الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضَحايا تجارب إلهية.

زيدان الدين محمد

2019 / 2 / 9
الادب والفن


"أيُّ الحماقات همجيةٌ أكثر؟ ابتلاع أرجل العنكبوت أم حَلق الحُرية مِن رأس طفل؟.
أيّهُما صالحًا لِلسُخريةِ ،الشّاعر أم الرّاهب؟.
مَا معنى مُحارب في معركة الشَّك؟.
هل يحتقر الشَّيطان أولياء الله ؟ أم أولياء الله لا يُؤمنون بِالجحيم خَارج ساحة الحرب؟".
-نَدئ عَادل.



مرةٌ حَلمت أنني صَاعقة أغاظها عمود إنارةٍ في أحدِ الشُّوارع المطبوخة برائحة الخراب و العرق و البيض المسلوق و الخمر الرخيص، فَصعقته!.
و مرةٌ حَلمت أنني بابيّ اليأس و العدم المفتوحين كأبوابِ العربات.
و مرةٌ حَلمت أَنني أبًا لِعصفورٍ تشظَّى جناحهُ الأيمن بِسبب الحرب.
و مرةٌ حَلمت أنني حِذاء جُنديٌ فقد بُندقيته فاختبئ تَحت فُستان أُمه.
و مرةٌ حَلمت أنني تبريرٌ لخطأ الحروب و الجوع و قيد الوجع و مأساة طفلٍ لقيط و امرأةٌ جارية.
و مرةٌ حَلمت أنني شَجرة تمّ اقتلاعها لِأنها حاولت أن تَستلقي.
و مرةٌ حلمت أن طائرتي الورقية قصفتها الطائرات.
و مرةٌ حلمت أنني رائحة دمٍ لِجُثةٍ طازجة تلعقها القطط و تتغذى عليها الذباب.
و مرةٌ حلمت أنني الحانوت المُقفل في وجه طفلٍ وقف عُمرًا طويلًا أمامه و هو يحمل لعبته المُمزقة.
و مرةٌ حلمت أنني العروبةُ التي اغتصبتْ فلسطين.
و مرةٌ حلمت أنني محطّةٌ لا تعبرها القطارات و لا تراها.
و مرةٌ حلمت أنني رصاصةٌ كُلّفت بِقتل ألعاب الأطفال طموحاتِ الشباب و أُمنيات الأمهات و بُكاء الآباء و صلوات الجدّات.
و مرةٌ حلمت أنني لسانُ كلب لا يجيد سوى النباح.
و مرةٌ حلمت أنني نملة تسللت لحنجرة أحدهم مُكبّل بالقيود كان ينوي الصُّراخ.
و مرةٌ حلمت أنني طائرٌ لا أشجار يلوذ بها هو و عُشّه.
و مرةٌ حلمت أنني طائرٌ يأكل الفزاعة التي آوته في ليلةٍ سفيحة الظلام و الدّم.
و مرةٌ حلمت أنني رياحٌ استقرت في ملجأٍ اختبأ فيهِ النَّاجون مِن الحروب الأهلية.
و مرةٌ حلمت أنني تلك الزوبعة في فنجان قهوة.
و مرةٌ حلمت أنني سقوط البشرية.
وَ مرةٌ حلمت الله يضحك فِي وجهي المليء بالدمل و بُقع الدِّماء،كان يضحك حين كُنت عاريًا متثلجًا ،كان يُبللني بالمزيد من الحكمة الغامضة التي لا أفقهها ،حاولت أن اسأله بِخصامٍ،فرّ كما تفرّ الفراشات بعد أن أخبرني أن اسأل أهلِ الذِكر عمّا أُريده.
هل الله يَشعر بعجزي مِن تقبّلي لِتلك الإجابات مِن أهل الذِكر و أولي الإيمان حين يقولون لي:
"هذا ابتلاء و اختبار للإيمان" ؟.
خجلٌ جدًا مِن أن أُصارح الله أنني ذَلك الكُرسي ذو الثلاث السِّيقان والذي يجلس عليه رجلٌ بدين مَع مشروعاته وأهدافه السَّبعة ،خجلٌ كذلك مِن أن أخبره بـ..! مَن الذي يُخبر الإله أنني أنا و الأطفال و النساء و الجُبناء و الفريسة و المرضى ،أننا أبرياء و لسنا مادةٌ لإختبار إِيمان أو عدم إيمان الآخرين كَي ينالوا الدرجة المُمتازة أو يرسبوا فِي الإختبار ليدخلوا النعيم أو الجحيم!.
أمعقولٌ أن نكون نحنُ الأبرياء ضحيَّة الإختبارات و التّجارب الإلهية لِغيرنا مِن البشر؟.
و هل دم العصفور مُباح قبل دم الإنسان؟و لِماذا لا تغسل دمعة طفلٍ واحدة قلوب القتلة و تُطفئ الأراضي المُحترقة ؟ ألا يجدر بنا أن نُصبح صوت إيفان في رواية كارامازوف لديستويفسكي ،حين اعترض على السماء و خطأها باسم القيم و الإنسانوية للطفولة؟لماذا لم تعد دمعة الطفل تقتل تلك المُبررات التي تسفحها؟.
وَ ما بال المُوسيقى أصبحت محض تسلية لا رسالة؟.
وَ من الذي قتل بعد الغدِ الذي انتظرناه و خبئنا مستقبلنا المُنير فيه، في قول فيروز:
"إذا مش بكرة لبعدو أكيد".
و مَا بال القصائد أصبحت مكائد؟.
و لِماذا انطلت خدعة الأوطان في عزّ بحثنا عن مخبأ،لماذا الأوطان مُجرد أمكنة؟.
و لِماذا لم نعد نستطع العيش دون أن نضع الفلترة على صورنا و أفكارنا و آرائنا و حتَّى قراراتنا؟.
و لِماذا أصبحنا نبحث عن قشةٍ في كومة إبر؟.
و لِماذا نحنُ الأبرياء أصبح عُنصرنا الوحيد هو الهواء الذي لَم نعد نملك غيره؟.
و لِماذا أمسينا نُمجّد أبا لهب و نبصق على بلال؟.
و مَاهو إمتحان إنسانيتنا؟.
و لِماذا نُساعد في موت حنظلة و معه المقاومة و الغضب و الحقّ؟.
و لِماذا لَم نعد نرى السماء لِتتغذى أبصارنا بجمال القمر،بل نراها بحثًا عن استجابة الله لصرخاتنا؟.
أيها الناظرون لِلسماء، العابرون في الأرض ، القاتلون و المقتولون، لقد تقطّعت أقدامنا سيرًا على رصيفٍ مُبلل بالخراب ، مهما سِرنا فالأرض عمياء لا ترى دماءنا و تعدّ خطواتنا، و السَّماء خاوية.


خَارج حواس الجنة، لَم أعد أبيع التُّفاح، و هم لم يعودوا يشتهونه.
أصبحنا ذلك التكوين الأساسي لِلندم، و اللعنة التي تُريد أن تثأر من أنانية و تهوّر آدم لأكله التفاح .
لَقد مارس والدي الجنس مع والدتي،و وُلدت و أرضعتني أمي و مشيت و تعلّمت و كبرت و أحببت لتكون هويتي فقط:
ذلك النُور المُزيّف في آخر الممر.
الممر الخانق هذا، حياتنا، و ذلك النُور المزيف نحنُ و آمالنا.
و أخالُ أننا يوسفٌ في بئر الحياة، و السّيارة هُم "الموت" ، فأنّى للسيارة التقاطنا من وحشة البئر الذي سرقوا بقعة الماء التي كانت متبقية فِي قعره؟.

تُملئ منازلنا بالطين و الماء ثُم يعاقبوننا لِأننا غرقنا ، يغتصبون أراضينا و يعدموننا حِين نحمل السِّلاح ، يجردوننا ملابسنا ثُم يجلدوننا لأننا عُراة.
أرواحنا، قطرات عرق تعرّقته جبهة الحرب.
هَل يحقُّ لي أن اسأل الله:
أين نَجد العدالة و الرَّحمة؟.
أم أنَّ الموت ملائمٌ لَنا ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض


.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا




.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه