الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهج التغيير في التركيبة السياسية للكنيست بات ملحا

نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)

2019 / 1 / 31
المجتمع المدني



نهج التغيير في التركيبة السياسية للكنيست بات ملحا

البشر هم مادة التغيير وهم صُنّاعه

نبيل عودة

خطوة عضو الكنيست الدكتور احمد طيبي اثارت وستثير في الأيام القادمة الكثير من التعليقات بين مؤيد متحمس ومتردد لا يرى حقائق الواقع السياسي في مجتمعنا، تماما كما كان الحال مع خوض علي سلام انتخابات الرئاسة لبلدية الناصرة، بعد ان انقلبت عليه الجبهة في الناصرة. علي سلام اثبت ان طريق التغيير، غيرت كل المفاهيم عن الخدمات البلدية، وعن العلاقة بين البلدية والجمهور. وانا على ثقة ان الدكتور احمد طيبي سيكون له التأثير السياسي الملح والضروري في الظروف السياسية المعقدة التي نواجهها كمواطنين وكفلسطينيين!!

تاريخ الأحزاب في العالم واسرائيل ضمنه، رغم انف نتنياهو، ومن يظنون انفسهم الحزب الأبدي الوحيد الدائم للجماهير العربية في اسرائيل، يظهر لمن يراجع هذا التاريخ، الكثير من النماذج التي تمثلت بأحزاب ودول ونظريات سياسية، ارتفعت في بعض المراحل الزمنية لكنها ركدت وجمدت في مراحل أخرى ثم سقطت، او هي في طريق السقوط والاضمحلال. احسن نموذج في اسرائيل هو حزب العمل الذي كان يسمي نفسه حزب مباي القادر على كل شيء. فها هو اليوم ، حسب استطلاعات الرأي لا يحصل الا على 6 مقاعد في الكنيست، بكلمات اخرى دوره السياسي والاجتماعي كقوة مؤثرة في المجتمع الذي كان له الدور الفاصل في بنائه وتطويره تلاشى نهائيا. وهذا لم يحدث في فراغ، بل نتيجة سياسات خاطئة، وفقدانه للمبادرة السياسية الضرورية في واقع اسرائيل والشرق الأوسط عموما. قطف قادة العمل رؤوسهم امام سياسة اليمين العدوانية والاحتلالية، وامام النهج الاقتصادي الخنزيري الذي نفذه الليكود.

في جبهة أخرى اكثر اهمية وتأثيرا عالميا، نجد ان دولة عظمى مثل الاتحاد السوفييتي، قد سقطت أيضا، وسقط حزبها الشيوعي الذي كان يعد عدد اعضائه بعشرات الملايين، لكن لم يتحرك أي عضو لحماية نظامه وحزبه من السقوط والاضمحلال، لأن العضوية كانت شكلية ودافعها مصالح شخصية.او تغطية انتهازية ومكاسب على حساب الشعب.

اليوم لا يشكل الحزب الشيوعي الروسي، الوريث الشرعي للشيوعي السوفييتي الا بضعة الاف من الأعضاء في دولة عدد سكانها يبلغ 150 مليون نسمة. ومأساة الحركة الشيوعية، برزت أيضا باضمحلال تأثيرها وقوة احزابها في دول العالم المختلفة.

كتبت هذه المقدمة لأوضح ليس عدائي للحركة الشيوعية، وفكرها الاجتماعي، ونضال الشيوعيين، ودور برلمانييهم في الكنيست او برلمانات دول اخرى، انما لأقول امرا اساسيا يجب توضيحه، وهو ان الجمود السياسي في أي دولة، او مجتمع انساني، له مضاره العظيمة على تطور المجتمع وفكره بجميع المجالات.

منذ اقامة اسرائيل ، والشيوعيين يلعبون ادوارا مركزية هامة، لكن نهجهم بقي على حاله، تنظيمهم رغم مآسي تفكك عالمهم العظيم، لم يتغير، اصبحوا بحاجة الى رؤية جديدة، خطاب سياسي جديد، وطرح فكري متغير حسب الظروف المتغيرة. الخطاب الشيوعي الذي كان جيدا وملائما في سنوات الخمسين والستين والسبعين من القرن الماضي فقد بريقه، ويتواصل حتى اليوم بنفس الفكر ونفس الشعارات ونفس المفاهيم ونفس الخطاب. لم يجر استيعاب ان تكرار المواقف نفسها التي لم تقد الا لنفس السقوط والفشل، لن يقود الا لنفس الفشل.

وفي ضوء تجربة البشرية التاريخية، يبرز بدون أي شك ان ظاهرة التغيير واجهت كل الامبراطوريات المندثرة امثال الاغريق والرومان والفرس والفراعنة... الخ، ولعل ابرز واخطر ما يجذبنا في قراءة الاحداث والمتغيرات بان البشر هم مادة التغيير وهم صُنّاعه، وهذا ما يجب ان يكون واضحا ايضا فيما يجري في مجتمعنا العربي داخل اسرائيل، نحن لسنا الشواذ عن القاعدة. لذا اصرار بعض الشخصيات على تكرر انه لا مفر عن الجبهة او عن القائمة المشتركة في انتخابات الكنيست هو طرح عبثي غير مبرر الا بميول ذاتية تفتقد للوعي والفهم لتاريخ التحولات العظيمة، اقول بصراحه انه ينقصهم فهم حركة التغيير واهمية التغيير في احداث التحولات الايجابية في حياة المجتمعات ، وتطور قدراتها الفكرية في مواجهة أي حالة من الحالات الطارئة، بما في ذلك الحالات السياسية او الرد السياسي على فكر الحرب والاحتلال والتمييز القومي، كما هو حالنا في الواقع الاسرائيلي.

ان المجتمع الراكد غير المتغير ، المتجمد بمكانه في فكره ونشاطه منذ عقود طويلة، يبدأ بمواجهة حالات مستعصية، ليست شرطا بمجال السياسة فقط، بل بالفوضى التي تهدم بنيانه الاجتماعي، وللأسف، هذا ما يواجهه مجتمعنا اليوم، وسيكون حالنا اكثر مأساويا اذا تواصل الركود وعدم فهم ضرورة التغيير .

من هنا رؤيتي ان ما قام به عضو الكنيست، الدكتور احمد طيبي، من اعلان خروجه من المشتركة، وخوضه الانتخابات بقائمة مستقلة مع حلفاء نجحوا هم ايضا باحداث تغيير هام في بلداتهم واخص بالذكر رئيس بلدية الناصرة علي سلام وما احدثه من تغيير في النهج البلدي، هي اشارة الى روح التجديد، روح اعطاء افاق جديدة للجمهور. طبعا لا نتوهم بالواقع السياسي وسيطرة اليمين، لكننا يجب ان نطور خطابا بمفاهيم جديدة لمواجهة اليمين في عقر داره ايضا، وليس بشعارات مللنا من سماعها وترديدها، وانا ادعي ان المجتمع اليهودي ليس اصما عن الواقع داخل اسرائيل، لكن صوتنا الذي يصله لا يطرح امامه ما يستحق التفكير ومراجعة النفس لفهم الحقائق من زاوية الطرح العقلاني غير المعادي وبدون سحجة الشعارات التي تبعد عنا العقلانيين من اوساط هامة جدا في المجتمع اليهودي. أي بكلمات اخرى، يجب بناء خطابنا السياسي ، بدون انهزامية، وبطرح فكري وليس بطرح عشوائي ، وبدون ذلك لن نكون قادرين على احداث التغيير الذي نصبوا اليه، وعلى ارباك السياسة الرسمية العنصرية والاحتلالية.

المجتمع المتغير يجب ان يكون التغيير من ذاته، وهذه هي الخطوة الهامة للدكتور احمد طيبي، وهي نفس الخطوة الهامة في بلدية الناصرة، التي ارى اهمية اعتبارها نموذجا للتغيير الذي نصبوا اليه كلنا سياسيا اقتصاديا واجتماعيا. أي ان ما كان غائبا بالسابق هو وجود شخصيات عربية مركزية تعطي دفعة الى الأمام.. وهذه الشخصيات تفرض نفسها اليوم!!

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟