الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تونس : حزب الرئيس القادم .
فريد العليبي
2019 / 2 / 2مواضيع وابحاث سياسية
يحيل الحزب السياسي الى مجموعة من الناس المتآلفين في ما بينهم حول أفكار وسياسات يودون تطبيقها عند بلوغهم السلطة السياسية في بلد من البلدان ، وتلك الأفكار والسياسات يعبر عنها برنامج الحزب ، الذي يمثل عادة مصالح طبقة أو فئة اجتماعية ، غير أن الأحزاب عامة لا تقدم نفسها على أنها كذلك ، وإنما تزعم لنفسها الدفاع عن الوطن والشعب والأمة والدين والأخلاق وغيرها ، و تختار أسماءها على ذلك الأساس ، وقليلة هي الأحزاب التي تشهر هويتها الحقيقية .
وفي تونس اليوم تعود الناس على تأسيس أحزاب بمسميات متشابهة ، وقلما ينجحون في التمييز بينها ، فالأسماء قليلا ما تدل هنا على الأشياء ، وهناك ما يربو عن المائتي حزب غير أن أغلبها لا علاقة له بمفهوم الحزب ، فهي أقرب الى طوائف وملل ونحل وقبائل ، تتحكم بها المصالح الفئوية والفردية ، وهي لا تنشد مصلحة الوطن والشعب ، بقدر ما تنشد مصلحة أصحابها المستعدين لقول وفعل الشئ وضده ، طالما يحقق لهم ذلك الفوز بالوزارة والولاية والسفارة والنيابة .
وأدى ذلك الى ردود فعل شعبية ، عنوانها الأبرز الكفر بالأحزاب والسياسة ، ومقاطعة العملية الانتخابية وسيادة اللامبالاة على نطاق واسع ، وينبه بعضهم الى الخطر الداهم جراء ذلك ، فالأوتوقراطية ( الحكم الفردي ) تقف خلف الباب ، بما يعنيه ذلك من استغلال ردود الفعل تلك لإلغاء التعددية الحزبية والعودة الى نظام الحزب الواحد ، وربما أكثر من هذا بإلغاء الحزبية ذاتها ، على طريقة انقلابات الضباط الأحرار وشعاراتها المعلومة التي منها : من تحزب خان ومن خان يعدم ، التي تلت ازدهار التعددية الحزبية في عدد من الأقطار العربية خلال النصف الأول من القرن الماضي .
والمولود الجديد في قائمة الأحزاب التونسية رأى النور يوم 27جانفي 2019، بإسم حزب “حركة تحيا تونس” ، عزفا على وتر الوطن ، واختفاء وراء العمومية ، وتوجيها للتونسيين نحو غاية واحدة هى غايته ، ومكان الولادة مدينة المنستير ، استثمارا لبورقيبة وغيره من الرموز القابعة في قاع المخيال السياسي التونسي ، مثل خير الدين التونسي وعلى باش حامبة وفرحات حشاد ،لإضفاء الشرعية عليه ، فالحزب ليس لقيطا وإنما له آباء ، وهو حلقة في سلسلة لم تنقطع عراها منذ قرون. وأدى ذلك الى ردود فعل وصلت حد رفع جمعية المحامين الشبان قضية بخصوص الإسم ، باعتباره مشتركا تونسيا ، غير قابل للخوصصة الحزبية والاحتكار السياسي.
وبينما يقدم أصحابه حزبهم باعتباره يمثل إضافة للمشهد السياسي التونسي الغارق في أوحال الأزمة وأنه سبيل لحلها ، تحوم شكوك حول ما إذا كان مؤسسه غير المعلن ونعني رئيس الحكومة ، الذي فشل طيلة سنوات في حل المشكلات الاقتصادية الاجتماعية السياسية ، سيقدر على ذلك لو كتب لحزبه الفوز في الانتخابات القادمة ؟ كما حول استغلاله إمكانات الدولة المادية والمعنوية لتأسيس حزب لا هدف منه غير ضمان بقائه في السلطة ، فضلا عن ارتباط ذلك بمفارقة تونسية ، فمن في الحكم ينشئ حزبا لكي يظل في الحكم ، بما من شأنه كتم أنفاس " الديمقراطية التونسية الناشئة " أو على الأقل كشف حدودها . وتصبح تلك الشكوك أشد وطأة بالقول إن الوليد الجديد ليس حزب الداخل وإنما حزب الخارج ، حزب صندوق النقد الدولي ، الملتزم بتوجيهاته ، وأن نجاحه الانتخابي مضمون سلفا ، طالما تمتع برضا ذلك الصندوق ، فمن يتحكم باقتصاد تونس يتحكم بسياستها أيضا ، ولو كانت تلك السياسة خارجة من صــندوقها الانتخابي ، وهو ما يفسر هرولة المولعين بالمناصب نحوه .
وعلى صعيد الداخل ، يتهم الاسلام السياسي المتناغم مع الخارج ، في ممثله الأكثر بروزا ، ونعني حركة النهضة ، بكونه من يقف وراء بقاء يوسف الشاهد في الحكم ، بعنوان ضمان الاستقرار الحكومي ، ومن يتحكم بولادة الحزب الجديد ، وهو ما ذكره رئيس الدولة صراحة ، وردده أحد أقطاب حزبه الذي قال إن الغنوشي الإبن والغنوشي الصهر، هما من وضعا خطة تأسيس الحزب ، في إشارة الى تورط شيخ الحركة في تكتيك تفتيت حزب الرئيس الحالي بتكوين حزب الرئيس القادم ، قبل تقويضه بدوره ، وصولا الى الهدف الاستراتيجي ، ممثلا في سيطرة الإسلام السياسي على السلطة كاملة ، ووقتها ربما سلمت تونس روحها لتدفن ، وسط صيحات المنادين بحياتها ، ولكن عبثا ، فقد فات الأوان .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ
.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع
.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#
.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا