الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ إنتشار الدين المسيحي في كوردستان (5)

مهدي كاكه يي

2019 / 2 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم (76) – الآشوريون

تاريخ إنتشار الدين المسيحي في كوردستان (5)

المسيحيون في ظل الدولة الدوستكية - المروانية (1)

تمّ الحديث في الحلقة السابقة عن إنتشار الديانة المسيحية في كوردستان منذ ظهور هذه الديانة وأنّ مدن أورفا وأربيل وكركوك أصبحت مراكز دينية مسيحية مُهمّة، التي كانت تلعب دوراً كبيراً في نشر الدين المسيحي في كوردستان وبلاد فارس وتمّ ذكر أسماء بعض رجال الدين المسيحيين الكورد الذين خدموا الدين المسيحي وساعدوا في نشره في كوردستان. في هذه الحلقة نُسلّط الضوء على أحوال المسيحيين في ظل الدولة الدوستكية - المروانية الكوردية التي دامت لمدة (111) (سنة 982 – 1093 م).

كان لكوردستان دور هام جداً في نشر المسيحية في منطقة الشرق الأوسط والعالم و يظهر ذلك على سبيل المثال، أنّ مطرانية گرميان (منطقة كركوك) كانت تأتي في المرتبة الرابعة في السُلّم الكهنوتي. في مجمع مار إسحق في سنة 410 ميلادية، تقرر أن يكون كرسي بيث سلوخ (كركوك) مطرانية (مطرافوليطية)، تتكون من الكراسي الأسقفية التالية:

1. أسقفية (شاركورد): كانت تقع في شرق مدينة كركوك، في الجهات الشمالية لِمنطقة گرميان، في أطراف (حربة كلال).

2. أسقفية لاشوم: كانت واقعة بالقرب من مدينة (داقوق) الحالية في جنوب شرق كركوك.

3. أسقفية حربة كلال: كانت تقع داخل منطقة گرميان، شرقي مدينة كركوك في محافظة ديالى الحالية.

4. أسقفية دار: موقعها كان على ساحل الزاب الأسفل، وقد يكون موقعها بلدة (پردێ Pirdê)، التي تمّ تحوير إسمها العثمانيون إلى (آلتون كۆپري Ałtûn Koprî).

5. أسقفية ماحوزا: كانت تقع على شاطئ الزاب الأسفل، وهي (بيث وازيق "البوازيج").

6. أسقفية تحل: كانت في جنوب غرب كركوك، وقد تكون في موقع مدينة الحويجة الحالية.

7. أسقفية نيقاطور: كانت واقعة في شمالي كركوك، في منطقة تُدعى (كانيكار) وهي قضاء خورماتو الحالية.

8. أسقفية بورزان: قد يكون موقعها مضيق (دربندي بازيان) الذي يفصل بين منطقة كركوك والسليمانية[1].

كانت الدولة الدوستكية - المروانية الكوردية (982 – 1093 م) تحكم شمال كوردستان والموصل بِمحاذاة الروم. في ظل هذه الدولة الكوردية، كان التواجد المسيحي يتركّز في شمال ميزوپوتاميا في كلٍّ من مدن إقليم شمال كوردستان الحالي ومدينة أربيل، حيث كان المسيحيون يتمتعون بِحرية دينية كبيرة، فكانوا يشغلون مناصب حكومية مدنية وعسكرية مُهمّة وحسّاسة في مختلف المجالات ويُشاركون في إدارة الدولة إلى درجةٍ أنّ أحد المؤرخين البارزين للدولة الدوستكية - المروانية إعتبر هذه المشاركة الكبيرة للمسيحيين في إدارة الدولة، إستيلاءاً على مُقدّرات الدولة[2].

من الوظائف التي كان المسيحيون يشغلونها في الدولة الدوستكية - المروانية هي إدارتهم لِوزارة الأوقاف[3]، وإدارة شؤون أمانة العاصمة، ميافارقين[4] وأعمال الجِباية[5]، على سبيل المثال، تمّ تعيين (أبو سالم) وزيراً للأمير منصور وأصبح (إبن شلّيطا) مديراً للأوقاف في عهد الأمير (بن أبي علي) وممهد الدولة الدوستكية وتقلّد (أبو الحكيم الحديثي) منصب عارض الجيش، الذي كان وظيفة عسكرية مُهمّة.

كما برز كُتّاب ومؤلفون مسيحيون، مثل (يوحنا إبن شوشان) المولود في ملاطيه وإسمه (يوشع الكاتب)، الذي برع في العلوم اللغوية والدينية و في الفلسفة. كان بليغاً وخطاطاً، أصبح بطريركاً لليعاقبة (السريان الغربيين) في مدينة آمد (ديار بكر). له مؤلفات عديدة، منها مقالة نقضَ فيها مذهب الملكيين ورسالة علمية مجمعية الى بطريرك الأقباط ورسالة جدلية الى جاثليق (بطريرك) الأرمن وله أربعة رسائل في نكبة ملاطية على أيدي الأتراك السلاجقة، بصدد الجرائم التي إرتكبوها في هذه المدينة في سنة 1058 ميلادية[6]

كما أنّ المسيحيين كانوا يتصدّرون العمل في المجال الطبي في الدولة الدوستكية – المروانية، حيث أنّ (إبن بطلان) الذي هو الطبيب (أبو الحسن المختار بن حسن بن عبدون) وإسمه الحقيقي هو (يوانيس)، كان أشهر أطباء عصره وكان أديباً أيضاً وألّف عدة كتب طبية، منها كتاب (دعوة الأطباء) الذي ألّفه في سنة 1058 ميلادية في دير (المنيح) الواقع في ضاحية العاصمة البيزنطينية، القسطنطينية[7]. كما أنّ الوزير (أبو سالم الطبيب) كان من أكبر الأطباء نفوذاً في الفترة الأخيرة من عُمْر الدولة الدوستكية (982 – 1093 م) وكان صاحب صيدلية أيضاً. خلال الغزو السلجوقي للدولة الدوستكية، حارب الوزير (أبو سالم الطبيب) بِشجاعة ضد هذا الغزو والذي فُقد خلاله ولم يُعرَف مصيره[8]. من الأطباء المسيحيين الآخرين الذين عملوا في ظل الدولة الدوستكية - المروانية، الطبيب والصيدلاني (ماسويه مارديني) الذي مات في سنة 1015 ميلادية.

المصادر

1. المطران أدي شير. تاريخ كلدو آثور. الجزء الثاني، بيروت، 1913، صفحة 64.

2. أحمد بن يوسف بن علي بن الأزرق الفارقي. تاريخ الفارقي – الدولة المروانية. تحقيق بدوي عبد اللطيف عوض ومحمد شفيق غربال، الطبعة الأولى، القاهرة، 1959، صفحة 357.

3. المصدر السابق، صفحة 164.

4. المصدر السابق، صفحة 206.

5. محمود عبدالله جمعة. مدينة ميافارقين. مركز الدراسات الآسيوية، جامعة الزقازيق، صفحة 357.)

6. عبدالرقيب عبد الرقيب يوسف. الدولة الدوستكية في كردستان الوسطى، الجزء الثاني - القسم الحضاري. الطبعة الثانية، دار آراس، أربيل، 2001، صفحة 271 - 272.

7. المصدر السابق صفحة 285 - 286.

8. المصدر السابق، صفحة 284.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر