الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب معني الوجود

صبحي عبد العليم صبحي
باحث بالفكر الإسلامي المعاصر

(Sobhee Abdelalem)

2019 / 2 / 20
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


إن سطور التاريخ الانساني تخبرنا بأن أقوي وأهم المحركات للتصرف الانساني هو الاحتياج ، وقد تكون له الصدارة من بينها جميعا ، فلا يسعي الانسان لفعل شيء الا لسد حاجة تلح عليه . والحاجة هي المحدد الاول للقيمة ، فقيمة الشيء يحددها الاحتياج اليه ، ان الماء عاملا جوهريا لبقاء الانسان وبالرغم من ذلك يبخسه قيمته كونه متوفراً لديه، ويعطي لأشياء ترفيهية قيمة اساسية ، ليس لشيء إلا لأنها بعيدة عن يديه .
إن ذلك الشعور المرافق دائما للانسان بأنه منبوذ ومفقود وتائه منفي خارج متن الحياة ، في حاجة دائمة الي الاهتمام من الأخرين كي يثبتوا له أنه لازل علي قيد الحياة . أن ثمة من يفتقده ، من يبحث عنه عندما يغيب . يجعله في حاجة دائمة وملحة إلي أخر يسأله عن حاله الي أخر يهمه أمره ، وتوجد دائما حاجة الرجل للمرأة والمرأة للرجل منذ خلقِهما . فنجد في العهد القديم "إنها عظم من عظامي ولحم من لحمي إنها إمرأة من امرئ خلقت لذا تركت أبي وأمي والتقيت بها " وعند أهل الحديث في الإسلام " إنهن خلقن من ضلع أعوج كلٌ علي انعواجه " . وتذكر الاسطورة اليونانية ان الانثي والذكر كانا جسدا واحدا , ولكنه اخطأ فعاقبته الألهة بفصل هذا الجسد عن بعضه . منذ حينها وهو يحاول متحديا الطبيعة العودة الي اصله واكتماله .فهما كالشجرة وفرعها ، الفرع دائم الحنين الي اصله ، والأصل دائم الحنين الي فرعه ، فالشيء الناقص يفتقد المعني ، فهما يحاولان الاكتمال بحثا عن المعني الذي يتكون باتحدهما ، لشعورهم الدائم بالغربة وانعدام المعني . من هنا يكون الحب مرضيا بشكل كافي للنفس الانسانية ، وجوابا علي محنة الوجود الانساني .
ان السؤال عن معني الوجود وكيفيته ، يكون له دور البطولة داخل النفس الانسانية ان لم يسكنها اخر ، فدائما ما يسأل الانسان هل انا موجود حقا ؟؟ وما معني وجودي ؟؟ ، وفي ظل اوجاع وضغوط الحياة التي لا تحتمل علي كل حال ، يسأل دائما هل الحياة تستحق كل هذا ؟؟ ، وتكون تلك التساؤلات بمثابة حاجز علي مدد البصر عن السعادة ، وقلعة يحتمي فيها الألم ، ومثار للرعب داخل النفس الانسانية ، الي ان يأتي ذلك الشخص الذي يشاركه كل شيء في جميع مناحي الحياة واتجاهاتها ، حينها فقط تظهر قيمة كل شيء ، ويظهر الحرص ، ومحاولة بناء غد افضل ، ورسم الاحلام الوردية ، وتكون اجابة العديد من التساؤلات الوجودية هي المحبوب ، لم انت موجود ؟ لاجلك انت . وما الذي يستحق عناء الحياة؟، تكون الاجابة انت . فيكون الاخر عبارة عن الكون الخاص ، او نظارة يري من خلالها الكون .
ونحن حين نحب ننتظر من محبينا اصلاح جميع ما بداخلنا من جروح منذ ان نشأنا ، نطالبهم بان يكونوا ذلك الذي نحتاجه دوما ، فلو كان الاب قاسيا ننتظر من المحبوب ان يكون أبا لينا لنا يحنوا علينا ، نتمني بأن يكون كل ما احتجناه في حياتنا منذ المولد حتي التقيناه ، وما سنحتاجه . فنراه كل شيء ، فهو من يشكل القيمة لأي شيء . لذا يكون الحب هو القيمة الأعلي في الوجود والمسعي الاول ، فلا يشعر المرء بالاكتمال الا حين يحب ، اذا كان سلطانا علي نصف الارض تمني أن يكون سلطانا لها كلها ، واذا كان ثريا بما يكفي يطلب الزيادة . الا انه حين يحب فقط حينها يدرك هشاشة كل شيء عدا الحب ، لانه يري الكون كاملا في المحبوب ، وكل احتياجاته العاطفية التي يتحرك نحوها في كل مراحل حياته تكون بين ذراعي من يحب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تمثال اميلي سرسق


.. استشهاد امرأة فلسطينية وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهد




.. اعتقال ناشطات معارضات للحرب في قطاع غزة والسودان


.. في حوار لـ-العربية ENGLISH-.. أندرو تيت الملقب بـ-كاره النسا




.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA