الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولايات المتّحدة تدعم الإنقلاب في فنزويلا و تظهر عرّاب هذا الإنقلاب في صورة ملاك

شادى الشماوي

2019 / 2 / 9
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


" جوهر ما يوجد فى الولايات المتّحدة ليس ديمقراطية و إنّما رأسماليّة - إمبرياليّة و هياكل سياسيّة تعزّز الرأسماليّة - الإمبرياليّة . و ما تنشره الولايات المتّحدة عبر العالم ليس الديمقراطيّة و إنّما الإمبرياليّة و الهياكل السياسيّة لتعزيز تلك الإمبرياليّة ."
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 43 ، 16 أفريل 2006
" الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته "
طوال نهاية الأسبوع الفارط ، كان السياسيذون و كانت وسائل الإعلام يبثّون هراءا معسولا حول جهودهم المباشرة للإطاحة بالحكم في فنزويلا . و كانوا يشدّدون على أنّ من واجب الولايات المتّحدة أن تتدخّل لدعم الشعب الفنزويلي الذى يرغب في تطبيق دستوره و ديمقرطيّته .
ليس لهذا صلة بالحقوق الإنسانيّة و الديمقراطيّة . هذا إنقلاب يجرى التسويق له كي تعمّق الولايات المتّحدة قبضتها الدامية على أمريكا الاتينيّة و تتخلّص من شوكة مزعجة بجانبها . هذا ببساطة فكر عصابات – جريمة أمريكيّة أخرى . و مجدّدا تسعى إلى مغالطتهم بإعتماد خطّ " الديمقراطيّة " كإسطوانة مشروخة .
في خضمّ تعمّق الأزمة السياسيّة و الإقتصاديّة – صارت أسوأ إلى حدّ غير محتمل بفعل الحرب الإقتصاديّة للولايات المتّحدة – تظاهر آلاف الناس في نهاية الأسبوع الماضي ضد حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو . و هذا الأخير وريث هوغو تشافايز الذى إستخدم نفط فنزويلا كرافعة ليس ل " الإشتراكيّة " و إنّما للحصول على موقع أفضل في النظام الإمبريالي بشكل عام . و كانت الولايات المتّحدة تعمل مذّاك على كسر أنيابفنزويلا و جعلها تركع ركوعا تاما لإرادة الولايات المتّحدة .
مخاطبا آلاف المحتجّين ، إعتبر خوان غايدو ، رئيس المجلس الوطني و القائد المفتاح في المعارضة المناهضة لمادورو، أنّ نظام مادورو غير شرعيّ و أعلن نفسه رئيسا .
و دقائق لا غير عقب ذلك الإعلان ، إعترف به ترامب كقائد إنتقالي و صرّح بأنّ مجلسه القومي كان " الجهاز الشرعيّ الوحيد الذى تمّ إنتخابه إنتخابا صحيحا من قبل الشعب الفنزويلي " . و مستشار الأمن القومي للولايات المتّحدة و هو مجرم الحرب الذى لم يتب ، جون بولتون المدافع عن دونالد ترامب بإعتباره ممثّلا للديمقراطيّة ، هدّد بالتدخّل العسكرى للإطاحة بمادورو قائلا : " كلّ الخيارات على الطاولة ".
و قد وُجد الكثير من اللغو عن تجاوزات حقوق الإنسان و عن كيف أنّ غايدو نوع من الأبطال المقاتلين ضد الطغيان اللادستوري . و والواقع هو أنّ لرئيس مافيا الولايات المتّحدة مخطّطات لإرساء حكومة خاضعة له و قدّم لشعب فنزويلا مقترحا ليس بوسعه رفضه .
و المقامرة التي قام بها تشافيز ثمّ مادورو – السعي إلى إستخدام نفط فنزويلا للحصول على موقع أفضل في النظام الإمبريالي العالمي – منيت بالفشل حينما تراجعت أسعار النفط . و شهد لإقتصاد فنزويلا أزمة . إلاّ أنّ الولايات المتّحدة كانت تضاعف من ضغطها على الشعب الفنزويلي لإيجاد وضع غير محتمل يدفعه للمطالبة بتدخّل الولايات المتّحدة .
و لنحدّد من يجب أن نحمّله حقّا مسؤوليّة الأزمة .
- تعوّل فنزويلا على صادرات النفط بما هي 95 بالمائة من مداخيلها . و في 2017 ، أصدر ترامب أمرا تنفيذيّا يمنع فنزويلا من تمويل ديونها في الولايات المتحدة و طبّق المزيد من العقوبات لمنع شركات نفط فنزويلا الموجودة في الولايات المتحدة من إرسال مرابيحها إلى فنزويلا . فكان هذا هو السبب الأوّلى في تدهور ب 37 بالمائة في إنتاج النفط ما أفضى إلى خسارة تقدّر بستّة بليون دولار كمداخيل سنويّة .
- حائلا دون تدفّق الأموال إلى فنزويلا ، بلد يعتمد تماما على ذلك لتمويل واردات الغذاء ، يعنى تجويع الملايين و التسبّب في موت الآلاف جرّاء أمراض قابلة للعلاج . و قد ساهم ذلك في أكبر أزمة هجرة في الجزء الغربي منالكرة الأرضيّة ب 2.3 مليون إنسان مجبرين على هجرة البلاد . و كانت هذه العقوبات تستهدف مباشرة ضرب إستقرار الحكم في فنزويلا عن طريق تجويع الشعب . و مع ذلك ، لا يتورّعون عن الحديث المساعدات الإنسانيّة !
- و قد أقرّ تقرير قسم بحوث الكنغرس في نوفمبر 2018 بأنّ تأثير هذه العقوبات يمكن أن " يفاقم من الصعوبات الإنسانيّة لفنزويلا الى شهدت نقصا في الغذاء و الدواء و تزايد الفقر و الهجرة الجماعيّة ". غير أنّ ترامب صادق على هذه العقوبات و طالب بأن " يضع مادورو حدّا للقمع و الحرمان الاقتصادي للشعب الفنزويلي ".
- و ورد في تقرير لجريدة النيويرك تايمز في 8 سبتمبر 2018 أنّ " إدارة ترامب عقدت إجتماعات سرّية مع ضبّاط الجيش المتمرّدين من فنزويلا خلال السنة الماضية لنقاش مخطّطاتهم للإطاحة بالرئيس نيكولا مادورو ". و لم يُكذّب البيت الأبيض ذلك بيد أنّه قال " من الهام الإنخراط في " محادثات مع جميع الفنزويليين الذين أظهروا رغبة في الديمقراطيّة قصد " إحداث تغيير إيجابي في بلد عانى الكثير في ظلّ مادورو ". و من الذين إلتقوا بهم هناك جنرال كانت الولايات المتحدة ، حسب التايمز ، قد إتّهمتهسابقا بإقتراف التعذيب و التجارة في المخدّرات .
- و قد حثّت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة الجيش الفنزويلي على التمرّد ضد مادورو و حتّى عرضت 20 مليون دولار كمساعدة إستعجاليّة لغايدو . و مع ذلك ، يدّعى السيناتور ماركو روبيو أنّ هذا لا يمثّل محاولة إنقلابيّة لأنّ..." لم أشاهد أمريكيّا واحدا في الشوارع في فنزويلا عندما نزل مئات الآلاف ، إن لم يكن الملايين ، إلى الشوارع " .
فإن كان تجويع الشعب عمدا عبر الحرب الإقتصاديّة و التآمر السرّي لأجل التمرّد العسكريّ ، و المساعدة المباشرة لأحزاب المعارضة و التهديد بالغزو العسكريّ هو " نشر للديمقراطيّة " ، قولوا لنا ما هو الإنقلاب إذن ؟
طريق تشافيز – مادورو جزء من المشكل و ليس جزءا من الحلّ
لطالما كانت فنزويلا وهي تملك أحد أكبر إحتياطيّات النفط العالمي تحت سيطرة الإمبرياليّة الأمريكيّة التي تعتبرها محطّة تزويد لها . و قد أفرز ذلك مجتمعا مشوّها له قطاع عالى التقنية هو قطاع النفط و إقتصاد متخلّف على وجه العموم أعداد العاطلين فيه كبيرة جدّا كما هو هائل عدد لذين يعيشون في مدن الصفيح . و تشافيز و مادورو ليسا " إشتراكيين ". فقد حاولا البحث عن " صفقة أفضل " مع بلدان مشابهة لهم في التفكير بهدف تحسين الموقع التفاوضيّ و الحصول على قسط أهمّ من أرباح النفط و بعد ذلك إستعملا البعض من تلك الثروات لتمويل برامج رفاه إجتماعي في صفوف الفقراء .
لكن فنزويلا لم تقطع فعلا مع العلاقات الإمبرياليّة و تركت العديد من العلاقات الإجتماعيّة المتخلّفة داخل فنزويلا على حالها: تقريبا تسعة ملايين إنسان ظلّوا أسرى مدن الصفيح و ظلّت النساء تابعة و خاضعة - الإجهاض ممنوع في فنزويلا. أمّا بالنسبة للبيئة ، فإنّ فنزويلا أكبر باثّ للكربون في أمريكا اللاتينيّة .
و يفضى بنا هذا إلى نقطة هامة : الطريق الذى شجّع عليه تشافيز جزء من المشكل و ليس جزءا من الحلّ . إنّ خدعة و طريق غير سالك يترك العلاقات مع الإمبرياليّة كما هي دون مساس .
لكن بالرغم من الوقوع أسرى هذا النظام الإضطهادي ، فإنّ " فنّ الصفقات " كان أكبر من أن تقبل به الولايات المتّحدة في ما تعتبره بغطرسة " خلفيّتها " . و الطبقة الإمبرياليّة الحاكمة للولايات المتّحدة -وهي تشتمل على كلّ من نظام ترامب / بانس و الديمقراطيين ، و الذين هم جميعا تقريبا إلى جانب محاولة الإنقلاب هذه – مصمّمة على إعادة فنزويلا و كامل أمريكا اللاتينيّة مجدّدا إلى ما تعدّه الولايات المتّحدة " مكانها ". هذا حقّا ما يقف وراء الكلمات المعسولة التي يبثّها هؤلاء السياسيّون لتبرير التغيير في النظام و كافة البؤس و العذاب اللذين يصبّونهما على رأس ملايين الناس .
نحن في حاجة إلى عالم جديد – يتجاوز تقسيم العالم إلى حفنة من الدول الإمبرياليّة التي تستغلّ و تضطهد و تسحق بقيّة الإنسانيّة ... عالم يتحرّك صوب إلغاء كافة ألوان الإضطهاد و الإستغلال و كافة العلاقات بين الناس و الأفكار القائمة على و المعزّزة لذلك الإستغلال و الإضطهاد . و كجزء من النضال راهنا في سبيل هذه الثورة ، نحتاج إلى معارضة التهديات و التحرّكات الحاليّة الخبيثة – و الخطيرة للغاية – التي تقوم بها الإمبرياليّة الأمريكيّة ضد فنزويلا .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة


.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا




.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي