الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (21)

عماد علي

2019 / 2 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يُعتبر هذا التفسير الذي قدمه الشهرستاني حول القضاء و القدر و ربطه بمسالة اخرى وهي العبادة و العدالة، انه مرحلة اخرى من نمو هذا الفكر على يد المعتزلة الذين ظهروا في بداية القرن الهجري و نموا تماما في عصر الخلافة الاسلامية بشكل كامل. و عليه ان كان القدريين رافضين ذلك من منظور العبادة على ان الانسان ليس بصاحب افعاله، فالمعتزلة اضافوا اليه ان يرفضوا كذلك بان يكون منظور الله هو الخير المطلق و لا يود الشر و لم يكتبه في جبين احد. و دليلهم على ان افعال الانسان تُنفذ بايديهم و هم مسؤولون عنه و هذه عبادة .
هؤلاء قالوا بان الله حدد العقوبة لكل جريمة، و بالشكل نفسه بعاقبون على افعالهم او يُثابون في النهاية. و ان لم يكن الانسان حرا في افعاله فكيف يمكن مساءلته؟ و بما ان الله عادل فلا يعقابهم على شيء ليس لهم ارادة فيه. فانهم يقولون ان كل ما يرتكبه الانسان من الجرائم و ما موجود من ظلم السلطات( و من بينهم يزيد كمثال) هو من عند اهه و ينسبون هذه الافعال الى الله، كما هو ان يقول احد بان الله ليس بعادل، و عليه، فان الله لم يهب الانسان ارادة و يعقابه على ارتكاب الجرائم البعيدة عن ارادته.
لم يبق الامر على من كان صاحبا لاول مقولة قدرية( و ان كان لهذا اهمية علمية) بقدر معرفة الارضية و الفضاء السياسي و الثقافي لظهور هذا التفهم، و ما كانت عوامل ظهوره و تاثيراته فيما بعد على الجمع الفكري و الفكر الاسلامي و ظهور الفلسفات؟ عدا ذلك الأهم عندنا هنا هو ربط الفكر بذلك الواقع السياسي و الاجتماعي الداخلي الذي كان عليه المجتمع الاسلامي ، لانه و ان كان مصدر هذا الفكر خارج عن طبيعة الدين ذاته و لكنه له علاقة وطيدة مع ما كان عليه الصراع الداخلي على ارضية ذلك المجتمع.
و من هنا يتوضح لدينا بان الفكرة التي تربط هذا الفكر بتاثيرات الفكر المسيحي في ذلك العصر فهو اعمى امام الصراع و النمو الاجتماعي الداخلي نفسه و غير مطلع على ان الجبرية هي الايديولجيا القوية للسلطة الاموية. كان جزء من المؤيدين للسلطة الاموية في الثقافة الاسلامية القديمة هم من ربطوا المباديء القدرية بتاثير خارجي، و كان هذا بسبب دفاعهم عن تلك السلطة عن طريق صنع التهمة اللااسلامية لهذا الاعتقاد و منهم ( الفريابي) عالم الحديث و السني المتطرف في بداية القرن الرابع الهجري في كتابه الخاص حول القضاء و القدر، يعتقد هذا بانه كان هناك شخص مسيحي هو مصدر الكلام في رفض القضاء و القادر و افكار القدرييين، فتعلم منه معبد الجهمي في البصرة هذة الفكرة، و كما يسمي هذا الشخص احيانا ب( سنسوية) و اخرى ب( سوسن)(29).
اما ابن التيمية ، يعتقد بان مصدر الكلام عن القضاء و القدر هوشخص باسم ( سيسويه) على انه كان مجوسيا و اسلم فيما بعد، و تعلموا منه هذه البدعة (30) يظهر بشكل واضح تشابه هذه الاسماء ( سوسن، سنسويه، سيسويه)، و لكن من كان ذلك الشخص؟ اكان مسيحيا ام مجوسيا؟ كيف و باي شكل كان له القدرة على ان يصنع ذلك التاثير الكبير؟ هذا و العديد من الاسئلة الاخرى ياخذنا لحال نقول انه اسم وهمي، و كان الهدف الرئيسي لهذا هو تعريف العقائد القدرية كجزء من التضاد و الخلافات للاديان الاخرى امام الاسلام. و هناك من يربط هذه العقائد باليهودية، ومنهم ( ابي الظفر الاسفرايني) الذي كان اشعريا معروفا في القرن الخامس و من اعتى الاعداء للمعتزلة و القدريين، فيقول ان القدريين تعلموا الاسلام من اليهود .( 31) . لذا، و بعد ذلك يقول انه لدى القدريين اشخاص يقرا لديهم الدروس القدرية ( يكفي ذلك ان يتعلموا ذلك الاستخفاف من اليهودية و يتبعونهم)، و هذا اعتراف واضح بان ربط القدري مع اليهود للاستخفاف به. عدا ذلك، شاهدنا ان بروز النقاشات الخاصة بالقضاء والقدر، نتيجة عصر سياسي داخلي للمجتمع الاسلامي بذاته و الذي يعود الى عصر ماقبل معبد الجهمي و يعبّر عن وجود ازمة سياسية و اخلاقية بالدرجة الاولى. و بالشكل ذاته، ان جزء من المستشرقين و من منظور ربط اكثرية المعطيات الفكرية الاسلامية بالعالم المسيحي، فهم ايضا كرروا ذلك على ان مصدر هذه الفكرة الثورية و التحررية لم يكن المجتمع الاسلامي و الاسلام بذاته، و انما هو خارجي و مسيحي، و منهم (ديبور) و نلينو) و جولدتسهير). اولهم في الوقت نفسه هو صاحب اول كتاب في الاسلام خاص بتاريخ الفلسفة الاسلامية، و في الغرب يُعتقد (اول مسالة بين العلماء المسلمين التي خلفت نقاشات كثيرة، و هي مسالة الانتخابات، في الوقت الذي كان يؤمن كافة مسيحيي الشرق بالانتخابات (32).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة