الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العزاء بين الواجب والنفاق !!

حميد طولست

2019 / 2 / 10
المجتمع المدني


العزاء بين الواجب والنفاق !!
من أهم ملامح عصرنا كثرة وتنوع المناسبات الاجتماعية المتوارثة التي لا تقتصر على حضور افراح الأهل والاقارب والاصدقاء فقط، وتشمل الأتراح والأحزان ،التي اعتدنا على حدوثها كل يوم تقريباً ،ويضطر الناس خلالها لأداء المجاملات حسب التقاليد والعادات ، وعلى رأسها مناسبات العزاء ، التي تحولت طقوسها العادية التي كانت لا تحتاج إلى تنميق أو تزويق ، إلى سلوكات متكلفة مفروض أداؤها ، كواجب يتطلب من المعزي ، بغضّ النظر عن درجة أهمية الفقيد وقربه منه، أن يظهر لسانه مالا يخفيه قلبه من الاهتمام واستعراض الأسف والرثاء ، الذي يصل ،مع الأسف، في الكثير من الأحيان ، إلى المبالغة في تصنع الحزن واصطناع البكاء ، خاصة إن كان الهالك أكثر قرباً وحميمية؛ المناسبة التي حولها البعض لميدان للمتاجرة بالشكليات وحب الظهور، الذي يغيب عنه ومنه الصدق والبراءة ، وساحة لممارسة النفاق الاجتماعي الناعم المفعمة بالكذب والنفاق والتزوير والادعاء ، الخالي من روح التعاضد ومضمون المواساة أو حتى نكهة التضامن ، التي حلت مكانها قيم السوق ومفاهيم الربح والخسارة وهواجس البزنس وعوائده المادية والمصلحية المباشرة وغير المباشرة ، التي يعدها البعض مهارة وشطارة ونباهة .
ورغم يقيني بأن تقديم العزاء العفوي الذي يمارس بهدف مشاركة الناس نوازلهم والتخفيف من أحزانهم ، هو واجب ديني يكسب مؤدوه أجرا من رب العالمين، ومناسبة إنسانية تسهم في تقوية أواصر العلاقات الاجتماعية، وحسن العشرة ، وطيب المعاملات بين الناس .
فإن ما يحدث اليوم، مع الأسف، في المآثم من سلوكيات هجينة تغرق في شلالات النفاق الاجتماعي ، يجعلني لا أميل بل أكره حضورها إلا في أضيق الحدود ، وأقصر تضامني ومواساتي في تشييع الجنازة وحضور الدفن ، ولا أشارك فيها إلا حين أجد نفسي أحياناً مجبراً على الحضور مجاملة لصديقة أو أحد أفراد العائلة أو الأقارب المقربين ، فأحضر متأخراً ومهيأً للمغادرة مبكراً ،ليس تهربا من مشاركة الآخرين الحياة الاجتماعية ، لأني لانطوائ نفسي أو ميل إلى العزلة والانفراد ، كما يمكن أن يعتقد البعض ، ولكن لأني لا أجدني في مثل تلك اللحظات الحياتية الاجتماعية المتكلفة والمتملقة ، ولكرهي لممارسة النفاق ولعدم احتمالي لمشاعر الزيف واللاصدق الذي يغشى أغلب تلك المناسبات التي تشكّل بالنسبة لي ولمن هم في مثل حالي ، عبئاً ثقيلاً ، يثير في نفسي الضحك والشفقة على الذين يتناوبون على حضور مناسبات العزاء ، لممارسة انتهازيهم المقيتة في زمن تبهدلت فيه القيم الرائعة والمبادئ السامية والمثل الحية، واستعاض الناس عنها بقيم ومبادئ ومثل جديدة ، وأختم بقول بالترحم على شيء كان اسمه احترام الذات لذاتها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجازر وجرائم مستمرة وتفاقم الوضع الإنساني في غزة


.. «أكسيوس»: عباس يرفض التراجع عن التصويت على عضوية كاملة لفلسط




.. الأمم المتحدة: المجاعة التي يواجهها شمال غزة معقدة جدا


.. حملة اعتقالات في إيران لمنتقدي الهجوم على إسرائيل.. ما الاته




.. بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين