الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (30)

عماد علي

2019 / 2 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على الرغم من ان الكاتب بؤكد على انه لا يمكن تحديد من هو اول من استخدم هذا المصطلح، هل من الموالين ام المناوين، الا ان هذه التسمية يلمح و ينفح منها الشعور بالنقص لهذا العلم ( 7). وفق هذه التسمية هي اشارة الى انهم يتكلمون فقط، و هذا من الناحية الفقهية الدينية يعتبر تسويفا، و هذا يدل على ان التسمية كانت من قبل المناوئين للتيار الكلامي الاسلامي و بالاخص تيار الارثوذوكسي الاسلامي و علماء الحديث و كان الحنبليين من اتجاهاتهم القوية. ثانيا: مصدر هذه التسمية هو ان يكون الكلام عن مساحة دينية واسعة و حساسة حسب الدلائل و المنطق، دون الاعتماد على النقل. وهو الكلام عن مجال لم تتكلم عنه النصوص، او تفسير و تحليل نص لم يوضحه بنفسه، علاوة على ذلك ان التسمية و هذا الشكل من التفكير لم يكن مقبولا من قبل المناوئين و هم اهل النقل (اهل الشريعة و اهل الحديث) لاعتبارهم اياه بانه بدعة و شيء لم يكن موجودا في زمن النبي و الصحابة، كما يروى عن الامام مالك في احد مؤلفاته، يقول : اتقوا من البدعة، و عندما سؤل ما هي البدعة؟ قال: اهل البدعة هؤلاء الذين يتكلمون عن اسماء و صفات الله و الكلام و العلم و القدرة و لم يسكتواعن ما صمت عنه الصحابة و التابيعن لهم (8).
اي هو الكلام عن موضوع و مكان و شيء لم تتكلم عنه النصوص الدينية بشكل واضح و مكشوف و قاطع. واول مجال في هذا الموضوع هو خليفة النبي في السلطة الدنيوية و من يكون؟ علاوة على ان الشيعة يعتبرونه موضوع لديهم نص حوله، و هذا بذاته ناتج عن الخلافات عن تدين هذه المسالة، فعليه ان اهم مسالة في علم الكلام هي مسالة الامامة.
احد اقدم تعريف لعلم الكلام الذي يعود الى الفارابي، هو صناعة الكلام ( اي علم الكلام) الملكة و الموهبة التي بواسطتها يمكن للمرء ان ينتصر لرايه و فعله الذي ادركه مؤلف الدين مع ابطال كل الاراء المخالفة له ( 9). هذا تعريف لدى المعلم الثاني للفلسفة الاسلامية كما هو مطروح في مؤلفاتهم و المرتبط بالصراعات الفكرية و المعروف كصنع( مهنة) و خطاب و جدل و من كان يريد ان يكون صاحب لهذه المهنة يجب ان تكون لديه الموهبة ( الملكة)، اي انه محاولة شخص لبرهان رايه و دحض راي المخالف له اعتمادا على العقل بشرط ان يكون الشخص لديه الموهبة و الملكة لذلك العمل. من جهة اخرى يختزل الفارابي علم الكلام في القدرة على برهان المباديء الدينية لمن لديه تلك المبادي و دحض الانتقادات و المباديء المخالفة لها. وفق هذا التعريف، فان علم الكلام هو صراع الجماعات الدينية مع بعضها البعض وان كانوا من المنتمين لاي من الاديان و المذاهب، و من منظور الاعتماد على العقل، و كما لم يخص الجاحظ المعتزلي و الكلامي هذا بانه علم يخص جماعة محددة، فان الفارابي الفيلسوف و من افق اوسع لم يخص هذا العلم بالاسلام و الدفاع عن مبادئه، و انما عرفه كمهنة حيادية و محايدة كالمنطق بالضبط.

هنا يجب ان نتذكر ملاحظتين احداهما حول الجاحظ و الاخر حول القارابي ، الاول توفي في اواسط القرن الثالث الهجري و اكثر مراحل حياته كان وسط التنمية و الحوارات الكلامية و الثاني عاش في العصر الذهبي للترجمة و الحوارات الفلسفية. ان الجاحظ كان يرى الكلام كمهنة و يراه في كافة الجماعات الاسلامية، و لكنه يعتقد بان قمة كمال الكلام و و النشاطات الكلامية كمهنة و علم كان لدى المعتزلة، عليه في مؤلفه الكبير ( الحيوان) بعدما يرفض بان تكون الحيوانات كما هوالانسان ان تكون صاحبة عقل و وعي و بالاخص في سياق حواراته حول التاويل للحديث الذي يُدعى بان قائله النبي وهو يجب ان تقتلوا السحلية، لانها متهمة بانها في الوقت الذي القي ابراهيم في النار كانت هي الحيوان الوحيد الذي نفخ في النار كي تشتعل اوارها و تكون اكثر سعيرا، وبعد ذلك يحاول جاحظ ان يؤّل هذا الحديث و يعثر على معنى عقلاني له، بعكس اعتقاد الناس العوام، الذي امنوا بمعناه نصا، و هكذا يقول؛ عندما اقول ان لم يكن المتكلمين فقد دُمر الناس العوام ... و ان لم يكن المعتزلة فان المتكلمين قد دُمروا او اُفنوا. ( 10). لان المعتزلة هم اصحاب احق منهج للكلام و اعقل مؤولين للدين حسب رايه. و ان كان هذا التوجه له المكانة لدى الجماعات الاخرى. الملاحظة الاخرى هي حول الفارابي، هو كفيلسوف، كان يعتبر هذا العلم اقل من ان يشبّع الحاجات والضرورات الفلسفية للانسان و ان يجعل ما يمكن ان يُفهم الوجود كما هو الموجود. اي جوهر الفلسفة حسب فهم الارسطوي ( هو الوصول الى حقيقة الاشياء) و الفارابي بنفسه كان من هذا الاتجاه، لذا بدلا من العلم كان يسميه بمهنة، و عليه، فان السجستاني الفيلسوف و المنطقي في القرن ذاته و المدينة ذاتها، كما يروي عنه التوحيدي في جزء منه يتكلم عن الاختلافات في الشكل و المنهج بين اهل الكلام و الفلاسفة، و انه بشكل عام يعتبر اهل الكلام شكل غير جيد و يعتبره نوع من البلاغة، انه صنع بهدف اسكات المقابل و الفوز في الحوارات و الجدال المحدد، و لكنه يصور الفلسفة كنشاط عقلي سامي (11).
نفس الشي بالنسبة الى ( ابن خلدون) يعيد ذلك باستمرار ( ان اثبات او برهان المباديء و العقائد بدلائل عقلية، هو علم الكلام )(12)، لذا هذا سائد بشكل عام ( ان المتكلمين هم جماعة من المفكرين الاسلاميين الذين واجهوا الانتقادات بدلائل عقلية ضد الذين وجهوها لهم من المؤمنين بالاديان الاخرى، قبل ظهور الفلسفة الاسلامية ( 13) و يمكن ان تكون تلك النظرة للكلام الاسلامي و هي السائدة، و بالاخص بعد ظهور الحسن الاشعري، ان يُعتبر المرحلة الثانية لعلم الكلام الاسلامي، لانه في المرحلة الاولى كان الكلام مرحلة تعقلن للمباديء و مواقف المسلمين على مستوى الشكوك و الاسئلة الداخلية، اما في المرحلة الثانية كان ستخدام هذه النظرة لمواجهة تلك الشكوك و الاسئلة التي وجهت اليهم من قبل المناوئين للاسلام بنفسه، هذه مسالة يمكن ان نتوقف عنده لاحقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح