الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (5)

عماد علي

2019 / 2 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


و من هذا المنظور يمكن القول بان هناك ثلاث بيئات و ارضيات التي نمت فيها الثقافة الاسلامية كما تكلم عنها الاكاديمي و المختص في الفكر الاسلامي بشكل عام الدكتور ابراهيم مدكور ، و اولها؛ بيئة اهل الكلام الشيعي و السني، من امثال المعتزلة و الزيدية و بعض من الاشعرية. البيئة الثانية و هي فلسفية مجردة . و الثالثة بيئة اهل التصوف، و هي التي تمكنت من الحفاظ على الفلسفة بعدما همشتها الناس عندما هاجمتها اعدائها، و عليه و لهذا السبب، عاشت الفلسفة مدة طويلة في حضن التصوف كما عاشت مدة اخرى في حضن اهل الكلام.(1).
و بهذا المعنى فانه يُعتبر التفهم من اللغة و الفكر العرفاني محاوله للمرور من خلال محاولة فهم اللغة و الفكر الفلسفي. و ان وقف هذان الاتجاهان على النقيض وهما مخالفان مع البعض و لكن في الكثير من محطاتهما يمتزجان مع بعضهما، وا ية محاولة لفكهما بشفرة حادة ربما تؤدي الى جرحهما معا. و لهذا السبب فان الفارابي كمستهل حقيقي للفلسفة الاسلامية كثيرا يظهر نفسه كمتصوف، بينما ابن العربي كما كان في قمة تطور التصوف الاسلامي عند بعض الباحثين، فهو يُقدم على انه فيلسوف و ليس بعرفاني.
كما قلنا من قبل فان الثقافة الاسلامية من الوجهة المعرفية و الابستمولوجية، تنقسم على الاقل الى ثلاث مستويات رئيسية كما سماها الجابري ( البرهان و البيان و العرفان). و نحن اسمينا المدرسة الاولى بالمدرسة العقلانية و الثانية بالمدرسة النقلانية و الثالثة بالمدرسة العرفانية. الخطا الاكبر في هذا التصنيف للثقافة العقلانية الاسلامية ( الى جانب العديد من الاخطاء المنهجية و التاريخية و الفكرية) انه يعتقد بانه هناك تقاطع و انفصال نهائي بين هذه المستويات، في الوقت يتكشف لدينا و عن طريق القراءات النقدية لمشروع الجابري ( بالاخص من قبل جورج طرابيشي) تلك الحقيقة و هي ان هذه المدارس الثلاث كلما كانت مخالفة و حتى اضدادا مع البعض ولكن سيلتقون مع البعض في العديد من الوجهات، و لكل منهم تاثيره الكبير و العميق على الاخر. و من هذا المنظور و المرصد، لفهم العرفان الاسلامي و لغته و فكره و توجهه، نحتاج كثيرا الى تفهم طبيعة الفلسفة في فضاء الفكر الاسلامي، كما هو الحال عندما نكون بعيدين عن فهم المدرسة العقلية سيكون هذا العمل ناقصا و سيخرج معوجا . و هذا لا يعني ابدا بان التصوف الاسلامي ليس صاحب هوية و خصوصية به، و لكن يكون هذا بمعنى؛ ان الاتجاه الديني و الاتجاه الفكري له هو امتداد و تعمق الحوار الميتفايزيقي و اللاهوتي خلال الحضارة الاسلامية. لذا هذا ليس بصدفة ان يكون تجلي الفكر التصوفي الاسلامي متزامنا و هو متوازي في المكان ذاته مع ظهور الفلسفة في الحضارة ذاتها( يعني العراق في القرن الثاني و الثالث). لا يعني كلامنا هذا بان هذا الكتاب هو باب للتصوف الاسلامي فقط و لكنه باب للفلسفة الاسلامية و محاولة لفهم الزخم الفلسفي الاسلامي، و في الحقيقة هو محاولة لفهم الزخم الفكري الاسلامي بشكل عام، لانه و كما نعلم بانه الفكر العرفاني الاسلامي و على الاقل منذ بايزيد البسطامي في القرن الثاني الهجري مرتبط بشدة مع الفلسفة الاسلامية في القرون الوسطى. مع ذلك، هذا الكتاب نتاج مستقل، و في هذة الوجهة، فانه محاولة لاظهار بدايات الحوارات الخارجية و المحلية و طبيعة تلك الحوارات و تاثيراتها الخارجية و الداخلية منذ توسعه و تعمقه حتى تضييقه و بهاتته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا