الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل التضامن مع وليد جنبلاط، شوية طائفية درزية..

فاضل الخطيب

2019 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


سبب هذا الموضوع، هو موقف الزعيم الدرزي الأكبر وليد جنبلاط من مسألة اللاجئين السوريين في لبنان ودفاعه عن حرية شعبنا وعدائه لنظام الأسد، وهو حالة استثنائية بين سياسيي لبنان، بل هو قامة استثنائية بين الآخرين تستحق الاحترام والتضامن معه ضد الحملة التي يشنها نظام الأسد وحلفائه في لبنان وسورية أيضاً..
نحن الدروز، عندنا دائماً أشخاصاً تجاوزوا الطائفية، منهم من دافع عن صبيان إبن تيمية، منهم من دافع عن دروز البدو، وطبعاً منهم يعتبر سلطان الأطرش ترباية بشار الأسد ومواليد القرداحة، وهناك أفراد اليوم يلتقى تردد موجة نضالهم مع تردد موجة نضال دروز الأسد في لاطائفيتهم التي تستهدف وليد جنبلاط، وكل فئة أو شريحة ضمن شريحة الدروز الصغيرة أصلاً، عندها حججها ومبررات موقفها وعدتها النضالية التي ”لا يجوز التشكيك بموضوعيتها“..
كان ومازال، وسيبقى محاولة البحث والتمسك بالحلقة الرئيسية، هو زبدة النضال الثوري والأخلاقي. هناك مواقف نستطيع معرفة أخلاقيتها وصوابها، من خلال مواقف الأعداء منها، هناك/هنا، ليس فقط علينا معرفة ضد مَن نتحالف، بل مع مَن ومن أجل ماذا وكيف؟ يعرف وليد جنبلاط قوته أو قدرته وحجمه السياسي، لكن ذلك لا يرتبط بحجم القيم والأخلاق والتضامن مع اللاجئين السوريين، ومن لا يرى دور وموقف وليد جنبلاط الإيجابي، من المفيد إعادة قراءة قصة أكلت يوم أكل "العجل" الأبيض أو الأسود أو حتى الأحمر..
لم ندافع نحن الملحدين الدروز، وبالضبط بعضنا عن حركة الشيخ وحيد البلعوس لأنه رجل دين وغالبية أعضاء حركته شيوخ دين دروز، أو نصرة لحمزة بن علي، وهذا كان ومازال موقفي: (منذ ظهور حركة البلعوس، يوم كانت وحيدة في ذلك الليل الذي لم يضئه إلا نيران القذائف، قبل اغتياله، طالما لا نستطيع إقناع الشيخ البلعوس ورفاقه بقراءة ماركس وطالما لم يقتنع أن "الدين أفيون الشعوب"، من المفيد والواجب أن نبحث عن "سقف" أقلّ من سقف دار عبادته و"عبادتنا"، عن سقف لا يرفضه ماركس، ولا يتناقض مع رؤيته الدينية الخاصة. التفاعل الإيجابي مع ظاهرة البلعوس، لا يستدعي من أي شخص أن يتخلّى عن فلسفته وفكره وقناعاته، فقط الموقف العدائي من النظام، وهذا يكفي باعتقادي. أنا مع العصبية الطائفية إن كانت تساهم في إضعاف النظام ودعم بدائل وطنية لاطائفية، نعم يمكن للعصبية أن تساهم في القضاء على العصبية. تستدعي ممارسة السياسية البحث عن حلفاء، أو إقناع البعض بالانضمام لرؤيتنا السياسية، أو البحث عن قوى وجماعات تتقاطع مواقفها/مصالحها السياسية مع رؤيتنا رغم غياب شروط التحالف، ومن العقلانية أن يسعى من يتعامل بالسياسة، أن يبحث بين القوى والجماعات البعيدة عن فكره، ويدعم ما يُبعدها عن الأعداء، بل البحث حتى عن تفعيل فرص "تحييد" الذين لا يمكن التحالف معهم/. استخدم الشيوعي المجري يانوش كادار خلال فترة حكمه مقولة من الكتاب المقدس تقول "من ليس ضدنا، فهو معنا"، وبغض النظر عن مدى قدرة كادار حينها على تفعيل هذه "النظرية"، لكنها تستحق التوقف. أنا أعتبر ظاهرة جماعة الشيخ وحيد بلعوس تستحق الدعم، طالما هي تتعارض مع بعض سياسات النظام، وطالما هي تتقاطع مع بعض سياسات الثورة، أعتقد أنه من واجب العلمانيين في الجبل أن يجدوا الروابط مع ظاهرة الشيخ البلعوس، طالما هي تتقاطع مع كثير من أهدافهم الوطنية في الجبل)، هل نقف ضد شبيحة الأسد لو شارك بعضهم في مقاومة غزوة داعش في 25 تموز 2018 لأنهم في خندق آخر؟ هل يحق لنا استخدام عداء النظام لسلطان الأطرش واغتياله كمال جنبلاط والبلعوس وغيرهم، هل يحق لنا استخدام الشحنة العصبية تلك في النضال ضد الأسد، أم لا؟ سيما أن سلطان الأطرش وكمال جنبلاط والبلعوس في خندق فكري فلسفي آخر عن خندق لينين وماركس والبروليتاريا. والموقف من وليد جنبلاط وهو لا يختلف كثيراً عن كمال جنبلاط، بل أكاد أن أجزم أن حنكة وليد جنبلاط السياسية أقوى من كمال جنبلاط، ورمزية دار المختارة لا تخرج عن معنى الموقف من حركة البلعوس..
القراءة المغلوطة للواقع قد لا تجعل الواقع مغلوطاً، لكنها تساهم في ذلك، والعكس صحيح عن القراءة الصحيحة. تقويم الموقف من الواقع لابد أن يساهم في تقويم الواقع نفسه. أشعر أحياناً وأنا أقرأ عن بعض الأصدقاء الذين يحاولون تخطي الطائفية بتعابير "أنا سني وعلوي ومسيحي ودرزي وسمعوني، أنا كردي وعربي ومخلوط وابن حلال وجدي كان بحب جد فلان وستي رضّعت جد علتان"، أستطيع تصور وجه إنسان مطعوج، مشطّب بالشفرة، مليان بزاق، عيونه ع بتطاير شرر، حنجرته ع بتصرخ وما ع بينفهم شو ع بيحكي، وشفافه متورمة من القرقطة بحلم الجنة ونصف اسنانه مكسرة وقارط لسانه وسايلة "مخطته".إلخ. وخارج القوسين خريطة يتيمة مجعلكة عن سوريا. يعني لازم الواحد يكون كل هالطوائف الكريمة؟ وكل القوميات الأكرم؟ يعني شو بضر إذا كان الواحد سني عاقل ومنطقي بدون فتاوى التجار، وعلوي عادي ما عنده دندولة زيادة، ولا درزي معدته فاضية ورافع صورة سلطان الأطرش بدون ما يركع قدام صور الأسد، أو شيعي ع بيلطم بدون ما ينتصر ويثأر لدم الحسين من جيراني، أو مسيحي ما بارم نياعه من اليمين لليسار وواقف صامد ع الكفوف، ولا عاشر ع بيبحث عن بعرات جمل عائشة في كوارة قمح خبزنا، أو..أو..
تجاوز الطائفية لا يمكن إلا بتفكيك مقوماتها وإعادة بناء عقد اجتماعي جديد.. والحديث الإنشائي الذي يحاول غالبيتنا ترديده، هو مجرد تسجيل موقف لا يغيّر من الواقع شيئاً تقريباً.. المسألة تحتاج منهج حكومي وبرنامج وطني حقيقي، تحتاج نظام علماني ديمقراطي، تحتاج بدائل سياسية، لأن غياب السياسة الحقيقية، جعل الطائفية تملأ ذلك الفراغ..
وكي أقوم بتسهيل موقف اللاطائفيين الدروز في هجومهم عليّ، أقول: علينا نحن دروز سورية، وبعد كل تلك الصدمات التي عشناها منذ نصف قرن على الأقل، بل أستطيع القول حتى منذ ألف عام، يجب علينا قراءة الاستنتاجات بجرأة وصراحة. لم تنفع الدروز أنهم قدموا 67% من شهداء سورية في مقاومة الاستعمار الفرنسي، بل لم تكن كافية لإلغاء أو منع تدريس فتاوى التكفير من قبل القائمين عليها وحماتها القدسي. لم تنفع الدروز تصدرهم للحركات العروبية والقومية والوطنية في سورية والانخراط فيها، بل كانوا دائماً في موقع المتهمين وعلينا تبرير جرائم لم نرتكبها ولا نعرف ما هي، نعم، وكأننا قبلنا تلك اللعبة التي جرونا إليها، ليكون علينا واجب دائمي إثبات وطنيتنا لمن كانوا أقل وطنية منا. أريد الاستشهاد هنا بحديث كان لي مع شاب كوردي شيوعي قبل حوالي أربعين عاماً، وكان ذلك في أول لقاء معه حيث سألته "حضرتك كوردي؟"، وكان جوابه باعتزاز كبير، "لا، أنا شيوعي!"، رغم أنه يمكن له أن يكون شيوعياً وكوردياً بنفس الوقت، وهل نفعته شيوعية بريجنيف كشيوعي أو ككوردي؟ يسعى غالبيتنا إبراز عروبيتنا أكثر من المنحدرين من قريش وقحطان، على اعتقادنا أنها حماية لنا، وفي الواقع مازالت كلمة "درزي" في مصر التي تشكل نصف العرب، تعتبر شتيمة، يسعى غالبيتنا إبراز انتمائنا للإسلام أكثر من المنحدرين من سلالة النبي محمد، ونعرف ويعرفون هم أن ذلك حكي فاضي ونفاق متبادل. أنا هنا لا أدعو للعداء مع أي جماعة في هذا العالم، لكن للتماهي حدود، وعندما تتخلى طوعياً عن جزء من شخصيتك لإرضاء "صديقك"، فإنك ستدخل الراحة لنفسه أو تنال رضاه، لكنك لن تنال احترامه، واحترامه الحقيقي يكون عندما تغلق الباب وراء ظهرك وتخرج، وكلنا يعرف ذلك. نعم، وبالفم الملآن أقولها، لا يوجد عملياً للدرزي من يتضامن معه إلا الدرزي نفسه. أعتقد، وأنا أتكلم ”بطائفية“ لا عدوانية ضد أحد، أنه علينا إعادة قراءة مسيرة قرن مضى بشفافية وجرأة والتوقف عند الاستنتاجات السياسية والطائفية منه بدون حرج، من أجل معرفة أكثر لرؤية المستقبل، من أجل ألا تغلب روح التجامل الطائفي والسذاجة السياسية على حقيقة الواقع، من أجل وضع الأولويات حسب ما تمليه علينا حياة أحفادنا ومستقبلهم..
هذا كان رأيي، ومنذ سنوات ليست قليلة حول دور وليد جنبلاط الرئيسي "يسعى جنبلاط، ومنذ سنوات، لنسج غلاف "حيوي" حول طائفته في محاولة للمحافظة عليها من حريق الأوقيانوس الذي يحيط بها وتعيش ضمنه، ريثما يصبح ذلك المحيط اقلّ "أيرنة ودعدشة". يريد للطائفة أن تعيش في "سبات ناري" دون أن تحترق، أن تحافظ على مقوّمات الحياة، أو إعادة الحياة في هذا المحيط الممتلئ بكل شيء إلا مقوّمات الحياة. تخطى جنبلاط مرحلة الجلوس على الشاطئ وانتظار جثث أعدائه يسحبها التيار، صار ينتظر أن تمر طائفته بين تلك الجثث دون أن تصبح جثة". هل نقف ضد جنبلاط كونه زعيم طائفي، ونقفز عن موقفه كزعيم طائفي يدعم مشروع حرية شعبنا بالكامل؟ يعني هل نحاول الاستثمار في موقف جنبلاط الزعيم الطائفي الذي تجاوز الطائفية في مشروع وطني لاطائفي أم لا؟ هل خسارة جنبلاط ينفعنا كثوريين يساريين ماركسيين أم يضرنا؟!. ما رأي لاطائفيينا الماركسيين الملحدين بالشهيد خلدون زين الدين وزواجه وحجاب زوجته؟ تختلط أحياناً "حوابلنا بنوابلهم"، مما يستوجب معرفة امتدادات خيوط الحابل وخيوط النابل..
ما فيه درزي، حتى الساقطين منهم، إلا ويعرف عن تواطؤ النظام على قتل الدروز، لا دافع عنهم في داما والحقف وشقا والمقرن الشرقي والسويداء أو في جبل السماق بإدلب، ويعرف الكثيرون عن المسؤول عن اغتيالات كبار الدروز، كما يعرف غالبية الدروز، بمن فيهم الذين يرشون بارفان على عظام شيوخ التكفير الإسلامي، وكذلك الدروز القلائل جدا الذين تحاول إيران تشييعهم أو شراءهم، يعرف الجميع أنه لا يوجد للدرزي الذي لعنته الجغرافيا للدفاع عنه من لعنة بارود السماء تبع ابن تيمية وأبناء الخمينية والاسدية، إلا الدرزي. طالما لا يوجد نظام علماني ديمقراطي حقيقي ومتجذر في مؤسسات الدولة وفي رؤوس مواطنيها. لم ينفعهم اعلانهم "مسلمون موحدون دروز" أو بقاءهم خارج الحروب الطائفية الدينية القومية، ولم ينفعهم عند ثقافة التكفير والتخوين سلطان الأطرش وثورته وشهدائها وفكرهم الوطني وشعار ”الدين لله والوطن للجميع“، يعني شو ما عملت/ويمكن تعميمها، شو ما عملت مليح وابن حلال، بس تدير ظهرك، بترجع درزي زنديق قرمطي خائن "تبا لك" بالانكليزي، يعني اللي جروا عربة غورو محل البغال، ببيعونا وطنيات، وشيوخ البورنو حتى الخميني ومفاخذة الرضيعة، ببيعونا أخلاق وايمان وهداية. يا جماعة، انحيازنا للعروبة والقومية العربية ما كانوا يصدقوه، وكل خيانة بيعملها البعض/مثل الأسد وربعه، بيحطوها برقبتنا، إذا شاركنا بالثورة ما كانوا قبلانين والأمثلة كثيرة على محاربة تلك الثقافة الدروز الذين اشتركوا بالثورة، حين انهزمت الثورة بسبب خيانات وفساد رموزهم، صاروا ينتقدوا تخاذل الدروز، إذا دافعوا عن حزب الله وشارك دروز في تضامنهم ودعمهم له، يكون مشكوك في وطنيتهم ودينهم وفي 7 أيار شن خمينيو لبنان حربا على جبل كمال جنبلاط، ويمكن الحديث طويلا حول الفكرة أعلاه، يعني طالما الأمور هيك، ليش ما نبدأ نفكر بمستقبل احفادنا على الأرض وليس في السماء وما توعدون؟ نحن لسنا، ولا يجوز أن نكون ضد أحداً نهائيا، لكننا نريد أن نكون أولاً أننا لسنا ضد أنفسنا وأبنائنا، أي أننا نحتاج إعادة تقييم كل مفرداتنا السياسية السابقة، وتسمية الأشياء بأسمائها، واليوم ما عادت بتنصرف شعارات السياسة السابقة مدارس وكرامة وخبز/هذا اذا اعتبرنا تجاوزا أنه كان يمكن صرفها في يوم ما. استعراض سريع لعلاقة الأسدية كإحدى ملحقات الخمينية، ونظرة سريعة على قبر الارسوزي أو عبد الناصر، ونظرة سريعة على ثقافة ابن تيمية الحية في الرؤوس والمدارس الدينية، ونظرة سريعة على مقابر أهلنا وبطون أطفالنا، مع مقارنة تاريخية بين حساب الداخل والخارج، أو حساب البيدر والحقل..
نستطيع القول اليوم، أنه لو كان أجدادنا يعلمون مصير أحفادهم، لكانوا امتنعوا عن محاربة فرنسا، بل كانوا تعاونوا معها، لكن هل يمكن التفكير لو أنهم امتنعوا عن النضال ضد الاستعمار وقادوا عربة غورو وميشو كان وضع أحفادهم أفضل؟!..
لا يكفي أن تعلن انسلاخك عن الطائفة التي وُلدت فيها، بل يجب الآخرين أن ينسلخوا عن سلخك واعتبارك طائفي بالولادة. وأكرر ما قلته مرات عديدة، وهو أنه كلما رميت حذاء الطائفية خلفي، ركض البعض/والبعض أكثر من أنا، وأحضر الحذاء المرمي وألبسني إياه و"كرب البزيم مليح". أحياناً "يُجبرونك" أن تكون طائفياً ليبرروا طائفيتهم، والطائفي ليس فقط من يتعصب لطائفته، بل من يتعصب ضد طائفة أخرى، بل الذي يدافع عن طائفة أخرى كي لا يُقال عنه طائفي. لا يكفي أن يؤكد أحدنا على الانسلاخ عن طائفته صراحة، بل يحتاج قبولاً من الآخرين وأن يتعاملوا معه على هذا الأساس اللاطائفي..
علينا باعتقدي تقييم قراراتنا قبل اتخاذها وليس بعد ذلك. أحياناً كثيرة، لا نعرف الحدود إلا بعد أن نقطعها...
فاضل الخطيب، شيكاغو 10 فبراير 2019.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإيراني يحتفل بيومه الوطني ورئيسي يرسل تحذيرات جديدة


.. زيلينسكي يطلب النجدة من حلفائه لدعم دفاعات أوكرانيا الجوية




.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 14 جنديا جراء هجوم لحزب الله الل


.. لحظة إعلان قائد كتيبة إسرائيلية عن نية الجيش اقتحام رفح




.. ماذا بعد تأجيل الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية؟