الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة الخلق الدينية وتساؤلات العقل البشري.!!

وفي نوري جعفر
كاتب

(Wafi Nori Jaafar)

2019 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كل زمان ومكان كانت للأسئلة الوجودية مكانتها المهمة جداً في تفكير الإنسان وقد أخذت حيزاً كبيراً في مجال تفكيره وكشفه وبحثه، وهي بالتأكيد أسئلة بحاجة إلى جواب يقيني مدعم بالأدلة والبراهين والحجج الدامغة التي لا يأتيها الشك أو يشوبها النقص، وعلى الرغم من وجود عدة تفسيرات وفرضيات ونظريات تُجيب على هذه الأسئلة، ولكنها ما زالت لم ترقى بعد لتصل إلى الأجوبة النهائية، ومن ضمن هذه الأسئلة الوجودية هي قصة وجود الإنسان على الأرض، طبعاً هناك بعض المليارات من أتباع الأديان يعتقدون بشكل قطعي وجازم إنً الجواب الصحيح والثابت موجود عندهم وذلك من خلال كتبهم المقدسة التي يعتقدون بأنها كلام لإلههم المُختلف عليه من قبلهم، فالمسلم لديه إله لا يشبه إله المسيحيين أو إله اليهود، والمسيحي أيضاً لديه إله مختلف وكذلك اليهودي، وجواب وتفسير الأديان سهلٌ جداً بحيث يجعل المؤمنين بها يشعرون بالراحة والإطمئنان، فلا يتعبون أنفسهم في البحث عن هذه الأسئلة لأن أديانهم تكفلت بالجواب الكافي والشافي لهم.!!

وبصراحة فإنً أتباع الأديان يقومون بعملية تعطيل البحث ولو بقي البشر مكتفين بأجوبة الأديان وعدم دراسة الظواهر بشكل علمي مدروس مبني على إقامة التجارب والبحوث والوصول إلى الأدلة والبراهين والإستنتاجات، لكان علينا أن نتخيل كيف ستكون حياتنا وكيف سينتهي الأمرُ بنا، لكن إصرار الإنسان على البحث والشك والتساؤل مكًنهُ من الإنتفاض على كل الثوابت وعدم رضوخهِ وأكتفاءه بالأجوبة الدينية هو الذي أوصلنا إلى ما نحنُ عليه، وأكيد فإنً أي جواب علمي وتفسير يختلف عن جواب آلهة الأديان وكتبها حتى وإن كان صحيحاً فهو جوابُ مرفوض تماماً من قبل أتباع هذه الأديان.!!

لننظر إلى الجواب الديني عن قصة الوجود البشري في القرآن وفي سفر التكوين:

{الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة قليلا ما تشكرون}.
{وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية}.

للأسف هذه الكتب الدينية لم تعطِ لنا تفاصيل دقيقة ولا أجوبة مقنعة وشافية عن طبيعة آلهتها ولا عن كيفية عملها: ماذا كانت تعمل قبل أن تفكر بإيجاد الوجود كالبشر والكون، أو ماذا بعد النهاية الحتمية التي قررتها تلك الآلهة لهذا الوجود؟؟ والمعروف بشكلٍ مختصر وواضح من نصوص هذه الأديان أن الآلهة أوجدت هذا الوجود وتنتظر النهاية الحتمية لهُ لتختم القصة بإفناء ما خلقتهُ من كون وبعيش البشر في الجنة أو النار الأبدية، على أية حال هنا لديً بعض الأفكار والتصورات حول قصة "الخلق" المزعومة من قبل هذه الأديان، وأريدُ للقاريء أن يتخيل اللحظة التي قامت بها تلك الآلهة في عملية خلق الإنسان آدم:

1- التراب أو الطين مادة، فكيف للإله اللا مادي تمكن من التواصل مع المادة؟؟ هل عملية الخلق تمت خارج حيز ذات الآلهة نفسها أم إنها تمًت فى داخل حيز ذاتها؟؟ وهنا سنقع في إشكالية محل وجود الحوادث وتغيرها بالإضافة إلى إشكالية الأزلية المترتبة على الوجود الذاتي للآلهة أو الخارجي.!!

2- أين كانت هذه المادة (التراب) هل في الأرض أم في السماء؟؟ وأين تمًت صناعة آدم هل في الأرض أم في السماء؟؟ أي بمعنى هل إحتاجت الآلهة إلى مكان لتخلق آدم؟؟ أم المكان كان معدوماً أثناء الخلق؟؟ وإذا تمت عملية الخلق في السماء أو في الجنة أو في عالم وفضاء آخر فكيف تم نقل وايصال الإنسان للأرض؟؟ ثمً هل إحتاجت الآلهة إلى زمان لنكملَ عملية الخلق؟؟ ومن جديد سنقع في إشكالية الزمان والمكان، فهل كانت الآلهة خارج الزمان والمكان أم أنها كانت داخل الزمان والمكان أثناء صناعة وتكوين الإنسان؟؟

3- كيف أستحال التراب وصار كائناً حياً على شكلِ وهيئة إنسان؟؟ وكيف تمً نفخ الروح في هذا الشكل المتكون على هيئة إنسان؟؟ أي ما هي طريقة الإتصال، هل عن طريق الأنف كما وردَ في نص التكوين؟؟ أم هناكَ منفذ آخر بثت الآلهة الروح في هذا الإنسان المخلوق من تراب؟؟ هل حصل هذا الأمر بطريقة ميكانيكية أم بمساعدة الأداة السحرية "كن فيكون"؟؟ وهنا سنقع في إشكالية مع العلم الذي يؤكد قانون تطور الكائنات الحية ومنها الإنسان بحيث أخذ الأمر مليارات من السنين، فمن يا تُرى نصدق؟؟

4- إذا قُلنا بأن رأي وجواب العلم صحيح، فوجود الإنسان وتطوره بهذه الطريقة ينفي صفة الذكاء والحكمة من آلهة الأديان، لأنها بدلاً من إستخدام أداتها السحرية "كن فيكون" فقد إستغرق الأمرُ عدة مليارات أو ملايين من السنين لتخلق الإنسان بعقله ووعيه وشكله النهائي.!!

5- الذي يراجع قصة الخلق في هذه الأديان يجدها غريبة، فهي تتحدث عن إكتمال الخلق في بضعة أيام سواء كانت ستة أو سبعة أو ثمانية، ومن جديد نتساءل هل إحتاجت الآلهة إلى الزمان لإيجاد الوجود؟؟ ألا يتنافى هذا مع قدرتها المطلقة في خلق الأشياء خصوصاً وهي تملك أداتها السحرية "كن فيكون"؟؟ ثمً ما هو التفسير العلمي أو الوقت المحدد لليوم الذي تمً ذكرهُ في قصة الخلق الكاملة؟؟ هل سنعتمد على هذا التحديد {في يوم كان مقداره خمسين الف سنة}، أم هذا {في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون}، وحتى مع إعتمادنا على حساب وتحديد هذه الأيام فهنا سنقع في إشكالية كبيرة مع العلم الذي يؤكد أولاً على عدم وجود الشمس والأرض والقمر حينما تمً خلق الكون التي على ضوئها يمكن لنا أن نعد الأيام ونقيس الفترة الزمنية؟؟ بالإضافة الى الرأي العلمي الذي يقول أنً نشأة الكون أستمرت إلى يومنا هذا تقريباً 13.8 مليار سنة، فمن يا تُرى نصدق؟؟

يجدرُ بنا ونحنُ في مطلع الألفية الثالثة، أن نتمتع بعقلانية ومنطقية وأيضاً بموضوعية في فهمنا وتفكيرنا ورؤيتنا لهذه الأسئلة الوجودية، وذلك حينما نقارن بين مقولات وتفسيرات الإنسان القديم الذي عاش تلك الفترات البعيدة وجاء لنا بنصوص هذه الأديان وآلهتها ومنها قصة الخلق وبين ما نشهدهُ من تقدم هائل للعلم ومن تمكنه من تفسير وكشف الكثير من الأمور الغامضة التي غابت عن ذلك الإنسان القديم، وحتى لو أنً العلم لم يكشفُ النقاب بعد عن ألأجوبة الكاملة بالدليل الواضح والثابت عن هذه الأسئلة، فهذا بحدٍ ذاته لا يعتبر مبرراً كافياً لنا لتصديق ما جاءت بهِ الأديان من خلال كتبها المزعومة التي لا أحد من أتباعها يمكنهُ إثبات وجود إلههِ الخاص بدينه بالطريقة العلمية والعقلية الصحيحة ولا حتى إثبات نسبة هذا الكتاب أو ذلك إليه، فهل من متدبر.!!

*********************************
ملاحظة: كل الاديان على الارض هي من صنع البشر.!!

وفي نوري جعفر.

محبتي واحترامي للجميع.

https://www.facebook.com/Wafi.Nori.Jaafar/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س