الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مفهوم عقدة النقص

لارا رمضان أيوب

2019 / 2 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


"عقدة النقص " كثيراً ما تراودُ هذهِ الكلمة مسمعنا إلا أننا لم نعطي يوماً لها اهتماماً ولم يقفُ عندها أحدٌ للسؤال ..
ما هي هذهِ العقدة ؟ ومُن هو مُكتسبها ؟
ليتخيلَ أحدٌ منا إذا طُرِحَ عليه وهو بين مجموعة من أصدقائه سؤالاً كالتالي:
"هل لديكَ عقدة نقص ما؟
هنا الـ" لا " في الجواب ستكون سريعةً جداً بل وهجوميةً بعض الشيء.
فلا أحدٌ منا يؤمنُ بفكرة النقص لديهِ،
في اعتقادنا أننا جميعاً كاملون في كل شيء ، وأن النقص كلمةً رذيلة يتصفُ بها فقط العاجزُ عن فعلِ شيء أو الفاشل في دراسةٍ أو عملٍ ما وكل أحد خارج إطار ذاتنا، الفشل من أولى صفات الذم الذي يرفضهُ المجتمعٌ الذي لا يؤمنُ أنَّ "الفشلَ بداية كلِّ نجاح"
هل نحنُ نملكُ كلَّ شيء ؟ السؤال الوحيد الذي جوابهُ سيكونُ حيزاً قوياً يخبرنا أننا جميعاً نعاني من عقدة النقص ولكن بنسبٍ متفاوتة.
فالطامح إلى تأسيس شركة ولم يحققها ، أو إلى الشهرة ولم يكتسبها ، أو إلى شهادة عليا ولم ينلها، أو ، أو ....... ألخ
جميعُ هذهِ الطموحات غير المحققة لدينا تشعرنا بخيبةٍ ما، قد يكون أحدنا قد جمع حلمه غير المحقق في قلبه وبدل أن يحوله لطموح يكون قد استسلم للدنيا وحولها لحقد يأكله ويؤذي غيره، حاساً بالنقص يتسرب إليه من أبواب آماله .
الشعور بالنقص ليسَ بالأمر المُعيب وإنما العكسُ تماماً فإيماننا بوجودِ هذا النقص لدينا يجعلُ منا أن نتقبل الآخرين بكمالهم ونقصهم بنظرةٍ إيجابية لا انتقادية .
إيماننا بوجود النقص يدفعنا للسؤال عن كيفية التغلب عليهِ بمواجهتهِ واصلاحهِ بطريقةٍ متصالحة مع ذاتنا ومجتمعنا .
عقدة النقص يوجد لها حيزان " مكتسبة من المجتمع "
"واكتسابية أي نحنُ نهبها لبعضنا، تتجلى في نظرتنا الدونية إلى فئةٍ من المجتمع "
كالأعرج الذي لا يستطيعُ السيرَ بخطى متساوية فمثلاً لو نظرَ إليهِ المجتمع نظرةً عكسية دون الالتفات إليهِ بطرف أعينهم
ولو تقبل المجتمع أطفاله من ذوي الاحتياجات الخاصة على أنهم مثلهم تماماً بقدراتهم العقلية والحركية،
ومثلهم الأعمى والمتخلف عقلياً ، فهيهات لو مرّ في الشارع دون أن تمرَّ في أذانه سبعون كلمة "مسكين"
لما كانت لدينا عقد نقصية اكتسابية .
أما المكتسبة فلو تعمقنا قليلاً في هذا المفهوم سنجدهُ أولاً لدى الأشخاص الناقدين لغيرهم بطريقةٍ همجية للتقليل من شأنهم دون وجود داعٍ لهذا الشيء محاولةٌ منه رمي نقصه على الآخرين.
وحتى " المرأة المتعجرفة " التي ترمي بتكبرها على من حولها ما هي إلا ردةُ فعلٍ لإهمال زوجها أو عائلتها فتبدأ بعملية التعويض للهروب من واقعها ببذلِ مجهودٍ لإيهام الآخرين أنها شخصية مهمة لكن في الحقيقة هيَ ليست كذلك.
ومثلها الطفلُ المهمل من أبويهِ بسبب طريقتهم الخاطئة في تربيته والذي يكسبهُ أيضاً عقدة النقص والحرمان فنجدهُ يلجأُ إلى تعويضِ هذا الحنان بمكوثهٍ ساعاتٍ طويلةٍ على لعبة الكترونيةٍ كـ محاولةٍ منهُ لـ لفت نظر أبويهِ.
والأهمُ من هذا كلّهُ هاجسُ النقص لدى فئاتٍ من المجتمع الذي يؤدي بهم إلى الكذب فنجدُ مَنْ يشعرُ بعقدة نقصٍ اجتماعية يلجأُ إلى تشويهِ سمعة الكاتب ، الممثل ، الشاعر ، الفنان ، جاره ، زميله...
للقضاء على نجاحهم والتقليلُ من مكانتهم بين العامة.
جميعُ ما تحدثتُ عنه السبب الوحيد ورائهُ هو المجتمع الذي يكسبُ عامة شعبهِ صفة النقص
ولاريبَ أنَّ الثقة بالنفس تعتبرُ من العوامل المهمة في حياة الإنسان لذا على المؤسسات الأسرية والتربوية تزويدهم بهذهِ الثقة في الحصولِ على تحصينٍ لهذا النقص لأنهُ المؤثرُ الأول في سلوكية الفرد،
" الفرد أي الوطن بأكمله" .



*لارا أيوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي