الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماس بين الاطيان

مظهر محمد صالح

2019 / 2 / 26
الادارة و الاقتصاد


الماس بين الاطيان

مظهر محمد صالح
كان العام 1871 قد أشعل سماء مقاطعة (كيلي) في جنوب افريقيا بلمعان لم يسبق له مثيل، يوم ابتسمت أسرار القوى البيضاء الراغبة في احتراف نهب ثروات القارة السمراء .ففي يوم هادئ وسماء صافية تدفقت المياة القوية من مضخاتها التي سُلطت صوب سهوب وكهوف أراضي مقاطعة (كيلي) ليلتقط المكتشف البريطاني (سيسل روز) من بين الأطيان واحدة من أكبر ماسات العالم التي بلغ وزنها وقت ذاك 83 قيراطا ونصف. وتولى روز بنفسه في العام 1888 تأسيس تجمع شركات سُميت بـ(دي بيرز DeBeers-) وهو كارتل شركات ماس متعدد الجنسيات، هيمن وبنسبة 80 بالمئة على مناجم تعدين الماس وصناعة قطعِه وتسويقه في العالم.
إلا أن الكارتل المذكور (كتحالف من الشركات المستقلة المحتكرة للماس والممتدة من بتوسوانا وناميبيا وجنوب افريقيا وحتى كندا) قد تآكل وانتهى في العام 2000، بعد أن بلغ ذروة هيمنته في منتصف ثمانينيات القرن الماضي. إذ مارست ديبرز دورها كواحدة من أقوى التنظيمات الاحتكارية في العالم التي لم تخضع لأية ضوابط رقابية أو تنظيمية رسمية، الأمر الذي مكنها من فرض أسعار احتكارية حققت لها عوائد عالية جداً فاقت تكاليف الإنتاج. فكلما تهبط أسعار الماس في العالم، تقوم ديبرس بتقليص عرض إنتاجها عن طريق تعظيم مخزوناتها. وعلى العكس فإن مخزوناتها تنخفض عندما يتعاظم الطلب العالمي على الماس.
وعلى الرغم من ذلك، فقد تهاوى كارتل ديبرز للماس في مطلع الألفية الجديدة، بفعل عوامل عديدة كان من بينها: تسرب الماس بكميات كبيرة بعد أن جرى عرضه في أسواق العالم من خارج الكارتل الاحتكاري المذكور آنفاً. حيث أمست انغولا على سبيل المثال واحدة من أكبر مروجي الماس في العالم خارج ديبرز، فضلاً عن تزايد حجم الاكتشافات الكبيرة للماس في المقاطعات الكندية الشمالية الغربية. وكذلك الدور الذي بلغه تحالف محتكري الماس في الاتحاد الروسي المسمى (الروز) واتفاقه مع المؤسسة الأوروبية المناوئة للاحتكارت، قد زاد من عرض كميات الماس الروسي من خارج ديبرس في السوق الأوروبية. كما أن انسحاب المؤسسة الاسترالية المسماة (أركلي) من كارتل ديبرز قد أضاف عرضاً تنافسياً من المجوهرات في سوق الماس العالمية.
واللافت ان الماس المكتشف الرخيص الثمن قد أصبح وسيلة تمويل الحروب الأهلية في القارة الافريقية، ما ولد عرضاً تنافسياً في أسواق الماس، إذ مازال الماس الرخيص يستبدل بالدماء الغالية من أجل تمويل صراعات وحروب افريقية محلية غير مقدسة!
وبناءً على ما تقدم، أعلنت ديبرز تخليها ومنذ عقد ونيف من الزمن عن سياستها في السيطرة على عرض الماس في العالم وتحولها من (كارتل ماس) الى مجرد مؤسسة علامة تجارية تحمل السمعة والموثوقية لبيع الماس وعلى وفق الأسعار التنافسية للسوق العالمية، على الرغم من كونها ما زالت تسيطر على صناعة قًطع الماس وهي تدافع عن بقاء وجودها في السوق بشعار نصه: الماس الى الأبد!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير- خالد محمود: العاصمة الإدارية أنشأت شراكات كثيرة في جم


.. تعمير - م/خالد محمود يوضح تفاصيل معرض العاصمة الإدارية وهو م




.. بعد تبادل الهجمات.. خسائر فادحة للاقتصادين الإيراني والإسرائ


.. من غير صناعة اقتصادنا مش هيتحرك??.. خالد أبوبكر: الحلول المؤ




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-4-2024 بالصاغة