الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روايات كنفاني وسحر الكلمة

محمد بلمزيان

2019 / 2 / 2
الادب والفن


لاشك أن تصفح الكتاب وتقليب صفحاته الواحدة تلو أخرى ، بحثا في فهرسه عن ما يشفي غليل المعرفة، من باب البحث حينا أو الفضول خينا آخر، قد يكون قاسما مشتركا لدى العديد من القراء، لكنه أحيانا حينما نفرغ من كتاب أو نشرف على الإنتهاء من قراءته، يجعلنا مربوطين بنوع من الإحساس،وكأن صاحب الكتاب قد ترك فراغا ما ، جعله جسرا غير منتهي سيبقي القاريء متشوقا من خلال وقفته، للتأمل والبحث عن قيمة الكتاب أو المسكوت عنه، متأملا وباحثا بالأساس عن تمثلاته الإجتماعية والثقافية،ولعل هذا النوع من الكتابات تكون ذات مدلول سياسي و وعمق اجتماعي لا يمكن نكرانه، تفرض سلطة رمزية كبيرة على قرائها، وهي إما حديث عن قضايا اجتماعية قد تجد لها مساحة وصيرورة تاريخية في المجتمع بالرغم من الفواصل الزمنية المتباعدة بين ارهاصات تلك الكتابات و زمننا الحاضر. ولعل الأجناس المختلفة من هذه الكتابات قد يتسع مجالها، لكنني أتوقف في هذه المقالة، على كتابات من هذا النوع الذي يجعل القاريء في اعتقادي منجذبا إليها دوما، ويحس وهو يتصفح روايات الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، بأنه سجين لهذا النوع من الكتابات الروائية التي حملت قضايا الإنسان في مختلف تجلياتها في الواقع، ولعلني أتذكر بالمناسبة روايات -عائد الى حيفا -رجال في الشمس- أرض البرتقال الحزين - عن الرجال والبنادق - ما تبقى لكم - أم سعد - الشيء الآخر وغيرها من الروايات التي أبدعها كنفاني بقلم عانى من الترحيل والهجرة بين أقطار عربية كثيرة، منذ سنة 1948، متنقلا بين وطنه السليب الى سوريا ولبنان والكويت ثم لبنان، الى أن اغتيل في لبنان سنة 1972 بتفجير سيارته بإحدى شوارع بيروت، ويتم بذلك إخراس صوت كان يعد بحق صوتا استثنائيا وجريئا، تبنى قضية الشعب وأمن بها ، وكرس قلمه دفاعا عنها ومن خلاله لقضايا شعوب أخرى تعيش نفس الوضعية ، لكن ظنون الأيادي الآثمنة خابت في إخراس الكلمة التي رسمها كنفاني بقلمه وتركها كرصاصات منتصبة في وجه قاتليه، وهي روايات ما تزال تحمل قيمتها الرمزية والتاريخية، حاملة لهم ووقضية ، لا تكف عن المقاومة والدفاع عن نفسها، في زمن أصبح البعض يكتب ليس لغرض غاية نبيلة والدفع بالمياه الآسنة لتتحرك وتعيد أمل الغد المشرق للشعوب المضطهدة، بل لغرض الخوض في تيمات سردية تسيل لعاب قراء بعينهم ومتلهفة وراء الأمكنة المخملية،دون الخوض في هواجس الناس وقلاقلها في الحياة اليومية الملتهبة، وما أكثرها في زمننا الحالي. وقد تفوق كنفاني بحق في المزج ما بين الأدب والإلتزام بقضايا زمنه، ولعل روايته - عائد الى حينما - شكلت بالنسبة لي محفزا على قراءتها ومازلت اتابع دراستي بالسنة الخامسة ثانوي، وتقديم ورقة أمام تلاميذ القسم الذي كنت أتابع دراستي فيه، رغم أن ذات الرواية كانت مقررة للدراسة في قسم الباكالوريا وحينما فرغت من قراءة الورقة التي أعددتها بالمناسبة، أعجب بها الأستاذ الذي كان يدرس لنا الأدب العربي، وكان يحيط مادة الدراسات الأدبية بعناية خاصة ،وتمت مناقشة مضامين تلك الرواية المشوقة على المتابعة، خاصة من زاوية تراكم الأحداث التاريخية وما زخرت به من وقائع شكلت محكا حقيقيا لدرس الهوية الفلسطينية ودورها في الحفاظ على سيرورة الإنسان، ودور القلم في الدفاع عن القيم والتاريخ. وقد تفاعل التلاميذ مع محتويات الرواية، وحفزت الكثيرين على قراءتها رغم أنها كانت مقررة للدراسة للسنتين المقبلتين بالنسبة لمستوانا،وكانت بعض الروايات المشوقة بمثابة حركة دافعة لممارسة القراءة، والبحث عن عناوين معينة بمجرد أن تلوكها الألسن بين أوساط المحيط الذي كنا نعيش في دائرته الضيقة، لكن الواسع والمفتوح على تجارب إنسانية غنية ومتنوعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه