الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتفاضة تسير فى الاتجاه الصحيح

محمد مهاجر

2019 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية




لقد فاجأ المتظاهرين الشباب العالم كله واثبتوا بان الالة العسكرية لنظام البشير الدموى لن تثنيهم عن تحقيق مطالبهم وهى ازالة نظام العساكر واقامة البديل الديمقراطى الذى يحقق السلام المنشود وينتشل البلاد من ازماتها المعقدة. وكنتيجة حتمية للضغط الشعبى قدم راس النظام ما عن لفؤاده انه تنازلات, فقام بالتنصل عن قانون النظام العام سيئ السمعة توطئة لالغاءه, مرتجيا بذلك رضا المحتجين, ولكن هيهات. وان الثورة التى اندلعت فى ديسمبر الماضى لهى ماضية بلا هوادة الى نهايتها المنطقية وهى الاضراب العام والشلل العام لمرافق الدولة مما يحتم قيام نظام جديد

ان الاضراب العام يتطلب ان تحدث نقلة نوعية للتظاهرات والاحتجاجات, نقلة يصدق فيها خطل محاولات وقف التيارات الهادرة الثائرة وفوق ذلك يدنى للجميع الثمار الطيبة لما زرعوا. ان النيل العظيم لم يتوقف لحظة فى تاريخه الطويل بل ظل يؤدى رسالته على اكمل وجه. وكلنا يعلم ان ماء النهر يبدا بقطرات تسقط فى مكان عل فتتجمع فى شكل جداول ووديان وانهار صغيرة ترفد النهر الكبير. وكل هذا العمل يتبع نواميس الطبيعة ولا يخالفها, فالتراكمات الكمية تؤدى الى تغيير نوعى

هنالك عدة اسباب ادت الى ابطاء عملية تطور الانتفاضة, منها الثغرات الامنية والتى تتطلب تفعيل خطط طوارئ لمعالجتها حتى ولو تسبب ذلك فى تاجيل بعض العمليات. مثال لذلك تعمد اجهزة دعاية وامن النظام ارهاق اجهزة الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعى بمعلومات مظللة ورسائل خبيثة. ان لهذه الدعاية اهدافا عدة منها شحذ الهمم واذكاء الحماس الزائد فى النفوس املا فى ان يرتكب الثوار حماقات ومعارك داخلية تقدح فى نبل اهداف الثورة او فى سلميتها. والتحبيط بدوره هو هدف اصيل لتلك الدعاية, ويتم ذلك بعدة طرق مثل المبالغة فى تضخيم حجم القوة الامنية وتصوير التكهنات حور تدخل الجيش والمجتمع الدولى على اساس انها حقائق دامغة والتشكيك فى القيادات الشرعية. وكمثال للاخبار المدسوسة والتى اتضح للجميع فسادها الاخبار التى تحدثت عن احتمال تدخل رئيس هيئة اركان الجيش السودانى لاحداث تغيير جذرى فى السلطة. والهدف النهائى كان دفع الناس الى الاحباط

السبب الثانى هو تنظيمى وهو يتعلق بقصور فى الفهم عند البعض حول عملية توزيع الادوار, فمن البديهى ان يكون هنالك قادة وكوادر صف اول وثانى وكوادر ميدانية وغير ذلك, لكن من غير المقبول على الاطلاق ان ينصب البعض انفسهم كقادة للثوار من غير تفويض صريح وواضح منهم. صحيح قد يتحمس البعض وبحسن نية يعمد الى قيادة عمل ما, لكن فى نهاية المطاف راى الجماعة هو الغالب. ان خطورة اجتزاف القيادة تكمن فى التطبع على التجاوزات مثل التغاضى عن المشاورة وتضخيم الذات والتعالى وارتكاب حماقات عالية التكلفة بالنسبة للثوار, ويحدث كل ذلك وغيره لان من يتسنمون زمام القيادة فى هذه الحالة هم فى الحقيقة يعزفون عزفا منفردا. وبداهة فان افضل هؤلاء هم من يفعلون ذلك بحسن نية. والحل الافضل فى هذه الحالة هو ان يؤمن كل منا ويمارس اولا الدور الطبيعى المنوط باى معارض وهو الخروج والاشتراك فى التظاهرات

السبب الثالث هو التواكل. وقد درج البعض على الجلوس على المقاعد الخلفية انتظارا للحظة حسم الصراع ومن ثم التكالب على اقتسام الغنيمة. ان الذين صمتوا على ظلم الانقاذ لما يقارب الثلاثين عاما لقادرين على ان يصمتوا لاسابيع او اشهر اضافية, ذلك لانهم استبطنوا ان نصيبهم هو فتات من موائد نافذى سلطة القمع والارهاب. هؤلاء سيجدون انفسهم بلا رواتب حين يتم الاضراب العام, ولو فكروا فى الهروب سوف لن يجدوا وقودا لسياراتهم او وسيلة نقل توصلهم الى مثاب. والعاقل من هؤلاء من يهتدى فى لحظة ما الى ان الامر قد قضى وانها ليست الا اياما قليلة سيرى بعدها فجر الخلاص المجيد بام عينه, حق اليقين وعين اليقين

ان الدروس المستفادة من مسيرة الثورة تكمن فى قوة الشكيمة والصبر والمثابرة وغلبة روح العمل الجماعى والتضامن والصمود والتحدى, وخير امثلة لذلك التضامن مع اسر الشهداء والمعتقلين والمفقودين والجرحى. لقد اثبت الثوار مقدرات عالية على تحدى السلطة والاصرار على مساعدة الغير وتقديم الغالى والنفيس من اجل ابطال الوطن واسر الشهداء. ان الكثير ممن يرددون هتاف:” كل الوطن دارفور”, كانوا اطفالا عندما شن الدكتاتور البشير حرب الابادة فى دارفور, وقال انها اندلعت بسبب جمل. ولم يك هؤلاء الشباب الصغار اكثر علما او خبرة من كثير من الساسة المخضرمين الانتهازيين, وبعضهم من دارفور, والذين مازالوا يزينون للدكتاتور افعاله الشنعاء. ان الجيل الجديد قد تخلص من كثير من سلبيات السياسة فى العهود الماضية وقد ساعدهم فى ذلك العمل مع بعض, بغض النظر عن ثقافاتهم وجهاتهم واديانهم. وكذلك اضطرهم القهمر الجماعى, ورب ضارة نافعة, الى التفكير سويا حول بدائل مبتكرة. ان الذين عبروا البحار طلبا للهجرة واللجوء, عركتهم الظروف القاسية فاصبحوا متضامنين مع بعضهم البعض, ضاربين عرض الحائط بالتصنيفات القديمة السالبة مثل هذا كردفانى وهذا غرباوى وهذه نوباوية وهذا جلابى وهذه من اهل العوض وهذا ادروب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف