الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات ولد كوردي 16

جمشيد ابراهيم

2019 / 2 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تتكلم الكتب و وسائل الاعلام العراقية دائما عن بطولات و بسالة الجندي العراقي و لكنها تنسى و تسكت عن الحقيقة و هي تعاسة حياة الجندي العراقي (المجهول) و فساد حاملي الرتب العسكرية خاصة الصغار منهم. اتطرق هنا لخبرتي الشخصية مع نائب ضابط عراقي في معسكر التاجي في بغداد عندما اجبرت للمرة الثانية لاداء خدمة الاحتياط. نعم نشرت وسائل الاعلام دعوتنا للالتحاق و مراجعة دوائر التجنيد و طبعا لكرهي و كره الشباب العراقي بصورة عامة الخدمة العسكرية كنا نحاول بمختلف و بشتى الوسائل التخلص منها و اول شيء فكرت فيه كان قصر النظر او البصرعندي و عليه يجب اعفائي من الخدمة الالزامية.

و لكن الذي كان يعاني من قصر النظر لم يكن دائما محظوظا ليتخلص من الخدمة العسكرية كليا بل كان يجند كجندي غير مسلح او بالعامية العراقية (سلاح سز). اللاحقة (سز) هي تركية و تعني (بدون) و هذا يعني كانت هناك امكانية تجنيدي كسلاح سز كجندي بدون سلاح يثرم البصل لمطبخ العسكر. يجب ان اذكر القليل عن البصل و دوره في العراق: يعتبر البصل غذاء عراقي اساسي كالخبز لدرجة اذا قلت عراقي لا تستطيع الا ان تفكر في البصل ليتحول العراقي الى البصل و البصل الى العراقي.

لذا تخليت عن فكرة اعلاني ضعيف البصر لا يرى كليا في الليل و لكني تمسكت بالفكرة في اليوم الاول في المعسكر. لاحظ المسؤول عن توزيع الجنود الجدد الى مختلف الوحدات و الاماكن و لربما من تقاسيم وجهي و نظاراتي باني خريج و اختار لي مكتب من مكاتب المعسكر لاخدم فيه. لمست في المكتب احتراما كبيرا لكوني من الخريجين و كان الضابط المسؤول انسانا طيبا بكل معنى الكلمة اعفاني من واجبات الخفارات الليلية و اتخذني مدرسا له ليتعلم الانجليزية.

و لكن و بعدة ثلاثة اشهر من الخدمة في المعسكر بدأ نائب ضابط المكتب يرسلني لاشتري له طعام الغداء دون اعطائي المصاريف او بعبارة اخرى اراد ان يتغذى على حسابي - حساب الجندي المسكين يوميا لذا طلبت من والدي ان يستعمل خبرته الملحمية في الواسطات و الرشوة لاتخلص من العسكرية. وجد والدي اخصائي او طبيب العيون الذي لا يمانع الرشوة دون ادنى صعوبة و بعد فحص عينيّ كتب شهادة باني اشكو من قصر بصر حاد لا اصلح لا للسلاح و لا لثرم البصل و تم ارسال نسخه من الشهادة للمكتب للاعلام و اتخاذ الاجراءات اللازمة لاتسرح من الخدمة المكروهة.

مضت ايام و اسابيع دون اي اثر للشهادة في المكتب. طبعا لا يمكن ان تستغرق رسالة بريد اسابيع كثيرة من مكان الى مكان اخر داخل مدينة بغداد لذا طلبت من والدي صورة او نسخة من الكتاب لاخذها بنفسي للمعسكر و هنا اكتشفت بان النائب الضابط المحترم الذي كان رجلا قصيرا اصلعا سمينا كان يخفي الكتاب ليطول بقائي و تكاليف طعام الغداء على حسابي و لكي اتجنب مشاكل عرقلة تسريحي تعلمت الكثير من الحيل و وعدت النائب الضابط المؤمن باني سوف ادعوه على اكل الدجاج في اغلى مطعم و سأذهب معه الى احسن خياط في المدينة لافصل له بدلة جميلة على حسابي بعد التسريح. صدقني النائب الضابط المسكين و اسرع بعملية تسريحي و حضر في الموعد المقرر كما اكتشفت لاحقا و لكنه لم يجدني هناك.
www.jamshid-ibrahim.net










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقه محزنه
على سالم ( 2019 / 2 / 26 - 22:32 )
استاذ جمشيد , الواجب ان نعترف جميعا بان الاسلام عندما تصاب به امه , حال هذه الامه اكيد سوف يكون متخلف ومزرى وبشع ومأسوى وهالك , يصاب الشعب بمرض الاسلام الرهيب , هذا مرض عقلى واجتماعى وفكرى وثقافى مدمر , اشعر بالاسف الشديد للبلاد المسلمه التى اصابها هذا المرض البدوى القاتل فى غفله من الزمن


2 - الاستاذ العزيز علي سالم
جمشيد ابراهيم ( 2019 / 2 / 27 - 11:15 )
عزيزي علي
بالتاكيد اتفق معك في ان الاسلام تحول الى حجر عائق في طريق التقدم و هو قيد يكبل حرية المرأة و لكن الفساد هو من صلب طبيعة الانسان اينما كان خاصة في الدول الاسلامية المتاخرة - هربنا من الاسلام و اليوم يلاحقنا حتى في الغرب المسيحي - لو كان الامر بيدي لقضيت عليه و سكته الى ابد الابدين
اجمل التحيات صديقي العزيز

اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق