الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع الطوائف والطبقات في المشرق العربي وإيران

فهد المضحكي

2019 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الفصل الثاني من كتابه «صراع الطوائف والطبقات في المشرق العربي وإيران»، تحدث الروائي والمفكر عبدالله خليفة عن صناعة الزعامة في المرحلة الطائفية قائلاً: «لم نجد هؤلاء الزعماء في المرحلة العربية السياسية الراهنة ذوي انتاج سياسي أو فكري، لم يكن لهم تاريخ تراكم في خلق معارضة سياسية أو فكر سياسي وطني راسخ خلال عقود، بل ظهروا فجأة او بالارتكاز على قوى حكومية في الخارج أو في الداخل، ثم تحولوا إلى مادة اخبارية يومية، سواء بتأييدهم أو برفضهم، وهذا سواء بالإعلان الدائم عن حضورهم، كأنهم نازلون من القدر أو السماء على البشر».

وإلى جانب هذا فهم ليسوا أبطالاً في حروب أو ثروات، أو محققي منجزات، بل هم صناعة كلام، وكما أن صناعة الأبطال والشخصيات المسيطرة في العالم العربي تستند إلى أجهزة الحكم المتجذرة في الهيمنة، فيبدو ان المعارضات الطائفية الصاعدة في الثورات أو الثورات المضادة تنتظر دورها في صناعة أنظمة استبدادية حيث أنها تقدم شخصياتها المسؤولة بطرق فجة، عبر جماعات أهلية اشبه بعصابات تنتظر الغنائم والكراسي السياسية لكي تتحكم في الأموال العامة.

من بين العناوين التي ناقشها خليفة «لا تعمل مع الطائفيين»، وهنا يعتبر حراك الدينيين في المنطقة خاطئاً منذ البداية، فالمتاجرة بالدين تأسست قديماً باستغلال الفقه للهيمنة على البسطاء، ثم انتشرت في السياسة وتأسيس الدول والجماعات. كانت الجماهير تريد الحراك السياسي للمزيد من الأمان، وللمزيد من الاطمئنان، وحتى حين هربت أو اختفت الشرطة كما حدث في مصر، كان الناس يحمون البيوت والاطفال والنساء والمتاجر. والجماعات الدينية كما يقول غير مؤهلة للعمل بالسياسة، لتمزيقها وحدة البلدان والشعوب والأهل، ولغياب برامجها التحديثية الانقاذية، فهي ماضوية ارتدادية، محافظة يمينية، وحتى هذه اليمينية ليست على طريقة اليمين الغربي الديمقراطي صاحب البرامج والمعبر عن طبقات رأسمالية قادرة على تقديم اشياء جديدة.

وتوضيحاً لذلك يعتقد منذ ان قامت هذه الحركات وهي تقدم الكوارث في كل مكان، ادعت المقاومة فظهرت انها شبكات مرتبطة بمخابرات دول دينية وقومية فاسدة، نشرت عدة حروب اهلية طاحنة كلفت الملايين من الضحايا في لبنان وفلسطين والعراق والجزائر والسودان وافغانستان والقائمة تزيد!

أما على صعيد اليسار يرى خليفة أن ليس كل اليسار مخدوعًا بهذه الجماعات كما يشير البعض، لكن هذه الجماعات التي أفلست سياسياً، ولم تعد قادرة على خلق رفاق جدد، والحفر في الحارات، وانتهت تنظيمياً وفكرياً وليس لها سوى الجري وراء الطافح الملوث، من هذه الجماعات الطائفية التي استغلت حنان الحكومات لبضعة عقود، وتغلغلت بين الفقراء الجهلة وسيطرت عليهم!

وكما يذكر ليس كل اليسار مخدوعًا، بهكذا فتات يُلقى له، ويجري نحوه، ثم لا يعثر عليه، وينبش في التراب والقمامة لكي يجده، بل يجد الصفعات على وجهه، ويعود الطائفيون للجثوم على الكراسي واحتلال مقاعد المكافآت، سواء كان ذلك في مجالس منتخبة جزئياً، أو عبر دساتير ناقصة، او كاملة كما سوف يجري لاحقاً، فالطائفيون اليمينيون القصابون للحم الجماهير، هم من سوف يستغل كل الخداع الواسع!

وفي ذات الفصل يناقش قضايا لها علاقة بالاخوان المسلمين ومخاطر الشمولية ويطرح سؤالاً كبيراً وهو: هل يتقبل الاخوان المسلمون قوانين الحداثة الديمقراطية أم سوف يؤسسون انظمة شمولية تتدرج في استيلائها على الثروات العامة وتنحية الخصوم، والقبض على الاجهزة العسكرية والامنية والوزارات السياسية والاقتصادية الكبرى؟

وفيما يتعلق بهذا الجانب؛ فإنه يعتقد ان استمرت لغة احتكار الاسلام لدى كل هذه الجماعات المؤدجلة للاسلام بأشكال محافظة معبرة عن قوى معينة من بين المسلمين بأنها هي الاسلام، وفي هذا دكتاتورية واضحة لكنها تبدأ من تعميم وتضبيب اللغة السياسية.

واحتكار تمثيل المسلمين او المواطنين عن طريق حزب لا يعنى سوى ان الديمقراطية والأعمال الانتخابية هي هراء لا معنى له، في ظل ان تنظيماً دينياً هو من البداية امتلك الناس وعبر عنهم؟!

وهذا يعني من جهة أخرى تنحيتهم للقوى الليبرالية والتقدمية من دينها، والتيارات المسيحية والماركسية من عقائدها، وجعلها ملحدة بالقوة حسب معاييرهم الشكلية للإسلام، وقمعها مسبقاً!

فصل المذاهب عن السياسة الحديثة، أحد العناوين الذي تضمنها الفصل الثالث من الكتاب وهنا يقول: مثلما تواجه الثقافة السياسية الدينية مشكلات التطور الاجتماعية والاقتصادية بعد الثورات العربية، كذلك عاشت ايران تواجه المعضلات نفسها واختارت الدكتاتورية طريقاً.

وقد ورط الخميني الشعب الايراني بفكرته عن ولاية الفقيه التي حولها لنظام استبدادي مذهبي قومي شوفيني في الحقيقة، ولكن في التطبيق العملي للفكرة جعل التقنيين والسياسيين البرجماتيين هم الذين يديرون البلد في أثناء حياته!

ان الدولة الايرانية التي شكلت دكتاتورية قومية فارسية في العمق أخذت تغوص في أزمة عميقة، لقد تنامت الدكتاتورية في كل مجال، واختنقت البذور الديمقراطية والليبرالية والعقلانية وصعدت ثقافة التعصب والغيبيات المتطرفة!

هذا الاصدار مجموعة مقالات موزعة على أربعة فصول وهي مساهمات تنويرية جمعها موقع الحوار المتمدن، وفي اضاءة يقول خليفة: علينا ان نفتح صدورنا وعقولنا لأي نقد أو حوار، ونتفهم الآخرين ووجهات نظرهم، فالأمر هو حوار وبحث مشترك ومساهمة في التنوير مع احترام العقائد دون غلق لحريات البحث، الناشر لهذا الكتاب كلمة للنشر والتوزيع، دار الأمان، منشورات الاختلاف، منشورات ضفاف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل