الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارحمونا .. يرحمكم الله

فلاح أمين الرهيمي

2019 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


إن أي متتبع للأوضاع السياسية على الساحة الدولية يلاحظ أن أية دولة تتعرض إلى خطر خارجي أو حدوث كوارث طبيعية تتحد وتتحالف فيها الأحزاب والكتل والشخصيات السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار في ذلك البلد وإنشاء حكومة طوارئ فيما بينهم من أجل الدفاع عن الوطن وإنقاذه من الخطر الخارجي وفي حالة الكوارث الطبيعية تعمل حكومة الطوارئ على بذل أقصى الجهود لإنقاذ الوطن وخدمة وحماية الشعب من التدمير والأضرار التي أصابت البنية التحتية وإيجاد مأوى ومسكن للناس الذين تعرضت بيوتهم للتدمير وتوفير الغذاء ومستلزمات الحياة لكل العوائل المتضررة والمشردة. وهذا يعني أن الوطن وصيانته والشعب وخدمته هو العامل المشترك لجميع الأحزاب والكتل والشخصيات السياسية متجاوزين بذلك خلافاتهم وصراعاتهم الثانوية ويصبح الوطن والشعب هو البوتقة التي تنصهر فيها وتذوب جميع الأفكار والمصالح من اليمين إلى اليسار والجميع يعمل لهدف واحد هو صيانة الوطن وخدمة الشعب وحينما ننظر إلى (الوطن) العراق المستباح و (شعبه) المذبوح وكأن الجميع ينظرون إليه. ويتفرجون عليه وهو (يرقص مذبوحاً من الألم). هل هنالك سبب لهذه الظاهرة التي تجعل (نواب الشعب) ينظرون إلى خلافاتهم وخصوماتهم وصراعاتهم الشخصية تنبع من مصالح ذاتية وأنانية وأصبح الوطن (ساحة صراع لمصالح الدول الأجنبية) وليس لشعبه ناقة أو جمل في ذلك الصراع أو ليس في العراق أكثر من أربعة مدن مدمرة ومهدمة البيوت وعوائلها تعيش في خيم ممزقة تحت رحمة البرد القارص والحر اللاهب شبه عراة وشبه بطونهم خاوية والأمراض والمطر والسيول والرياح تحيط بهم من كل جانب ؟ والظاهرة الأخرى كان فيه السادة النواب قبل فوزهم بكرسي النواب يسيرون مع الناس في الشوارع ويجلسون معهم بالمقاهي ويختلطون بهم ويشاركونهم أحاديثهم وهمومهم ويشاهدون الشوارع والأزقة المنتشرة فيها الأزبال والإهمال ويشاهدون مجاميع من الشباب البطالة والعاطلين عن العمل ونلاحظ ذلك في البرامج الانتخابية المملوء بكلمات الشعب وخدمته ورعايته ويذهب الشعب المعذب والمسكين يتحدى الموت والإرهاب والبرد القارص والحر اللاهب يغمر قلبه الأمل والرجاء والثقة المطلقة لمن يعطي له صوته من النواب وهو يحمل بطاقة الانتخاب ليضعها في صندوق الاقتراع. وحينما يصبح عضواً في مجلس النواب يقسم بالله العظيم أن يخدم الشعب ويصون الوطن وتربته الطاهرة وحينما يجلس على كرسي النيابة يلتفت يميناً وشمالاً يتفحص الوجوه التي تحيط به وينظر إلى قاعة مجلس النواب لا يشاهد بينهم مجاميع الرعاع والحفاة من أبناء الشعب وحينما يركب السيارة يحيط به الحرس والحشم والسيارة تسير به بكل حرية في الشوارع المبلطة الخالية من المطبات والحفر وحينما يترجل من سيارته لا يشاهد إلا الحرس والحشم ومع مرور الوقت يصبح لا يشعر ولا يدرك إلا بما يحيط به من الأبهة والاحترام ويصبح الشعب في وادي النسيان ... أتمنى أن أسمع من أي نائب زار المقهى التي كان يجلس بها مع أبناء شعبه أو يلتقي مع مجاميع الشباب البطالة والناس الآخرين الذي كانت تنزل عليهم الوعود تنعش النفوس وتفرح القلوب ويسمع آلامهم ومصائبهم وحينما يبدأ النقاش والحوار في مجلس النواب وتبدأ المشاحنات والخلافات والصراعات حول ترشيح وزير أو الميزانية أو مخصصات أعضاء مجلس النواب والسيارات المدرعة والأراضي ثم تبدأ وتنشب الخلافات والصراعات والمشاحنات وتبدأ التكتلات والمصالح الذاتية في كل شيء ويصبح الوطن والشعب والقَسَم العظيم بالله العظيم في وادي النسيان وتسود الضغائن والحساسية وتنعدم الثقة بين النواب وتصبح الحساسية والشك والظن والنفور بينهم هي السائدة ويصبح الإيمان القوي الراسخ لدى كل نائب وتصبح القوة والقدرة والتهديد والوعيد هي التي تداعب أفكار النائب.
وكما هو معروف أن فقدان الثقة في العلاقة بين النواب تعني أن يصبح التفكير مغلق لدى كل نائب ويصبح التفكير تحت كابوس الحساسية وعدم الثقة ويصبح محصور في البحث عن الجوانب السلبية والتشنيع بين الكتل النيابية وحتى بين نائب وآخر وتنتهي أخيراً إلى عدم القدرة على إنجاز الإيجابيات للشعب والوطن وكذلك عدم الحفاظ على العلاقات بين النواب وتصبح الحساسية والشك هي الهاجس في التعاملات والعلاقات بين النواب لأنها تنشأ وتخلق تأويلات للكلام الذي يسمعه النائب من النائب المختلف معه في الرأي والفكر وعلى الشبه والظن مما يؤدي إلى الضغينة والكره والقطيعة ويكون الوطن والشعب هو الضحية ويصبح من سيء إلى أسوأ كما نشاهده الآن.
ارحمونا يرحمكم الله لا يريد الشعب منكم جزاء أو شكوراً إنه قانع ويقبل بالجوع ولا التشريد والتهجير. فقط يترحم منكم أن تنتزعوا من قلبه الخوف والقلق والرعب من نشوب الفتنة العمياء التي تحرق الأخضر واليابس كما نشاهده الآن ما يعانيه الشعب السوري واليمني والليبي حيث يعيش أبنائهم في خيام ممزقة تحت صقيع الثلج وتعصف بها الرياح الهوجاء وتجرف السيول الخيام والحاجيات وحتى الأطفال ويعيشون في الأوحال يستغيثون ويصرخون يطلبون الرحمة ويشحذون رغيف الخبز والمساعدة ويعيشون تحت رحمة المساعدات ولا زالت مستمرة هذه الحالة المأساوية منذ سنوات وليس هنالك من رابح سوى الخسائر والتدمير والتشريد والموت والمرض وليس هنالك أمل بالخروج منها والنجاة من مصائبها ... ارحمونا يرحمكم الله ... إن شعب العراق يكفيه من مصائب وكوارث وموت وتدمير وتهجير وتشريد ولا يستطيع أن يتحمل أي شيء .. حتى لا يستطيع أن يتحمل قذفه بورده وإنما يريد أن ترموا عليه غصن الزيتون لأن جسمه انتشرت فيه السهام وأصبح لا مجال فيه حتى لإبره تصيب جسده ويكفيه ما لاقاه وما شاهده من آلام ومصائب وكوارث حتى الابتسامة ماتت على وجهه وهربت منه وأصبح كما يقول الشاعر :
ألا يا هم يكفينـــــــا لقد جفت مآقينـــا
لو كان الدمع يغذينا أكلنا بعض بلوانا
ارحمونا يرحمكم الله ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح