الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دول شكلية وميليشيات حاكمة ...

مروان صباح

2019 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية




/ قد يصح النظر إلى تدخلات الإدارات الأمريكة بوصفها رد اعتبار على عمليات نفذت هنا أو هناك لكن في عمقها الأعمق تحمل متغيرات كبيرة ، بالفعل لقد دخلت الولايات المتحدة الامريكية إلى بغداد في التوقيت الخاطئ وانسحبت في عهد اوباما في الوقت الأكثر خطورة ، يتطابق فعلها في العراق بفعل مشابه في طهران زمن الشاه ، فعندما خططت واشنطن ولندن لإزاحة محمد رضا بهلوي 1919 م - 1980م ، كانت تعلم يقيناً بأن الطريق سيُصبِح سالكاً للخميني وبالفعل سقط حكم الشاه بقرار شعبي إيراني لكن بنوايا غربية دفينة لأن ايضاً كانت تعلم جيداً بأن الخميني سيبني دولتين ، الأولى تحاكي المنظومة الديمقراطية الدولية ، أي فيها رئيس خيال مآتي وحكومة شكليه وأخرى ستكون هي الفعليّة والمنفذة للمشروعه عبر الحرس الثوري والمؤسسة الدعوية للفكرة ، وهذا اليوم نراه بشكل جلي لا لَبْس به ، قد نجح السيستاني في انشاء دولتين في العراق هناك مجموعة مؤسسات شكلية ايضاً لا قيمةً لها ، الرئاسة ورئاسة الوزراء ومجلس النواب يتعاملون مع المجتمع الدولي كساعي بريد ، لأن الدولة الحقيقية هي دولة الحشد الشيعي الذي ينطوي تحت مسمى تلفيقي بالحشد الشعبي ، بالطبع المتحكم الفعلي بمسارات الدولتين هو المرجع في النجف .

لعل كان الهدف من قرار إدارة بوش إخراج النظام الأسد بشكل رسمي من لبنان هو بلورة استقطاباً صراعياً على النمط الذي يفضله اصحاب الفكر التمذهبي ، بالفعل استعاض النظام الإيراني بحزب الله كبديل ليحكم البلد ، لم يكن من السهل الانتقال لأن في ادبيات الحزب وحسب ما أساس له الراحل عباس الموسوي التى اغتالته مروحيات الاسرائيلية أن يبقى في مقامه الأول والثاني والعاشر مقاتلاً ومقارعاً للاسرائيلي ، لكن خروج النظام الأسد وما ترتب عليه اثناء وبعد اغتيال الراحل رفيق الحريري جعل الحزب أن ينقل بندقيته من على الحدود إلى الداخل ، ناسياً طبعاً بأنه حل تدريجياً مكان نظام قمعي كان يفرض نفسه بالحديد والنار على اللبنانيين ، وهنا يكشف بأن قرار الحزب في انخراطه بالمؤسسات الدولة لم يكن وطني بل كان ملء فراغ ، أي وظيفته مطابقة في الجوهر لمهمة قوات الأسد بل نذهب في تقيمناً إلى أبعد من ذلك ، ما فشلت فيه منظومة الأسد القمعية على مدار سنوات طويلة في لبنان يبدو الحزب نجح في تكميم أفواه الناس عبر الترهيب بالقتل أو الإعتقال ، فهناك حالة تخويفية واسعة بين اللبنانيين باتت تتنامى وبطريقة ما لتصبح ظاهرة ، لأن عدم إبداء الناس ارائهم بحرية في الآونة الأخيرة بات واضح ، بل ما قالته النائبة بولا يعقوبيان في مداخلتها صحيح ويجب اخذه على محمل الجد .

لم يخطى ابن جميل ، النائب سامي في تقيمه لبنيوية التى قامت عليها الحكومة أبداً عندما قال بأنها حكومة حزب الله ، بل ببساطة بسيطة والتى لا تحتاج إلى تفكيك أو مراجعة إذا كانا الطرفين الحزب وتيار عون اعترفوا بأن بندقية الحزب جاءت بالجنرال إلى سدة الرئاسة بالطبع بعد تعطيل طويل وايضاً كما هو معروف بأن رئاسة مجلس النواب تتبع الرئيس بري حليف الحزب ، إذاً أين المشكلة في تقيمه الصادق للحكومة طالما المؤسستين والقوة الأمنية تصب في مربع الحزب ، لكن يبقى السؤال الذي من المفترض أن يجيب عليه الجنرال ، كيف يمكن لأحد عناصر الحزب أن يتباهى ببندقية حزبه التى كانت السبب في وصوله إلى الرئاسة في حين كان الجنرال قد أدخل البلد في حرب مدمرة راحت فيها ارواح كثير من اللبنانيين بالطبع من أجل استقلال القرار اللبناني ، في المقابل لا بد أن يعي المتهكم في قاعة البرلمان بأن فكرة الحزب بالأصل فكرة فتحوية لقد استطاع ياسر عرفات انتشال شيعة لبنان من الاضطهاد ودمجهم في المقاومة اللبنانية الفلسطينية ، أي أن حزب الله جاء إلى الساحة اللبنانية من خلال بندقية الثورة الفلسطينية تماماً كما تكمنت الثورة الفلسطينية في مرحلة معينة من تهذيب سلوك بشير عبر علاقته مع ابوحسن سلامة ، لكن ايضاً كما يلام اليوم بشير على استعانته بشارون في الوصول إلى سدة الحكم ايضاً يلام حزب الله على تحالفه مع نظام كان سلوكه بالنسبة للبنانيين أكثر بشاعةً من إحتلال شاورن للبنان بل هناك إيمان راسخ بأن ما فعله النظام الاسد لا يمكن مقارنته بسنوات الاحتلال الإسرائيلي وبالتالي تحولت قوات الاسد من قوة ردع عربية إلى قوات احتلالية بنظر الأغلبية اللبنانية .

هنا لا بد لأمين حزب الله حسن نصرالله بادي ذي بدء ، إعادة النظر في سلوك عنصره البرلماني ، الطريقة التى تحدث بها تحمل من الغطرسة والتعالي وهذا السلوك يظهر نظرة الحزب العميقة للمكونات اللبنانية الأخرى ، أقل ما يقال فيها استخفافية ، أما الأمر الثاني لقد خاض كل من الجنرال عون والرئيس الحريري صراع دامي وسياسي مع النظام الاسد ، لكن الفارق بين الرجلين بأن الأول نصحته فرنسا بترك البلد وأخرجته إلى عاصمتها عبر قبرص أما الأخر ايضاً كانت فرنسا قد أسديت له نصحية مشابة بضرورة ترك البلد لكنه أراد المواجهة إلى النهاية التى أدت إلى اغتياله ، بالطبع نصيحة فرنسا لم تأتي عبثاً أو ضرب بالحجر بقدر أن مؤسسة الإستخبارات الفرنسية كانت على علم وبشكل دقيق من سينفذ واقعة الإغتيال وهذا له باب أخر ليس الآن التوقيت المناسب لفتحه ، تبقى الخلاصة أو المحصلة النهائية والثابتة ، لقد عاد عون وأصبح رئيساً وكان هذا ممكن أن يحصل قبل 28 عام ، بل كان البلد جُنب كل هذه الدماء والدمار وايضاً من جانب أخرى ، صحيح لقد تم اغتيل الحريري الأب لكن الابن اليوم رئيس وزراء وللمرة الثالثة على التوالي وأصبح حاجز يفصل بين السلم الأهلي والحرب الأهلية ، اذاً من هو المستفيد من تعطيل البلد ، بل أين الحكمة من كل ما حصل طالما الخلاصة ، قوات الاسد خرجت من البلد والجنرال اصبح رئيساً والحريري الابن حلى مكان الأب .

ضرورة التذكير بحقائق التى تدحض كل ما يروج له عبر خطابات لا تمت إلى الواقع ، لقد استطاعت ايران عبر عرب الشيعة تقسيم الجغرافيا العربية بعد التقسيم الاستعماري الاول وهو تقسيم نسيجي أخطر من الجغرافي ، أحدثت بمشروعها الويلات ، بالفعل لم يحدثه لا الاحتلال الإسرائيلي ولا الغربي ، بل ادخلت كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن في دوامات الدمار والقتل والتدخلات الدولية المتنوعة ، بل الأخطر من كل ذلك لم يتبقى من المقاومة سوى الخطاب الكلاسيكي ، تعلو النبرات على سبيل المثال كما حصل في البرلمان باتجاه اسرائيل لكن المقتولين العرب ، من جهة اخرى تعلو صيحات الوعيد باتجاه اسرائيل لكن العربدة الفعلية تمارس على العرب ، بإختصار لقد إنتقلت بندقية حزب الله من بندقية مقاوم إلى بندقية تدافع عن الأنظمة الاستبدادية والمشروع الطائفي الإيراني ، لأن بالأصل لم تكن معركة الشعب العربي مع حزب الله أو ايران أو ما يسمى بالارهاب عامةً كما يدعى كل طرف ، لأن اليوم أصبح لكل طرف إرهابه يعلق عليه ممارساته وأفعاله ، بل أصل المعركة كانت بين شعب قد انتفض على نظام استبدادي وحاكم استعان بمحوره من أجل البقاء لكن بقائه لم يكن بلا ثمن بل الثمن جاء باهظ التكلفة ليس فقط على الصعيد الأرواح والتشريد والتنكيل ، بل صنعَّ قسمة لا يعرف قاسمها أين سيصل بالمنطقة . ولأن الخلاصة المغيبة وهي بالمناسبة خلاصة الخلاصات ، لقد خسر العرب دولة الشعب في كل من العراق وسوريا لصالح دولة الميليشيات بفضل التقيم الخاطئ والتعنت الاثم وهذا يعني شيء واحد لا يرقى للشك أبداً ، طالما هناك قوات وميليشيات إيرانية نافذة وتنتشر في الدول العربية وبديلة عن دولة الشعب حتماً سيقابلها ميليشيات في الجهة الأخرى . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية