الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مادة إنشاء- من حكايات الحي القديم

فلسطين اسماعيل رحيم
كاتبة وصحفية مستقلة

(Falasteen Rahem)

2019 / 1 / 31
سيرة ذاتية


المعلمة التي فطنت إليّ في يوم قديم جدا من أيام المِحنة الاولى ، حين كانت البراءة ملازمة للجمال ، كان درس الإنشاء أحب الدروس إلى قلبي ، ووجه الست وداد كان يقطر بالحلم والحنان ، حين طلبت ان نكتب عنوانا عن الحرب على لوحة الصف الخضراء ، كنّا نتبارى انا وتلك الفتاة الحادة الذكاء والاشطر في فصل المدرسة والتي تملك صوتا فضيا يشبه صوت النايات القصبية التي يلعب بها اولاد القرية ، كان أسمها ليلى مراد ، اسم مطربة، غير ان ليلانا الجميلة الذكية ذات الصوت الملائكي أنفرطت من مسبحة الحياة كما سمعت من بعد وكانت لها نهاية تقليدية ، خيبت كل توقعاتي لها ، كنّا انا وليلى نتبارى في كتابة المقتطفات التي يمكن ان تصلح مادة أنشائية تسوق الدرس إلى فضاءات المعركة التي يحتشد فيها الأبطال حيث ينتصرون ويستشهدون في النهاية ، لتبكيهم الحبيبات من بعد ، وعندها تنتهي الحرب ، لم نك ندرك ان الحرب أطول مما كنّا نتوقع ، وان الأبطال لا يكفوا حطبا لها ، حين كتبت في تماد طفولي تماما ان الحروب تصنع الحب العظيم ، لم أكن اعرف عماذا اتحدث ، وشعرت بالحرج حين طلبت إليّ معلمتي ان اشرح قليلا عن موضوعي وهي تضحك بخبث لتكشف عن خجلي الذي يخنق صوتي بعكس ليلى الواثقة كنخلة من نخيل أبي ، قلت اني قرأت ذلك في جريدة او ربما كتاب ، ربما كان ذلك صحيحا ، لكنني في وقتها كنت اكذب حتما ، كنت اريد كسب ود معلمتي التي كانت تفتن في تعابيري الصغيرة المليئة بالاخطاء النحوية ، وأعدت بخجل صار صفة متأصلة في ، حين تكون الحروب يكون الحب عظيما
لان الحرب تعني الموت ، والحب هو الحياة ،

غنت يومها ليلى عن الحرب أغنية جميلة وغنت للحب ايضا وللوطن ، الفكرة ذاتها كتبتها يوما في دفتر انشاء لمرحلة الإعدادية وكاني كنت اشرح للست وداد التي لم ألتقيها من بعد مطلقا ، قلت لها ان الحرب تعني الموت حقا وتعني أن لنا اعمار قصيرة
لذلك لا وقت لدينا للقراءة والدراسة ولا للعمل والمستقبل ولاحتى
للزواج والاطفال او الدفاع عن الوطن
العمر القصير يصلح فقط للحب ،

حين علقت الست رجاء وكانت معلمة العربية للخامس ادبي ، هل تحبين إذن ؟ خجلت في طفلة الابتدائية واذكر اني عدت لادعائي القديم وقلت اني قرئتها في مكان ما ، لكن ست رجاء لم تصدق ، وسخرت مني ، اذكر ان الست وداد كتبت لي في دفتري يومها عبارة عاشت في وجداني دائما كتبت لي : فلسطين سيكون لها مستقبلا جميلا ان طال عمرها اكثر قليلا .
حتما انها لم تكن تعرف ان الحرب ايضا كانت أطول مما نتوقع وَمِمَّا كنّا نخطط لها ، حتى أنها أكلت كل ابطالنا وشهدائنا وانتصاراتنا ولم تترك لنا شيئا لنحبه، وحتى انها لم تهدء بعد

من حكايات الحي القديم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم