الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى تذكر استشهاد حسين مروة.

جابر حسين

2019 / 2 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


حسين مروة، في ذكرى استشهاده: نتذكره، ونسير ‏في التنوير.
‏(1910م/1987م)
‏----------------------

‏(دخلوا إليه إلى قرنفلة الرجولة،
لم يكن قادرا على العراك
أنقضت عليه الخنازير
وجعلوه ملطخا بالدم...‏
حتي الشال حول عنقه،
صار بلون الدم!‏
لكنها كانت زخة رصاصات ‏
وعليه أن يهوى قتيلا!‏
حينما كانت النجوم تطعن المياه بالرماح
كان صوت الموت يرن فى (الوادي الكبير). ‏
يا أبن (الطبقة العاملة)،
يافرح القمر الأخضر
ياصوت قرنفلة ‏
من أغتالك قرب (الوادى)؟!)...‏
‏- لوركا -‏
لم يرأف قتلة حسين مروة بالحالة الصحية الحرجة التي كان فيها حين ‏نفذوا جريمتهم! كانوا ثلاثة، وقفوا تحت شرفة منزل الشهيد بضاحية ‏‏(الرملة البيضاء) جنوب بيروت، تحدثوا في ما بينهم طويلا قبل أن ‏يصعدوا معا إلي المنزل، ويطرقون على الباب! فتحت زوجته فاطمة ‏الباب إليهم، مرحبة بهم، فقد إعتادت على زواره الكثر...، فسألوها، ‏وهم يصطنعون البراءة: (هل نستطيع أن نرى الأستاذ، فلدينا موعدا ‏معه)؟ أجابتهم بمودة بالغة عرفت عنها: (طبعا، لكنه فى فراشه لا ‏يستطيع المشى ليخرج إليكم، هلا تفضلتم للدخول إليه بغرفة نومه)! ‏دخلوا، وذهبت هى تعد إليهم واجب الضيافة المعهود! استقبلهم، وهو ‏يهم بالنهوض، إذ كان راقدا على ظهره بنظارته على عينيه وممسكا ‏بكتاب مفتوح كان يقرأ فيه! لتوهم، الجبناء القتلة، أفرغوا، فورا، فى ‏صدره الرصاصات القاتلة من مسدساتهم كاتمة الصوت، قتلوه، وتركوه ‏جثة غارقة في دمها، ثم تسللوا بهدوء خارجين من المنزل! حدث ذلك فى ‏يوم 7 فبراير 1987م، قبل أسبوع واحد من الذكرى السنوية الأولي ‏لأغتيال رفيق دربه وكفاحه في الحزب الشيوعى سهيل طويلة!‏
مروّة، كان يبتسم حين يناديه بعض أصدقائه بـ (الشيوعي المعمم)، ‏ولذلك قصة تروى. إذ كان ابناً بكراً لوالديه حيث أرادت له عائلته الدينية ‏في جبل عامل أن يصبح شيخاً ابن شيخ. فسافر الى العراق لدراسة ‏العلوم الدينية فى إحدى حوزات النجف. وبعد نحو 14 عاماً لبس العمامة ‏الدينية. لكنه، سرعان ما خلعها، بعد اطلاعه على الفكر الماركسى عبر ‏قراءة (البيان الشيوعى) الذي أعاره إياه حسين محمد الشبيبي، أحد ‏مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي .‏
أستطاع مروة، فى وعيه وفكره، أن يزاوج، فى مهمته ومشروعه ‏الفكرى، بين العمل السياسى والتدريس الجامعي والكتابة الصحفية، ‏فكان ناشطا سياسيا، ومنظرا أكاديميا، ومناقشا مهنيا فى الكتابة ‏الصحفية. ولم يجد (مركز الابحاث والدراسات الأشتراكية في العالم ‏العربى) أفضل من مروة ليترأس تحرير مجلة (النهج) التي يصدرها ‏المركز، مثلما لم يجد الظلاميون من خصوم فكره سواه، مستهدفين ‏أقصائه عن السياسة والجامعة والصحافة معا، عن طريق أغتياله ببضع ‏رصاصات غادرة، من المسدسات كاتمة الصوت، وهو فى فراشه بمنزله، ‏وسط أسرته وكتبه وأوراقه، حيث يفترض، أن يكون المرء آمنا مطمئنا!‏
حين عاد إلى لبنان من العراق فى شتاء 1949م، واصل الكتابة فى ‏زاويته (مع القافلة) التى كان يحررها فى صحيفة (الحياة) ولمدة سبعة ‏أعوام كاملة. فى تلك الفترة، تعرف على الشهيد فرج الله الحلو وانطوان ‏ثابت ثم إلى محمد دكروب. فأسسوا معا، مجلة (الثقافة الوطنية)، ‏وأصبح مروة مديرا لتحريرها مع محمد دكروب. أنتظم مروة، رسميا، ‏إلى الحزب الشيوعى اللبناني العام 1951م، ثم أنضم إلى(قوات أنصار ‏السلم)، وهوتجمع، وقت ذاك، للأحزاب الشيوعية العربية لتحرير ‏فلسطين العام 1952م. العام 1965م، أنتخب عضوا فى اللجنة المركزية ‏للحزب الشيوعى اللبناني، ثم عضوا في مكتبه السياسي. ترأس مروة ‏أيضا، تحرير مجلة الحزب الثقافية (الطريق) العام 1966م حتى تاريخ ‏أستشهاده!‏
كان مروة قد تزوج من أبنة بنت عمه (فاطمة بري)، وأنجبا: نزار– ‏حسان– أحمد– أمل– سحبان– هناء– فريدة- هدي– يسر. وحاز ‏الديكتوراه من جامعة موسكو، ثم مكث بها عقدا كاملا، أنجز فيها، ‏مأثرته الخالدة (النزعات المادية في الفلسة العربية الإسلامية)، حيث ‏نشر الجزءان، وكان بصدد اكمال الجزء الثالث حين تم اغتياله وهو فى ‏ال 77 من عمره! وحتي ذلك الوقت كان قد أنجز:‏
‏1- تراثنا كيف نعرفه.‏
‏2- دراسات في الفكر والأدب في ضوء المنهج الواقعي.‏
‏3- الثورة العراقية.‏
‏4- قضايا أدبية.‏
‏5- من النجف دخل حياتى ماركس.‏
‏6- ولدت شيخا وأموت طفلا (سيرة ذاتية). ‏
‏7- فى التراث والشريعة.‏
‏8- مكان التراث الإسلامى فى الفكر المعاصر.‏
‏9- أدباء ومفكرون نهضويون.‏
‏10- شخصيات إنسانية.‏
‏11- أحاديث فى الأدب والثقافة ودراسة التراث.‏
قدم مروة منهجا تأسيسيا فريدا فى الفكر العربي، فقد أتسم منهجه ‏ومشروعه التنويرى، بالجرأة العلمية فى اقتحام أكثر المحطات التاريخية ‏والفكرية تعقيدا وظلامية ووعورة فى تراثنا! ثم أنه (أستحدث) أسلوبا ‏صارما مستقيما فى البحث وطرائقه، وفى إستخلاص النتائج والإلتزام ‏بالشجاعة والصدق فى عرضها، حيث غدا من أعظم المنورين فى ‏عصرنا وصاحب مساهمة ضخمة فى الثفافة العربية... ولعله، لهذا ‏‏(الفتح) الجبار فى النظر إلى التراث وقراءته، بنهج جديد ورؤية علمية ‏ناقدة، قررت القوى الظلامية أطفاء هذا الضوء بأغتياله! لقد ظلت المنارة ‏الفكرية، التى أشعل مصباحها مروة، تتوهج بالضياء، زادا فكريا ضخما ‏لقوى التقدم والتنوير، ولجماهير أمتنا العربية. لقد أغتالته قوى الظلام ‏لأجل هذا الضوء بالذات, ومن بعد، أشارت أصابع الأتهام إلى (حزب الله) ‏و (حركة أمل)، بالضلوع وتنفيذ هذه الجريمة البشعة! حقا، يا أبا نزار: ‏أن معركة التحرر العربية تقتضى (الحسم) فى مسألة التراث، تماما ‏مثلما ذكرت ذلك فى خلاصات ما توصلت إليه بعد إبحارك العظيم فى ‏تراثنا! تلك هى أهم المعضلات أمام مسيرة فكرنا العربى وتقدمه، وبدون ‏هذا (الحسم)، الضروري، سنظل، هائمين بلا هدى، تحت أستار الظلام، ‏وفى مستنقع التخلف والجهل! سيظل مروة، وفكره، لأزمان طويلة قادمة، ‏منارة وعى وذخيرة معرفية بالغة العمق والثراء والجدوى على طول ‏تاريخنا، أبدا لا تغيب عن وعينا وضميرنا. طبت فى الخالدين أيها المنور ‏العظيم!‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحشد قواتها .. ومخاوف من اجتياح رفح |#غرفة_الأخبار


.. تساؤلات حول ما سيحمله الدور التركي كوسيط مستجد في مفاوضات وق




.. بعد تصعيد حزب الله غير المسبوق عبر الحدود.. هل يعمد الحزب لش


.. وزير المالية الإسرائيلي: أتمنى العمل على تعزيز المستوطنات في




.. سائح هولندي يرصد فرس نهر يتجول بأريحية في أحد شوارع جنوب أفر