الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يبيع كلامه ، لكنه لا يأخذ أجره .

يوسف حمك

2019 / 2 / 23
الادب والفن


ما قابلته مرةً إلا و ينهال عليَّ بأغزر ما لديه من كلماتٍ ثريةٍ بالمداهنة ، غنيةٍ بالمداراة و المصانعة ، ملطخةٍ بالختل و الملاطفة ، ملوثةٍ بالمجاملة و التملق .
ثرثرته متواطئةٌ مع المكيدة ، ثقيلةٌ بأنفاس الشياطين ، مملةٌ بنكهة الارتزاق ، صاعقةٌ للقلب ، مربكةٌ للروح ، و للنفس مفككةٌ .

أسلوبه ساخرٌ خبيثٌ يسقط ذاته أرضاً .
استئناف الحوار معه مثيرٌ لجلطةٍ عقليةٍ ، أو سكتةٍ لسانيةٍ تجعلك تعجز عن الكلام ، و تخرس منتهى الخرس للأبد .

يواصل لعبته في الكلام على منصته (( اللاجدية )) بدعابةٍ و هزلٍ ، لاطمعاً في مكافأةٍ ماديةٍ ، و لا رغبةً في المناصب العالية ، أو دوافع مصلحته الشخصية . و إنما يعتبر ذلك مزاحاً لطيفاً ، يتحف به أسماع محاوريه ، و هزلاً عابراً يطرب به أنفسهم ، و يسعد قلوبهم ، فيثري أرواحهم وداعةً و مسرةً .

ربما اِتِّباع هذا النهج مخلٌ بالوقار ، و خروجٌ من عباءة الاتزان و المهابة ، و فيه سخفٌ و طيشٌ و خفة وزنٍ .
لكن صاحبنا تطبَّع به ، و جبل بطينة ذاك الهزل .

لذا فقد قدمت له عرضاً مغرياً يناسب أسلوبه المترف في التضليل و المخادعة :
على أن ينخرط في السياسة ، و ينضم إلى صفوف المتحزبين ، و يندمج مع المصفقين لخيبات حكامهم ، و يلتحق بالمهرولين خلف القادة الفاشلين ، و يتآلف مع المتسلقين المتطفلين ، فيجعل من كلامه وسيلةً للارتزاق دون ان يتبنى قضية الوطن و المواطن ، و يكون مخادعاً مضللاً غير جديرٍ بالثقة .
متواطئاً مع المتآمرين ، متنكراً للمبادئ ، سلبي الآخلاق عديم الذمة ، يتكيف كالحرباء حسب الظروف بلسانه المعسول يقول ما لا يفعل .
يقتنص الفرص بالتزلف و المواربة و الغدر .
يتدرج في المناصب الرفيعة بسحر كلماته الملطخة بوصمة النفاق و المكيدة ، فيبيع ضميره في أقل ثانيةٍ .
ينتهك ذمته بالفساد ، و يفترش الأرض بكرامته ليضعها تحت الأرجل ، دون أن يرف له جفنٌ .
يمتهن العمالة مذلاً مهيناً دون ان تهز شعرةً من رأسه .
ببزوغ بريق منفعةٍ مغريةٍ تسيل لعابه ، و ينسلخ من إنسانيته إشباعاً لنهم وحشٍ غريزيٍّ كاسرٍ يقبع في أعماقه .

أعجبه العرض .
لكنه رفض أن يصبح بيدقاً بين أنامل الأوغاد ، و يتلاعب به السفلة و اللصوص ، فيتقاذف به الفاسدون كتقاذف اللاعبين بالكرة ، فيفقد كرامته ، و يتجرد من أعز ما يملك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع