الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية -محاولة عيش- للكاتب المغربي محمد زفزاف قرأتها لي ولكم (6)

الحايل عبد الفتاح

2019 / 2 / 17
الادب والفن


رواية "محاولة عيش"
للكاتب المغربي محمد زفزاف
قرأتها لي ولكم (6)

محمد زفزاف ازداد بسوق الأربعاء سنة 1945 بالمغرب...درس الفلسفة واشتغل بالتدريس بإعدادية. وانتقل للدار البيضاء ليتفرغ للكتابة...وعاش حياة صعبة وبوهيمية منذ أن توفي والده وهو في سن الخامسة من عمره...فهو كاتب روائي مغربي معروف بالعالم العربي. ترجمت أعماله لدة لغات. توفي سنة 1991. له عدة مؤلفات نذكر منها : حوار متأخر سنة 1970، والمرأة والوردة سنة 1972، أرصفة وجدران سنة 1974 ، وبيوت واطئة سنة 1977 ، وقبور في الماء سنة 1978، والأقوى سنة 1978 ...
ومحاولة العيش سنة 1985 و التعلب الذي يظهر ويختفي سنة 1989...
ورواية محاولة عيش هي موضوعنا اليوم ومحط انتباهنا وتركيزنا...وهي رواية تباع فقط ب 20 درهم بالمكتبات المغربية...
ففيما يخص موضوع الرواية، فهو موضوع غير مهم جدا. فهو فقط يصور الفقر والأمية بالأحياء الهامشية بالمغرب. وهو موضوع كان استهلاكه فن موضة العصر خلال سنوات الرصاص...يتناول بالمسح الفقر رالشوة قلة الذوق والعهارة والإدمان...
فالروائي قسم روايته إلى 12 فصل رغم أن الرواية بأكملها لا تتعدى 88 صفحة.
فعلا، فعمر الشاب حميد بطل الرواية لم يتجاوز ستة عشر سنة. وهو بائع صحف نكرة ومجهول الهوية والتواجد في الزمان والمكان. حاول مع أبيه كسب قوتهما فلم يستطيعا ولو ببيع البلوط.
الجار المسمى الضاوي سيدمج حميد العاطل وربما المطرود من المدرسة في بيع الصحف بشركة إدريس الخشن العنيف والحاد اللسان.
ويصف المؤلف علاقة حميد بأمه وأبيه. علاقة تنافر واللا مبالات...فالراوي يصف حالة العائلة والجيران وظروف عمل حميد وحالة ونفسية زبنائه...خاصة تصويره للأمريكان...
وينتقل المؤلف لموضوع آخر : اليهودية تعطي لحميد ملابس ويسلبها منه الشرطي ظلما وعدوانا. ويوضح المؤلف علاقة أب حميد بأمه. وهي علاقة عنف وسب وتحقير وعنف...
تقرر الأم توسيع البراكة ببناء براكة خاصة بحميد لأنه أصبح شابا وكاسبا للمال...لكن كان من الواجب إعطاء رشوة للمقدم بواسطة البقال لكي يغض مقدم الحي الطرف ولا يطبق القانون...ثم تقرر أيضا تزويج حميد من فيطونة "العرجاء"...
وخلال مشروع زواجه بفيطونة، تعرف حميد على غنو الشابة التي تخرج مع الرجال مقابل المال، وتشرب الخمر...تعرف عليها يوم حماها من الأمريكي الذي كان في صراع مع مغربي بسبب غنو ...تدخل حميد بعنف لنجدة غنو ثم صاحبها لبيتها ومارس معها الجنس. وتوطدت علاقتهما. وغنو تعلم أن حميد مقبل على الزواج بفتاة أخرى...ورغم ذلك تعطيه سوارا لتكفية حاجيات عرسه وزواجه...
الفصل 12 : وهو يوم العرس، يوم الزفاف. وسيكتشف حميد أن زوجته فيطونة غير عذراء كما كان يتوقع هو وأهله...بعد الصدمة سيترك حميد الحفل وباقي أفراد عائلته في صراع وشجار مع عائلة العروسة...وسيرجع حميد حجرة غنو. يفضل حميد الإبتعاد عن عائلته والإستقرار مع غنو ولو أنه يعرف قصتها وحياتها الغير المستقرة...لكنها تحبه وتوادده وتشفق عليه...
ومن الملاحظ أن الناشر بثر الفصل 11 ولا ندري لماذا. وهذا يعني أن لا رقابة من وزارة الثقافة ولا لورثة الزفزافي على عمل الناشر...هي السيبة إن كان هذا البتر مقصود كما يداع في أوساط الناشرين والموزعين...
أسلوب الرواية ركيك وجاف. لا فنية فيه ولا ليونة. فعلا أسلوب غير مألوف. اختلطت فيه تعابير اللغة الدارجة المغربية بتعابير اللغة العربية الفصحى. وكأنه التعبير الساذج من شخص ساذج. لكن الكاتب لم يكن ساذجا ولا مدرجنا بطريقو عفوية... فهو تعمد استعمال كلمات وتعابير مشهورة ورائجة فقط أو حصريا لدى الشعب المغربي... والعيب ليس في استعمال الدارجة بل العيب في كثرة استعمالها لدرجة أفسد على القارئ العربي القح الفهم الصحيح. فلو استعمل نفس العبارات اللغوية الدارجة باللغة العربية وطعمها بالدارجة أو طعم استعمالها بتفسير لها باللغة العربية الفصحى لهان الشكل ولركزنا فقط على المضمون. وما فعل ذلك. بل هو انغمس في الفلكلورية لحد تشويه كتابته الشادة...
وهي رواية لن يستطيع قراءتها باقي من يكتب ويقرأ باللغة العربية... إذن فهي رواية إليمية فلكلورية لا تستجيب لمقومات العطاء الفني التذوقي. فلا نحن في في اللغة العربية ولا نحن في اللغة الدارجة المغربية.
إثارة محمد زفزافي لهذا الموضوع لم يكن جديدا...ناقشه طه حسين وغيره في مصر...وهو موضوع اثير مؤخرا سنة 2018 من قبل من يهذف لإصلاح التعليم بالمغرب...وبقي المشكل مطروحا...بل ناقشه البعض من العامة بسخرية رغم جديته...
ومما يزيد من سطحية الرواية هو أسلوبها السردي الوصفي المفتعل... فلا نحن نغوص في نفسية الشخوص ولا نحن عالمين كيف يفكرون بل نعرف فقط أنهم ينطقون هكذا ويستعملون هذه اللغة الدارجة المعتمدة في استعمالها على الظاهر لا العمق النفسي والسيكولوجي...
وهو أسلوب استهتاري خشن لا يرقى لتحبيب الشخوص ولا التعاطف معهم...فهم شخوص متخلفون وكسالى زيادة على فقرهم وجهلهم بقواعد التعايش...وهو تشويه للشخصية المغربية الفقيرة الأمية...هذا يجعلنا نتساءل هل المؤلف كان يتعاطف مع الفقراء والأميين أم يكرههم...؟
شخصيات الرواية عنيفين بعقلياتهم وتصرفاتهم إلى درجة أننا نفهم أن المؤلف يعتقد أنهم غير قابلين للتطور والتحسن. وهل كل الفقراء في اعتقاده كلهم سدج وجهلاء ولا يتطورون...؟
الزمان والمكان لا يوجد ولا يظهر في الرواية. وكأن القارئ يفترض فيه أنه يعرفهما ويحددهما بمشيته. المرة الوحيدة التي ذكر فيها مكان الرواية عامة هو الصفحة الرابعة التي يستعمل فيها عبارة " السلطات المغربية".
والكاتب عرف في مجال الرواية، وهي أسهل نوع أدبي لما فيها من سهولة المرور مر الكرام على الأفكار بدون تفصيل ولا تركيز. والروائي زفزافي لا يبدل جهدا كبيرا كما نفهم من روايته هته. فهو كمن طبع الرواية بعد كتابتها في ليلة سكر وتيه وووو.... فالرواية بمجملها لم تتعدى 88 صفحة بخط كبير مع العلم أن الفصل 11 مبتور من الرواية...
محمد زفزاف في عطائه كالشعيبية الفنانة التشكيلية. الفارق بينهما أن الشعيبة طانت صادقة في سداجتها وتعبر فنيا بسليقتها. أما زفزافي فقد اختار الأسلوب الساذج المصطنع بقصد وبالرغم من أنه مثقف وواع بذلك...بل يتكلف لإظهار السذاجة...يتورع أحيانا من وصف بعض المواقف لكنه يتجرأ حين يتحدث على الفقر والجهل والتهميش والرشوة وحين يتهم السلطة العمومية...
فنوع الثقافة التي تشبع بها الروائي هي ثقافة الفقراء وكان لها وقع كبير في نفسيته وخطابه...فكثرة اختلاطه بالفقر والفقراء أثرت في نظرته وأسلوبه وانتقائه للمناظر والظواهر الإجتماعية والثقافية...لا يعطي حلا لعقدة الرواية بل يفضل الهروب ، الهروب من الواقع...ويحمل الغير أي السلطة العمومية مسؤولية الفقر والجهل...
لا أدري أي قيمة تبقى للرواية بعد أن امحت غالبية البراريك والأحياء الصفيحية ودخل المغرب حاليا منعطفا اقتصاديا واجتماعيا بمشاكل من نوع آخر...لا أدري هل هذا التنديد بالوضع الإجتماعي والإقتصادي لسنة 1985 صالح لحد الآن...ولا أدري قيمة الرواية من الناحية الإنسانية والعالمية...
حتى ولو احتملنا أن زفزافي كان متعاطفا مع المحرومين والفقراء والأميين فهو يتجاهل أو لا يعرف أن من بين الفقراء والأميين من هم أشرار بالسليقة والطبيعة... أشرار في تصرفاتهم وأفعالهم ومسلحون بالحيل والخداع ومنافقون فوق ذلك...فالبعض منهم أكثر ارتكابا للشر والظلم في مواقف ومحلات عديدة. فليس كل فقير أو أمي بريئ ومظلوم كما يتصور الروائي محمد زفزاف...وسبب هذا الفهم هو أنه غمر بثقافة الصدقة وثقافة الفقراء مهما كانت نياتهم وتربيتهم وتصرفاتهم...وكأنه يعدم لدى الفقراء والأميين حاسة التمييز بين الخير والشر بين الظلم والعدل...
القارئ قد يتساءل بعد قراءة هذا الكتاب : أي نظام وأي مجتمع يريده زفزافي للمغاربة ؟
لا شك في أنه يريد مجتمعا تكون في السلطة العمومية هي المسؤولة عن تثقيف الناس وإعطائهم حقوقهم...الدولة بعبارة أخرى هي التي تقوم الشر في نفوس الناس وهي من يزرع الخير فيها أيضا...وهذا درب فلسفي لا يليق بمن يفهم الحرية ومن يفهم جانبا من النفس والرغبات الإنسانية...
على أي فأنا لا أطيق قراءة محمد الزفزافي ولو أنه وجد مجموعة من المفكرين حاملين لنفس فلسفته...
من منا لا يبدي رغبته في إنصاف فقراء المغرب وامييه ؟
فكل عقلاء العالم وإنسانيين يعبرون عن ذلك في مواضع وبأساليب معينة...لكن الروائي محمد زفزافي لا موضوع له في هذا الكتاب ولا أسلوب ولا منطق عام ولا إحساس مرهف.
فكل عمل فني أو أدبي له ما يميزع سواءا من حيث الموضوع أو الأسلوب أو المنطق أو الإحساس. وهي قياسات متعارف عليها دوليا ووطنيا في الأدب بمختلف شعبه.
أي عطاء لزفزا في في انتقاء موضوع الرواية ؟ لا شيء. الرواية لا موضوع لها. هي فقط مشاهدة أو شهادة على وضع فئة محرومة اقتصاديا واجتماعيا وتسكن بمدن الصفيح...
أي أسلوب غني بالفصاحة والبلاغة والسلاسة ووو...يمكن تلمسه لدى الزفزافي ؟ لا شيء. الرواية مفتعلة ولا قيمة لها من الناحية اللغوية والتعبيرية...أسلوب ضعيف لا يسرب للحواس إلا الحقد والعنف بتعابير لا تليق حتى بالفقراء والمحرومين...
أي منطق في الرواية ؟ لا منطق ولا تعقل. حميد فضل الهروب. فهو سبب تطاحن عائلة حميد وعائلة زوجته المستقبلية...تركهم يتصارعون ورحل...انهزم، لا حل لديه سوى الهروب للرديلة أو الحب في الرديلة...لم يستر لا الزوجة المفتض بكارتها ولا تصور حلا آخر غير الهروب بذاته الأنانية...
أي إحساس يمكن للقارئ أن يشارك محمد زفزافي بعد قراءة الرواية ؟ لا شيء سوى الهروب من الإحساس الجماعي إلى الإحساس الفردي الأناني...ومن بعدي الطوفان...هذا هو إحساس المؤلف الخشن...عنف وهروب ورمي المسؤولية في تدبير الأحاسيس على الدولة ومسيريها...أحاسيس عدمية وتواكلية...
الراوي يقول لشخوصه أنتم متخلفون جهال وأميين وكسلاء ولا يرتجى تغييركم ومن تم سأترككم وحالكم واهرب لفردانيتي لعالمي الناني لأنني على صواب وانتم مخطؤون...
في الخير لا يسعني سوى أن أختم بالقول أنه لا يكفي أن نكتب أو نعبر عن صور الواقع لنصبح روائيين وكتاب يهدون الناس للخير والحب والتضامن والعدل والتعقل وتجنب الشر والظلم...
الروائي والقصاص ملزم بأن يكون جيد الإنتقاء لموضوع لم يسبق أن استهلكه الغير...يجب أن يكون مرهف الإحساس لا خشنا عنيفا، متعقلا لا خارجا عن المنطق، ومعبرا عن ذلك بأسلوب فني...
أستسمح لمحبي الزفزافي، فأنا لم أطق لا أسلوبه اللغوي ولا أحاسيسه ولا منطقه وفلسفته في الحياة...فأنا أريد من يرفع ذوقي وأحاسيسي وأسلوبي اللغوي لا من " يكرفصه" ويغلطه...
أعتذر عن حب قارئ للزفزافي في هذه الرواية بالذات...ولكم ولمن ولهم ولهن واسع النظر.
ورغم كل هذا، فانا أدعوا القراء والقارءات المحترمين والمحترمات إلى قراءة هذه الرواية لمعرفة الفرق بينها وبين العطاءات الفكرية الوطنية والدولية...ولكي يتيقنوا بأن الأدب المغربي من هذا المستوى لا يليق بنا ولا بمستوى التأليف الجيد...
من الحايل عبد الفتاح الكاتب والقارئ سنة 2019.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما