الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواء الجصاني: عراقيون من هذا الزمان (*) 16/ صلاح زنكنه

رواء الجصاني

2019 / 2 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عراقيون من هذا الزمان (*)
16/ صـلاح زنكنـه
رواء الجصاني
---------------------------------------------------------------
قبل نحو نصف قرن، بل وأكثر بنحو عامين، وفي عـز النهوض الجديد لأتحاد الطلبة العراقي العام، بعد نكبة شباط البعثية اللئيمة عام 1963 والفوز بالانتخابات الطلابيـة ربيع عام 1967 يتردد على أسماعنا – نحن الاصغر عمرا بقليل! - اسم شاب كـردي نشيط، مع جمع من الناهضين الاخرين، اسمه صلاح زنكنه، في قيادة الاتحاد المكلفة بمتابعة النشاطات في الثانويات والمعاهد والكليات ..
وبسبب حيويته وماسته ومثابرته يتعرض صلاح، واسمه الكامل (صلاح الدين محمد رشيد زنكنه) للملاحقات الامنية الشديدة، ويتخلص منها، ليغادر العراق بطريقة وأخرى- غير شرعية طبعا!- ويصل العاصمة البلغارية صوفيا، مشاركا ضمن وفد شبيبة وطلاب العراق، الديمقراطيين، في فعاليات المهرجان العالمي التاسع للطلبة والشباب، التي كانت تنتظم كل اربعة اعوام، او خمسة، واغلبها في عواصم البلدان الاشتراكية السابقة(1).. وبعد انتهاء المهرجان بفترة وجيزة، يُمنح صلاح زمالة لأكمال دراسته في موسكو..
وهناك في جامعة (لومومبا - للصداقة بين الشعوب) في موسكو اواسط آب 1972 التقيت بصلاح لاول مرة وجه لوجه، ثم بدأت الصداقة والزمالة، وكذلك العمل السياسي والطلابي والحزبي المشترك ( مع الاشكاليات والمشاكسات حينئذ !) وتعمقت بمؤامرات ومغامرات! طوال عام كامل.. كان يدرس القانون، وعلى اساس ان اكمل دراستي العليا في نفس الجامعة، حتى عودتي (هروبي) ولأسباب عديدة الى بغداد في تموز 1973 .. ولقد استمر الرجل في تحمل مسؤوليات مختلفة سواء في ادارة التنظيم الحزبي الشيوعي العراقي، في موسكو، او في اللجان المسؤولة لرابطة الطلبة العراقيين هناك .. وقد بقينا، هو في موسكو وأنا في بغداد، نتواصل عبر هذه الطريقة او تلك، او من خلال الاصدقاء، ومن يحبّ لا يَعدم وسيلة مناسبة للتواصل، كما يقولون!.
وبعد الهجمة الارهابية الثانية لزمر البعث الارهابية، اواخر عام 1978 والاضطرار لمغادرة البلاد، واستقراري الذي كان يفترض ان يكون مؤقتا، أُكلف في براغ بمهمات تمثيل اتحاد الطلبة العراقي العام لدى سكرتارية اتحاد الطلاب العالمي، ومتابعة فروع اتحادنا في الخارج، وعبر تينك المهمتين، ازور موسكو اوائل عام 1980 والتقي صلاحاً وزوجته ذلفاء الخفاجي 2) مع جمع احباء، وكان على وشك انهاء دراسته العليا (الدكتوراه) في القانون الدولي .. ثم يزور براغ، اوائل الثمانينات، فنلتقي مرة اخرى، لنغتاب ونستذكر ونتبرم، ونتابع ونناكد، وهكذا !..
ثم نلتقي بعد ذلك من جديد، وهذه المرة في عدن - عاصمة اليمن الديمقراطية، التي وصلها صلاح ليعمل استاذا بأختصاصه، وكنت هناك مشاركا في ندوة طلابية – شبابية دولية، وتتجدد – ولنقل تتوثق- الصداقة والعلاقة اكثر فأكثر مع الرجل الذي ما أنفكّ ناشطا سياسيا وحزبيا، جلّ ما أستطاع، وما سمحت به الظروف .. ثم يحدث ما حدث في اليمن الديمقراطية اواسط الثمانينات (3) فيضطر صلاح لهجرة جديدة، مع عشرات العراقيين وعوائلهم، والى دمشق هذه المرة، فيقيـم فيها مع عائلته اكثر من ثلاثة اعوام..
كانت دمشق موقعا لأكثر من لقاء مع صلاح، ولأكثر من مرة، عائلياً، أو مع اعزاء واصدقاء مشتركين، ومن بينهم شقيقه: السياسي الكردي العراقي المعروف، الصديق: عبد الخالق زنكنه (ابو وليد) وكان هو ايضا مستقرا وعائلته آنذاك في سوريا، ذلكم البلد الذي كمْ وكمْ تمنينا وحلمنا ان يكون مدخلنا للعودة الى البلاد التي أنكرتنا، وأباحت للحاكمين الدكتاتوريين واعوانهم التصرف بمقادير، ومقدورات الشعب والوطن.. ومن دمشق يضطر ان يتوجه صلاح مع عائلته، وعبر براغ ايضا، الى منفى جديد هو السويد، ومالمو تحديدا التي ما يزال مقيما فيها الى اليوم..
لقد قدم الرجل الكثير مما تمكن منه، في النضال الشيوعي، أوالسياسي الوطني عموما، في العراق والخارج، وكذلك من خلال ما وفرته له دراسته العلمية، والجامعية، وكل ذلك ليس بخاف على المعنيين والمتابعين، وأزعم أني من بينهم بهذا القدر أو ذلك.. أما عن علاقات صلاح فهي رحبة حميمة كأهله الكرد، وأنعكاس لشخصيته الصبورة المثابرة، الكريمة في آن واحـد ..
اخيرا لا بدّ من التأكيد على ان للرواد مكانتهم المتميزة، وخاصة اولئك الذين تحملوا اعباء ومخاطر العمل السري، وظروف الارهاب، فواصلوا النضال جلّ ما استطاعوا، وليتركوا أرثاً مليئا بالتجارب والخبرة، وذلك ما كان عليه صلاح زنكنه، الصديق العتيد برغم البعاد الجغرافي..
------------------------------------------------------ بــراغ / اواخر شباط 2019
(*) تحاول هذه التوثيقات التي تأتي في حلقات متتابعة، ان تلقي اضواء غير متداولة، أو خلاصات وأنطباعات شخصية، تراكمت على مدى اعوام، بل وعقود عديدة، وبشكل رئيس عن شخصيات عراقية لم تأخذ حقها في التأرخة المناسبة، بحسب مزاعم الكاتب.. وكانت الحلقة الاولى عن علي جواد الراعي، والثانية عن وليد حميد شلتاغ، والثالثة عن حميد مجيد موسى والرابعة عن خالد العلي، والخامسة عن عبد الحميد برتـو، والسادسة عن موفق فتوحي، والسابعة عن عبد الاله النعيمي، والثامنة عن شيرزاد القاضي، والتاسعة عن ابراهيم خلف المشهداني، والعاشرة عن عدنان الاعسم، الحادية عشرة عن جبار عبد الرضا سعيد، والثانية عشرة عن فيصل لعيبــي، والثالثة عشرة عن محمد عنوز، والرابعة عشرة عن هادي رجب الحافظ، والخامسة عشرة عن صادق الصايغ ... وجميعها كُتبت دون معرفة اصحابها، ولم يكن لهم اي اطلاع على ما أحتوته من تفاصيل، ونشرت في العديد من المواقع الاعلامية..
1/ ذلفاء، عراقية أنيقة أصيلة، كانت زميلة صلاح خلال فترة الدراسة بموسكو، ثم تخرجت طبيبة اخصائية شهيرة، وعملت في عدن ودمشق، ومالمو السويدية، ولهما ابنة اسمياها: رنـا، وابن اسمياه آزاد ..
2/ تجدر الاشارة هنا الى ان الجواهري الخالد كان ضيف شرف على المهرجان، وشارك فيه الناشطان الشبابيان حينئذ: الشاعران الفلسطينيان البارزان: محمود درويش وسميح القاسم .
3/ تفجر الصراع في 13 كانون الثاني 1986 بين جناحي الحزب الاشتراكي الحاكم وتحديداً بين قوات الرئيس علي ناصر محمد ومن تحالف معه، والجناح الآخر، الذي كان أبرز رموزه عبد الفتاح اسماعيل الأمين العام السابق للحزب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة