الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزمره اليمينيه التروتسكيه و توخاشيفسكي

عبد المطلب العلمي

2019 / 2 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


اكثر من ثمانين عاما مر على اعدام المارشال ميخائيل توخاشيفسكي و القبض على عدد من كبار الضباط العسكريين المتهمين بـ "المؤامرة العسكرية الفاشية". و ما زال الحديث بين الحين و الأخرى عن برائتهم و عن"دمويه"ستالين. لنلق نظره مقتضبه على تلك الاحداث و ما سبقها من مؤامرات على دوله الاشتراكيه.
في عهد البيريسترويكا ، تم اعاده اجترار هذه الأحداث و تقديمها لنا بشكل رئيسي على أنها "اضطهاد سياسي غير معقول" ، سببه عبادة شخصية ستالين. يزعمون ان ستالين ، قرر اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي شخص كان لديه القليل من الشكوك حول عبقريته. و على الأخص أولئك الذين مع لينين قادوا ثورة أكتوبر. ويقولون إن الهدف كان تصفيه الحرس اللينيني و قاده الجيش الأحمر .
لكن ، فإن دراسة هذه الأحداث عن كثب تطرح العديد من الأسئلة التي تلقي بظلال من الشك على هذه الأدعائات.
على سبيل المثال ، في الغرب ، نشرت مذكرات ضابط المخابرات السوفياتي السابق ألكسندر أورلوف(من اسمائه ليف نيكولايفسكي،ايغر بيرغ،لايب فيلدبين) ، الذي لجأ الى الولايات المتحده بعد هزيمه الجمهوريين في اسبانيا حيث كان المستشار لشؤون الاستخبارات لدى الجمهوريين. أورلوف ، الذي كان يعرف جيداً "المطبخ الداخلي" للمخابرات ، كتب بشكل صريح أنه كان يجري الإعداد لانقلاب في الاتحاد السوفييتي. و ذكر من من بين المتآمرين قيادات قوميساريه الشؤون الداخليه و كبار ضباط الجيش بما فيهم المارشال ميخائيل توخاشيفسكي وقائد منطقة كييف العسكرية ياكيير. و وصلت المعلومات لستالين ، الذي اتخذ إجراءات كانت حينها ضروريه للحفاظ على الاتحاد السوفياتي.
وفي ثمانينيات القرن الماضي ، تم رفع السرية عن ارشيف المتامر الرئيسي ليف تروتسكي ،الذي كان محفوظا في الولايات المتحدة الأمريكية. من هذه الوثائق ، أصبح من الواضح أن تروتسكي كان لديه شبكة سريه واسعة في الاتحاد السوفيتي. و بغظ النظر عن وجوده في الخارج كان يطالب انصاره بزعزه استقرار الوضع في الاتحاد السوفياتي وتنظيم الاعمال الارهابيه.
وفي تسعينات القرن الماضي ، فتحت بعض الأرشيفات السوفياتيه بما فيها بروتوكولات التحقيق مع اؤلئك القادة. حول طبيعة هذه المواد ، وعلى خلفية الحقائق والشهادات الواردة فيها ، توصل الخبراء المستقلون اليوم إلى استنتاجين مهمين.
أولاً ، تبدو الصورة العامة للمؤامرة الواسعة ضد ستالين مقنعة للغاية. مثل هذه الشهادات كان من المستحيل تلفيقها باي شكل من الاشكال. خاصة في الجزء المتعلق بالخطط العسكرية للمتآمرين.
لنأخذ اعترافات توخاشيفسكي بعد الاعتقال. يقترن الأعتراف بالمؤامرة بتحليل متعمق للوضع العسكري-السياسي في الاتحاد السوفييتي في منتصف الثلاثينيات ، مع حسابات مفصلة عن الوضع العام في البلاد ، مع تفصيل حول امكانيات الحشد والإمكانيات الاقتصادية وغيرها.
السؤال هو ، هل يمكن أن يخترع مثل هذه المعلومات محقق عادي في قوميساريه الشؤون الداخليه، ترأس التحقيق في قضية المارشال ويزعم أنه زور شهادة توخاشيفسكي ؟!بالطبع لا ، هذه الشهادة الطوعية ، لا يمكن أن تعطى إلا من قبل شخص مطلع لا يقل عن مستوى نائب مفوض الدفاع ، اي توخاشيفسكي.
ثانياً ، الاعترافات كتبت بخط يد المتهمين ،بخط واضح جميل و مرتب ،و بمقارنه تلك الاعترافات بوثائق كانوا قد كتبوها سابقا في فتره توليهم سلطاتهم ،تشير انهم كتبوها بأنفسهم ، اي طواعية ، دون اي تأثير معنوي او جسدي من المحققين. هذا يدمر أسطورة أن الاعترافات انتزعت بقوة "جلادي ستالين" .
ما الذي حدث بالفعل في تلك الثلاثينيات البعيدة؟
بشكل عام ، بدأ كل شيء قبل ذلك بفترة طويلة ، في بداية العشرينات ، عندما احتدم النقاش حول مصير بناء الاشتراكية بين اعضاء قيادة الحزب البلشفي. بعد انتصار ثورة أكتوبر ، لم يقتنع تروتسكي وزينوفييف وغيرهم الكثيريين أن الاشتراكية ستنتصر في روسيا المتخلفة. نظروا بأمل إلى الولايات المتحدة ، ألمانيا ، بريطانيا ، فرنسا، اي الدول المتطوره الصناعية ، كانت روسيا القيصرية فيما يتعلق بالتنمية الصناعية اسوأ من بلجيكا الصغيرة. حتى الأسلحه في الحرب العالمية الأولى تم شراؤها من البريطانيين والفرنسيين واليابانيين والأميركيين.
كانت تلك القيادات تأمل (هذا ما كتبه زينوفييف بشكل واضح في برافدا) بانتصار الثورة في ألمانيا. قائلين أنه حينها تتحد روسيا مع المانيا سنكون قادرين على بناء الاشتراكية.
حينها ، في صيف عام 1923 ، كتب ستالين إلى زينوفييف: حتى لو سقطت السلطه الى الحزب الشيوعي الألماني من السماء ، فلن يستطيع الاحتفاظ بها. كان ستالين من بين القياديين الذين لم يؤمنوا بالثورة العالميه في تلك الظروف. قائلا: مهمتنا الرئيسيه هي روسيا السوفيتية.
الثورة لم تنجح في ألمانيا. و تم اعتماد السياسه الاقتصاديه الجديده. بعد بضعة أشهر سائت الاحوال اكثر. الملايين من العاطلين عن العمل ، والعمال الذين حالفهم الحظ بوظائف لدى البرجوازيين الجدد يحصلون على 10 إلى 20 في المائة مما كانوا يتلقونه قبل الثورة. اللصوصية تتزايد بشكل غير مسبوق ، الفقراء ، لدفع الضرائب وإطعام أسرهم يهاجمون القطارات. العصابات تنشأ حتى بين الطلاب ، للحصول على المال و الطعام يقومون بمهاجمه البرجوازيين الجدد.هذه السيايه أفسدت الكوادر الحزبيه و الكوادر السوفيتية. الرشوة في كل مكان مقابل اي خدمه من رئيس مجلس القرية الى الشرطي الى مديري المصانع .
اقترح ستالين خيارًا آخر: بناء الاشتراكية لم يقل حينها متى سيتم بناء الاشتراكية. انما قال: نحتاج إلى إنشاء الصناعة في 10 سنوات،بما فيها الصناعة الثقيلة. وإلا سيدمروننا. وكان هذا في شباط 1931. لم يخطئ ستالين كثيرا. بعد 10 سنوات و 4 أشهر ، هاجمت ألمانيا الاتحاد السوفييتي.
الاختلافات الرئيسية كانت بين مجموعة ستالين و لا يهم من ،اليساريين مثل تروتسكي وزينوفييف ، او اليمينيين ، مثل ريكوف وبوخارين. كلهم اعتمدوا على الثورة في أوروبا. لذلك فإن الجوهر كان في الصراع المرير لتحديد مسار التنمية في البلاد.
تم الغاء السياسة الاقتصادية الجديده ، وبدأت عملية التنظيم الجماعي في الريف و تسريع التصنيع. هذا أدى إلى صعوبات جديدة. مظاهرات الفلاحين حينا هنا و حينا هناك ، في بعض المدن كان هناك إضرابات عماليه من اؤلئك الغير راضين عن تقنين المنتجات الغذائية. باختصار ، تصاعدت الأزمه الاجتماعيه السياسيه الداخليه بشكل حاد. ونتيجة لذلك أصبح معارضو الحزب من جميع اللأشكال والألوان ، ومحبي الصيد في المياه العكره ، قادة ورؤساء الأمس ، الذين كانوا حريصين على الانتقام في الصراع من أجل السلطة ، أكثر نشاطا.بادئ ذي بدء ، تم تفعيل المنظمات التروتسكيه السريه ، والتي كان لديها خبرة كبيرة في الأنشطة السريه والتخريبية. في أواخر العشرينات ، اتحد التروتسكيون مع الرفاق القدامى غريغوري زينوفييف وليف كامينيف ، الذين استاءوا من أن ستالين قد عزلهم بسبب عدم كفاءتهم الإدارية.
كما أن "المعارضة اليمينية" والتي كان يقودها بوخارين و ينوكيدزه و ريكوف ،طلت برأسها. انتقد هؤلاء بشدة النهج الستاليني لـ "التنظيم الجماعي غير السليم للقرية". كانت هناك مجموعات معارضة أصغر. يوحدهم كلهم – كراهية نهج ستالين ، كانوا مستعدين للقتال بأية وسيلة كانوا معتادون عليها في الأوقات الثورية السريه في زمن القيصرية وزمن الحرب الأهلية.
في عام 1932 ، اتحدت كل المعارضة تقريبا في كتلة واحدة ، سيطلق عليها لاحقا ، الكتلة التروتسكية اليمينية. على الفور على جدول الأعمال كانت مسألة الإطاحة بستالين. كان امامهم خيارين. في حالة الحرب المتوقعة مع الغرب ، العمل بكل الاشكال للمساعدة على هزيمة الجيش الأحمر ، من أجل الاستيلاء على السلطة اعتمادا على موجة الفوضى الناتجة.اما إذا لم تحدث الحرب ، فهناك خيار الانقلاب.
قاده المؤامرة كانوا يانوكيدزه و بيترسون ، المقربين من تروتسكي ، و خططوا لاعتقال الخمسة الستالينيين في ان واحد، ستالين نفسه ، وكذلك مولوتوف ، كاهانوفيتش ، أورجيكينيدزه و فوروشيلوف .
وقد نجح المتامرون في تجنيد نائب قوميسار الشعب لشؤون الدفاع ، المارشال ميخائيل توخاشيفسكي ، الذي كان يكره ستالين لأنه كما كان يزعم لا يقدر قدرات المارشال العظيمه، و لأن ستالين لم يمول الجيش بالقدر الكافي، و كان دائما يردد ان كل كوبييك يصرف على التسلح هو خطوه الى الخلف في طريق بناء الاشتراكيه. وانضم مفوض الشعب للشؤون الداخلية ياجودا أيضا إلى المؤامرة ، ياجودا كان مجرد شخص عادي وغير مهني ، ظن في وقت ما أن الكرسي تحت ستالين يتأرجح بقوه ، ولذا سارع إلى الاقتراب من المعارضة.
على أية حال ، فإن ياجودا أوفى بواجباته تجاه المعارضة ، وعرقل وصول أي معلومات عن المتآمرين ، التقارير حول المؤامره كانت تصله دوريًا لكن كما اتضح لاحقا ، كان يخفيها بعناية و لا يرفعها الى الأعلى.
على الأرجح ، فشلت المؤامرة بسبب قله صبر التروتسكيين. خضوعا لتعليمات زعيمهم حول تسعيير الإرهاب ، اغتالوا أحد الرفاق الستالينيين ، السكرتير الأول للجنة الحزب الإقليمية للينينغراد ، سيرجي كيروف ، الذي قتل بالرصاص في مبنى سمولني في نهايه 1934.
وقد ازعجت ستالين هذه الجريمة و قام باتخاذ إجراءات حاسمة. الضربة الأولى وقعت على التروتسكيين. اعتقالات جماعية لأولئك الذين كانوا على اتصال مع تروتسكي وعملائه في البلاد. ويعزى نجاح العملية إلى حد كبير إلى حقيقة أن اللجنة المركزية للحزب وضعت نشاط قوميساريه الشؤون الداخليه تحت رقابة صارمة. في عام 1936 ، تم تدمير المنظمات السريه التروتسكيه - الزينوفييفيه. وفي نهاية نفس العام ، تمت إقاله ياجودا من منصب مفوض الشعب وأعدم في عام 1937.
ثم جاء دور توخاشيفسكي. وكما كتب المؤرخ الألماني باول كارييل ، معتمدا على مصادر في الاستخبارات الألمانية ، خطط المارشال لانقلابه في الأول من مايو عام 1937 ، عندما يتم إرسال عدد كبير من المعدات العسكرية والقوات إلى موسكو للمشاركة في مسيرة عيد العمال. تحت غطاء العرض ، يمكن إحضار الوحدات العسكرية التي كانت موالية لتوخاشيفسكي إلى العاصمة .لكن ، عرف ستالين بالمخطط. تم عزل توخاشيفسكي ، وفي نهاية ايار تم اعتقاله. جنبا إلى جنب معه ، تم اعتقال مجموعة كاملة من القادة العسكريين رفيعي المستوى مشاركوه في محاوله الانقلاب. وهكذا ، تم القضاء على المخطط التروتسكي- اليميني بحلول منتصف عام 1937.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مؤامرة نوخاتشوفسكي
فؤاد النمري ( 2019 / 2 / 9 - 13:05 )
في مذكرات اتلبولشفي العريق فياتشسلاف مولوتوف وكان رئيساً لمجلس الوزراء في العام 37 قال .. - ألقينا القبض على المتآمرين قبل تنفيذ الإنقلاب بأربعة دقائق
أما الإعترافات فلم تكن طوعية
لم يعترف المتهمين بما نسب إليهم حيث القانون كان يحرم التعذيب بكل أشكاله على المتهمين مما اضطر وزارة الداخلية من الحزب أن يسمح باستخدام التعذيب لأولئك المتامري مما اضطر القيادة إلى تعديل القانو بحيث يسمح بالتعذيب للعسكريين الذين يشكلون خطراً على الأمن الوطني فكانت اعترافات هؤلاء المتآمرين على الثورة البلشفية التي قدمت الشعوب السوفياتية ملايين الضحايا دفاعا عن الثورة
وكان وصية لينين لستالين الحفاظ على أمن الدولة قبل كل شيء آخر مهما كان الثمن

كان الاتحاد السوفياتي مثالا للأمن الداخلي وللديموقراطية وهذا ليس من قبيل الدعاية كما قد
يعتبره كثيرون حيث كان تشيرتشل وروزفلت قد اعترفوا بهذه الحقائق


2 - التعذيب
عبد المطلب العلمي ( 2019 / 2 / 9 - 15:05 )
تحياتي البلشفيه
نعم رفيقي ، كنت قد قرأت ذلك على لسان مولوتوف. لكن ما اوردته اعلاه يعتمد على كتابات عدد من المؤرخين السوفييت. و هنا نقف امام خياريين، سرد احادي و اخر اجمع عليه عدد من الكتاب. ففضلت ايراد الروايه الثانيه. بخصوص مسأله قوننه التعذيب فكنت قبل ثماني سنوات قد كتبت عن ذلك. نعم تم ذلك عام 1937 و لكن(يمكن استخدام الضغط الجسدي في حالات استثنائية و فقط ضد أسماء المشاركين في التآمر و الذين يرفضون لأشهر إعطاء أي دليل ، و الذين يرفضون الكشف عن المشاركين في التآمر الذين ما زالوا طلقاء ، و الذين بالتالي يواصلون حتى من داخل السجن خوض الصراع ضد النظام السوفييتي )
كذلك اورد ادناه نص اعتراف توخاشيفسكي

http://istmat.info/node/28950


3 - توخاتشوفسكي
فؤاد النمري ( 2019 / 2 / 10 - 08:37 )
دائما نحن مدينون لحفارنا البولشفي مطلب
كان الرفيق ستالين قد صرح بعد الحرب أنه لولا تطهير الحزب من الخونة والمتآمرين في نهاية الثلاثينيات لما ضمن الاتحاد السوفياتي الإنتصار في الحرب
الحق أقول أنني لم أفهم صدقية هذا التصريح إلا اليوم بعد أن قرأت إعترافات الخائن الأكبر توخاتشوفسكي وأن المؤامرة الكبرى كانت نازية تروتسكية لتأمين هزيمة الاتحاد السوفياتي في الحرب
أنا في هذا المقام أتوقع من حفارنا البولشفي أن يكتب أكثر عن تلك المؤامرة

لقد فتحت يا رفيق باباً مغلقاً في وجهي ولك أن تفتح ابواباً في وجه الآخرين

تحياتي البولشفية


4 - النقيضة
رائد محمد نوري ( 2019 / 2 / 15 - 21:17 )
سأمارس رفيقي دور النقيض وأقول لك: نعم اعترافات المتآمرين كانت خطياةً كتبوها بأيديهم وهذا لا ينفي أنهم عذبوا فأجبروا بالإدلاء باعترافاتهم تلك.
لن يقتنع التروتسكيون بأدلة غير تلك التي يجدونها في وثائق غربية أو تروتسكية
تحياتي رفيقي

اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي