الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القلق صديقي

محمود طرشوبي

2019 / 2 / 15
كتابات ساخرة


لم تعاملني بلادي علي إني كائن بشري حتي أطبق علي حياتنا قوانين البشر

 

و لم تعاملني كحيوان كي أطبق قانون الغابة.
و لكن عاملتني كا لاشيء ، فوجودي و العدم سواء ، تعلمت أم جهلت ، مرضت أم شفيت ، عشت أم مت ، لا يهم كثيراً ، عشت في كوخ أو عشت في الشارع ، أملك مصدر للمال أو لا أملك ، مقومات الحياة موجودة أم مفقودة ، عشت مجرد رقم في دفاتر المواليد ، و في انتظار رقم في دفتر الوفيات .

في ذات يوم صحوت من نومي و نظرت في سقف حجرتي و تذكرت موعد عملي و زحمة الطريق فقمت من نومي مسرعاً ، اتخبط في الطريق إلي الحمام , ووصلت لأكتشف المياة مقطوعة . أبحث عن مياة سريعاً ، وجدت ماء أخيراً ، توضأت سريعًا و صليت ، في عجلة من أمري ارتديت ما وجدته  سهلاً أمامي ، و بسرعة مشيت إلي حيث أركب الميكروباص الأول ، و بالطبع زحمة المدرسة جعلت من الوجود شيء للركوب آمر في غاية الصعوبة ، و انحشرت في النهاية في سيارة اطلق عليها (التمنيه) .- ما باليد حيلة- و في الطريق بدأ القلق يتسرب إلي كل ما نظرت إلي الساعة و الشارع يزدحم كل ما نقترب من الميادين ، ثم ينطلق فاشعر بالراحة ثم يزدحم فأشعر بالقلق ، إلي أن وصلت شعرت إني فقدتي كل السكريات المتبقية في جسدي منذ وجبة الغداء في اليوم السابق ، و أختلط ألابيض بالاسود في عقلي عندما نظرت إلي طابور طويل ، المفروض أن أقف فيه حتي أجد فرصة لركوب الميكروباص الثاني ، و عندما أيقنت أنه لا محالة من ألإنتظار و نظرت في ساعتي و عرفت إن التأخير حادث استسلمت لأمري ووقفت ، و القلق يذهب و يعود كل ما أتي ميكروباص فربما يكون حظي في الركوب ، و تمر الثواني اشد عليا ضيقاً من الدقائق و كلما انتظرت اكثر امتلكني القلق اكثر حتي صرت مع القلق صديق ، و جاءت السيارة و ركبت ، و عندما وضعت رأسي علي الزجاج و بدأ التفكير يتملكني ، إنه في كل يوم مع إشراقة الشمس أجد نفسي محاطاً بكم من القل في كل شيء ، فالسيارة المخصصة للمدرسة هل تأخرت ، هل ساذهب أنا بدلاُ منها ، هل في مياة  ؟ أم لأ؟ هل اجهز ملابسي من الليل خوفاً من انقطاع الكهرباء في الصباح ؟ و طوال الليل اصحو في قلق أنظر إلي الساعة و أنام خوفاً من التأخير . و في الطريق قلق من الزحمة ومن وجود المواصلات ، و أدخل إلي عملي  في قلق من مزاج المدير اليوم ، و احاول التركيز منادياً علي عامل البوفيه – أريد قهوة_ يدخل المدير ، يسألني عن التأخير ثم الشغل ، و اجيب متعللاً بالزحمة و بكثرة العمل و ينظر إلي نظرة لا تريحني ، فأظل في قلق ماذا سبفعل ؟ و في وسط القلق أنسي أن اتصل بالسواق الخاص بسيارة المدرسة ، للتأكد من موعده ، و في أثناء القلق نسيت أن افطر ، و نسيت أن اتصل بأخي في مشكلته مع زوجته ماذا حدث ؟ و رن التليفون صديقي صوته يقلق إنه في تعب شديد و هو في المستشفي . ماذا أفعل أخي يريدني أن أذهب إليه ، و الذهاب إلي المستشفي صعب ، و ضرب التليفون الملعون ثانياً صارخاً البنت بتتقيء بسرعة تعال نروح إلي الدكتور ، لا اعرف كيف نزلت من عملي و من قلقي نسيت أن استئذان ، و كيف وصلت إلي البيت و أذهب الي الدكتور الواقع في الحي البعيد عنا ، و رجعت إلي البيت ، و تذكرت عملي هل اتصل بالمدير هل هل هل ، قطع التليفون فكري بصرخة أخي تعال سوف أطلق هذه الست ألان أو اقتلها , نزلت مسرعاً ، و في حدوث فرملة من السائق انتبهت ، كل هذا دار في رأسي و انا في طريق إلي عملي ووصلت بفضل الله لأجد المدير واقف علي باب الشركة معلناً خصم اليوم من كل موظف حضر متأخر في هذا اليوم ، فأعلنت متحدياً (لف وأرجع تاني)  
كان هذا من بعض القلق الذي نعيشه يومياً ، كل منا بشكل آخر مع ظروف آخري ، و تأكدت كل يوم إنه القاسم المشترك بيننا جميعاً، حتي صار القلق هو الصديق الذي لا يفارقنا ، و كان العجيب إن الذي يشعر بإقتراب الموت يقول لأولاده ( أنا خايف أموت و أنا قلقان عليكم ، كان نفسي أطمئن عليكم قبل ما اموت

 

تعالوا نبحث جميعاً عن الإطمئنان ، و من وجده قبل الموت يعطيه للأخر .



 

اسفً لقلقك متي سينتهي المقال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با