الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجغرافيا العربية أمام خيارين اما المواجهة أو التسليم للأمر الواقع ...

مروان صباح

2019 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الجغرافيا العربية أمام خيارين اما المواجهة أو التسليم للأمر الواقع ...

مروان صباح / كان فوز حزب ( الصوت ) الإسباني في الانتخابات المحلية الأخيرة في إقليم أندلوسيا أمر لافت في مقامه الأول للأسبان لأن حزب كحزب فوكس المعروف بفاشيته وعنصريته ونداءاته المتطرفة عندما يحرز انتصار في مناطق كانت تعتبر أرضية متماسكة لحزب الاشتراكي العمالي تكون الديمقراطية التى ناضلت الشعوب الغربية من أجل إحرازها باتت على المحك وهناك خطر داهم وقادم لا محالة وهذا يشير له اصرار المحافظين في بريطانيا على خروجهم من الاتحاد الاوروبي طالما الأيدولوجيا الشائهة التى تستند إلى الأصولية الدفينة والراغبة بنقل المجتمع المدني إلى مربع التطرّف اليمني والذي بات يتشكل بشكل سريع بل ما يجري من طرح أفكار ليس سوى دعوة صريحة لأوروبا لكي تعود بحلة جديد وحديثة إلى اوساط القرن العشرين ، وبالفعل تقودها أفكار قديمة متجددة عبر أعضاء انشقوا بعلم أو بتواطؤ أحزاب كانت في الماضي القريب تستحي عن الإفصاح عن سلعتها الحقيقية ، هي سلعة ليست سوى اكاذيب واباطيل كالتي تسود اليوم في كل من امريكا الجنوبية وإيطاليا والمجر وبولونيا وكانت هناك محاولات جادة وواسعة النطاق في كل من ألمانيا والدنمارك وهولندا واخيراً فرنسا بل المحاولات مازالت تبحث عن قفزات مشابة كالتي قفزَّ أصحابها في امكان مختلفة .

اليوم تتعرض أوروبا عامة إلى تهديد حقيقي هو فج وتافه ولم يعد مخفي أو ليس بإمكان المنظومة السلمية اخفاء التهديد القائم بل أصبحت المنظومة الديمقراطية معرضة برمتها إلى الانحلال والتجزئة تماماً كما كان عليه الواقع قبل أن تظهر وتتربع الديمقراطيّة بالحياة السياسية والثقافية والاجتماعية ، حتى الأحزاب الليبرالية الديمقراطية قد احدثت متغيرات بنيوية وجذرية داخلها لم تعد كما كانت وهذا يعود إلى فقدانها لمفكرين جدد واستسلامها للخطاب القديم ، وبالرغم مِنْ تظاهرها أو التزامها بعض الشيء بليبراليتها وعدم الإفصاح عن المتغيرات كما أفصحت عنه الأحزاب الأكثر تشدداً ، وهذا من جانب أخر يفسر مشاركة معظم دول الغربية الأمريكان في حربهم على عراق 2003 م ، وبالرغم من التفافهم على الأسباب الحقيقية لاحتلال العراق ، لكنهم كانوا على دراية كبيرة بما سيحل من تدمير للمنطقة ، فمنذ الحرب الإيرانية العراقية بين أعوام 1980 -1988 م ، وما ترتب عليها من صراعات لاحقة ، يعيد الاشتباك إلى ذاكرة المراقب حرب الثلاثين عام التى اندلعت بين المذهبين البروتستانتي المتمرد والكاثوليكي التقليدي المحافظ بين أعوام 1618- 1648 م ، بل كل ما يجري اليوم من ابادات جماعية وتشريد واغتصابات واغتيالات واعتقال آلاف الناس كانت أوروبا قد شهدته سابقاً على هذا المنحى من السلوك ، بل ما جاء به نظام الأسد من فكرة التجانس كانت معاهدة اوغسبورغ 1555 م قد اتاحت لأمراء أوروبا مجانسة رعاياهم حسب مذاهبهم ، فنقلوا عبر التطهير المذهبي والعرقي آلاف الناس من بلدان إلى اخرى وبالعكس ، لكن ظلت الحرب دائرة بشراسة بين المذهبين وانقسمت القارة البادرة بين داعمين للفرقين إلى أن تدخلت فرنسا لصالح الامبراطورية الإسبانية التى حسمت الحرب لصالحها ، وهذا نراه اليوم مجدد بالتدخل الروسي في سوريا بالطبع أدى التدخّل خلط عند البعض في التقيم وبالتالي جعلهم يسارعون إلى إعادة علاقاتهم مع النظام الأسد ، في واقع الحال لم يعيد النظام العربي علاقته بالاسد بقدر أنه يعترف ضمنياً بالوجود الايراني وبالتالي يمهد هذا الاعتراف إلى تأسيس إمبراطورية فارسية ايرانية في المشرق العربي بعد ما أسست طهران ميليشيات امعنت في التطهير المذهبي والعرقي وأسقطت الدول لصالحها وهذا حصل في كل من العراق وسوريا ولبنان وهناك محاولات كبيرة تجري في اليمن تماماً على غرار ما حصل وانتهت إليه حرب الثلاثين ، لقد خرجت ألمانيا من الحرب هزيلة ومنقسمة لا تقوى الدفاع عن وحدة جغرافيتها وكيانها ، بل خطورة ما يجرى هو ما تعد له واشنطن من تسويات تريد بها أن تصل إلى اتفاق كما حصل في صلح وستفاليا الذي أنهى حرب الثلاثين عام بقبول المربع المهزوم بأمر واقع الفرنسي والإسباني ، وهذا يعاد اليوم محاولة تكراره ، فإذا رضخ العرب والاتراك بواقع إيران وميليشياتها الطائفية ، إذا هي دعوة صريحة للمزيد من التمدد .

قد يتساءل المرء ، كيف يمكن للغرب أن يتلاقى بالأهداف مع الأطراف الثلاثة في ذات الوقت ، الأول تشكل منذ مقتل الخليفة عثمان وتطور باغتيال الامام علي وأبنائه رضي الله عنهم وصل ، والفريق الأخر أهل السنة والأخير شيعة الخوارج ، فالشيعة لم يتوقفوا منذ الخلاف السياسي على الحكم من نقله إلى اختلاف تفسيري ، في البداية تم وضع تفسير لأصول الحكم ومن ثم تبعها جملة روايات مشابهة في الأصول لقتل المسيح بالبطع تحولت مع مرور الزمن إلى أصول عقائدية ، لكن يبقى الفارق بين تعدد المذاهب في البيت السني والشيعي كبير ، ففي شمال افريقيا الأغلبية العظمى مالكيين ومصر والسودان شوافع وايضاً الشافعية حاضرة في كل من مصر وإندونسيا وماليزيا واليمن وسلطنة بروناي اما الحنبليون في السعودية وقطر وعموم الخليج والأردن واخيراً الحنفية في تركيا وافغانستان مع الأخذ بالإعتبار ، رجاحة المذهب الحنبلي في القرن الماضي في كل من طاجيكستان وباكستان والهند وبنغلادش ، جميع هذه البلاد السنية على اختلاف قومياتها وخطوط مذاهبها وأسلوب تفكيرها تجتمع في الجوهر ورفضت سابقاً وترفض حاضراً تماماً كما رفض الأوائل تأسيس كهنوت ديني على غرار ذاك الهرمي بين الشيعة وبالرغم محاولة احداثه في الأزهر لكن المحاولة لم ترقى إلى التقديس لأن البنيوية الفكرية والدينية التى بنيت عليها الأغلبية المنتسبة لأهل السنة لا تقبل القديسة الا لما قدسه الله ولا تعترف بمنظومة السادة بقدر أنها تقدر العلماء والعلم والحاكم العدل أي الاحتكام في النهاية للعقل والافعال ، وبالتالي وجدَّ الغربي مصلحته بين الاطراف الثلاثة ويدرك حجم الخلاف الأيدولوجي والقومي والسياسي لهذا نجد الرئيس اوباما قد اظهر من خلال قرارته التى كانت استكمالية لخط بوش الابن والأب بترجيح كفة ايران في المنطقة وهذا تكلل في أمرين ، الأول عندما سلمت واشنطن في ليلة العيد صدام حسين للمشنقة ايرانية وثانياً عندما سارع اوباما قبل مغادرته البيت الابيض بإبرام الاتفاق النووي من أجل رفع عنها الحصار المالي ، فهو عملياً أراد لها أن تكون القوة الفارسية الاولى بميليشيات شيعيّة في محيط سني عربي تركي، بالطبع من أجل الاحتفاظ على دوائر القتال بين الطرفين بل هناك حقيقة لادغة ، المقتول دائماً هو العربي على اختلاف مذهبه أو قوميته .

وصلت المنطقة العربية إلى هذا الخراب بفضل غياب المشروع العربي والغياب لم يكون بالخطاب بقدر فشل الدول في احراز انتاج حقيقي أو صناعي أو زراعي يحاكي الأسواق العالمية ، لكن يصح الاعتراف اولاً ، عدم السماح بقيام دولة كردية في كل من العراق وسوريا قد جنب حتى الآن تقسيم البلدين ومنع ايضاً جر المنطقة إلى تقسيمات مماثلة ، لكن يصح ايضاً الاعتراف ، بأن إيران بالتعاون مع إدارة اوباما المتواطئة ، سمحت إنشاء دُولَة داعش التى تكونت في سجون الاسد والحرس الثوري الايراني من أجل خلق أمر واقع ، الاول إلباس تهمة الإرهاب للمسلم السني وثانياً صُنع انتصار وهمي على اهل السنة الذي أوقع بهم أكبر تشريد وتنكيل لم تشهده المنطقة منذ هولاكو ، بل نقل النظامين الاسد والايراني من مرحلة قتل الشعب بشكل هادئ دون ضجيج وتحت جنح الظلام وبالسرية المطلقة إلى العلن والمجاهرة ، وهذا له مقاصد سياسية ، ارادت ادارتي اوباما وايران زرعه في قلب الجغرافيا العربية ، بأن الأيدولوجية السنية قد هزمت مع هزيمة داعش ، لكن ايضاً المربع الايراني حتى الان لم يعي بأن الأمريكان يعلمون جيداً بأن العداوة السياسية أو المذهبية بين الطرفين لن ولم نتهي بهزيمة داعش طالما تنظيم داعش لم يكن له ليمثل في حقيقة أمره سوى نسبة بسيطة استطاع استقطابها من خلال خطابه التضليلي الذي يصب في نهاية المطاف لصالح الايراني ، لكن إذا كانت الأنظمة العربية عاجزة عن وضع حد للمشروع الايراني هذا لا يعني أبداً بأن أبناء المنطقة سيتركون الميليشيات الإيرانية تصول وتجول وترتكب ما ترتكبه من جرائم وتخريب باسم عدائهم لإسرائيل كما فعلوا بالعراق وسوريا واليمن وأقل شأن في لبنان ، بل ربما تكون النقطة الاستذكار التالية والمقترنة بما قبلها مباشرة ، بأن السيطرة على الجغرافيات التى فيها تنوع طائفي تختلف في واقع حالها عن جغرافيات تفتقد للتنوع إذ ما ارادت إيران التمدد في المستقبل فيها ، بل التمدد في المستقبل يحتاج الي مواجهة عنيفة على الأخص بعد ما تبين للشعب العربي نتائج الثورات والانتفاضات التى تنتظرها ايران ومربعها لكي تستغلها وتجهز عليها مثل ما فعلت في اليمن وسوريا . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن