الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الفرق الجوهري بين الليبرالية والاباحية!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2019 / 2 / 6
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


علينا أن نميّز بشكل دقيق وعميق بين (الليبرالية) كدعوة لتعظيم شأن (الجانب الإنساني الفرداني) للبشر والتحرر من الحدود التعسفية والجائرة على حريات الأفراد والاقتصاد، وبين (الإباحية) كدعوة لتعظيم شأن (الجانب الحيواني والشهواني) للبشر والتحرر من القيود الاجتماعية والطبيعية المنظمة لممارسة الجنس واشباع الرغبات الجنسية بما لا يلحق الضرر بالنظام الاجتماعي الطبيعي للبشر!... فهناك فرق كبير وجوهري بين (الليبرالية) و(الإباحية)، فقد تختلط الأمور لدى البعض فيحسب أنهما شيءٌ واحد ومذهب واحد!، فالليبرالية فلسفة انسانية عقلانية تقوم على تعظيم واحترام فردانية الانسان وحريته واستقلاليته الشخصية.. أما (الإباحية) فهي دعوة غير عقلانية للتهتك والشهوانية والحياة البهيمية والانفلات والانحلال من كافة الضوابط الاجتماعية والقيم الاخلاقية والدينية المفروضة على العلاقات والممارسات الجنسية بين الجنسين (الذكور والاناث)، فالإباحية في حقيقتها دعوة لإعلاء الجانب الجسماني والحيواني (البهيمي) والشهواني للإنسان على حساب الجوانب الأخرى الروحانية والاخلاقية والاجتماعية بل هي تعدت هذا الجانب الشهواني (الغريزي الطبيعي) إلى جانب الشذوذ الجنسي أي من خلال العلاقات والممارسات (المثلية) الشاذة بل وربما بممارسة الجنس حتى مع البهائم أو من خلال طقوس جنسية ترتبط بحالات من العنف الجسدي (السادية) و(المازوخية).. وفي تقديري أن هذه الانحرافات عن المسلك الجنسي الطبيعي ما هي إلا نتيجة الاسراف في الملذات الجنسية بين الجنسين فينتج عنه ملل وسأم من ممارسة الجنس بشكل طبيعي وبالتالي البحث عن المتعة الجنسية في الشذوذ وغير المعتاد والمألوف!... إذ الملاحظ أن الممارسات الشاذة والمثلية تنمو وتتسع وتزداد في مجتمعات تسمح بالعلاقات الجنسية الحرة بين الجنسين أكثر منها في المجتمعات المحافظة!... الإباحية تستهدف تحويل البشر إلى ((قطيع مسعور من الحيوانات الذكية المشغولة ليل نهار بلذات الجنس بدون حدود ولا قيود))، وتنظر للقيم والحدود الاجتماعية والاخلاقية والدينية والروحانية بل وللقيم العائلية بشك وكراهية بل وبعداوة!.. فهي، بالنسبة إليها، كلها قيود على حرية الاستمتاع المطلق باللذات الشهوانية الجسمانية في حدود الطبيعة أو خارج حدود الطبيعة، يقول لك الإباحي: (إذا اشتهى المرء ابنته واشتهت البنت أباها جنسيًا، فما المانع في أن يستمتع كلاهما بالآخر بين جدران بيتهم العائلي بلحظات لذيذة يمارسان خلالها "الحب" سويًا في مودة وحنان!!.. ما هذه القيود العائلية السخيفة التي تفرضونها على الافراد فتحولوا بينهم وبين الاستمتاع والهناء!؟؟) ... والاباحيون يعتقدون أن ممارسة الجنس في العلن يجب أن تكون مثل أكل الطعام أمر طبيعي لا يجوز أن نخجل منه!؟؟ ماذا لو تبادل عشيقان "الحب" على شاطئ البحر أمام الناس!؟؟ ماذا لو قام عشيقان بتسجيل لحظات الفراش اللذيذة والسماح لأصدقائهم بمشاهدتها!؟؟... أي مانع وأية مشكلة في ذلك؟؟ ... ثم لماذا نمنع انتاج أفلام جنسية اباحية!؟؟ فأغلب الناس يعشقون مشاهدة هذه اللحظات المثيرة!؟؟ ويجدون فيها المتعة بل وتساعد بعضهم ممن يعانون من ضعف شهوتهم الجنسية إلى اشعالها وبالتالي التمكن من امتاع شريكهم!؟؟... ثم هذه الأفلام هي فن من الفنون الواقعية فلماذا تحاربونها وتمنعونها!؟؟.. الفن بكل صوره يجب أن يكون حرًا وطليقًا ولا يخضع للرقابة والقيود الاجتماعية!.. والسوق وقانون العرض والطلب أو قانون الطلب والعرض هو من يحكم!.. فالجمهور يريد هذه الأفلام ويطلبها لهذا يستمر الإنتاج لتلبية طلب الجماهير!!... فالأفلام الإباحية له سوق تجارية كبيرة ورائجة وتحقق دخلًا كبيرًا للبلد وتخلق وظائف للعاطلات والعاطلين عن العمل؟؟؟ ويقول لك الاباحي: (لو اشتهيت زوجة جارك أو صديقك واشتهاتك هي الأخرى جنسيًا، فما المانع من أن تمارسا "الحب" معًا !!؟؟ لماذا تؤذيان نفسيكما بالحرمان من هذه المتعة اللذيذة وهذا اللقاء الحميمي؟؟ ولماذا تكبتان هذه الرغبة الطبيعية في ممارسة "الحب"؟؟ أي مانع منطقي يمنع من قضاء وقت سعيد سويًا بينكما بدلًا من معاناة نار الشوق والتوق والحرمان!!؟)....... هكذا هو منطق الإباحية، واطلاق عبارة (الحب) على (الجنس) هو من المصطلحات (الخبيثة) (المضللة) التي مررها الاباحيون لتبرير الإباحية الجنسية في الغرب وتلقفها الاباحيون في مجتمعاتنا ليسوقوا بها بضاعتهم!.. كأنما (الحب) هو مرادف (الجنس)!!، و(الجنس) هو مرادف (الحب)!!.. بينما الحقيقة أن الحب والجنس أمران مختلفان!.. فالرغبة والشهوة الجنسية شيء، وعاطفة المحبة كتعلق عاطفي انساني وروحاني قلبي ووجداني شيء آخر.. الحب شيء والاشتهاء الجنسي شيء آخر(*)... فحينما يغتصب رجل طفلة لأنه اشتهاها فهو لا يمارس معها (الحب) بل (الوحشية) و(الاعتداء) بل حتى لو فعل ذلك برضاها دون اغتصاب أي من خلال التغرير بها وتزيين ممارسة الجنس معه بشكل لطيف عن طريق الاغواء والاغراء والملاطفة حتى تستسلم له وتمنحه نفسها دون مقاومة بل وربما تستمع بذلك!!.. هل نسمي هذا حب!!؟؟... كم من جريمة تُرتكب باسمك أيها الحب في هذا العالم!!.. وكم من جريمة تُرتكب باسمك أيتها الحرية الليبرالية!!... بل قد يغتصب رجل امرأة من باب الكراهية والرغبة في التشفي والانتقام منها أو من حبيبها أو زوجها أو عائلتها!، فهل نقول أنه مارس معها (الحب)!؟... وهل (العاهرات/البغايا) أو (بائعات الحب والهوى!!) كما يسميهن البعض يبعن الحب والهوى بالفعل؟ أم في الحقيقة الواقعية يقمن بتأجير أجسامهن ولحمهن وفروجهن وأثدائهن في سوق النخاسة والرقيق الأبيض كي يلغ فيهن وينشب أنيابه ومخالبه فيهن كل عابر سبيل من الذكور الجياع جنسيًا ممن لم يجدوا طريقًا لإطفاء نار وسعار شهوته وغريزته الذكورية الجنسية التي تلهبهم من الداخل وتشعل نار غليلهم الشهواني إلا من خلال هذا الطريق (التجاري) فيلجؤون إليه للاستمتاع الحيواني وإرواء الغليل الشهواني!؟.... هذا ليس حبًا قطعًا بل هذا شهوة جنسية أو سعار حيواني أم (الحب) سواء بمفهومه الانساني العام كحب الانسان لأولاده أو والديه أو اخوته أو أصدقائه واقربائه أو حبه لوطنه وحبه لقومه أو حبه للعدالة والخير أو الحب بمفهومه الخاص بين الجنسين – ومنه الحب الرومانسي - فهو شيء آخر قطعًا !.... وهكذا فإن الإباحية هي دعوة للتحلل الاجتماعي ولنشر البهيمية والفحشاء في المجتمعات وكثيرًا ما يتستر أنصارها تارة بالليبرالية لكونها دعوة للتحرر ورفض الاغلال غير العقلانية وغير العادلة الموضوعة على حرية الافراد، وتارة أخرى يتحججون بنظرية دارون وغيرها من النظريات العلمية والفلسفية والنفسية ومنها (نظريات فرويد) التي تقوم على اعتبار أن الانسان (حيوان متطور وراق)!.. فيلتقطون عبارة (حيوان!) ويجعلونها منطلقًا لمذهبهم الاباحي!.. قائلين لك: "إذا كنا نحن البشر حيوانات من حيث الأصل – يا حبيبي - فلماذا ننكر هذه الحقيقة!؟.. نحن البشر حيوانات ولهذا لابد أن لا نقمع غرائزنا الطبيعية ورغباتنا الحيوانية خصوصًا في الاستمتاع الجنسي!".. يقولون ذلك متناسين أن كثيرًا من الحيوانات الأدنى من الانسان في سلم التطور الحيواني والعقلاني تستمع بحيوات عائلية وضوابط غريزية حتى فيما يتعلق بمسألة الجنس!.. فمثلًا الكثير من الحيوانات والحشرات تنضبط مسألة الجنس عندها بأوقات موسمية بينما هؤلاء الاباحيون يريدون أن يكون الجنس واللذات الحيوانية هو شغلنا الشاغل وهو محور حياتنا ليل نهار في سعار مستمر!.... وهكذا فإن الليبرالية كفلسفة انسانية فردانية هي فلسفة تقوم على العقلانية ولا علاقة لها بالتوجهات والدعوات الإباحية غير العقلانية وغير الإنسانية بل الليبرالية في أصلها الأول كما قامت على احترام الحياة الفردية قامت أيضًا على احترام الحياة الزوجية والعائلية والمنزلية، فالليبرالية هي ابنة الفلسفة الطبيعية أي التي تقدس (الطبيعة والحياة الطبيعية) وترفض الشذوذ أي كل محاولات لتشويه فطرة الانسان وطبيعة المجتمعات البشرية التي تقوم على الافراد والزوجية والعائلة كأساس للحياة الإنسانية السليمة!.. ولهذا فالإباحية ليست نابعة عن الفلسفة الليبرالية بل هي تتستر بالليبرالية وحرية الافراد وحرية تعاقداتهم الشخصية كأداة لتمرير غرضها الشرير الهدام والتي – كما ألاحظ – باتت تتخذ في زماننا المعاصر من قضية ومسألة (المثلية) معولًا لهدم القيم والضوابط الاجتماعية والنظام الطبيعي للمجتمع الإنساني كخطوة لإشاعة (التحلل الاخلاقي والتفسخ الاجتماعي والتفكك العائلي) في المجتمعات الانسانية ولتوسيع دائرة (الفوضى الجنسية)!.. الفوضى الجنسية التي بلا شك هي ثمرة طبيعية ونتيجة حتمية للإباحية والتي يخبرنا التاريخ بأنها كانت من أهم عوامل سقوط الحضارات الإنسانية سواء الحضارة الرومانية أو حتى الحضارة العربية والإسلامية القديمة!.
سليم نصر الرقعي
(*) الحب بالمفهوم الجنسي وحتى الرومانسي أي انجذاب طرف لأخر والرغبة في امتلاكه جنسيًا أو امتلاك قلبه وحبه والعيش سويًا كحبيبيين وعاشقين ليس قيمة مقدسة في حد ذاته وليس بالضرورة هو خير وفضيلة بل قد يكون شر ورذيلة!... فهناك الحب بالمفهوم الجنسي أي بمفهوم الانجذاب والانجذاب بين شخصين جنسيًا والرغبة في إقامة علاقة جنسية حسية، وهناك الحب الرومانسي بمعنى الاعجاب والانجذاب بين شخصين نفسيًا ورومانسيًا وروحياً ورغبة كلاهما في إقامة عاطفية متبادلة ومشتركة بينهما محورها الحب والعشق والارتباط العاطفي – ارتباط القلب بالقلب والروح بالروح - بشكل متبادل وليس محورها وهدفها مجرد الاستمتاع الجنسي العابر نتيجة رغبة وشهوة جنسية عابرة أو مؤقتة تنتهي بنهايتها العلاقة لأن لا وجود لارتباط عاطفي وروحي ووجداني بين الطرفين!.. انما هو ارتباط حيواني شهواني قائم على اشتهاء كلاهما للآخر والرغبة في ممارسة الجنس .... وحتى هذا الحب الرومانسي لكي يكون سويًا لابد أن يكون منضبطًا بالقيم الاجتماعية الطبيعية فلو وقع الأب في غرام ابنته (!!؟؟) أو وقع الأخ في غرام زوجة أخيه أو زوجة أبيه فهذا الحب حب غير سوي على الانسان العاقل أن يرفضه ويقاومه.. فليس كل رغبة وعاطفة وميول نفسية رومانسية أو جنسية تجاه شخص ما تكتسب المشروعية في الوجود لمجرد ظهورها على مسرح القلب والوجدان بل على الانسان السوي العاقل أن يقاوم حتى (الخواطر) الشاذة وغير السوية التي تطرأ وتخطر على باله لا أن يتركها ترتع في مخيلته تستثير نزوته ومشاعره وغرائزه حتى تتعاظم وتقوده نحو علاقات شاذة من الناحية الطبيعية (كالعلاقات المثلية) أو شاذة وغير سوية من الناحية الاجتماعية (كالعلاقات الرومانسية (العشق) أو الجنسية (الشهوة) بين المحارم) أو كالعلاقة بزوجات أو أزواج الجيران والأصدقاء أو أي شخص مرتبط بعقد شراكة وزواج بشخص آخر!...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الليبرالية ليست فلسفة سائبة
nasha ( 2019 / 2 / 6 - 23:15 )
في ممارسة الالعاب الرياضية لا يمكن اجراء مباراة رياضية دون ملعب له حدود بحيث لا يُسمح بالخروج عنها .
االمشكلة تنشأ يا صديقي العزيز عندما لا يعترف اللاعبين بحدود الملعب او غير قادرين على رؤية الحدود بوضوح.
ايجاد وتعريف حدود للملعب يتطلب فهم واعتراف جميع اللاعبين بالحدود والالتزام بها حرفيا دون اي مخالفة .
هل لاي فلسفة او دين او علم اجتماعي امكانية اقناع الجميع دون استثناء بحدود الملعب؟ انا لا اعتقد.
الموضوع يتعلق بلغز الوجود والحياة وتنوع العقول والثقافات .
عدد العقول متعدد بعدد الناس اما الواقع الخارجي الظاهر فواحد فقط لا غيره .
الوجود مقسوم الى قسمين وهما الذات Subjective ( العالم الداخلي الخاص) والعالم الخارجي (الحسي) خارج الذات Objective.
لكل ذات سلوك وتركيبة نفسية خاصة لا تتطابق مع غيرها من الذوات حتى لو كانت تلك الذوات توائم متشابه.
تحياتي


2 - أصبت nasha صديقي العزيز
سليم نصر الرقعي ( 2019 / 2 / 7 - 15:51 )
نعم فالأمر بالفعل كما ذكرت لابد من الاتفاق على تحديد وتعريف حدود (الملعب) والتزام الجميع بحدود اللعبة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لكن الأمر أيضًا كما ذكرت أن مسألة (تعريف وتحديد هذه الحدود العامة) أمر قد تختلف فيه الاديان والايديولوجيات والمجتمعات .. مع اعتقادي أن هناك من الحدود ما يكاد يكون وجه اتفاق بين اغلبية عقلاء بل ومجتمعات العالم المعاصرة ولكن هناك من هذه الحدود ما هو وجه اختلاف بين المجتمعات.. حتى المجتمعات الغربية الليبرالية هناك اختلاف بينها حول بعض الحدود الاجتماعية العامة التي يفرضها المجتمع والقانون على حريات الافراد الشخصية وحرية السوق!.لهذا يبقى الأمر نسبي في هذا الجانب المختلف فيه وعليه وعلى (العقلاء) في كل مجتمع ووطن ايجاد حل (واقعي عملي عقلاني) قابل للتطبيق في بيئتهم الاجتماعية بكفاءة وفاعلية.وهذا ما ندعو اليه وهو ايجاد هذه الأرضية المشتركة الواقعية بعيدًا عن الأمنيات المثالية والمشروعات الطوباوية غير القابلة للتطبيق في مجتمعاتنا العربية والمسلمة بل وبعضها غير القابل للتطبيق حتى في بعض الدول الغربية.نحتاج للمزيد من البحث الفلسفي والعقلي الجاد لنجد الحل، تحياتي