الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبار مصطفی : سیزیف المارکسیة المعاصرة في کردستان أو ( في رثاء شیوعي لم یکل )

عدنان كريم

2019 / 2 / 2
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


رحل جبار مصطفی ، والمکنی ب ( جلال محمد ) بین بعض اقرانه ومجایلیه ، اثر مرض عضال صبیحة ٣١/١٢/٢٠١٨ في مدینة سدني الاسترالیة الذي اقام فیها لاجئا منذ ١٩٩٦. کان جبار عضوا في اللجنة المرکزیة للحزب الشیوعي العمالي الکردستاني ، والمقصود به کردستان العراق.
کان جبار احد مخضرمي المارکسیة و الحرکة الشیوعیة المعاصرة في کردستان العراق حیث سمیت الحرکة ومنذ اواسط ثمانینیات القرن الماضي ب ( کومونیست ) تمییزا لها عن الحرکة الشیوعیة الکلاسیکیة وخاصة الموالیة منها آنذاك لمحور موسکو.
اقترن اسم الراحل ببدایات ظهور الحرکة المارکسیة في کردستان في النصف الاول من سبعینیات القرن الماضي اذ خاض آنذاك مسیرة طویلة وضعت نصب أعینها جملة اهداف کان محورها ، ولیس کلها ، کالآتي:
اولا : العودة ، في المضمار النظري والفکري، للمارکسیة الکلاسیکیة ، اي ما ورد في متون منجزات انبیاء النظریة المارکسیة ، مارکس ، انجلز و لینین تحدیدا.
ثانیا : الفکاك سیاسیا عن کل ما یمت بصلة بسیاسات و افکار الحزب الشیوعي العراقي ، وکان المقصود عملیا هو تیار اللجنة المرکزیة ‌‌إذ کان الرعیل الاول من مارکسیي کردستان العراق وفي الوقت الذي کانوا ینظرون نظرة إحتقار و عداء صارخ لهذا التیار السیاسي في الحرکة الشیوعیة ، بوصفه تیارا " تحریفیا " متلهفین لکل ما هو آت من بکین و خاصة الطروحات النقدیة لماو تسي تونغ إزاء معسکر ( الامبریالیة الاشتراکیة ) کما درج العدید من مارکسيي العالم الثالث في نعتهم للآتحاد السوفیتي آنذاك. وهکذا کانت آراء الرعیل الاول من مارکسيي کردستان العراق ومنهم رفیقنا الراحل بصدد جناح القیادة المرکزیة یطغی علیها الثناء والاعجاب بل و الانبهار المشوب بقلیل من الحذر إثر ذیوع بعض الطروحات الجدیدة الآتیة من الصین. لکن الآنبهار و الود تجاه القیادة المرکزیة لم تکن تدنو لمستوی السعي نحو الالتحاق برکبهم او بصفوف شعبهم المتناثرة لأسباب شتی لا اود هنا التطرق الیها.
ثالثا : کان المحمل المادي المباشر والعملي لمساعي الحرکة المارکسیة الفتیة الجدیدة وإطار تحرکها هو الحرکة الکردیة و الدروس المستنبطة من فشل کلا تیاریها العشائري و التقلیدي الموغل في إرتباطاته الدولیة و الاقلیمیة الرجعیة و المتمثل بالحزب الدیمقراطي الکردستاني وکذلك التیار المدیني و الحضري الآخذ بالنمو و المتدثر بالنزعة التقدمیة و الیساریة إلی حدود معینة وهو ما مثله جلال الطالباني و رهطه.
کان فقیدنا جبار مصطفی ینوء تحت ثقل هکذا اجواء و فضاءات سیاسیة و فکریة حینما شرع باکرا عمله السیاسي کمارکسي محاطا باحمال لا یحسد علیها ، دیدنه الوصول لمارکسیة تعینه علی فك رموز طلاسم و الغاز عجز رواد کثر في اوربا و اسیا و افریقیا عن تفکیکها و إعادة ربطها لیضیء له الدروب المعتمة و کل ذلك في ظل شروع بناء مدامیك و اسس فاشیة قومیة بعثیة عروبیة ستبتلع قریبا الاخضر و الیابس.
لم یکن جبار وحیدا في مسعاه تلك إذ کانت الحرکة الفتیة آنذاك تعج بطاقات لا باس بها ، إلا إن الغموض الفکري وآلیات العمل البالیة و روح التعصب الأعمی و تدني الطاقات النظریة و الفکریة للمنهمکین في ذلك الحراك و ... غیرها عصفت بهم تشتتا و هجرا و خلافاة لا طائل من ورائها بل و غیر مفهومة احیانا حتی لمن کانوا یخوضون معترکها.
هکذا عصفت بهذه الکوکبة ریاح الفرقة و الغموض والهجران إلا إن جبارا إختار المثابرة و البحث السیزیفي عن البدیل و الحل و مواصلة المسیر. تلك هو میزة جبار مصطفی آنذاك عن اقرانه : البحث عن أدوات النهوض بین رکام الهزیمة !!!.
ترك جباروسط ذلك الاجواء و بعد خلاف طویل و ممتد صفوف العصبة المارکسیة – اللینیة في کردستان ( و اظن انها کانت تسمی العصبة المارکسیة – اللینینیة علی الاقل حتی ٧٣ – ٧٤ ) في ١٩٧٥ ساعیا البحث عن إطار سیاسي و تنظیمي اکثر صفاء نظریا و فکریا و ذو ابعاد طبقیة واضحة الإنتماء للطبقة العاملة وترنو من شباك مصالح تلك الطبقة إلی مجمل القضایا السیاسیة و الاجتماعیة و الثقافیة.
إلا إنه و لسوء حظه یتم الزج به في السجن إثر حملة شاملة في ربیع ١٩٧٧ شملت اکثر من ١٠٠ شخص من تنظیمات العصبة المارکسیة – اللینینیة و فرق و مجامیع منشقة عنها.
دخل جبار السجن مفعما بروح نضالیة وثقة عالیة بقدرة المارکسیة الذاتیة علی تجاوز تخبطها . هکذا کانت فترة الإعتقال وکانها تحد من جانب سلطة فاشیة ساعیة لقتل روح الثورة في انفس جبار و اقرانه ، سلطة اعتبروها هم لا حل لها إلا الإسقاط بعکس المنادین بوطنیة البعث کحلیف مرحلي . کما کانت فترة السجن من جهة ثانیة مناسبة و بوتقة لتشدید وتیرة البحث عن النسخة المنقحة عن مارکسیة ثوریة تعین في المسعی الأسطوري کدون کیشوت لإسقاط العالم الواقف مقلوبا علی راسه وإعادته إلی صورته المطلوبة کما رسمها الآباء المؤسسون.
هکذا کان جبارا رائدا ، بین رفاقه الاقل درایة و خبرة ، في هجر ( الاشتراکیة الامبریالیة ) مرورا عبر الماویة وصولا نحو صیغة اقرب ما یکون لافکار انور شیخو الالباني المعزول في رقعة منسیة في العالم.
هکذا هو الشیوعي احیانا او قل غالبا. یحلم في فضاءات لا متصورة غیر آبه بما یدور في الواقع المادي المحیط به علی الرغم من تبنیه رسمیا لیل نهار مقولة الإنطلاق من الواقع الملموس للوصول للمبتغی المنشود. ولا یعرف لذة الاحلام الثوریة إلا من إکتوی بنارها و تلذذ بمراراتها. إنه کطائر الفینیق.
خرج جبار من سجن ابو غریب عام ١٩٧٩ متسلحا بخبرة اکثر ووعیا اکثر تماسکا و عمقا حسب قناعتنا کلنا الخارجین معه من السجن والمشارکین مجمل قناعاته و رؤاه و مشروعه من اجل بناء منظمة مارکسیة ثوریة تناضل في وقت واحد ضد الراسمالیة العالمیة والبرجوازیات المحلیة والانظمة التابعة للراسمال العالمي و شتی القوی و التیارات القومیة و الوطنیة وکل من لا یؤمن بالقضاء مبرما علی شتی اشکال الملکیة الخاصة وکل ذلك طبقا لاولویات و تراتب ریاضي دقیق کنا نبدء بها من مهام الدیمقراطیة الثوریة کما رسمها الفکر الماوي. إنه الإیمان الشیوعي الذي لا یقوی علیه شیء.
لم یکن مارکسیي کردستان یطلقون آنذاك علی انفسهم لقب الشیوعي او ( کومونیست ) حسب الإصطلاح الدارج في الادب الیساري الکردستاني لاحقا و هذا کان له اهمیته.
وبعیدا عن السجن ایضا واجوائه کان الوسط الیساري الکردستاني یشهد تحولات رادیکالیة سواء تحت تاثیر الثورة الایرانیة و الحضور القوي للیسار فیها و خاصة في کردستان ایران او إثر التخلي التدریجي و لکن القاطع للعصبة المارکسیة _ اللینینیة التي کانت تشکل القوة الرئیسیة و النواة الصلبة للإتحاد الوطني الکردستاني عن کل ما یمت للمارکسیة و الیساریة بصلة حیث جری تغییر اسمها إلی ( عصبة کادحي کردستان ) .
کما شهدت کردستان و السلیمانیة بشکل خاص موجة لا سابق لها من المظاهرات و الإضرابات الطلابیة و الجماهیریة هیئت من جانبها ارضا خصبا لنمو الیسار المارکسي الجدید کما وضعتها امام إمتحان و تحدیات غیر مالوفة.
کان ذلك کل ما یتمناه جبار مصطفی الخارج لتوه من زنازین البعث متسلحا بخبرة نضالیة ورؤیة رادیکالیة لا تني نفوذها یتسارع نموا بین فئات و شرائح الشباب و المثقفین الثوریین ولکن لیس بین العمال کما اوصانا الآباء او کما کنا ندعي او نحلم.
کانت الحرکة الفتیة بامس الحاجة لتأطیر تنظیمي و رأس قائد لذا کان إنبثاق منظمة ( اتحاد نضال الشغیلة ) مبادرة جاءت في محلها کما ظن جبار و رفاقه من المبادرین بتلك المهمة.
لکن هیهات. لم تقدر الجهاز الجدید في فك الغاز الحرکة وفهم تناقضاتها وکنا نتذرع احیانا بإنفلات المد الفاشي و بکون مهمة تفکیك عقد الحرکة المارکسیة والعثور علی مفاتیحها هي مهمة عالمیة وغیرها من الذرائع. کان جبار مصطفی في مقدم الرکب وفي معمعان العمل الثوري ولکن ثقل المهام کان اضخم من طاقاته. وکجاري العادة في أزمات الیسار حین یتیه في البحث عن المخرج الفعلي یبدأ باللجوء إلی آخر الدواء: الإنشقاق !!!
وهکذا تبعنا و جمع آخر من رفاقنا جبارا لندفن بأیدینا ما صنعناه بجهود سنین من المشقة والعمل المثابر. ترك جبار صفوف (إتحاد نضال الشغیلة ) في ١٩٨٤ حیث تزامن ذلك مع نمو شأن الحرکة الیساریة الرادیکالیة الإیرانیة وتمدد نفوذها ، لاسباب لا مجال لسردها هنا ، بین صفوف الیسار في کردستان العراق الساعي للخلاص من طوق مأزقه الخانق.
أسسنا مع رفیقنا الراحل منظمة ( بڵێسە – الشعلة ) حیث تمکننا من لملمة صفوف تیار داخل الحرکة من جهة و بناء علاقات ودیة متینة مع الحزب الشیوعی الایراني ( کومونیست ) الذي تشکل في ١٩٨٢ إثر وحدة ( العصبة الثوریة لکادحي کردستان ) ایران مع حلقة مارکسیة کانت تتبنی طروحات ثوریة بصدد الاشتراکیة کان یقودها الراحل منصور حکمت و ایرج آذرین سمیت ( إتحاد المناضلین الشیوعیین) .
وجد جبار ووجدنا معه ومعنا کل الحرکة الیساریة في کردستان العراق ضالتنا المنشودة في " الکنز الفکري و النظري " الذي وفره الحزب الایراني والتي سمیت ب" المارکسیة الثوریة " تمییزا لها عن مجمل التیارات المارکسیة التي کنا ننعتها جملة ب " الإشتراکیية البرجوازیة ".
تلك کانت مرحلة مفصلیة في حیاة جبار وفي مآل و مصیر الحرکة الیساریة في کلا جانبي کردستان العراقیة و الإیرانیة ومازالت. لقد نجونا نحن مارکسیي تلك المرحلة ، او هکذا کان فهمنا ، من کل أعباء العمل النظري و الفکري و مشاقه ولم یکن علینا سوی الإتکال علی " المنجز النظري " و " الإبداع الفکري " القادم من معسکرات الحزب الإیراني الصدیق علی بعد عشرات الکیلومترات داخل العراق في المناطق المتاخمة مع ایران و البعیدة عن طهران مئات الکیلومترات.
کانت المارکسیة الثوریة الإیرانیة تعاني من مشاکل جمة فیما یخص عملها کحزب سیاسي وضع نصب أعینه قائمة عریضة من المهام خاصة فیما یتعلق بالداخل الإیراني. ولکن الحزب کان مصابا بمتلازمة منهجیة افقده کل الحیویة الثوریة اللازمة لحزب یدعي قیادة الثورة العمالیة في بلد خرج لتوه من ثورة إنتهت بإنبثاق اکبر طغیان و توتالیتاریة دینیة و مذهبیة.
فبقدر السعي الحثیث و الدؤوب نحو نیل الصفاء النظري و النقاء الفکري و الإرتقاء الدائم بها ، کان یتم بنفس القدر الآبتعاد عن معمعان العمل الثوري في الوسط الآجتماعي ( و ما اکثره في البلدین المنهمکین ، في ظل نظامین للفاشیة الدینیة و الفاشیة القومیة ) ، في حرب ضروس دام ثمان أعوام . کانت تلك هي الآفة الفتاکة التي جلبتها الحرکة الشیوعیة الإیرانیة و خاصة في المرحلة اللاحقة تحت یافطة الشیوعیة العمالیة ، لمارکسیي کردستان العراق بل و حتی کردستان ایرن و مصیر ( کۆمەڵە – العصبة الثوریة لکادحي کردستا ن ایران ) خیر شهید علی ما اقول.
کانت هذه المرحلة جدیدة بالنسبة لحیاة و نضال یساریي کردستان العراق وجبار في مقدمتهم. إلا إن النقاء النظري و صفاء الفکر لا اهمیة لهما إن لم یلعبا دورا في فك رموز الحیاة و عقده المستعصیة وإنارة الدروب و الزوایا المعتمة في العمل السیاسێ المباشر إذ بغیر ذلك یستحیل إلی ترف فکري لا حیاة و لا نبض لها کما إنها تتساوی في نسبة صحتها من خطئها ویبقی حمالة اوجه. عدا عن ذلك فالنظریة إن لم تزکیها العمل و الممارسة الواقعیتین ، لا قیمة لها و لا أثرلها إلا کونها تثیر البلبلة و الزوابع.
طبعت الشیوعیة العمالیة مجمل زوایا و حیاة فقیدنا جبار منذ العقد الثاني من ثمانینیات القرن الماضي و حتی رحیله المفجع ولم یستطع الفکاك منها حاله حال أکثریة ناشطي الیسار المارکسي الکردستاني. هکذا خاض معترك محطات النضال القاسي لمرحلة ما بعد الکویت حیث شارك و بجدارة و حماس في تأسیس منظمة ( إتحاد نضال الشیوعیة العمالیة ) مرورا عبر دوره القیادي في تشکیل لجان الإنتفاضة و حرکة المجالس التي إنبثق کبدیل رادیکالي في خضم الإنتفاضة کبدیل لسلطة البعث و الاحزاب القومیة الکردیة المؤتلفة في الجبهة الکردستانیة بما فیها الحزب الشیوعي العراقي.
کانت المحطة الأبرز في حیاة و نضال جبار هي تأسیس الحزب الشیوعي العمالي في تموز ١٩٩٣.
وهنا لا بد من روایة حدث ذو دلالة بهذا الخصوص.
تم تأسیس الحزب المذکور عن طریق الإتفاق علی تکلیف عشرة من الکوادر القیادیة من بین المنظمات الیساریة التي تلتزم بالشیوعیة العمالیة في کردستان بتشکیل اللجنة المرکزیة ( کما تمت إضافة حلقة صغیرة ومحدودة النفوذ بإسم عصبة تحریر الطبقة العاملة حیث لم تکن تلك الحلقة في واقع الأمر سوی إحدی لجان منظمة إتحاد نضال الشیوعیة العمالیة ). وبعد تخطي کم هائل من الخلافات و ردم الهوة المحفلیة بین القوی المکونة الثلاثة للحزب و بوساطة مباشرة من الحزب الشیوعي العمالي الإیراني الحدیث النشأة ونظرا لزخم المهام و المسۆولیات الهائلة تم ، وقبل الإعلان رسمیا عن تأسیس الحزب ، تقدیم مقترح لزیادة أعضاء اللجنة المرکزیة إلی ١٥ حیث إستجابت کل الأطراف و الأعضاء العشرة علی المقترح. سعینا بعدها لتقدیم قوائم باسماء المرشحین مراعين الواقع الهش لتوافقاتنا خلال الشهور الماضیة لکي لا ننسف کل ما بنیناه بتراض و توافق مهزوزین. طرحنا نحن کقادة إتحاد نضال الشیوعیة العمالیة و بالتوافق مع مجموعة ( سەرنجي کرێکار – رؤیة العامل ) وهي إحدی المحافل الصغیرة المشارکة في عملیة التأسیس قائمة مشترکة ضمت ضمن ما ضمت من اسماء من کل الأطراف إسم جلال محمد. قمنا کل من ریبوار أحمد و فارس محمود و خسرو سایە و سامان کریم و انا فرحین ، مزهوین بعدها بالإتصال بکل من مؤید أحمد و امجد غفور و نادر عبدالحمید. کان الثلاثة علی رأس منظمة ( التیار الشیوعي ) ویقیمون في أوربا و نحن في ترکیا وکان الإتصال یجري عن طریق الهاتف. و بعد مقدمة قصیرة و التأکید علی أهمیة المنجز – الحزب طرحنا قائمتنا. وهنا جن جنون الطرف الثاني أێ مؤید و رفاقه حینما سمعوا بإسم جبار. سعینا لتهدئتهم بشتی الطرق و الوسائل المتاحة فلم یجد نفعا و ثورانهم یهیج دون جدوی. لم ینفع معهم کل مساعینا و مقترحاتنا حول حسمها بالتصویت و اللجوء إلی الأکثریة إذ کان یبدو علیهم ونحن علی أعتاب تشکیل حزب سعینا لعقود من أجله وکأنهم مستعدون ککتلة متراصة حتی لإجهاض المشروع الولید علی صرخة عنادهم. إستفسرنا عن اسباب موجبة ربما نجهلها و معلومات ربما خفي عنا عن الرفیق فتبین لنا بکل وضوح بأنه : لا سبب و لا هم یحزنون !!!!! کنا نعرف و خصوصا انا شیئا عن ترك جبار لصفوف ( إتحاد نضال الشغیلة ) التي بقي هؤلاء الرفاق الثلاثة علی رأس قیادتها قبل تحویلها إلی ( التیار الشیوعي ) ولکننا کنا نتساءل مذهولین: هل یستحق قیام رفیق بترك صفوف منظمة لم یبق منها أثر وبطریقة خلت من الشوائب و الخروقات و کممارسة بحتة لحریة الإنضمام أو ترك صفوفها و هو المبادر و المشارك بتأسیسها و بعد عقد من الزمان و علی أعتاب مرحلة جدیدة تماما و منجز نوعي کامل ، هل یستحق کل هذا الحقد الدفین و الکراهیة المنفلتة من عقالها ؟ تساءلت مع نفسي :هل نحن فعلا علی اعتاب قیادة حزب شیوعي ینقش علی رایته مطلب الحریة التي لا تحدها الحدود؟ و هل..... و هل.... ؟
حاولنا جهدنا لثنیهم دون جدوی . أصروا علی عقدهم البالیة فأصرینا علی الموقف المبدئي المطلوب . إستشاطوا حقدا و کراهیة فدعوناهم لسلوك الموقف الصحیح. ولکن هیهات . شممت رائحة کریهة و أحسست بقدوم ما لا یحمد عقباه. ولکننا تنازلنا نحن في النهایة خوفا من عواقب مواقفهم اللامتزنة. کنا علی خطأ في موقفنا إذ تبین کما حذرت علی هامش الجلسة آنذاك بإن تنازلنا عن الموقف المبدئي ما هي إلا هدیة مجانیة وصك علی بیاض تمنح لغیر اهلها و عربون لمواقف فئویة و محفلیة اکثر تشددا لمسناها في قادم الأیام ولا زالوا یدفعون ثمنها کحزب .
هكذا إذن. لقد عانی جبار علی أیدي رفاقه و سکت علی مضض. کان یهمه الهدف الأسمی و لیس من یتبوأ المکانة الفلانیة.
و في عود علی بدء کانت حیاة جبار مصطفی کأحد مخضرمي الحرکة المارکسیة في کردستان العراق واحد روادها مرآة تعکس عبر اربعة عقود کل التقلبات التي شهدتها الحرکة و سائر طفراتها و کبواتها ( وما أکثرها ) . عاش مراراتها وإنتکاساتها کما شهد مدها و عنفوانها. ولکن ترجل الفارس قبل أن یشهد نهوضها في ظل الرکود المزمن و الممتد هذه المرة للشیوعیة العمالیة الذي ظل حتی رحیله متمسکا بها حیث ( لا بدیل غیرها عملیا ) کما کان یظن .
شباط ٢٠١٩








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح


.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز