الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية التعبير بين الإساءة والسخرية من الأفكار والإساءة والسخرية من الأشخاص؟؟

وفي نوري جعفر
كاتب

(Wafi Nori Jaafar)

2019 / 2 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هناك مشكلة وسوء فهمٍ كبير جداً لمعنى ومفهوم حرية التعبير عن الرأي والنقد عند الكثيرين من أتباع الأديان والإيديولوجيات المتعددة، وهو عندما تنتقد أو تسخرُ من أفكارِ ديناً ما يقدسونه أو إيديولوجية ما يؤمنون بها تراهم ينتفضون بوجهك ويستشيطون غضباً قائلين لكَ كلمتهم الشهيرة (لماذا لا تحترم ديننا ومقدساتنا).!!

فالأديان والإيديولوجيات ما هي إلا مجموعة من الأفكار والعقائد والأنظمة التي يعتنقها البشر فيؤمنون بصحتها ويقدسونها ويجعلون منها خطاً أحمراً لا يمكن المساس بها أو نقدها والسخرية منها، فعندما ينتقد البعض ويسخر من هذه الأفكار والعقائد، فالنقد هنا لا دخلَ لهُ من بعيد أو قريب بإحترام أو عدم إحترام شخص الإنسان المؤمن بهذه الأفكار ولا دخل لهُما أيضاً بالإساءة الشخصية لصاحب هذا المعتقد أو ذاك، والمشكلة إنً هؤلاء المؤمنين لا يميزون أو يفرقون بين: الإساءة الشخصية للإنسان كإنسان وبين الإساءة الى أفكار الدين وشخوصه الذين يقدسونهم أو إلى افكار وأصحاب الإيديولوجيات المختلقة.!!

ويجب على المؤمنين بهذه الأفكار والعقائد أن يفهموا بأنً الأفكار مجردة من المشاعر والأحاسيس، أي أنها لا تتأثر بالنقد أو الإساءة، عكس الإساءة والسخرية لشخص الإنسان نفسه الذي يعتقد ويؤمن بهذه الأفكار، فالإنسان كيانٌ بشري واعي لهُ مشاعرهُ وأحاسيسه الخاصةُ بهِ، فهو يعيش ويشترك معك في نفس المشاعر والأحاسيس الإنسانية، وبالتأكيد سوفَ يتأثر من سخريتك وإساءتكَ إليه، لكن نفس هذا الإنسان عندما يتماهى في تقديس الفكرة ويؤمن بها بشكلٍ أعمى يعتبر أنً الإساءة والسخرية لها هي إساءة موجهة إليه فهذه مشكلتهُ هو وليست مشكلتي أنا، فأنا أنتقد وأسخر من الفكرة نفسها لا منهُ هو كإنسانَ، وأيضاً نفس هذا الإنسان المؤمن نجدهُ من جهة يؤمن بحرية التعبير والسخرية والنقد من الأفكار التي يرفضها فقط، لكن حينما يتم نقد الأفكار التي يؤمن بها نجدهُ ينتفض، ولهذا فكما يتقبل النقد والإساءة من الأفكار التي لا يؤمن بها، عليه أيضاً أن يتقبل بنفس الدرجة النقد والسخرية للأفكار التي يؤمن ويعتقد بصحتها، وإلا سوفَ يكون من الذين لا يؤمنون بحرية التعبير عن الرأي والنقد ولا من الذين يحترمون هذا المبدأ أساساً.!!

لنضرب مثالاً بسيطاً لتقريب الفكرة: إفترض أني أؤمن وأعتقد بصحة الفكر والنظام الرأسمالي، وأتيت أنت وأنتقدت وسخرتَ من النظام الرأسمالي وقلت: أنا أرى أن هذا الفكر الرأسمالي فكر قذر وشاذ ويجب علينا مواجهته وأن لا ندعهُ يستمر وينتشر (هنا أنت بنقدكَ وإساءتك لهذا الفكر أنتَ عبًرتَ عن رأيك وقناعتك ضدً هذا الفكر الرأسمالي المجرًد)، وبالتالي أنت هنا أسأت الى الفكر كفكر مجرد ولكنك لم تسئ إلى شخصي أنا الذي أعتقد وأؤمن بهذا الفكر، أما إذا أتيت وقلت:إن الرأسماليين قذرين وشاذين ومجانين، هنا أنت أسأت لي أنا كشخص أنتمي إلى هذه الفكرة التي أؤمن بها، وهذا النوع من النقد أو الإساءة مرفوض طبعاً وليس لهُ صلة بحرية الرأي والتعبير.!!

علماً إنً حرية الرأي والنقد حقُ مكفول في أغلب الدساتير والمعاهدات الدولية المحترمة، كما أن السخرية من الأفكار والإيديولوجيات هو فنٌ من فنون النقد معمولٌ بهِ في أغلب دول العالم المتحضرة، والشخص الذي يعبر عن رأيه وقناعته الدولة والقوانين تتكفل بحمايتهِ، وأغلبُ هؤلاء الناقدين الجادين في طرحهم والساخرين تجدهم من الذين ثاروا بأفكارهم على الأفكار السائدة في مجتمعاتهم ومنهم من أخذَ منهم هذا النقد والتفكير جهداً ووقتاً كبيراً لكي يتحرروا من الخوف ومن الأفكار التي سادت في مجتمعاتهم فالنقد والسخرية من الخطوط الحمراء أو الممنوعات والتي للأسف كثرت في وقتنا الحاضر بحد ذاته يُعتبر جرأة وشجاعة يجب أن نحترمها عند هذا الناقد أو ذلك الساخر، وعلينا أن لا ننسى إنً هذا النوع من النقد والسخرية ربًما يكون لهُ الأثر البالغ في إعادة حسابات المؤمنين بهذه الأفكار وإعادة النظر في قناعاتهم وتفكيرهم فالنقد مهم عندما يكون الوعي الجمعي متمسك بأفكار وإيديولوجيات فاسدة أو مضرة.!!

وهنا أرجو من الجميع وخاصةً من المؤمنين بالأديان وأفكارها أن لا يتحدثوا عن فكرة الكف عن إزدراء الأديان، فالأديان نفسها يزدري بعضها من البعض الآخر، وكل دين فيه مذاهب تزدري بعضها من البعض الآخر، كما أنً الأديان نفسها لم تحترم الآخر المختلف معها، بل عملت على الإساءة والسخرية منه ومن معتقداته أيضاً.!!

وأخيراً أتمنى أن يفهم الجميع ما هو المعنى المراد من حرية التعبير عن الرأي وكيف يكونُ النقد والسخرية بصورة صحيحة، وأن يكفً عن ترديد مقولتهِ الشهيرة (لماذا لا تحترم مقدساتي أو مقدسات الآخرين؟؟ ولماذا تسخرُ منها؟؟ فهذه ليست من حرية التعبير والرأي في شيء).!! فهل من عاقل متدبر يعي ويفهم هذا الكلام، أم على عقول أقفالها؟؟

فكرة المنشور مستوحاة من مقال للكاتب هشام آدم.

*********************************
ملاحظة: كل الاديان على الارض هي من صنع البشر.!!

وفي نوري جعفر.

محبتي واحترامي للجميع.

https://www.facebook.com/Wafi.Nori.Jaafar/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س