الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد السياسي والماركسية

رامي ابوعلي

2019 / 2 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الاقتصاد السياسي والماركسية


9الاقتصاد السياسي هو عبارة عن الدراسات التي تعنى بالإنتاج والتبادل التجاري والعلاقات مع القوانين والتشريعات الحمائية والحكومات، وكذلك مع توزيع كل من الدخل القومي والثروة.

وقد انبثقت هذا الدراسات تاريخيا في القرن الثامن عشر ضمن مباحث الفلسفة الأخلاقية، وقد كان من رواد تلك الدراسات من بريطانيا كل من الاسكتلندي ادم سميث صاحب نظريات "السوق الحرة" و "تقسيم العمل" و "اليد الخفية"، ديفيد ريكاردو صاحب نظريات "المعادل الريكاردي" و "قيمة العمل" و "الميزة النسبية" و"الاشتراكية الريكاردية" و "الاجارة الاقتصادية"، و توماس مالثوس صاحب نموذج "النمو المالثوسي"، ومن فرنسا كل من فرانسوا كوينسي المكنى "كونفوشيوس الاوروبي" صاحب نظرية "القائمة الاقتصادية"و آن تارغوت صاحب منشور "مراجعة فلسفية في التقدم المتوالي للكائن البشري".

وقد تم استبدال مصطلح الاقتصاد السياسي بمصطلح الاقتصاد في نهايات القرن التاسع عشر عبر كل من الفريد مارشال و ويليام يوفون، وبالتالي نشأ الاقتصاد كعلم مصنف بعيد تلك الحقبة.

الا ان مصطلح الاقتصاد السياسي قد ارتبط ارتباطا عضويا بنتاجات كارل ماركس النظرية خصوصا بعد عمله الشمولي "رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي".

ادم سميث عاش خلال الفترة من عام 1723 وحتى عام 1790 من التاريخ المتعارف عليه، وقد ولد وتوفي في اسكتلندا، وعمل في التدريس في كل من جلاسكو واوكسفورد، واهم كتبه ثروة الامم، وهو من المنتمين الى المدرسة الفلسفية الغربية وكان من مؤسسي ما يعرف "الاقتصادي التقليدي" والليبرالية التقليدية"، وقد تأثر بكل من هيوم و روسو وفولتير، وقد أثرت نظرياته بكل من ماركس وهيجل وكينز وميلتون فريدمان بالإضافة إلى العديد من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والاقتصاديين.

باختصار وفي نظريته الأكثر شهرة "السوق الحرة" يفترض أن ما يحكم اسعار السلع والخدمات هما عاملي العرض والطلب شرط عدم تدخل الحكومات بفرض رسوم جمركية او ضرائب أو حتى حصة تجارية، وبالتالي ان عوامل السوق الفاعلة وحدها التي تصل إلى ما يعرف بسعر التعادل، لذلك فإن هذه النظرية تقوم على محددات (العرض والطلب، التوازن الاقتصادي، عدم وجود عوائق لتبادل المنافع الاقتصادية)، وعليه فإن الجناح اليميني ممثل بالحزب الجمهوري الأمريكي والذين يحصلون على روح قراراتهم الاقتصادية من خلال دراسات وندوات هيريتاج فاونداشين وراند كوربورشين يحددون آلية قياس حرية السوق من خلال أخذ كل من عوامل (السياسات التجارية، العبء المالي الحكومي، تدخل الحكومة في اليات عمل السوق، السياسات النقدية، تدفق كل من رأس المال والاستثمارات الاجنبية، النظام التمويلي والمصرفي، الأجور والاسعار، حقوق الملكية، القوانين والتعليمات، بالإضافة إلى نشاط سوق الظل ).

اما النظرية الأخرى الهامة لسميث فهي "التخصص وتقسيم العمل"، حيث يعتبر سميث ان التخصص في العمل هو الدافع للتبادل التجاري وكذلك مصدر للاعتماد الاقتصادي المتبادل، كون ان حلقة الاستخراج- الانتاج - الاستكمال والتصريف لا بد من لها حتى تنجح أن تكون ذات نهج تكاملي كنتيجة التخصص وتقسيم العمل.

اما بالنسبة لمفهوم "اليد الخفية" فهو يمثل فترة تاثر ادم سميث بعلماء فرنسا ما قبل الاقتصاد التقليدي ابان القرن الثامن عشر، وقد كرر سميث في كتاباته هذا المفهوم ثلاث مرات، وباختصار فإن آدم سميث يعتبر ان أولوية الفردية على الجمعية قد تعود على المجتمع بفوائد اكبر من وضع الأولوية الجمعية على حساب الفردية، وبالتالي فهي دعوة إلى تعزيز الاحتكارات التي لها القدرة على البقاء والاستمرار ضمن آليات السوق على حساب القوى المنتجة الصغيرة.

اما العالم الآخر في مجال الاقتصاد السياسي والذي تجدر الإشارة إلى أهم أفكاره فهو العالم الإنجليزي ديفيد ريكاردو المولود في لندن في العام 1772 والذي توفي في جلوستيرشاير في العام 1823، والذي كان هو ذاته راسمالي وصاحب نظريات اقتصادية بالإضافة إلى عمله البرلماني وكان ينتمي إلى ما يعرف بالويغز المؤمنون بالملكية الدستورية والرافضون للملكية المطلقة.

اهم أعمال ريكاردو تتلخص بالمعادلة الريكاردية، نظرية القيمة للقوة العاملة، الميزة النسبية، الاشتراكية الريكاردية والاجارة الاقتصادية.

المعادلة الريكاردية تتعلق باختيار الحكومة لالية تمويل نفقاتها من خلال خلق نقود جديدة، اما عبر فرض الضرائب أو إصدار سندات حكومية التي هي عبارة عن قروض سوف يتم سدادها لاحقا من خلال الزيادة في الضريبة مستقبلا، لذلك فالخيار الحكومي وفقا لريكاردو هو اما فرض الضرائب الإضافية فورا او اجلا، وبالتالي فان الانفاق الإضافي عبر العجز هو بالنتيجة قرار بالتمويل عبر الضريبة الآجلة بما يسمح في فترة ما قبل الزيادة الضريبية بتعزيز معدلات الادخار الانية.

اما فيما يخص نظريته حول القيمة للقوة العاملة، فهو يعتبر ان سعر السعر الأخلاقي للسلعة او الخدمة يكافيء مقدار الجهد البشري المبذول في انتاجها، وهذا التعريف منسجم مع التعريف الماركسي للقيمة التبادلية، الا ان ماركس لاحقا عدل المفهوم ليصبح بان سعر الشيء هو قيمة العمل الاجتماعي المطلوب لانتاجه وليس وفقا لمبدأ الندرة والوفرة للسلعة او الخدمة المنتجة، لذلك يعتقد ماركس بان التسعير اعتمادا على النهج الرأسمالي يضخم من تلك القيمة لذلك ينشأ الفرق ما بين السعر والقيمة.

وهنا ينتقد المدافعون عن نمط الإنتاج الرأسمالي تعريف ماركس، حيث أنهم يجادلون بانه لو كان هذا الأمر حقيقيا، فإن الربح من الصناعات التي تعتمد على كثافة العمل من المفترض ان تكون اكبر من تلك التي تعتمد على كثافة رأس المال، الأمر الذي يتناقض وفقا لدراساتهم مع الأرقام المتحققة.

اما اهم النظريات التي قدمها ريكاردو فهي نظرية الميزة النسبية، والتي تستند إلى التجارة الحرة، حيث يعتبر ريكاردو ان الميزة النسبية هي الواقعية الاقتصادية والتي تصف ربح العمل التجاري للأفراد والشركات والأمم من خلال كثافة عامل المزيج الإنتاجي من ارض وعمالة وراسمال ومبادرات اعمال والتي ترعاها الدولة لزيادة الإنتاجية من سلع و خدمات محددة تجعل لها ميزة نسبية إنتاجية، وهنا يظهر ارتباط نظري مع نظرية سميث في التخصص وتقسيم العمل مع توضيح للعوامل التي تساهم في نشأة هذه الميزة.

في نظريته الاشتراكية الريكاردية، يقر ريكاردو بالجوهر الاستغلالي للراسمالية، حيث بقى بان القوة العاملة هي المصدر لكل الثروات والقيم التبادلية، وترتبط هذه النظرية بالفهم الفلسفي لجون لوك، وعليه فإنه بقى بان كل من الاجارة والربحية والفائدة ليست نتاجا لآليات السوق الحرة والتي من المفترض بأنها مقيمة بالعمل الاجتماعي، بل ان هنالك تضليل حسابي يمكن فهمه ماركسيا بمعنى فائض استغلالي، لذلك عارض ماركس ريكاردو في مفهومه عن الثروة وربطها فقط بالقوة العاملة.

يقوم الاقتصاد الاشتراكي على فكرة عدم إمكانية ان يحيا او يعمل الفرد بمعزل عن محيطه الاجتماعي، بل بالتعاون مع الآخرين وعليه فإن منطق الانتاج الإنساني هو إنتاج اجتماعي، وبالتالي فان الإنتاج الاجتماعي للسلع يتضمن حصة في ملكيتها، لذلك فإن الملكية لادوات ووسائل الإنتاج لا بد من أن تكون ملكية اجتماعية عامة، وعليه تنتهي الحاجة إلى وجود التصنيفات الراسمالية من اجارة، فوائد، ربحية ونقود، وهذا الأمر في سبيل التطبيق على ارض الواقع لا بد من ان تتعادل المدخلات فيه مع المخرجات لتحقيق التوازن الإنتاجي من خلال آلية تقنية في مجتمع اشتراكي كامل التطور.

المرحلة الشيوعية التي تتضمن عقيدة فلسفية اجتماعية سياسية واقتصادية، هدفها النهائي إقامة مجتمع الشيوع، وبالتالي ملكية المجتمع ككل لادوات ووسائل الانتاج مع غياب لكل من الطبقات الاجتماعية، النقود وحتى الدولة، وهنالك مدارس فكرية متعددة تعتقد بالشيوعية لعل من أبرزها كل من الماركسية والاناركية، وجميع تلك المدارس تتفق على وجود الصراع الطبقي على ملكية وسائل وادوات الإنتاج، وان الصراع ما بين الطبقتين هو سبب المشاكل الاجتماعية القائمة.

في تقديمه لطبعة المجلد الأول لكتابه "رأس المال: نقد الاقتصاد السياسي" يوضح ماركس ان هذا العمل مكمل لمنشوره الصادر في العام ١٨٥٩ "مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي" وقد عزا ماركس فترة التوقف المطول ما بين العملين لأسباب مرضية شخصية.

على أية حال يتكون المجلد الأول من ثمانية فصول تبحث بالترتيب كل من السلع والنقود، تحول النقود إلى راس المال، انتاج فائض القيمة المطلق، انتاج فائض القيمة النسبي، انتاج فائض القيمة المطلق والنسبي، الأجور، تراكم رأس المال و التراكم البدائي.

يعتبر كتاب كارل ماركس "رأس المال: نقد في الاقتصاد السياسي" عبارة عن أطروحة نظرية عالجت مسائل في الفلسفة المادية والاقتصاد والسياسة، وقد هدف ماركس من خلال مساهمته النقدية إلى توضيح المنظومات الاقتصادية التي يقوم عليها النمط الرأسمالي للانتاج في نقض لأعمال مفكري الاقتصاد السياسي التقليدي وتحديدا لأفكار كل من ادم سميث، ديفيد ريكاردو وجون ستيوارت ميل، اما المجلد الأول من كتاب رأس المال فقد تم نشره في العام 1867 خلال فترة حياة ماركس، اما المجلدين الثاني والثالث فقد تم نشرهما من قبل انجلز بناءا على مخطوطات ماركس وملاحظاته، اما المجلد الرابع والذي تم التركيز فيه على فائض القيمة فقد تم نشره من قبل كارل كاوتسكي والذي يوصف بأنه ماركسي اصولي، حتى انه نقد الثورة البلشفية السوفياتية، وساهم لاحقا في انتقاد كل من لينين وتروتسكي في طبيعة الدولة السوفياتية.

الفكرة الهامة التي طرحها ماركس تكمن في ان القوة الدافعة للرأسمالية تقوم على مبدأ الاستغلال للطبقة العاملة، حيث ينشأ فائض القيمة من الأجر غير المدفوع للعمال، حيث ان المالكين لوسائل وادوات الإنتاج لهم ميزة الحصول على فائض القيمة في ظل الحماية القانونية التي توفرها الأنظمة الحاكمة لما يعرف بحقوق الملكية والتي اسست قانونيا لتوزيع حصص الملكية للاصول المنتجة على كل من أصحاب الشركات وأعضاء مجالس إدارتها.

تظهر القراءة التاريخية في كتاب رأس المال كيفية حصول مالكي وسائل وادوات الإنتاج على حقوق الملكية القانونية ابتداءا وبشكل رئيسي من خلال الاستيلاء بالقوة وكل من النشاط التجاري وأعمال الوساطة التجارية والمالية، وإنتاج رأس المال بالأساس يقوم على استمرار الطبقة العاملة بإنتاج وإعادة إنتاج الشروط الاقتصادية التي تضمن العمل.

كذلك فإن كتاب رأس المال يقدم قراءة وتفسيرات بما يخص "قانون الحركة" للنظام الاقتصادي الراسمالي، من بداية نشأته وحتى مآلاته المستقبلية من خلال وصف الآليات الدافعة للتراكم الرأسمالي والتي هي بالنتيجة محددات استمرار النظام الرأسمالي ذاته، كما يظهر الكتاب مفهوم النمو في العمالة الماجورة والتي يبيع فيها العمال قوة عملهم مقابل اجور او رواتب مدفوعة من قبل مالك أدوات ووسائل الانتاج ويحتفظ المالك بحقوق الملكية الفكرية وملكية الأصول المنتجة من قبل الطبقة العاملة بالاساس، وكذلك يتعرض الكتاب إلى التغيرات التاريخية والمادية التي طرأت على مكان العمل، التركز الرأسمالي، المنافسة التجارية، النظام المالي والنقدي المصرفي، الانخفاض في معدلات الربحية واجارة الارض بالإضافة إلى مواضيع أخرى ذات صلة بحلقة الانتاج.

يقوم نقد الاقتصاد السياسي لدى ماركس على أن العمالة الماجورة هي الأساس ونواة الانتاج في المجتمع الرأسمالي، وان النمط الاقتصادي السائد اجتماعيا هو نتاج لعوامل طبيعية تاريخية، بالإضافة إلى التناقض البنيوي في الاقتصاد الرأسمالي نتيجة الصراع الطبقي ما بين الطبقة البورجوازية والرأسمالية مع الطبقة العاملة، وكذلك الأزمات الاقتصادية من انكماش في دورة الأعمال والتي تسبب تباطؤ في النشاط الاقتصادي والذي يظهر أثره في مؤشرات الاقتصاد الكلي كاجمالي الناتج القومي والانفاق الاستثماري وعوامل أخرى، والركود الاقتصادي طويل الأمد.

كما اظهر كتاب رأس المال دور التحسينات والتطورات التقنية في تضخم الإنتاج وبالتالي زيادة الثروة المادية والتي هي القيمة الاستعمالية الاجتماعية والتي تترافق مع الانحلال التدريجي في القيمة الاقتصادية والتي تؤدي إلى اضمحلال في معدلات الربحية، وبالتالي تعتبر إحدى خواص الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الرأسمالية من خلال إنتاج فائض واستهلاك أقل.

نقد الاقتصاد السياسي التقليدي لدى ما يعرف بالماركسية الاقتصادية يقوم على تحليل الازمة الراسمالية، و دور و توزيع كل من الفائضين الإنتاجي والقيمي، طبيعة وأصل القيمة الاقتصادية، اثر الطبقية والصراع الطبقي على آليات العمل الاقتصادية والسياسية، وآلية التطور الاقتصادي.

ينظر إلى نقد الاقتصادي السياسي الماركسي بأنه غير مرتبط نظريا برؤياه الايدولوجية عن الاشتراكية الثورية، لذلك فالاقتصاديون الماركسيون يعتمدون في دراساتهم على مدى واسع من القراءات الماركسية وغير الماركسية في فهم الاقتصاد، والماركسية الاقتصادية مظلة تضم تحتها كل من الاناركية، الاشتراكية، الماركسية وما بعد الكينيزية والتي لا ترتبط بمفاهيمها بالكينيزية الجديدة.

الاقتصاد الماركسي هو عبارة عن عصف ذهني يهدف إلى فهم الاقتصاد العالمي، خصوصا في ما يتعلق بالتراكم الراسمالي، و دورة العمل ومنها الهدم الخلاق والذي يقوم نظريا على آليات التطور الصناعي المتبوع بتثوير البنية الاقتصادية من داخلها وبالتالي هدم البنى القديمة لتخلق أخرى جديدة، وهو ما يعبر عنه ماركسيا بالتطور الحلزوني.

من وجهة نظر ماركس فإن الرأسمالية لا تدفع للقوة العاملة كامل قيمة السلع التي ينتجونها، وإنما يكتفون بدفع الأجور للاستمرار بالعمل والتي تسمح للعامل واسرته مستقبلا في أداء العمل، وهو ما يعبر عنه ماركس بفائض القيمة والذي هو عبارة عن الفرق ما بين القيمة المنتجة والأجور العمالية.

في منهجه تبنى ماركس الجدلية الهيغلية والتي تركز على السبب والتغير، والتي تتجنب النظر إلى الكون باعتباره مجموعة من المكونات المنفصلة، كذلك يأخذ ماركس عن هيغل مفهوم التصنيفات ليعيد ربط كل من البنية السلعية والبنية النقدية والبنية الراسمالية، وبالتالي يخلص ماركس إلى مسار اقتصادي تاريخي يبدأ من المشاعية البدائية مرورا بالعبودية ومن ثم الإقطاعية إلى الرأسمالية ومن ثم الاشتراكية وصولا إلى الشيوعية.

في المشاعية البدائية القائمة اقتصاديا على الصيد، فإن العلاقات الاجتماعية قائمة على المساواة والملكية الجمعية للموارد، وفي هذا النمط وبالتحليل الاقتصادي الاجتماعي يعتبر ماركس بانه لا وجود ضمن هذا النمط الاقتصادي إلى النظام الطبقي الاجتماعي ولم يكن هنالك تراكم لراس المال.

اما في المرحلة العبودية فإن قانون الملكية الخاصة جرى تطبيقه، والذي سمح للفرد بالتملك والبيع والشراء، وكذلك فقد انطوت تلك الفترة على إجبار قوة العمل على الإنتاج بغياب الرغبة في ذلك وضد إرادة العمال، وعليه فإن العمالة ذاتها منذ ولادتها أو سبيها او شرائها تخضع لقانون الملكية الخاصة، وبالمناسبة فإن آخر الدول التي تخلصت من القوانين التي تسمح بالعبودية هي موريتانيا في العام 2007، وحسب مؤشر العبودية العالمية المنشور في العام 2016 فإنه لا يزال هنالك 40.3 مليون عامل ضمن النمط العبودي.

بالنسبة للنمط الاقطاعي فقد ساد القارة الأوروبية خلال ما يعرف بالعصور الوسطى والتي امتدت ما بين القرن التاسع والقرن الخامس عشر من التاريخ المتعارف عليه، وقد قامت تلك الفترة على ثلاثة مفاهيم رئيسية تتمثل بالاقطاعي، الالتزام الفردي تجاه كل من الإقطاعية والملكية والجباية.

اما النمط السائد حاليا وهو النظام الرأسمالي فإنه يقوم على الملكية الخاصة لوسائل وادوات الإنتاج وتشغيلها بهدف تحقيق الربحية، اما اهم الخصائص المركزية للرأسمالية فإنها تتضمن كل من الملكية الخاصة، التراكم الراسمالي، العمالة الماجورة، التبادل الحر، نظام التسعير والأسواق التنافسية.

تقسم الرأسمالية من حيث الممارسة إلى رأسمالية السوق الحرة، رأسمالية الرفاه وراسمالية الدولة، وتعتمد في تصنيفها على كل من حرية الأسواق والملكية العامة للأصول الإنتاجية.

وبالعودة إلى مفهوم التراكم الراسمالي، فهو ما يعبر عنه بالاليات المتفاعلة التي تهدف لتعظيم الارباح، والتي تتضمن الاستثمار عبر ضخ مزيد من النقود او اضافة أصل مالي بهدف زيادة القيمة النقدية للأصول من خلال زيادة العوائد المالية وتكون عل هيئة أرباح او إيجار او فوائد او عوائد على حقوق ملكية الأصل أو أرباح رأسمالية.

وحسب التطور في الانماط الاقتصادية حسب المنظور الماركسي، فإن الاشتراكية ستكون النمط السائد بعد الراسمالية، والاشتراكية وفقا للفهم الاقتصادي الاجتماعي من أهم ملامحها الملكية الاجتماعية والإدارة الذاتية من قبل الطبقة العاملة لوسائل وادوات الانتاج، والملكية الاجتماعية من الممكن ان تكون اما ملكية عامة او ملكية جمعية او تعاونيات، والاشتراكية غير السوقية تعتمد ما يعرف بالقيمة الاستعمالية للسلعة على حساب القيمة التبادلية كما هو قائم في نظام الحساب النقدي ومثالها ما تحقق على ارض الواقع فيما يعرف بالجمهورية السوفياتية البافارية خلال شهر نيسان من العام 1919 في مواكبة للثورة الألمانية في حينه وبصيغة انفصالية عن جمهورية فايمر، وقد تم القضاء على مجالسها ولجانها (سوفياتيتها ) من خلال القمع العسكري آنذاك.

ان دراسة الاقتصاد السياسي تستلزم بالضرورة فهم خطوط عريضة عن علوم متعددة تساهم بالنتيجة بالوصول إلى المزيج العلمي المرتبط جدليا بعلم الاقتصاد السياسي.

ان دراسة العلاقات السلطوية وارتباطها بتحقيق الرغبات هي سياسة، اما تقييم ودراسة مجموع الاعتقادات المتباينة وقابليتها للتحقيق على ارض الواقع فإن ذلك يقع ضمن إطار فلسفي، ودراسة التوزيع للموارد والثروات بما يشبع الحاجات الاجتماعية من المتطلبات المادية ويساهم في بناء اجتماعي قادر على الاستمرار فهو ما يصنف باعتباره اقتصاد، وكذلك فإن دراسات أثر انخراط أفراد المجتمع في العلاقات ذات الأبعاد الاجتماعية كأعضاء في مجموعات وبما يغير من القابلية لأداء أدوارهم الوظيفية فإن ذلك يدخل من باب الاجتماع، وارتباط كل ذلك بالدراسات الانثروبولجية والاركيولوجية وعلم النفس والتأريخ والدراسات البيئية والحضارية وآليات الاتصال، تشكل كمزيج علمي أساسا نظريا هاما لفهم الاقتصاد السياسي.

وعليه وبتحقق جميع العوامل المشار إليها سابقا، فإن كتاب "رأس المال: نقد في الاقتصاد السياسي" يكون قد قدم وجبة دسمة لفهم تلك العلاقات وربطها في الفهم القائم على ان الصراع هو اساس التطور، وان الصراع في جوهره اقتصادي على ملكية أدوات ووسائل الانتاج، لكنه في الشكل سياسي اجتماعي.











المصادر:
1.
Hill, Lisa (2007). "Adam Smith, Adam Ferguson and Karl Marx on the Division of Labour". Journal of Classical Sociology.
2.
3.
Marx, Karl (1990) [1867]. Capital, Volume I. Trans. Ben Fowkes. London: Penguin Books

https://en.m.wikipedia.org/wiki/Political_economy








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024