الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (6)

عماد علي

2019 / 2 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بدون شك لا يمكن جمع كل هذه الاحداث و السيَر الفكرية و تفسيرها مرة واحدة، و عليه يمكن االاهتمام التام على طريقة يمكن اختزال ما جرى بشكل مختصر و مكثف و الوقوف في المحطات المهمة للفكر الكلامي و الفلسفة الاسلامية و ربط هذه الحوارات بالبنية الفوقية و التاريخ الاسلامي لكي تظهر كل تلك الاحداث الفكرية كاحداث اجتماعية و دنيوية في النهاية.
و الهدف هو توجيه المتمعن في تلك الثقافة التي لا نزال نرزح تحت افرزاتها. الاحداث السياسية و الاجتماعية للسنوات الماضية اوضحت لنا بشكل جلي تلك الحقيقة التي ترشدنا على انه لولا العودة الى التاريخ لما تمكنا ان ننفذ من ذلك التاريخ. ان الاتجاهين السائدين في الثقافة الكوردية و العربية قاصر و قصير النظر جدا، و هما اتجاه لرد جمع كل ذلك التاريخ و اظهاره كداء و لعنة علينا من جانب، و من جانب اخر هناك الاتجاه الذي يعتبر اي قراءة نقدية لذلك التاريخ هو خرق لحدود المقدسات الدينية بذاته. هذان التياران الفكريان في مجتمعاتنا، و ان ظهرا على المستوى الفكري غير منسجمين و مخالفين، سيصلان ببعضهما في موقع وهو عدم رؤية حاصل جمع كل ذلك التاريخ و عدم ربط الفكر مع الواقع.
كما ان هذا التاريخ انتج ابن التيمية و فتاويه، فصنع جلال الدين الرومي و اشعاره العشقية، مع ان هذين الشخصيتين تزامنا في الثقافة ذاتها و عاشا في الشام لمدة في الموقع نفسه، و حتى في سيرتهم الذاتية كانا قريبين جدا من بعضهما. و من جهة اخرى، جلادو حلاج كانوا مسلمين كما كان حلاج نفسه مسلما كذلك، ابن العربي و منظوره الديني التصوفي للحب بدرجة كبيرة و الذي اصبح اطار لدائرة واسعة و ساحة تحتوي الجميع، كان مسلما كذلك و مع ذلك كان اؤلك المفتين الذين اصدروا فتوى تكفيره مسلمين ايضا. و في كوردستان لم يكن الشعراء الكبار الكلاسيكيين كل من نالي و ملاالجزيري و محوي مسلمين فحسب بل كانوا خريجي الحجرات و علماء دين كبار. قسم من هؤلاء الرجال الدين اختزلوا الدين و حصروه في التحريم و التبديع و التكفير كانوا مسلمين ايضا. لذا لا يمكن رسم هوية خاصة و نهائية كشكل محدد و فهم واحد لما كان عليه التوجهات الدينية في تاريخه. و كل مطلع ومتابع للتاريخ و الفلسفة الدينية يتجلى لديه ان فترة من العصور الماضية كانت فيها بغداد عاصمة الخلافة الاسلامية و مركزا مهما للعلم و المعرفة في العالم، و من ثم بعد ذلك كيف اصبحت بغداد ذاتها مركزا كبيرا للتكفير و القتل و حرق النتاجات و المؤلفات الفكرية. و وقف بين بغدادين تلكما الرغبة و النزعة و ارادة سياسية مخالفة و ليس شيء اخر!
و بناءا على ما سبق فاننا يمكن ان نخوض في ( ان كنا نتمكن من تسميته بالفلسفة البسيطة او التاملات مابعد الخرافات والسحر و الاسطورة ) و الثقافة السائدة لماقبل مجيء الاسلام و ما كان عليه ( ان كنا نسميه المجتمع) اوبالاحرى القبائل المتقاتلة الغازية لبعضها و المشتتة في الجزيرة العربية اولا و من ثم انتشار الاسلام و مزجها مع ما كانت عليه المجتمعات الاخرى عن طريق الغزوات، و لم يكن التواصل او العلاقات مباشرة او غير مباشرة مع الفلسفة الاغريقية العتيدة الا احد اهم الدوافع للخوض في الفلسفة الاسلامية بشكل عام. و من ثم بدات التوجهات الفلسفية بخطوات مقتضبة بين حين و اخر بعد التعرف على ما كانت عليه هذه المجتمعات الجديدة عن الاسلام و بعدما فرض نفسه بقوة السيف عليهم بعدما اعترض جوهره مع ما كان عليه الاخرون من جميع الجوانب الحياتية و في مقدمتهم الناحية المعيشية المجتمعية و المستوى الثقافي او الكلتور السائد مقترنا مع عمق تفكيرهم و بالاخص النخبة منهم في الكون و الحياة و ما امتلكوه من الافكار الفلسفية. لذا من الواجب علينا العودة الى تلك التواريخ الغابرة لما قبل الاسلام التي سميت القريبة منها مغرضة بالجاهلية. و لابد ان نغول في كيفية ظهور الفلسفة نتيجة الصراعات السياسية التي برزت افكار لم تطق بها السلطة و لكنها برزت و كانت في طريقها الى السيطرة الا انها واجهت ما اوتيت بها من السلطة الساندة لما استوردتها بنفسها و كلفت النخبة و المتنورين بها او قامت باسنادها بشكلها المباشر او غير المباشر. و من ثم برزت افكار و توجهات اخذت موقعا وسطيا بين الفلسفة و علم الكلام و الفكر اللاهوتي و لم تنفصل كليا عن الفكر الميتافيزيقي لاسباب حياتية كانت ام اظطرارية لانقاذ الذات المفكرة. فبرز علم الكلام و التصوف و مابعد التوجهات الباطنية و الغنوصية و خرجت من ما سادت فروع مذهبية يمكن اعتبارها دينا منفصلا بذاتها الى ان فرضت المصلحة الدنيوية كاول عامل للصراعات بينها نفسها، و من بين تلك المذاهب التي انبثقت و كان وراءها النخبة المفكرة؛ الحنفية و الشافعية و المالكية و الحنبلية ، و الاخيرة سلكت طريقها بطريقة و كانها الدين الاسلامي بحقيقته و بذاته دون الاخرى، و من ثم برزت الاسماعيلية و الزيدية و الاثني عشرية و الجعفرية و الفاطمية و غيرهم من المذاهب الصغيرة التي حللت او حتى انقرضت منها دون وصولها الى العصور التي تلتها.
و لابد ان نذكر بان للسياسة دورها المفصلي الكبير في مصير تلك المذاهب التي انبثقت و منها تجلت جواهرها و منها اُفلت قبل التطور و التنمية المنتظرة منها، و الاخطر في امر الفلسفة هو الاصرار على راي و موقف في توجه و فلسفة ما بادعاءات فلسفية و هي في جوهرها مباديء سياسية حياتية و دنيوية لاغراض و اهداف سياسية فقط ( على الرغم من تاثيرها الايجابي من نواحي عديدة على مسار ما يمكن ان نسميها الفلسفة الاسلامية).
و استنادا على ما كشف فيما بعد من الاسرار السلطوية لزعماء في المراحل المتسلسلة و كيف لعبوا بالفلسفة و الفكر لاغراضهم الذاتية و طموحاتهم دون اي اعتناء بجوهر الفكر الذي ادعوه و ما يمكن ان يفرز منه و استغلوه دون استعماله في محله و لاهدافه الخاصة به. و عليه فان تجلي الفلسفة الاسلامية لم تظهر على الملأ خوفا من افرازاتها المؤثرة على توجهات الاسلام المبني على الصراع السياسي اولا و من ثم اللاهوتية و الميتافيزقية التي اعتمدها و الهدفالرئيسي من ذلك هو بناء امة متوحدة كيفما كان اساسها و ان كانت غير مبنية بمتانة و على مباديء رصينة و اقربها الى الفلسفة هي ما بناه اهل الكلام و باسس هشة فقط و غير علمية من جميع جوانبها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت