الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل الإسلام السياسي

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2019 / 2 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هذا مقال ضد زعم أن "الإسلام دين ودولة"، يركز على كون الإسلام حال اعتقادية وأخلاقية وإنه ليس تحكماً في مصالح.


قيل في الأثر أن أحسن الأزمان إسلاماً هو زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك الزمان كان مجتمع المسلمين مكة والمدينة وفي حدود صغيرة من العالم داخل شبه الجزيرة العربية. بعده نشأ في تاريخ الاسلام السياسي (ولم ينتهي كله) عصر سياسي سمي "الملك العضوض" تشمل خصائصه حكم الأمويين والعباسيين والفاطميين والأتراك. أي فترة بلغ طولها حوالى 1400 عام، وكانت فترة كثر فيها تخديم القوة والبطش والغزو وظهر فيها الظلم والعدوان ضد آل الرسول (ص) وضد حقوق المجتمع، وضد الشعوب والجماعات لكن رغم إبتعاد حكمها عن تصورات العدل والرحمة الإسلامية فإن سيطرة تلك الدولة المنسوبة إلى الإسلام وهيمنتها امتدت على عرض العالم وطوله بداية من حدود الصين إلى حدود فرنسا والنمسا مروراً بكل شمال إفريقيا، ومن تخوم روسيا إلى موزمبيق، وفيها وضح إختلاف عمق التدين في الإنسان عن زيادة مساحة وجبروت الدولة.

الفرق بين هاتين الفترتين أي فترة الرسول (ص) وفترة الخلافات العائلية الحُكم، يوضح ان قوة الإسلام وقوة الدولة ليستا شيئاً واحداً، وإلا لكانت مساحة وموارد الدولة في فترة الرسول أكبر من تلك التي بلغتها بأضعاف اضعاف دولة الاسلام في فترات الأمويين والعباسيين والاتراك.


في تاريخ المسيحية حدث نفس التفارق بين الدين والدولة فقد بدأت المسيحية في المجال السياسي على مذهب "ما لله لله وما لقيصر لقيصر" وإنتهت إلى حالة إمبراطورية رومانية كبرى حولت أوروبا، وشمال إفريقيا، وشق من آسيا إلى إقطاعات وحولت العقيدة المسيحية إلى كهنوت.


في تاريخ الدولتين اليهوديتين "يهوذا" و"إسرائيل" حدث نفس التفارق بين طبيعة إعتقاد الناس في الدين وطبيعة نشاط الدولة.


فشل الدول الدينية لا يعني أن "العلمانية" هي كل الفضيلة، بل كانت العلمانية نقطة تحول بنهاية هيمنة التفكير الديني وإحتكار الإكليروس والملوك لكل شيء وتحكمهم وأولياءهم في معيشة وحياة الناس ومستقبلهم.

إرتبطت العقلانية أو ما يسمى "العلمانية" باكمال الخروج من هذه المظالم إلى بدايات تكامل المعرفة والممارسة البشرية دون وسيط أو قطع ديني، بل بحساب عددي مباشر للفوائد والخسائر في كل تصرف سواء كان عملاً أو تجارة أو سياسة. وهي عقلانية وعلمانية صعدت بها الرأسمالية حيث تحكمت بها البنوك وكبراء السوق في معيشة الناس وحياتهم. وإذ انتصرت الرأسمالية كعقلانية فردية أنانية على الهيمنة والسيطرة الدينية على المجتمعات، إنتصاراً مزوفاً تحت شعارات "الحرية- الإخاء - المساواة" فإن نفس الرأسمالية تحت ستار نفس االعلمانية التي حررت العمل والحرف والتجارة من العنصرية الدينية، ضاعفت الاستغلال الطبقي بثلاث ظواهر هي: ظاهرة "زيادة تملك بعض الأفراد لمعائش المجتمع"، وظاهرة "العمل المأجور وإزدواج قيمة العمل" ، وظاهرة "الإستعمار"، ومن ثم ظهور وتوهج "الإقتصاد السياسي" ككتاب فقه متقدم لحالة عبادة المال، كان سيستعبد العالم لولا أن بدأ نفيه كل من كارل ماركس وفردريك إنجلز رواد الإشتراكية العلمية وكسر الرأسمالية وتحرير الإنسان.

أي أن دولة العقيدة العلمانية كانت مثل كل دول العقائد الدينية، ظهرت فيها كل المظالم بإسم الخير ونشر الفضيلة والقيم السمحة! وتماماً مثل الدول الدينية، كانت الدولة العلمانية بمظالمها ومساحتها وأعمال سيطرتها ونشاط إستعمارها القديم وإستعمارها الحديث أكبر من سماحة القيم الفاضلة التي ترفعها كشعارات.


الواقع ان قوة الدول ليست نتيجة مباشرة من عقيدتها الدينية أو من علمانيتها فكم من دول ذات عقيدة واحدة لكن حالها ومعيشة سكانها مختلفة، بل إن قوة الدول نتيجة من عوامل كثيرة داخلية وخارجية، وبالإمكان التنبيه إلى ثلاثة عوامل فيها وهي:
1- حسن إدارة مواردها وكفاءة تنظيم طاقاتها وفق قدراتها وأهدافها،
2- تماسك المجتمعات والدول التي حولها،
3- حسن الظروف العالمية لنموها.


من الفرق بين العقيدة الدينية والأعمال البشرية السياسية ثبت في التاريخ أن كل المجتمعات والدول على مختلف عقائدها لم تتقيد مكانتها الدولية بنوع ديانة أو تدين أو عدم تدين مجتمعها. وهذا يوضح خضل الزعم السياسوي بأن "الإسلام دين ودولة" أي أنه دين حاكم للدولة ونشاطها! الواقع أن الإسلام أو أي دين آخر إعتقاد فردي وتوجيه أخلاقي، أما الدول فآلات للمجتمعات. وكل آلة إجتماعية أو دولة يفترض أن تنظمها مصالح الفئات القاطنة فيها حسب الظروف الداخلية والخارجية لمعيشتها وإستثمار مواردها.


مع تكرر فشل الدول الدينية وفشل الدول العلمانية في إحترام حقوق الإنسان والشعوب والمجتمعات فالأفضل في نشاط الجماعات وفي نشاط الدول أن يتجه إلى السلام والتعاون الإشتراكي في التنمية. أما الجماعات والدول المهتمة بالإنفراد والسيطرة والغزو ونشر كلمة الله بمزيج من دعوات التكفير والإقصاء ونشاطات الجهاد القتالي بما فيها من تفجير وقذف الدول الإسلامية للدول غير الإسلامية بقنابل كيماوية ونووية، فإنها جماعات ودول تقود مجتمعاتها إلى حروب أهلية، وأيضاً -كما هي الحالة الآن- تقود العالم إلى حرب عالمية مستدامة.


من عرض التاريخ يتضح أن شعار "الإسلام دين ودولة" كان ولم يزل مجرد شعار سياسي ضرره أكثر من نفعه، وان تاريخ الإسلام السياسي لم يشهد دولة واحدة تكاملت فيها الحريات والعدالة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وإن كل الدول الإسلامية لم تثمر إختلافاً جذرياً في معيشة وحياة مجتمعاتها بل كانت كما هي الآن عوائل وطبقات مالكة لموارد ووسائل المعيشة تتسيد بها على العوائل والطبقات الكادحة على هذه الموارد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص