الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الصراخ ليس هو عين الصواب
محمد بلمزيان
2019 / 2 / 1مواضيع وابحاث سياسية
ظواهر أصبحت تثير انتباه العادي والبادي لطريقة مناقشة البعض للقضايا التي يكونون مدعوين للمشاركة فيها في اللقاءات المفتوحة ، بمقرات الأحزاب السياسية أو الإطارات الجمعوية، وفي برامج لقنوات إعلامية محلية أو دولية معروفة، حينما تكون مداخلات البعض على عكس الآخرين، فتلاحظ وثيرة صوتهم أعلى بكثير، رغم أن الفضاء يكون هادءا ولايدعو الأمر الى الزيادة من وتيرة الصوت على شكل صراخ أحيانا، صوت زائد بشكل واضح عن اللزوم والإعتياد .
فقد يقع البعض أو الكثيرين أسرئ طريقة هذا المشارك أو المحاور الذي يختار منهجية معهودة لديه ولربما محبذة ،فتلتقط آذانهم كل ما تلفظه شفاهه من عبارات تبدو مع نبرات الصوت ساحرة، يعتبرونها عين العقل والحقيقة، خاصة وأن الرفع من الصوت الى درجة الصراخ يجعل المتتبع يقع فريسة خطاب أي خطاب، مفروض عليه الإنتباه، وبنبرة صوتية مثيرة، وكأن صاحبها يريد أن يقدم شيئا مفاجئا واكتشافا فريدا لا يعلمه غيره،على خلاف المشاركين معه من زملائه المشاركين في المنصة او البلاتو أو المتتبعين من الجمهورالحاضر أو المشاهدين على اختلاف جنسياتهم ومواقعهم الجغرافية، مع العلم بأن هذه الطينة من الذين نلفي عينات منهم كثر في حياتنا اليومية، أشبه بأولئك الذين كسدت سلعهم في السوق الأسبوعي ويلتجؤون الى الصراخ كأسلوب لإثارة انتباه المارة والمتسوقين الذين لم ينتبهوا الى وجوده في السوق، على شكل دعاية جاذبة لأكبر عدد من الناس الذين يمكن أن يفتتنوا أوعلهم يقبلون على شراء وقبول سلعته المعروضة للبيع.
لكل خبراء علم النفس له رأي آخر في هذا المضمار، إذ يربط أحيانا بين استفحال حالة الشك ورفع الصوت وعدم اليقين لصاحب الخطاب الذي يتعمد الى الكلام بصوت مرتفع وعلاقته بالثقة بالنفس وطبيعة الشخصية، وبين الأفكار التي يريد إيصالها الى الحاضرين من حوله أو المشاهدين والمتتبعين بعيدا أو قريبا،حيث يريد أن يصفي نوعا من المشروعية والحقيقة الساطعة من خلال الصراخ، لعلمه في قرارة نفسه بأنه الأسلوب القادر على النفاد الى أذهان المشاهدين، لزعزعة قناعاتهم وزرع نوع من الشك في القناعات الشخصية، والبداهات التي قد تكون مترسبة في أذهاننا ،ذكرتني هذه الظاهرة التي غالبا ما نعيشها يوميا،في حياتنا، بواقعة قرأت عنها بين صفحات مجلة الطريق أثناء انعقاد ندوة فكرية عقدت خلال سنوت الثمانينات نظمتها تلك المجلة اللبنانية، وقد استدعت اليها مفكران معروفان، لا داعي لذكرهما، فغصت القاعة عن آخرها، فكان أحد هذين الضيفين أثناء تدخلاته، يرفع من صوته بشكل مثير، يصل الى فرض سلطة صوته وإجبار الكل على متابعته لما يقول، ولا يدع مجالا لأحد بأن يفتح نقاشا جانبيا أو ثنائيا، في حين أن الثاني كان يتدخل يكل هدوء وبصوت خفيض لايكاد أن يسمع من هو جالس في الصفوف الخلفية، وقد انقسمت القاعة بين من يناصر صاحب الصوت المرتفع وبين من يناصر صاحب الصوت المنخفض، وأثناء استراحة شاي، توجه بعض المناصرين للطرح الذي دافع عنه صاحب الصوت المنخفض،وهم متجمعين حوله، وعابوا عليه عدم رفع صوته أيضا، وكم كانوا يتمنون أن يصرخ هو أيضا كما كان يفعل زميله، لكن صاحبنا ابتسم كثيرا، وقبل أن تستأنف جلسة الندوة أسر لهم بأنه واثق من ما يقول فلاداعي لإزعاج الناس بالصراخ، لأن هذا الأخير دليل على أن ثمة خلل لدى صاحبه إما أنه يعاني من صعوبة السمع أو خلل في الأفكار والمعلومات التي يريد أو يوزعها على السامعين والمشاهدين من حوله.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. صحف فرنسية : -العرجاني من تهريب أسلحة عبر الأنفاق إلى احتكار
.. السعودية.. تنظيم عملية خروج ملايين الحجاج من الحرم المكي تثي
.. غارات إسرائيلية على حلب تقتل أكثر من 40 عسكريا سوريا.. ما ال
.. المرصد السوري: أكبر حصيلة من القتلى العسكريين السوريين في غا
.. شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري