الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استراتيجية العلاقة بين حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني الحلقة الثانية

صالح بوزان

2019 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ما هي العلاقة الفعلية بين حزب الاتحاد الديمقراطي Pyd وحزب العمال الكردستاني pkk؟ ولماذا يتم تركيز بعض الجهات الكردية أن أحدهما فرع للآخر؟ وما هو المشترك والمختلف بينهما؟
نعرف أن كوادر سوريين من حزب pkk هم الذين شكلوا حزب Pyd في سوريا بعد اعتقال عبد الله أوجلان. هذا ما صرح به أوصمان أوجلان شقيق عبد الله أوجلان عدة مرات، ولا ندري مدى صدق ما يقوله. لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن أوصمان أوجلان منشق عن pkk، ويتهجم عليه في كل تصريحاته. وربما يكون في انتقاداته بعض الحقائق لكونه كان في قيادة هذا الحزب في قنديل. ومع ذلك نجد في تصريحاته بعض السذاجة والمحاولة المقصودة أن يقول بما يرضي قيادة أربيل ولا سيما شخصية السيد مسعود البرزاني لأنه يعيش في كنفه.
لا يمنع هذا الاستطراد من القول أن حزب Pyd تشكل في سوريا برضى النظام السوري، أو بغض الطرف منه. نعلم أن اتفاقية أضنة الأمنية عام 1998 فرضت على الطرف السوري تحت التهديد. وكان لزاماً على الطرف السوري أن يبرئ ذمته أمام الأتراك تجاه pkk بمنع نشاطه في سوريا خضوعاً لشروط تلك الاتفاقية. قام النظام السوري بعد الاتفاقية باعتقال بعض كوادر هذا الحزب، وسلم الكرد الأتراك منهم إلى تركيا. لكنه في الوقت نفسه لم يكن مطمئناً لتركيا. فأراد أن يكون هناك حزباً بديلاً عن pkk بتسمية أخرى للتمويه ويقوم بنفس مهامه. في البداية اقترح تشكيل حزب بقيادة الكردي الدمشقي زركي. لم ينجح هذا الشخص في تجميع كل كوادر وجماهير pkk في سوريا تحت لواء حزبه. فمن ناحية ظهر امتعاض لدى كوادر وجماهير الأبوجية ضد شخصية زركي لكونه أحد الآغوات، في الوقت الذي يعتبر أغلب الأبوجية من فقراء الكرد وبنكهة يسارية ضد الاقطاع نتيجة ثقافتهم الماركسية السابقة، ولو أن هذه الثقافة كانت سطحية لدى أغلبهم. وثانياً أن زركي عميل لآصف شوكت وليس رجل عبد الله أوجلان زعيمهم. وبالتالي ثم تشكيل Pyd كحل وسط حسب ما يدعي أوصمان أوجلان.
لو عدنا إلى البرنامج التأسيسي لهذا الحزب الذي تشكل عام 2003 نجد أنه حزب يساري يتمركز على الحقوق الثقافية لكرد سوريا ولا علاقة مباشرة له بحزب pkk سوى تمجيده لعبد الله أوجلان. من الناحية العملية كان صورة طبق الأصل عنه، ونشط على مساره بأن النضال المركزي هو في كردستان تركيا. تابع هذا الحزب ارسال الشباب والشابات الكرد السوريين إلى قنديل كمقاتلين ضد الحكومة التركية، واستمر في جمع التبرعات لحزب pkk. بدأ جانبه الكردي السوري يظهر رويداً رويداً بحكم الواقع والأحداث. شارك هذا الحزب في انتفاضة الكرد عام 2004 ضد النظام السوري بفاعلية كبيرة. فهو الذي نقل الانتفاضة من قامشلي إلى كوباني وحلب وعفرين وزورافا في دمشق. حدث الانعطاف الأكبر تجاه الشأن الكردي السوري منذ بداية الثورة السورية حيث عادت الكوادر الكردية السورية من قنديل إلى الوطن مع بعض الكوادر الكردية ذات الخبرة العسكرية من كرد تركيا وايران. لم تكن عودة هؤلاء إلى سوريا لمتابعة استراتيجية pkk ضد الدولة التركية، وإنما كان الهدف وضع وتنفيذ استراتيجية تتعلق بمصالح الشعب الكردي السوري. فباتت التبرعات التي يجمعها تدخل في خزينته لتلبية احتياجاته وليس لإرسالها إلى قنديل. كما انقطع إرسال الشباب والبنات الكرد إلى قنديل كمقاتلين وإنما من أجل تشكيل قوة ذاتية لحماية الكرد في سوريا. ومما لا شك فيه أن الكوادر العسكرية الذين جاؤوا من قنديل لعبوا الدور الأساسي في تشكيل وحدات حماية الشعب والمرأة لما لهم من خبرة عسكرية كبيرة في التدريب والتنظيم وحرب العصابات.
عندما استلم Pyd المناطق الكردية من النظام أصبح بحاجة إلى قوة حماية أكثر تنظيماً وعدداً، كما أصبح بحاجة إلى كادر اداري لتنظيم شؤون المجتمع. لا بد القول هنا أن حزب Pyd كان يفتقر للكادر الاداري. ففي الوقت الذي استطاعت الكوادر العسكرية العائدة من قنديل تنظيم القوة العسكرية، لم يتوفر للحزب الوقت الكافي لإعداد الكوادر الادارية. وبالتالي كان يقلد النظام السوري في الادارة مع كل السلبيات الادارية للنظام، إلى جانب أخطاء عشوائية عديدة ظهرت من خلال العمل. لا بد اقرار حقيقة، وهي أن هذا الحزب لم يكن في تفكيره يوماً أنه سيصادف مهمات من هذا النوع في المستقبل. كان أغلب كوادر الحزب مجرد منفذين للمهام وليس ممن يخططون لها. ويبدو أن هذا العامل بالذات كان وراء كل أخطاء وحدات حماية الشعب والأسايش والسلك الاداري. وهكذا لاحظنا التخبط في البداية ليس بالشعارات فقط وكذلك في العمل الميداني. ومع تطور المهام وتطور الأحداث في سوريا تعددت الأطروحات النظرية وتغيرت الخطوات العملية إلى أن استقر الحزب في النهاية بإعداد ما يشبه دستور الادارة الذاتية والعقيدة السياسية والعسكرية لوحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة. أدرك قادة حزب Pydأنهم بحاجة إلى خلفية فكرية جديدة لمشروعهم السياسي. وكما نعلم فالعمل الفكري لا يتم بالقرارات. وبعد تخلي الحزب للنظرية الماركسية كما فعل حزب pkk أيضاً وجد افتقاره للكوادر العلمية بين صفوفه من أجل صياغة خلفية فكرية جديدة لمشروعهم. لا بد الاشارة هنا أن تخلي هذين الحزبين عن النظرية الماركسية لم يكن عملاً ارتجالياً كما فعلت أغلب الأحزاب الكردية السورية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. فحزب pkk بات يناضل من أجل حقوق الشعب الكردي في كردستان تركيا ضمن الجمهورية التركية القائمة، وبالتالي هو غير قادر على فرض النظرية الاشتراكية على الدولة والمجتمع في تركيا. كما أن حزب Pyd هو الآخر يريد حقوقاً للشعب الكردي في اطار الدولة السورية، وهو الآخر غير قادر على فرض رؤيته الفكرية والسياسية والاجتماعية التي وردت في برنامجه التأسيسي على كل السوريين. وهكذا جرى البحث عن أفكار جديدة تؤسس للفدرالية وتبرز دور التجمعات الاجتماعية للسكان (كومونات). وبالتالي وجدنا أن العديد من مصطلحات حزب Pyd كان لها طابع دعائي وطوباوي وغير قابل للتحقيق في المجتمع الكردي والسوري. كما لاحظنا في مشروعه لفدرالية الشمال الكثير من الحشو والمصطلحات التي لا معنى لها بالنسبة للمنطقة ولطبيعة المجتمع. وبالتالي خضع مشروعه السياسي للعديد من التغييرات المتواصلة على الأرض. كان قادة هذا الحزب واقعيين على الأرض أكثر من نظرياتهم الفكرية والسياسية. لو رجعنا إلى كتابات عبد الله أوجلان الأخيرة من الناحية الفكرية والسياسية لا نجد فيها آراء محددة يمكن التأسيس عليها في الوضع الكردي السوري الجديد. وما ألصق بعبد الله أوجلان من أفكار للوضع الكردي السوري كان مفتعلاً الهدف منه إيجاد مرجعية ما تنسب لشخص له أهميته. لا شك أن هناك بعض الأفكار لدى أوجلان ممكن التأسيس عليها مثل الكونفدرالية وأخوة الشعوب. لكن هذه الأفكار تحتاج إلى عمل فكري وسياسي عميق لصياغة برنامج عملي لحزب سياسي يقود نضالاً مختلفاً في سوريا. خلاصة القول أن اتهام حزب Pyd بالأدلجة هو كلام لا معنى له ولا يمت للواقع. كما أن القول أنه يستمد بعض أفكاره من كتابات أوجلان ليس برهاناً على أنه حزب أيديولوجي. لأن عبد الله أوجلان هو الآخر تخلى عن الأيديولوجيا الماركسية ولم يؤسس أيديولوجيا بديلة. بل هو في السياسة مكيافللي أكثر من ميكيافللي نفسه. لو راجعنا أطروحات أوجلان الفكرية والسياسية بعد سجنه وحتى الآن نجد أنه غيّر من أفكاره والعديد من اطروحاته وشعاراته السابقة على ضوء المستجدات. فهو ليس مفكر نظري حسب اعتقادي، بل هو مفكر عملي. وجدناه قبل سجنه من ألد أعداء الكمالية، وبعد سجنه بفترة أصبح يمدح آتاترك ويتهجم على ثورة شيخ سعيد بيران على أنها ثورة رجعية. زد على ذلك أنه كرس كل اهتمامه في السنوات الأخيرة على القضية الكردية في كردستان تركيا.
لم يعد حزب pkk و Pyd حزبان يخضعان لأية أيديولوجيا. فالربط بينهما من هذه الناحية موضوع مفتعل ومقصود لتسعير العداء ضدهما. فالكرد الذين يتهمون هذين الحزبين بالأدلجة هم كرد الأحزاب الكردية السورية وبعض الكتاب الكرد الذين انشقوا عن حزب pkk، أو الذين تركوا الأحزاب الكردية ولبسوا قبعة الاستقلالية لإخفاء حقيقتهم أمام الشعب. في واقع الأمر نجد أن هؤلاء أبعد الناس عن الفهم النظري للأيديولوجيا. فأغلب الساسة الكرد السوريين من السذاجة الفكرية والسياسية بحيث تجدهم يقولون ما لا يفهمون. هؤلاء اختلقوا مرجعية مصطنعة لهم تحت مصطلح "نهج البرزاني" لملا مصطفى البرزاني وابنه مسعود البرزاني. هذان الزعيمان هما مجرد مناضلين عمليين ولا علاقة لهما بالفكر والنظريات. وبالتالي هما أبعد الساسة عن المنهج والمنهجية. بل نجد في سيرتهما السياسية تأثرهما الواضح بخلفيتهما القبلية والدينية. الأغرب في الأمر أن هؤلاء الساسة والكتاب الكرد كانوا يتعصبون يوماً ليساريتهم قبل انهيار الاتحاد السوفييتي. والآن نجدهم يمجدون دور الفرد وشيوخ العشائر ووراثة السلطة على طريقة حكم السلالة. لقد ظهر في تصريحات وبيانات وكتابات هؤلاء فكر قومي سطحي باهت وبدون أي محتوى اجتماعي.
من أهم الدلالات على براكماتية حزب pyd أنه تنقل من مصطلح غرب كردستان إلى روجافا، ومن الكومونات إلى الفدرالية وأخيراً استقر على الادارة الذاتية في شمال سوريا لكي يكون إطاراً جامعاً لكل مكونات الشمال السوري. الذين يتهمون هذا الحزب بأن ليس لديه مشروع كردي، وأن كل تسمياته تخلو من الكلمة الكردية هم إما فعلاً سذج في السياسة أو يفتعلون هذه المعركة لغايات حزبية ضيقة. لم يعد مشروع Pyd يُختزل في الحقوق القومية الكردية فقط، لأنه أصبح مسؤولاً عن كل المكونات القومية في شمال سوريا. وبالتالي من الضروري أن تراعي التسميات والمصطلحات مصالح ومشاعر هذه المكونات كلها. ولعل أكبر اختراق في تاريخ الحركة الكردية السورية هو خروج حزب كردي سوري لأول مرة من الاطار الكردي الضيق إلى كافة مكونات الشعب السوري ولا سيما المكون العربي. إن انفتاحه على العربي والسرياني والآشوري والتركماني في مشروعه للإدارة الذاتية ربط مصالح كل مكونات شمال سوريا بهذه الادارة. لم يكن رفضه لمفهوم الدولة الكردية عبارة عن نظرية فكرية أو أيدولوجية، وإنما براكماتية تنسجم مع الواقع. يدرك هذا الحزب أن كرد سوريا لا يستطيعون إقامة دولة كردية مستقلة. ولو أقيمت جدلاً هكذا دولة بمساعدة خارجية، فستكون دولة فاشلة حتماً وليس لها مستقبل. فالشمال السوري ليس كله كردياً كشعب وكجغرافية. لقد أراد أن لا يقع في أخطاء المنظرين والساسة العرب والترك والفرس باستلاب تاريخ الآخرين والصراع على هذا الاستلاب. لقد أدرك أن البقاء في القوقعة القومية الكردية سيعرّض الشعب الكردي السوري لأكثر من عدو ولأخطار هو غير قادر على مجابهتها. زد على ذلك أن انتصاراته في المناطق العربية جعل العرب يشكلون نصف الشمال السوري إذا لم نقل أكثر. وبالتالي فإن فكرة إقامة الفدرالية في شمال سوريا مع العرب والسريان والآشوريين وغيرهم من المكونات في إطار أممية واقعية (إخوة الشعوب) هي الوحيدة القابلة للحياة. زد على ذلك أنها لن تلاقي معارضة شديدة من قبل كل العرب في سوريا. وبالتالي فالذين رفضوا فكرة الفدرالية في سوريا هم ليسوا ضدها قطعاً، بل هم ضدها لأنها تحوي حقوق الشعب الكردي السوري ضمناً. وبات العرب في الشمال السوري لا يعارضون مشروع pyd وحقوق الشعب الكردي السوري ضمن هذا المشروع. كما لم يعد الآشوريون والسريان والمسيحيون في الجزيرة يقفون إلى جانب النظام ضد الكرد كما حدث في انتفاضة عام 2004. فمن خلال تحالف الآشوريين والسريان مع الكرد استردوا شعورهم القومي التاريخي الذي كان يسير إلى الزوال. من هنا أصبحت فدرالية الشمال السوري تجسد مصالح الجميع. فبالنسبة للعرب لن يعود المركز قادراً على تهميشهم وسلب كل الخيرات المادية في مناطق الشمال لصالح المركز. بل ستؤدي الفدرالية إلى تطور مناطقهم ورفع مستوى معيشتهم، إلى جانب أنهم لا يخسرون شيئاً من الناحية القومية. ستبقى لغتهم كما هي من الابتدائي ولغاية الجامعة، وسيديرون مناطقهم بأنفسهم. وهكذا سيكون الوضع بالنسبة للكردي والآشوري السرياني والتركماني أيضاً. ولن يكون هناك تمييز فيما بينهم من الناحية الدينية والطائفية.
خلاصة القول فقد زال كل سبب من الأسباب السابقة التي كانت تربط حزب الاتحاد الديمقراطي بحزب العمال الكردستاني. فهما حزبان مستقلان عن بعضهما بعضاً من ناحية الأهداف والبرامج والتحالفات والعلاقات الاقليمية والدولية. لكن هذان الحزبان رسما استراتيجية جديدة لكل الأحزاب الكردستانية. نعلم أن الشعب الكردي قدم مساعدات ضخمة لحزب pkk خلال نضاله ضد الحكومات التركية، سواء بالمقاتلين أو بالدعم المالي والجيواستراتيجي. بل يمكن القول أن الشعب الكردي السوري لعب دوراً فاصلاً في ترسيخ هذا الحزب في الواقع. وعندما احتاج الشعب الكردي السوري إلى المساعدة وقف حزب pkk مع حزب pyd وقفة أخ للأخ بكل صدق. وتبين أن ما قاله عبد الله أوجلان أن كرد سوريا كلهم مهاجرين من تركيا كان تنازلاً تكتيكياً للنظام السوري. هو يعلم علم اليقين أن أقواله لن تغير التاريخ والجغرافيا، كما لم تغير أقوال غيره الحقيقة الوجودية لكرد سوريا.
نعلم أن قيادة pyd لم تكن على المستوى السياسي والفكري لرسم استراتيجيات وتحالفات في الوضع السوري والاقليمي والعالمي المعقد بعد الثورة السورية. لقد كان قادة هذا الحزب بسطاء في السياسة وفي الفكر وفي العمل العسكري. قدم حزب pkk لهم قيادات عسكرية سورية ذات خبرة طويلة في القتال. كما قدم توجيهات سياسية مهمة لرسم الاستراتيجيات. كانت هذه التوجيهات كلها تنصب لصالح الشعب الكردي السوري دون أن تكون هناك شروط تخص قيادة حزب pkk. لقد وجه هذا الحزب الأخير قيادة pyd في البداية إلى سياسة مرنة تجاه تركيا والسعي لإقامة علاقات حسن الجوار معها بالرغم من أن pkk يقود كفاحاً مسلحاً ضد الحكومة التركية. فمصلحة الحركة الكردية السورية تتطلب هذه الاستراتيجية بغض النظر عن موقف pkk من الحكومة التركية حول القضية الكردية في كردستان تركيا. كما أن قادة قنديل هم الذين دفعوا قادة وحدات حماية الشعب للتحالف مع القوات الأمريكية في الوقت الذي تعتبر أمريكا حزب pkk حزباً إرهابياً. زد على ذلك أن قادة قنديل هم وراء تصريحات قادة حزب الاتحاد الديمقراطي بأن يعلنوا أن ليس لحزبهم علاقة بحزب pkk. كل هذه الاستراتيجيات كان لها هدف واحد وهو أن يحقق حزب pyd نجاحاً لصاح القضية الكردية السورية. وهكذا تكون خلال ثماني سنوات لدى حزب pyd كادر عسكري متميز وكادر سياسي يستطيع التعامل بواقعية مع كل الأطراف السورية وغير السورية. إن الدبلوماسية الكردية لحزب pyd اليوم من أنشط الدبلوماسيات في الشرق الأوسط رغم حجم هذا الحزب الصغير. لقد خلق قرار ترامب بالخروج من سوريا هزة في الضمير العالمي. فأجمعت جهات عديدة في العالم بما في ذلك في أمريكا أن هذا القرار هو غدر بأفضل قوة في الشرق الأوسط حاربت الارهاب وأنقذت العالم من شروره. حين نتابع اليوم تصريحات السيدة الهام أحمد في واشنطن نتلمس الوعي الدبلوماسي البعيد عن الاستفزازات وردود الأفعال والجمل الرنانة تجاه كل الجهات التي غاصت في الأزمة السورية حتى الرقبة، بما في ذلك تجاه تركيا التي تهدد يومياً بدفن المقاتلين الكرد في خنادقهم. أما الكرد " الجيدون"، فمازالوا يتآمرون ليلاً ونهاراً مع تركيا والمعارضة السورية المرتزقة للقضاء على الادارة الذاتية في شمال سوريا.
هكذا تكون المساعدة النزيهة بين الأحزاب الكردستانية بأن يساعد الشقيق شقيقه إلى أن يقف على رجليه ومن ثم يتركه ليدير شؤونه لوحده. هل تعامل حزب الديمقراطي الكردستاني-العراق بهذه الطريقة مع حزب pyd؟ لقد كشفت الأحداث أنه سعى باستماتة لفرض إملاءات على حزب الاتحاد الديمقراطي. حاولت قيادة أربيل منذ البداية تقسيم الحركة الكردية السورية بحيث يكون هناك قسم موالي لأربيل وينفذ ما تريده أربيل. نعلم أن السيد مسعود البرزاني هو الذي شكل المجلس الوطني الكردي من خلف الحجاب. كان من وراء هذا المسعى أن يكون هذا المجلس ذراعه داخل الحركة الكردية السورية، وقام بتشكيل قوة عسكرية لهذا الذراع مقابل حزب pyd. ولو قبل الأخير بمبدأ فيفتي- فيفتي السائد في كردستان العراق حتى اليوم، لتشرزمت الحركة الكردية السورية منذ البداية وانتصر عليها أعداؤها بسهولة.
أثبت حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي أنهما حزبان شقيقان. ولن يعاديان بعضهما بعضاً مهما حاول الأعداء الضغط عليهما. فلن يدخل أحدهما في تحالفات تلحق الضرر بالآخر. هذه هي العلاقة المبدئة الوحيدة التي يجب أن تقوم بين الأحزاب الكردية على صعيد كردستان كلها. إن العقلية الفلاحية والعشائرية التي تنتهجها أغلب الأحزاب الكردية في السياسة الكردستانية لم تستطع الخروج من أمراض الحركة الوطنية الكردستانية التي تعود للقرن الماضي. فهي مازالت تفكر بالحصص مثل التجار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار