الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكل غلتهم وسب ملتهم

محمد بلمزيان

2019 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


هذه قصة واقعية بطلها رجل سلطة برتبة قائد في زمن الوزير ادريس البصري الذي كان قويا بجبروته وسلطته القمعية،والذي كانت وزارته ( الداخلية ) تسمى بأم الوزارات بجميع المقاييس، وكل سياسة تنتهج يحب أن تمر عبرها، ويرخي بوصايته على جميع المصالح والوزارات بدون أن أي نقاش، خلال مرحلة الثمانينات من القرن الماضي، كان ذلك القائد المنحدر من مدينة فاس، معروف بجبروته، وشجعه في جمع المال، بعدما وجد فرصة مواتية من خلال بعض الأعيان والبرجوازية الطفيلية الذين كانوا سائدين وقتذاك، وهم مستعدين لتقديم خدماتهم بسخاء لامحدود ، لنماذج هذه الكائنات السلطوية التي عانت منها المنطقة لسنوات طويلة، فلم تسلم الحركة التلاميذية التي تزامنت مع تواجد هذا السلطوي الفض مع اشتداد المد النضالي للحراك التلاميذي بالمدينة والنواحي، فكان يقوم بجلد وتعذيب كل تلميذ يتم اعتقاله من أزقة المدينة، أو تعقب كل عنصر نشيط بعدما يوشي باسمه ذلك المدير المتجبر والذي امتاز بتنمره على المتمدرسين والمدرسين على حد سواء، شخصيا تعرضت بصحبة ثلاثة زملاء تلاميذ على يده بوابل من أشكال العنف الجسدي والنفسي، طيلة يوم كامل داخل مقر القيادة،بحضور عنصر من المخابرات السيء الذكر الذي كان شغله الشاغل هو تعقب أنفاس التلاميذ، لمجرد مطالبتهم بتوفير جو الدراسة بالثانوية الذي كان مفقودا بشكل تام، سوى من أشكال الترهيب والعسكرة والترهيب الذي كانت تعاني منه الثانوية والمناطق المجاورة لها، واستعراض العضلات والإستنفار وحالات الطواريء.
هذا القائد المتجبر والذي كان مولعا ومعروفا أيضا بحبه للحفلات والتهام المأكولات، فكان ملجؤه اليومي هو أحد المطاعم الواقع بوسط المدينة والذي كان معروفا بتحضير أطيب وأشهى المأكولات البلدي والعصري ، والذي يقصده كل فترة الزوال، ليقوم بالتهام ما شاء له وطاب، بل وأنه كام يقتحم المطبخ بنفسه ليقوم بملإ الصحون بيده بما اشتهت إليه ذائقته النهمة الى الأكل والإفتراس، خاصة وأنه كان يعيش لوحده في السكن الوظيفي الذي يعتمره بالجوار، بعدما قيل بأن حرمه قد رفضت السكن بهذه المدينة التي كانت مغبرة أو رفضت الإقامة معه حسب بعض الفضوليين والعارفين بخبايا الأمور، وكانت وضعية المدينة تنم عن حجم التهميش الذي طالها على يد المجالس القروية التي تعاقبت على تسييرها .
يروي محدثي ، بأنه يوما كان ذلك القائد بصحبة ثلة من الأعيان الذين دأبوا على الجلوس مع القائد المذكور واصطحابه أينما حل وارتحل، والذين كانوا يعتبرون أنفسهم من صفوة القوم، ومن علية المجتمع، لكونهم يمتلكون الأموال وأصحاب العقارات المبنية والعارية،وبالتالي فإن شأن المضاربات العقارية كانت مصدر تبادل المصالح والزبانة بينهم وبين ذلك الرجل السلطوي السيء الذكر،والتي ما تزال بعض أزقة المدينة تشهد على الخروقات القضيعة في مجال التعمير، والإلتواء في الأزقة وقضم الفضاء العام، فبينما كانوا جالسين يتجاذبون أطراف الحديث في إحدى المقاهي المجاورة، بينما كان شهر رمضان على الأبواب، فأخبرهم ، وهو الخبر الذي يعلمونه جيدا بأنهم يجب عليهم أن يتناوبوا طيلة شهر رمضان على مده بالحريرة قبل آذان المغرب، وقد استجابوا بكل طلاقة وعفوية عن طلب القائد، لكنهم ورغبة منهم في إضفاء نوع من المرح على الجلسة، فقد صرحوا له بأن الحريرة المحلية ليس كما هي معروفة لدى المنطقة التي ينحدر منها، وهو تعبير عن قبولهم الطلب لكن المشروط بهذا المعطى، سارعوا الى إخباره قبل أن ينفجر في وجههم يوما بأن حريرتهم غير لذيذة كما يجب، فكان من ذلك القائد أن اقترح عليهم بأن يأتوا بزوجاتهم إليه ليتكلف يتعليمهن أدبيات تحضير الحريرة الفاسية التي يريدها هو ويتذوقها، وأنه في كل يوم يجب أن تحضر إحداها ليعلمها كيفية طبخ الحريرة اللذيذة، والتوابل التي يجب استحضارها في الإعداد، لتكون في مستوى النكهة والمذاق السلطوي للقائد السيء الذكر، فابتلعوا ريقهم، والتوت ألسنهم في فمهم صامتين ، فيما القائد كان يقهقه بصوت مرتفع وشرع في جلسة ضحكات هيستيرية متقطعة و لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد، وكأنه قد سجل هدفا مميزا في مرمى الخصم، فكانت هذه الواقعة محط التندر وتواتر الألسن في تلك المرحلة بين أبناء المنطقة، فقد أصاب أحدهم حينما قال بأنه أحسن جزاء لهم عن حسن ضيافتهم للقائد الذي أكل غلتهم وسب في ملتهم ، ومرغ سمعتهم في مزيد من الوحل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف