الانشطار الجغرافي، حيث كانت في السابق هي حالة انشطارية سياسية. لذل فإن الجغرافيا السياسية الفلسطينية تمر بمرحلة يمكن توصيف قواها أو نظامها السياسي وفق عوامل توصيفية دقيقة بالتالي:
أولًا: قوى التسيد والتغول السياسية التي تحكم قبضتها على جغرافيا الوطن بشطريه من جهة، واقتصاد الوطن من جهة أخرى، وقبضت على مقدرات الشعب الفلسطيني وسيادته وفق ما يتماهى مع مصالحها الحزبية.
ثانيًا: قوى تصطف بين القوتين، وهي القوى التي تحاول أن توازن بين مواقفها الوطنية ومواقفها الحزبية من القوى السيادية السابقة، أي القوى التي يمكن توصيفها بقوى الميوعة السياسية.
ثالثًا: القوى المصطنعة وهي القوى اتلتي تدور في فلك القوى السيادية أي المتطفلة على هيكلة النظام السياسي والتي تم صناعتها لترجيع كفة أحد القوى السيادية في مؤسسات النظام السياسي.
أمام هذه الأبجديات العامة، والجزيئيات الخاصة هناك قوى كبرى على مستوى الإقليم تتماهى في مسيرة استمرار الحالة الفلسطينية المتخبطة، والدفع بها للوصول إلى نقطة الملتقى وهو تمرير ما يخطط للقضية الفلسطينية في الإطار العام، وعليه فإن حالة التخبط العشوائي تزداد تفاقمًا وتأزمًا في واقع النظام السياسي الذي لم يعد له قوانين وملامح تحكمه وتضبطه، وتنظم العملية المؤسساتية المنهارة سياسيًا، والتي تصطدم بالسلطة اليادية الحزبية الطرف الأقوى، فتكون مؤسسة عاجزة وظيفية تابعة غير مؤهلة للقيام بواجباتها ومسؤولياتها الوطنية، وهو ما حدث مع حكومة الدكتور رامي الحمد لله التي أطلق عليها حكومة الوفاق الوطني رغم إنها لم تمثل ألوان الطيف السياسي الفلسطيني، ولم تمثل صوت الشعب الفلسطيني، بل ذهبت بعيدًا في محاولات الإنحار في بقعة حزبية جغرافية معينة، والإلتزام بخط السياسات السيادية للحزب السيادي الذي تقع ضمن سلطاته ونفوذه، حتى كان القرار السيادي الحزبي بإقالة الحكومة وهي حالة حدثت سابقًا مع حكومة الدكتور سلام فياض سابقًا.
بعد قبول الرئيس محمود عباس استقالة حكومة رامي الحمد لله، وهي استقالة شكلية لحفظ ماء وجهها بعد قرار اللجنة المركزية لحركة فتح، بدأت أصوات تنادي بحكومة تحت عنوان(حكومة الفصائل) أو حكومة( منظمة التحرير)، وهي بمثابة حلوول مؤقتة حسب وجهة نظر من طرح هذه الأفكار في الوقت الذي يدرك طارحوا هذه المقترحات أن المسمى لا يمكن أن يمثل المضمون، وذلك لأسباب ظاهرة غير خفية، أولها أن هذه الحكومة لن تستطيع التماهي مع المتطلبات الوطنية والشعبية بل تبقى خاضعة للسيادة الحزبية المطلقة بما أن معظم الفصائل السيادية أو المستوى الثاني ترفض المشاركة في مثل هذه الحكومة لمسببات سياسية حزبية داخلية خاصة بها وعلى سبيل المثال (الجبهة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي) اللتان ترفضان بالأساس المشاركة بأي حكومة منذ عام 1994، ثانيهما أن حركة حماس وهي الحزب المتسيد الآخر للمشهد الفلسطيني لن يشارك في حكومة يدرك إنها ستحد من تسيده الحزبي في منطقته الجغرافية بشكل مطلق.
إذن فأي حكومة فصائلية يمكن الحديث عنها في ظل الحالة الواقعية ما هي إلا حالة فرض سيادة حزبية بالإشتراك مع بعض الفصائل الوظيفية التي تدور في رحى المتسيد. وإن تجاوزنا المسمى وطرحنا فكرة حومة منظمة التحرير الفلسطينية يمكن اسقاط ما سبق على نفس الصياغة والمسمى التي لا يمكن لها أن تحمل الفكرة أو الهدف الفعلي بما أن فصيلين رئيسيين (حماس والجهاد) خارج تركيبة منظمة التحرير وبالتالي خارج تشكيل الحكومة، ولا مؤشرات على امكانية تغيير المواقف حاليًا، أضف لذلك حالة الانشطار والخلافات السائدة داخل م ت ف وبين فصائلها في أعقاب دورة المجلسين الوطني والمركزي الأخيرتين، ورفض مشاركة الجبهة الشعبية ومن ثم نشوب التباينات مع الجبهة الديمقراطية والعقوبات المالية المفروضة عليهما من قبل اللجنة التنفيذية وحرمانهما من مخصصات الصندوق القومي، بما يعني أن هذه الحكومة لن تكون مؤهلة لتحقيق أي أهداف نظرًا للتالي: أولًا: عدم تمثيل حركتي حماس والجهاد الإسلامي في تشكيل الحكومة وعلى وجه الخصوص حماس الطرف المتسيد للسيادة السياسية والجغرافية في غزة وتعتبر نفسها رأس النظام السياسي الفلسطيني بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة.
ثانيًا: رفض مشاركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين المشاركة في الحكومة وهي الفصيل الثاني في مؤسسات م ت ف، وتحفظ الجبهة الديمقراطية الفصيل الثالث نظير خلافاتها مع قيادة المنظمة.
إذن فالمقترحات ما هي إلا حالة التفافية على العجز الوطني العام، وفرض السيادة الحزبية بالإستقواء بمسمىات قوى غير وازنة في النظام السياسي الفلسطيني.
بعد تشخيص الحالة الفلسطينية يفرض سؤال حتمي ما هو المخرج الواقعي للأزمة الفلسطينية أو لحالة التشظي الفلسطينية؟
في معرض الاستعراض العام للإجابة لدينا إجابتين الأولى التقليدية المتعارف عليها بديهيًا والتي يتداولها الجميع ولا مفر من طرحه ألا وهو (المصالحة الفلسطينية) ومن ثم الإنتخابات العامة، وهما الشكل التقليدي الذي يأتي من باب تسجيل مواقف وطنية واعية منطقية ظاهريًا وغير منطقية واقعيًا، ولكن هل هذا الحل التقليدي والفرضية التقليدية قابلة للانسجام والتحقق مع الواقع الحالي؟ في ظل تلك الوقائع والحالة المفروضة فإن فرص تحقيق مصالحة وطنية حقيقية أمر طوباوي لا يمكن البناء عليه، حيث لا رغبة محلية أو اقليمية أو دولية في اتمام هذه المصالحة التي لن تكون في صالح أي طرف من الأطراف الثلاثة، فالوقى الحزبية السيادية في واقعنا المحلي لن تستطيع ممارسة التسيد الحزبي إن تغيرت موازين القوى الحزبية في الساحة الفلسطينية، وعليه فهي لا تسمح بتغيير هذا الواقع إن لم تستمر في بسط سيادتها وفق مصالحها الحزبية، أما على المستوى الإقليمي فإن حالة التشظي الفلسطينية تخدم مصالح وأهداف القوى الإقليمية المتصارعة على الإقليم في المرحلة الراهنة، وأي تغيير في الخارطة السياسية الفلسطينية يعتبر هزيمة لحلف إقليمي على آخر، أما الحالة الدولية فهي أيضًا في حالة إعادة رسم خارطة المنطقة ومناطق السيطرة والنفوذ والهيمنة ويتحتم عليها استمرار ما هو قائم لتنفيذ رزنامة الحلول بشكل نهائي بعدما تتهيئ البيئة الأوسع. إذن فأي حلول تنطلق من واقع تغيير المعادلة القائمة على الجغرافيا الفلسطينية وفق دراسة سلوك الحزبين السياديين هي حلول غير واقعية، وغير منطقية في المرحلة الراهنة، وفي تلك الأجواء. وعليه فأي محاولة استباقية لإعلان انتخابات في ظل هذا الواقع هو من باب المناكفة السياسية والاندفاع للأمام فقط.
أدرك تمامًا أن هذا المقترح سيجد سعارًا مضادًا ونقدًا، ولكن هو السبيل الوحيد لرفع الغبن عن الشعب الفلسطيني الذي أصبح أسيرًا للتسيد السياسي الحزبي، والتغول الاقتصادي للحزبين، وأن كلًا منهما لا تتوفر لديه أي استعدادية للتنازل عن نفوذ تسييده السياسي والاقتصادي على الجغرافيا والسياسة، أو التفاعل مع الحالة الوطنية عامة، بل التفاعل يكون وفق مقتضيات المصلحة والمصالح الحزبية لكل طرف منهما وعليه لا سبيل لإنقاذ شعبنا الذي تم أسر وعيه في بوتقة حزبية دون الوطنية عامة، إلا بتشكيل حكومة (محاصصة) سياسية بين الحزبين السياديين يتقاسما فيه الحكومة المستقبلية المرحلية الإنتقالية، حتى يتم الإتفاق على انتخابات وطنية شاملة وفق مفاهيم المحاصصة والشراكة التي ربما تكون قد نضجت خلال المرحلة الانتقالية وأصبح لها أفق بأن تعود للشعب الفلسطيني الذي يخضع لعملية استقطاب للوعي الحزبي.
د. سامي محمد الأخرس
30 يناير 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا